إسرائيل تريد «إيذاء» إيران دون حرب شاملة

الجيش قدّم لحكومة نتنياهو مجموعةً من خيارات الرد

مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي في مطار غير معروف الأحد (أ.ف.ب)
مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي في مطار غير معروف الأحد (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تريد «إيذاء» إيران دون حرب شاملة

مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي في مطار غير معروف الأحد (أ.ف.ب)
مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي في مطار غير معروف الأحد (أ.ف.ب)

قرر المجلس الحربي الإسرائيلي الردَّ على إيران «دون التسبب في حرب شاملة»، بعدما ناقشت حكومة بنيامين نتنياهو «مجموعة واسعة من الخيارات»، وضعها قادة الجيش الإسرائيلي لتوجيه ضربة انتقامية للهجوم الصاروخي الإيراني، السبت الماضي.

وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال هرتسي هاليفي، اليوم الاثنين، إن إسرائيل سترد على الهجوم. وأضاف، متحدثاً من قاعدة نيفاتيم الجوية في جنوب إسرائيل التي تعرضت لبعض الأضرار في الهجوم: «هذا الإطلاق لكثير من الصواريخ وصواريخ كروز والطائرات المسيرة على الأراضي الإسرائيلية سيُقابل برد».

وأفادت «القناة 12» الإسرائيلية بأن مجلس وزراء الحرب ناقش مجموعة من الخيارات في اجتماعه، الاثنين، بهدف إيذاء إيران بعد هجومها بطائرات مسيّرة وصواريخ على إسرائيل، لكن دون التسبب في حرب شاملة. وفي تقرير لم تذكر مصدره، قالت القناة إن نية إسرائيل هي الشروع في عمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة، التي قالت إنها لن تشترك مع إسرائيل في أي هجوم مباشر على إيران.

وفي وقت مبكر اليوم، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، بيتر ليرنر، للصحافيين، إن مسؤولين عسكريين قدموا للحكومة مجموعةً من خيارات الرد على الهجوم الإيراني على إسرائيل.

وأضاف ليرنر أن رد إسرائيل ربما ينطوي على ضربة عسكرية وربما لا، مشيراً إلى أن «هناك الكثير من السيناريوهات المختلفة بين هذين الخيارين»، حسبما نقلت شبكة «إي بي سي نيوز» الأميركية. ولا تزال إسرائيل في حالة تأهب قصوى، لكن السلطات ألغت بعض إجراءات الطوارئ، ومنها حظر بعض الأنشطة المدرسية والقيود على التجمعات الكبيرة.

وكان المجلس الحربي عقد اجتماعاً الأحد امتد لساعات طويلة، وشهد خلافات بين المسؤولين بخصوص طبيعة وتوقيت الرد على الاستهداف الإيراني، وتقرر عقد جلسة أخرى يوم الاثنين. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن جلسة ثالثة قد تعقد الثلاثاء من أجل استكمال المشاورات.

ضرورات الردع

وقال مسؤولون إسرائيليون إنه يجب أن يكون هناك رد لأن ذلك متعلق بالردع، ولأن الهجوم الإيراني كان خطيراً جداً، قياساً بحجم الأسلحة التي تم إطلاقها باتجاه إسرائيل، وحقيقة أن الهجوم نُفذ من إيران مباشرة بدون أن تختبئ خلف أذرعها، لكن يجب أيضاً ألا يكون رداً يغامر بإمكانية بناء تحالف استراتيجي ضد إيران.

وقال مصدران إسرائيليان لشبكة «سي إن إن»، اليوم الاثنين، إن مجلس الحرب يدرس خيارات عسكرية للرد على الهجوم الإيراني، منها استهداف منشأة إيرانية مع تجنب وقوع إصابات. وبجانب الرد العسكري المحتمل، يدرس مجلس الحرب الإسرائيلي أيضاً خيارات دبلوماسية لزيادة عزلة إيران على الساحة العالمية، حسب «سي إن إن».

وأفاد المصدران اللذان لم تسمهما الشبكة الإخبارية بأن إسرائيل كانت بصدد اتخاذ أولى خطواتها نحو شن هجوم بري على رفح بجنوب قطاع غزة هذا الأسبوع، لكنها أرجأت تلك الخطط في الوقت الذي تدرس فيه الرد على الهجوم الإيراني الأخير.

والأحد أشار وزيران إسرائيليان بارزان إلى أن الرد ليس وشيكاً، وأن إسرائيل لن تتحرك بمفردها. وقال بيني غانتس، الوزير المنتمي لتيار الوسط: «سنبني تحالفاً إقليمياً وستدفع إيران الثمن بالطريقة الملائمة، وفي التوقيت المناسب لنا». وقال وزير الدفاع يوآف غالانت إن إسرائيل لديها فرصةٌ لتشكيل تحالف استراتيجي «ضد هذا التهديد الخطير الذي تشكله إيران».

إلى ذلك، ذكرت وكالة «إنتر فاكس» الروسية، أن نيكولاي باتروشيف، أمين مجلس الأمن القومي الروسي، ناقش التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط مع رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنجبي.

ونقلت الوكالة عن مجلس الأمن الروسي قوله إن باتروشيف أشار إلى ضرورة التزام جميع الأطراف بضبط النفس لمنع تصعيد الصراع. وقال الكرملين في وقت سابق، الاثنين، إنه يشعر بقلق بالغ بشأن تصاعد التوترات في الشرق الأوسط عقب الهجوم الذي شنته إيران بصواريخ وطائرات مسيّرة على إسرائيل في مطلع الأسبوع.

«معضلة»

وكان مقرراً عقد اجتماع بين نتنياهو، وزعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، وقادة الأحزاب الأخرى، من أجل إحاطة أمنية، لكن «هيئة البث الإسرائيلية» أكدت إلغاءه. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الدعوة تسبق الرد الإسرائيلي على إيران.

واتهم لبيد، الاثنين، حكومة نتنياهو، بالتسبب في تقويض «الردع الإسرائيلي» في أعقاب هجوم إيران غير المسبوق ليل السبت.

وبدا أن المجلس الحربي حائر بين ضرورة الرد على الهجوم الإيراني، بغض النظر عن الثمن المتوقع، وهو إشعال حرب أوسع، أو توجيه رد محسوب، وتأثير كل ذلك على صورة الردع الإسرائيلي. وكذلك ضرورة إعطاء الأولوية لـ«حماس» وإنهاء المهمة في رفح، أو الانشغال في بناء تحالف طالما حلمت به إسرائيل ضد إيران، ولو كان على حساب تأجيل الضربتين، في إيران ورفح.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إن «هناك معضلة. فمن ناحية، إذا لم ترد إسرائيل، فإن ذلك قد ينقل ضعفاً، وبالتأكيد في الشرق الأوسط، الأمر الذي قد يجلب المزيد من الهجمات في المستقبل. ومن ناحية أخرى، إذا ردت إسرائيل فإنها تخاطر بحرب إقليمية، وقد تجد نفسها في حرب متعددة الساحات».

بنك أهداف

وضع الجيش الإسرائيلي خطةً للرد على الهجوم الإيراني الذي خلق واقعاً استراتيجياً جديداً باعتباره أول هجوم مباشر من طهران على إسرائيل.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إن خطة الجيش تضمنت تعزيز الجهود الاستخباراتية، واستهداف علماء ومصانع الطائرات بدون طيار وتنفيذ هجمات إلكترونية، لتعطيل الموانئ والبنية التحتية المدنية، وإلحاق الضرر بالاقتصاد الإيراني وحتى شن ضربات داخل إيران.

وتحرص الخطة على عدم خسارة التحالف الدولي الذي تشكل بشكل غير رسمي، ويريد الجيش تسخيره «لوضع حد لإيران».

وقال مسؤولون في الجيش الإسرائيلي إن الرد ضروري للحفاظ على الردع، وإن الجولة مع إيران لم تنتهِ لكن نحن بحاجة إلى النظر في حجم العملية ونطاقها.

والتأني في الرد يأخذ في الحسبان أن التحالف تشكل أساساً تحت رغبة تجنب تصعيد إقليمي واسع النطاق.

وبعد أن شاركت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والأردن في إحباط الهجوم الإيراني يقودون اليوم جهداً دبلوماسياً لضمان عدم توسع الحرب بين إسرائيل و«حماس» إلى ساحات أخرى.

وقال شاي هار تسفي في جامعة رايخمان لـ«القناة 12» الإسرائيلية، إن «جميع الدول، لأسبابها المختلفة، سعت إلى إحباط الهجوم الإيراني. من منطلق الخوف من أنهم إذا لم يساعدوا فإن إسرائيل قد تتعرض لأضرار جسيمة، الأمر الذي لن يترك لها أي خيار سوى الرد على الهجوم على إيران على نطاق واسع، وبالتالي تعريض المنطقة بأكملها للخطر في حرب كبرى».

وأضاف: «بالنسبة للأميركيين، فإن منع توسيع الصراع مجرد خطوة أخرى في سياستهم لتجنب توسيع الصراع في الشرق الأوسط بأي ثمن».

كان الرئيس الأميركي جو بايدن كبح هجوماً إسرائيلياً كان مقرراً على إيران فوراً بعد هجومها على إسرائيل، ليلة السبت، وأبلغ بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن عليه أن يكتفي بالنصر الذي تحقق في فشل الهجوم الإيراني، مؤكداً أن الولايات المتحدة كذلك لن تكون جزءاً من هجوم محتمل على إيران.

رداً على سؤال حول اعتراض الضربة الصاروخية الإيرانية «الكبيرة» بأقل قدر من الضرر، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، بيتر ليرنر: «لمجرد أننا نجحنا في الاعتراض، لا ينبغي أن نقلل مما فعلته إيران»، وأضاف: «لا يمكننا الاستخفاف بذلك».

وطالب مسؤولون إسرائيليون حاليون وسابقون باحترام رغبة بايدن وعدم تحديه. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت إن ليلة الهجوم الإيراني «كانت ليلة الانتصار الكبير للرئيس بايدن الذي أحدث الفرق الكبير عبر التزامه بأمن إسرائيل».

وأضاف أولمرت: «على إسرائيل ألا تنجر إلى حرب تصريحات ثرثارة من النوع المعروف عندنا. فبدون بايدن كان سيبدو كل شيء مختلفاً. ويجدر تذكر هذا قبل أن يبدأ مناصرو رئيس الحكومة وعصابة الزعران المحيطة به بإطلاق تصريحات وتهديدات وتحذيرات ومطالب».

والانقسام بشأن طبيعة الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني لا يقتصر على الطبقة السياسية فحسب، بل وصل إلى الخبراء والعسكريين السابقين.

وفيما أكد مسؤولون إسرائيليون أنه تم تعليق أي هجوم على رفح بسبب الرد على إيران، قال يعقوب عميدرور، الذي كان رئيساً لمجلس الأمن القومي إن استكمال عملية الجيش الإسرائيلي في غزة، وإعادة المختطفين، أكثر أهمية حالياً من الرد على إيران. وأضاف عميدرور (75 عاماً) في حديث إذاعي: «علينا العودة إلى غزة وإنهاء المهمة هناك. ينبغي احتلال رفح وتفكيك كتائب (حماس) هناك».

وكان نتنياهو أرجأ في اجتماع «الكابينت»، يوم الأحد، موعداً كان محدداً وغير معلن للهجوم على رفح، وإبقاء موعد الهجوم على رفح غامضاً متعلق، كما يبدو، برغبة إسرائيل إغلاق الملف أولاً مع إيران.

وقالت «يديعوت» إن إسرائيل ردت على العالم الذي بعث برسائل يطالبها بعدم الرد، وهي رسائل تحتوي بشكل لا لبس فيه على فرصة نادرة لتشكيل تحالف دولي ضد إيران، بالقول إن «إسرائيل ستقرر نطاق الرد وموقعه وتوقيته».

وعملياً، فإن إسرائيل أمام اختبار حقيقي الآن، بغض النظر عن طبيعة الرد، وإلى ماذا سوف يقود، يتعلق باستهداف مسؤولين إيرانيين كبار آخرين في سوريا.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)

ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى 3670 قتيلاً

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، أن حصيلة الضحايا جراء الغارات الإسرائيلية المستمرة على مناطق مختلفة في البلاد ارتفعت إلى 3670 قتيلاً، و15413 مصاباً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية جندي إسرائيلي في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

أعمال شغب لعشرات المستوطنين ضد عسكريين إسرائيليين في الضفة... واعتقال 5 منهم

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، إن عشرات المستوطنين قاموا بأعمال شغب في مستوطنة إيتمار بالضفة الغربية ضد عسكريين بالجيش الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم أسلحة (أ.ب)

السجن 4 سنوات لأميركي باع أجزاء من أسلحة بشكل غير قانوني لأشخاص في إسرائيل

قالت شبكة «فوكس 32» شيكاغو إن رجلاً من مدينة بالوس هيلز الأميركية حُكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات تقريباً بتهمة شحن أجزاء من أسلحة بشكل غير قانوني

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)

أوستن يؤكد لكاتس أهمية ضمان أمن الجيش اللبناني والـ«يونيفيل»

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن الوزير لويد أوستن تحدث مع نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إيران تلمح لإمكانية التخلي عن السلاح النووي بشروط

منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
TT

إيران تلمح لإمكانية التخلي عن السلاح النووي بشروط

منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

في حين كانت إيران تُصعد ضد الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ألمحت إلى إمكانية التفاوض بشروط مختلفة مع الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترمب.

وتبنّت الوكالة الدولية، الخميس الماضي، قراراً ينتقد طهران بسبب عدم تعاونها بما يكفي في إطار برنامجها النووي.

وقال علي لاريجاني، مستشار المرشد علي خامنئي: «إن إيران وأميركا دخلتا في وضع جديد فيما يتعلق بالملف النووي»، وأضاف في منشور على منصة «إكس»: «إن الإدارة الأميركية الجديدة إذا أرادت ألا تمتلك طهران سلاحاً نووياً فعليها قبول شروطنا، مثل تعويض الخسائر، ومنح امتيازات أخرى للوصول إلى اتفاق جديد».

وأوضح لاريجاني، أن «أميركا ألغت الاتفاق السابق وخرجت منه، وبهذا تسببت في خسائر لإيران». وأضاف أن «إيران بدأت تخصيب اليورانيوم، ورفعت درجة نقاوته إلى أكثر من 60 في المائة».

علي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي (وسائل إعلام مقربة من «حزب الله»)

وتنص «خطة العمل الشاملة المشتركة»، وهو الاسم الرسمي للاتفاق النووي، على تخفيف العقوبات الدولية المفروضة على طهران مقابل ضمانات بعدم سعيها لتطوير أسلحة نووية، لكن الاتفاق تراجع تدريجياً بعد انسحاب الولايات المتحدة منه أحادياً عام 2018، في ظل رئاسة دونالد ترمب، الذي أعاد فرض عقوبات شديدة على طهران.

وردّاً على ذلك، زادت إيران مخزوناتها من اليورانيوم عالي التخصيب بشكل كبير، ورفعت عتبة التخصيب إلى 60 في المائة، لتقترب بذلك من نسبة الـ90 في المائة اللازمة لصنع قنبلة نووية. وقد حدّدت «خطة العمل الشاملة المشتركة» التي فشلت مفاوضات في إحيائها عام 2022، معدل التخصيب الأقصى عند 3.67 في المائة.

ومنذ عام 2021، قيَّدت إيران تعاونها مع الوكالة بشكل كبير، فقامت بفصل كاميرات مراقبة، وسحبت اعتماد مفتشين ذوي خبرة.

في الوقت نفسه، يواصل برنامجها النووي اكتساب الزخم، الأمر الذي يُثير قلق المجتمع الدولي، رغم إنكار طهران رغبتها في تطوير قنبلة نووية.

وأخيراً، صعَّدت إيران مواجهتَها ضد الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ أعلنت أنَّها ستضع في الخدمة مجموعة من أجهزة الطرد المركزي «الجديدة والمتطورة»، وذلك ردّاً على قرار الوكالة الدولية.

وتستخدم أجهزة الطرد المركزي في تخصيب اليورانيوم المحوّل إلى غاز، من خلال تدويره بسرعة كبيرة، ما يسمح بزيادة نسبة المادة الانشطارية «يو-235» لاستخدامات عدة.

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

أقوال غروسي... وأفعاله

وما إن صدر القرار، ظهرت تلميحات في طهران بشأن «دور مزدوج» لمدير الوكالة الدولية رافاييل غروسي، إذ قال رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، إبراهيم عزيزي: «إن ما قاله في طهران لا يتطابق مع أفعاله في فيينا».

ونقلت وكالة «مهر» الحكومية عن عزيزي: «على غروسي أن يضع جانباً التناقض في خطابه في طهران وفيينا، وأن تكون تصريحاته في طهران متسقة مع تصريحاته في فيينا، وهذه المعاملة المزدوجة غير مناسبة».

وأشار عزيزي إلى أن «الوكالة الدولية طلبت في قرارها الأخير الامتناع عن إنتاج الأسلحة النووية. ورداً على ذلك، ينبغي القول إن إيران أعلنت منذ سنوات أنها ليس لديها أي خطط لإنتاج أسلحة نووية».

وأضاف عزيزي: «رغم أننا نتحرك دائماً على أساس مصالح الأمن القومي، فإن الأمر الواضح هو أن إيران لم تسعَ مطلقاً إلى امتلاك الأسلحة النووية خلال هذه السنوات، وهو ما يُظهر في حد ذاته عبثية هذا القرار».

وجاء قرار الوكالة الأخير في سياق خاص، مع وجود فجوة بين الموقف الغربي وموقف رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي.

وخلال زيارته إلى إيران، حصل غروسي من طهران على موافقة لبدء الاستعدادات لوقف توسيع مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب.

صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها رافاييل غروسي في مستهل اجتماعها الفصلي في فيينا

اليورانيوم عالي التخصيب

وخلافاً لما يقوله عزيزي، الذي نفى خطط إنتاج السلاح النووي، فإن طهران لم تكن ترغب أساساً في تجميد تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة.

وتُقدِّر الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إنتاج سلاح نووي واحد يتطلب نحو 42 كيلوغراماً من اليورانيوم المُخصّب بنسبة نقاء 60 في المائة، إذا جرى تخصيبه لاحقاً إلى درجة نقاء 90 في المائة.

وقال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمال وندي: «إنه كان من المقرر أن يأتي المفتشون فور انتهاء اجتماع مجلس المحافظين لتقييم قدراتنا، مع بقاء تلك القدرات لمدة شهر دون أي توقف في التخصيب بنسبة نقاء 60 في المائة».

ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن كمال وندي أن «الضغوط الناجمة عن قرار الوكالة الدولية تأتي بنتائج عكسية، أي أنها تزيد من قدرتنا على التخصيب».

وأضاف كمال وندي: «حالياً، ليس فقط أننا لم نوقف التخصيب، بل لدينا أوامر بزيادة السرعة، والعمل جارٍ على ذلك تدريجياً».