بوادر توتر جديد بين تركيا واليونان حول قضية الجزر

بهشلي يفجر الجدل بدعوة أكشنار للبقاء على رأس حزبها

من لقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيسة اليونان خلال زيارته لأثينا في ديسمبر الماضي (أرشيفية - الرئاسة التركية)
من لقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيسة اليونان خلال زيارته لأثينا في ديسمبر الماضي (أرشيفية - الرئاسة التركية)
TT

بوادر توتر جديد بين تركيا واليونان حول قضية الجزر

من لقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيسة اليونان خلال زيارته لأثينا في ديسمبر الماضي (أرشيفية - الرئاسة التركية)
من لقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيسة اليونان خلال زيارته لأثينا في ديسمبر الماضي (أرشيفية - الرئاسة التركية)

ظهرت بوادر على توتر جديد بين الجارتين تركيا واليونان بعد فترة من الهدوء شهدت سلسلة من الاجتماعات والمشاورات حول الملفات الخلافية العالقة.

وحذّرت تركيا اليونان من استغلال ملفات البيئة لتحقيق مآرب سياسية بشأن الخلافات البحرية بين البلدين.

وذكرت وزارة الخارجية التركية، تعليقاً على أنباء حول اعتزام اليونان الإعلان عن إنشاء حديقتين بحريتين إحداهما في بحر إيجه، والأخرى في البحر الأيوني، وذلك خلال «مؤتمر محيطاتنا» المقرر عقده في أثينا في 16 و17 أبريل (نيسان) الحالي، بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية اليونانية.

وأضافت الخارجية التركية، في بيان الأربعاء، أنه من الملاحظ أن اليونان تستغل المواضيع المتعلقة بالبيئة هذه المرة، استمراراً لنهجها المعتاد في استغلال جميع المنصات لصالحها فيما يخص الخلافات حول بحر إيجه.

وتابع البيان: «رغم حدوث مرونة في علاقاتنا مع اليونان في الفترة الأخيرة، فإنه يبدو أن اليونان تستغل القضايا البيئية هذه المرة... نوصي اليونان بعدم استغلال مشاكل بحر إيجه والقضايا المتعلقة بوضع بعض الجزر، وكذلك الجزر الصخرية لأجندتها الخاصة، والتي لم يتم نقل سيادتها إليها بموجب الاتفاقيات الدولية».

وحذّرت الخارجية التركية الأطراف، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، من أن تصبح أداة «للحملات السياسية اليونانية نحو البرامج البيئية». وأكدت أن القانون البحري الدولي يشجع التعاون، حتى بالقضايا البيئية، بين الدول الساحلية في البحار المغلقة أو شبه المغلقة، وأن تركيا مستعدة دائماً للتعاون مع اليونان في بحر إيجه.

جانب من جولة مشاورات سياسية سابقة عقدت في اليونان برئاسة نائبي وزيري خارجية البلدين (أرشيفية - الخارجية التركية)

وتابعت: «نود أن نشير مرة أخرى إلى أننا لن نقبل بفرض أمر الواقع الذي قد تخلقه اليونان على التكوينات الجغرافية المتنازع عليها، الحدائق البحرية التي تسعى اليونان لإنشائها لن يكون لها أي تبعات قانونية في سياق المشاكل بين البلدين في بحر إيجه».

جهود للتقارب

وانخرط البلدان الجاران، العضوان في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، في حوار سياسي ومباحثات حول بناء الثقة ومناقشة القضايا العالقة، منذ العام الماضي، بعد فترة طويلة من التوترات بسبب النزاعات حول ملفات الهجرة غير النظامية، والقضية القبرصية وموارد الطاقة في شرق البحر المتوسط، إلى جانب قضية السيادة الإقليمية في بحر إيجه.

وقادت التطورات الجديدة في الحوار بين البلدين إلى زيارة وصفت بـ«التاريخية» قام بها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى أثينا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تم خلالها عقد اجتماعات المجلس الاستراتيجي للعلاقات بين البلدين، وتم إصدار «إعلان صداقة»، وتسهيل الحصول على تأشيرة للمواطنين الأتراك لعشر جزر يونانية في شمال بحر إيجه لمدة 7 أيام، والتعاون في خفض تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى اليونان.

ورغم تأكيد الجانبين التزامهما بالحفاظ على المناخ الإيجابي، فإنهما لا يتوقعان انتهاء الاضطرابات بسبب القضايا طويلة الأمد والخلافات عميقة الجذور، خاصة مسألة الجرف القاري والنزاع في بحر إيجه، حيث كانت الطائرات التركية واليونانية تتشاجر في كثير من الأحيان حتى وقت قريب.

دعوة غريبة من بهشلي

على صعيد آخر، فاجأ رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي الأوساط السياسية في تركيا بدعوة رئيسة حزب «الجيد»، ميرال أكشنار، التي أعلنت أنها لن تترشح لرئاسة الحزب في المؤتمر العام الاستثنائي المقرر في 27 أبريل الحالي، إلى الترشح وعدم ترك الحزب.

وأثارت الدعوة التي أطلقها بهشلي، خلال زيارته لقبر مؤسس «الحركة القومية» ألب أرسلان توركيش الأربعاء، بمناسبة عيد الفطر، جدلاً واسعاً على الساحة السياسية، لا سيما وأن أكشنار انشقت عن حزب «الحركة القومية» بعد أن حاولت عام 2016 مع مجموعة من قيادات الحزب، الذي كانت تشغل منصب نائبة رئيسه، عقد مؤتمر عام للإطاحة ببهشلي بسبب تحوله إلى التأييد المطلق للرئيس رجب طيب إردوغان، وصولاً إلى الانضمام مع حزب «العدالة والتنمية» ضمن «تحالف الشعب» عام 2018، حيث أسست حزب «الجيد» عام 2017 من رحم حزب «الحركة القومية».

صورة أرشيفية تجمع بين رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي ونائبته السابقة ميرال أكشنار قبل انشقاقها عن الحزب في 2016

وقال بهشلي: «أعتقد أن السيدة أكشنار يجب أن تتخلى عن قرارها، وأن تصبح رئيسة للحزب مجدداً، أقول ذلك لأن حزب (الحركة القومية) شهد مثل هذا السلوك طوال حياته السياسية التي استمرت 55 عاماً، وكانت هناك انقسامات، ولكن نتيجة لذلك، تمكن حزب «الحركة القومية» من البقاء مثل الشجرة العظيمة... تعدد المرشحين يمكن أن يؤدي أيضاً إلى انقسامات متعددة».

وسبق أن دعا بهشلي أكشنار إلى العودة إلى بيتها (حزب الحركة القومية) أكثر من مرة، آخرها قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو (أيار) الماضي، إلا أن ردها كان بالرفض القاطع.

وعلى الرغم من دعوة بهشلي فإن الحزبين لم يتبادلا الزيارات بمناسبة عيد الفطر كما فعلت الأحزاب الأخرى.

وأعلنت أكشنار، الاثنين، أنها لن تترشح مجدداً لرئاسة حزب «الجيد» في المؤتمر الاستثنائي الذي دعت إلى عقده في 27 أبريل، من منطلق تحملها المسؤولية عن النتائج المخيبة للآمال التي حققها الحزب في الانتخابات المحلية التي أجريت في 31 مارس (آذار) الماضي.

وحتى الآن أعلن 4 من قيادات الحزب ترشحهم لرئاسته، هم عضوة المجلس التأسيسي، غوناي كوداز، ونائب رئيس الحزب لسياسات الهجرة، محمد تولغا أكالين، ونائبا رئيس المجموعة البرلمانية نائب أنقرة، كوراي أيدين، ونائب إزمير موساوات درويش أوغلو، الذي يتردد في كواليس الحزب أن أكشنار تدعمه ليخلفها في رئاسته.

ومني حزب «الجيد» بخسارة كبيرة في الانتخابات المحلية، وحصل على نحو 3.8 في المائة من الأصوات، وفاز ببلدية واحدة فقط هي بلدية نيفشهير وسط تركيا.


مقالات ذات صلة

موسكو حذرت واشنطن قبل 30 دقيقة من إطلاق صاروخ «أوريشنيك» متوسط ​​المدى

أوروبا سكان أمام منزل متضرر بهجوم طائرة مسيّرة في منطقة أوديسا جنوب أوكرانيا (أ.ف.ب)

موسكو حذرت واشنطن قبل 30 دقيقة من إطلاق صاروخ «أوريشنيك» متوسط ​​المدى

قالت وزارة الدفاع الروسية إنها استخدمت صاروخاً «باليستياً» متوسط ​​المدى من طراز «أوريشنيك» لأول مرة في أعمال قتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا لقطة أرشيفية لصاروخ بالستي روسي أطلق في مارس الماضي خلال تجربة للجيش (أ.ف.ب)

«الناتو»: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا

أكّد حلف شمال الأطلسي الخميس أنّ الصاروخ البالستي الفرط صوتي الجديد الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا "لن يغيّر مسار الحرب".

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستقبل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في سوتشي بروسيا 18 مايو 2018 (رويترز)

ماذا قالت ميركل في مذكراتها عن بوتين وترمب وأوكرانيا؟

بعد ثلاثة أعوام على تقاعدها عادت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل إلى الأضواء بكتاب مذكرات عن حياتها تحدثت فيه عن أوكرانيا وعلاقتها ببوتين وترمب

راغدة بهنام (برلين)
الولايات المتحدة​ يدلي القائم بأعمال المدعي العام آنذاك مات ويتاكر بشهادته أمام لجنة القضاء في مجلس النواب الأميركي بشأن الرقابة على وزارة العدل في مبنى الكابيتول في العاصمة الأميركية واشنطن 8 فبراير 2019 (أ.ف.ب)

ترمب يختار مات ويتاكر سفيراً لأميركا لدى حلف الناتو

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الأربعاء)، مات ويتاكر، القائم بالأعمال السابق بمنصب المدعى العام، سفيراً لبلاده لدى حلف شمال الأطلسي (ناتو).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا نظام مدفعية آرتشر من فوج المدفعية الملكية التاسع عشر التابع للقوات المسلحة البريطانية يطلق النار أثناء تدريب على إطلاق النار الحي في 18 نوفمبر 2024 في لابلاند الفنلندية (أ.ف.ب)

الجيش البريطاني يطلق مدفعاً جديداً للمرة الأولى خلال مناورة للناتو

قام جنود الجيش البريطاني بإطلاق مدفع جديد، يستخدم لأول مرة، وذلك خلال مناورة تكتيكية لحلف الناتو بفنلندا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
TT

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

لم تعلق فرنسا رسمياً على المعلومات الواردة من إسرائيل والتي تفيد بأن الطرف الإسرائيلي نقل إلى المبعوث الأميركي آموس هوكستين رفضه مشاركة فرنسا في اللجنة الدولية المطروح تشكيلها، بمشاركة الولايات المتحدة وفرنسا، للإشراف على تنفيذ القرار الدولي رقم 1701 الذي يعد حجر الأساس لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حزب الله»، كما رفضها الربط بين وقف النار وإيجاد حلول للمشاكل الحدودية بينها وبين لبنان، إن بالنسبة للنقاط الخلافية المتبقية على «الخط الأزرق» أو بالنسبة لمزارع شبعا وكفرشوبا وقرية الغجر.

 

ماذا يريد نتنياهو؟

 

وجاء رفض تل أبيب بحجة أن باريس تنهج «سياسة عدائية» تجاهها، في الإشارة إلى التوتر الذي قام بين الطرفين منذ سبتمبر (أيلول) الماضي وكانت قمته دعوة الرئيس ماكرون إلى وقف تزويد إسرائيل بالسلاح، لكونه «الوسيلة الوحيدة لوقف الحرب»، ما عدّه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو «عاراً» على فرنسا، كما حال اعتبار ماكرون أن ما تقوم به إسرائيل في غزة «مجازر». وجاء قرار الحكومة الفرنسية، مرتين، بمنع شركات دفاعية إسرائيلية من المشاركة بمعداتها في معرضين دفاعيين ثانيهما الشهر الماضي، ليزيد من التوتر الذي تفاقم مع التصرف «الاستفزازي» لعناصر أمن إسرائيليين بمناسبة زيارة وزير الخارجية جان نويل بارو لإسرائيل الأخيرة، وما تبعه من استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس للاحتجاج رسمياً على ما حصل.

بيد أن ماكرون سعى لترطيب الأجواء مع نتنياهو من خلال إرسال إشارات إيجابية؛ منها الإعراب عن «تضامنه» مع إسرائيل بسبب ما تعرض له فريقها الرياضي في أمستردام، وحرصه لاحقاً على حضور مباراة كرة القدم بين فريقهما. كذلك لم توقف باريس تصدير مكونات عسكرية لإسرائيل بوصفها «دفاعية»، وتستخدم في إنشاء وتشغيل «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ. كذلك، سمحت مديرية الشرطة، الأسبوع الماضي، بقيام مظاهرة أو تجمع في باريس بدعوة من مجموعات يهودية متطرفة منها. وبالتوازي مع المظاهرة، حصل احتفال ضم شخصيات يهودية من كثير من البلدان تحت عنوان «إسرائيل إلى الأبد»، وذلك رغم المطالبات بمنعها.

بيد أن ذلك كله لم يكن كافياً بنظر نتنياهو. وقال سفير فرنسي سابق لـ«الشرق الأوسط»، إن نتنياهو «وجد فرصة فريدة لإحراج فرنسا، لا بل الحط من قيمتها ومن دورها، وذلك برفض حضورها في اللجنة». ويضيف المصدر المذكور أن باريس «تتمتع بالشرعية الأهم والأقوى» لتكون طرفاً فاعلاً في اللجنة، باعتبار أن جنودها موجودون في لبنان منذ عام 1978، وأنها صاحبة فكرة إنشاء «اللجنة الرباعية» في عام 1996، التي أنهت آنذاك الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، حيث لعب وزير الخارجية الأسبق هيرفيه دو شاريت الدور الأكبر في وقفها. ويذكر المصدر أخيراً أن باريس قدمت مشروعاً لوقف الحرب، منذ بداية العام الحالي بالتوازي مع الجهود التي بذلها هوكستين، وما زال، وأن التنسيق بين الطرفين «متواصل». وأعاد المصدر إلى الأذهان أن ماكرون والرئيس بايدن أطلقا، منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مبادرة مشتركة لوقف إطلاق النار والخوض في مباحثات لاحقة لتسوية الخلافات القائمة بين لبنان وإسرائيل والعودة إلى العمل جدياً بالقرار الدولي رقم 1701. ولاكتمال الصورة، تتعين الإشارة إلى أن «حزب الله» رفض مشاركة ألمانيا وبريطانيا، علماً بأن الأولى موجودة داخل «اليونيفيل»، لا بل إنها تشرف على قوتها البحرية، ما قد يدفع إلى اعتبار أن نتنياهو رفع «البطاقة الحمراء» بوجه فرنسا، ليبين من جهة حنقه، ومن جهة ثانية قدرته التعطيلية.

 

أوراق الرد الفرنسية

واضح أن رفض باريس من شأنه أن يشكل عقبة إضافية على طريق الحل، خصوصاً أن لبنان سيكون، بلا شك، متمسكاً بحضور باريس في اللجنة وهي الجهة التي يرتاح لها، ولكونها المتفهمة لمواقف الطرف اللبناني. لكن السؤال الحقيقي المطروح يتناول الهدف أو الأهداف الحقيقية لإسرائيل. وفي هذا السياق، ترى مصادر سياسية في باريس أن لنتنياهو عدة أغراض أساسية؛ أولها الإمساك بذريعة من شأنها تأخير الاتفاق وإعطائه الوقت الإضافي لمواصلة حربه على لبنان، والاقتراب أكثر فأكثر من تحقيق أهدافه وأولها مزيد من إضعاف «حزب الله»، واستمرار الضغط على السلطات اللبنانية للخضوع لمطالبه. أما الغرض الآخر فعنوانه «تدفيع ماكرون ثمناً سياسياً» لقبول بلاده في اللجنة، إذ سيكون على فرنسا أن «تستأذن» إسرائيل، وربما دفع باريس إلى تعديل بعض جوانب سياستها إزاء إسرائيل.

وبانتظار أن يرد رد فرنسي رسمي على البادرة العدائية الإسرائيلية، فإن من الواضح أن لفرنسا القدرة على اتخاذ تدابير «مزعجة» لإسرائيل في حال «توافرت الإرادة السياسية»، وفق ما يقوله مسؤول سابق. وتشمل مروحة الردود الجانبين الثنائي والجماعي الأوروبي. في الجانب الأول، يمكن لباريس أن توقف مبيعاتها العسكرية، رغم قلتها، إلى إسرائيل، أو أن تعمد إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على غرار ما فعلته دول أوروبية أخرى، مثل إسبانيا وسلوفينيا وآيرلندا. وبمستطاع فرنسا أن تعبر عن موقف مماثل لموقف هولندا إزاء القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على نتنياهو، وعلى وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

وحتى اليوم، بدت ردة فعل باريس «باهتة» و«غامضة» فهي «أخذت علماً» بقرار المحكمة، وهي تؤكد تمسكها بعملها المستقل وفق أحكام نظام روما الأساسي، فضلاً عن ذلك، بإمكان باريس أن تلجأ إلى لغة دبلوماسية أكثر حزماً في إدانة الممارسات الإسرائيلية بغزة والضفة الغربية ولبنان، بما في ذلك استهداف المواقع الأثرية. وبالتوازي، يقول المسؤول السابق إنه «لا يمكن إغفال ما تستطيعه باريس على المستوى الأوروبي» مثل الدفع لوقف الحوار السياسي مع تل أبيب، أو لاتخاذ تدابير إضافية ضد الصادرات الإسرائيلية من المستوطنات في الضفة الغربية وتركيز الأضواء، مع آخرين على حل الدولتين.