«الحرس الثوري» يصعد التهديدات... وأميركا في حالة تأهب قصوى

رئيس الأركان الإيراني: سنحدد توقيت ونوعية العملية بدقة وبأقصى قدر من الضرر

تشييع قائد قوات «الحرس الثوري» في سوريا ولبنان، محمد رضا زاهدي في مسقط رأسه أصفهان اليوم (تسنيم)
تشييع قائد قوات «الحرس الثوري» في سوريا ولبنان، محمد رضا زاهدي في مسقط رأسه أصفهان اليوم (تسنيم)
TT

«الحرس الثوري» يصعد التهديدات... وأميركا في حالة تأهب قصوى

تشييع قائد قوات «الحرس الثوري» في سوريا ولبنان، محمد رضا زاهدي في مسقط رأسه أصفهان اليوم (تسنيم)
تشييع قائد قوات «الحرس الثوري» في سوريا ولبنان، محمد رضا زاهدي في مسقط رأسه أصفهان اليوم (تسنيم)

واصلت إيران تهديداتها بالرد على الهجوم المنسوب إلى إسرائيل على مجمع السفارة الإيرانية بدمشق، حيث كان يجتمع قادة من «الحرس الثوري»، في سوريا ولبنان، في خطوة مثَّلت تصعيداً كبيراً في حرب إسرائيل مع خصومها بالمنطقة.

وقال رئيس الأركان الإيراني محمد باقري إن الهجوم الإسرائيلي الذي أسفر عن مقتل قائد قوات «الحرس الثوري» في سوريا ولبنان، العميد محمد رضا زاهدي، و6 آخرين، «لن يبقى دون رد»، مضيفاً: «نحن مَن سيحدد توقيت ونوعية العملية بدقة، وبأقصى قدر من الضرر للعدو، بما يجعله يندم على عمله».

وأصر باقري خلال تشييع زاهدي في مسقط رأسه بمدينة إصفهان، اليوم (السبت)، على أن «الرد» على إسرائيل «مطلب شعبي». وأشار إلى أنّ «الهجوم على السفارة الإيرانية في دمشق كان بمثابة انتحار لإسرائيل». وقال إن مقتل زاهدي وضباطه الستة «سيسرّع من عملية انهيار وزوال إسرائيل».

وبدوره، قال «الحرس الثوري»، في بيان رسمي بعد تشييع زاهدي، إن «الرد سيتحقق رداً على المطالب الوطنية لمعاقبة الأعداء».

وقال باقري إن «حياة الكيان الصهيوني وصلت إلى النهاية، ولم يبقَ أمامه طريق طويلة حتى الدمار والأفول»، وكرر الشكوك الإيرانية بوقوع «الهولوكوست» في أوروبا.

رئيس الأركان محمد باقري يلقي خطاباً خلال تشييع محمد رضا زاهدي في أصفهان اليوم (تسنيم)

وتطرق باقري إلى الصلات التي تربط بين «فيلق القدس»، الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»، و«حزب الله» اللبناني وحركة «حماس» و«حركة الجهاد الإسلامي» الفلسطينية. وقال إن عملية «طوفان الأقصى» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي «كشفت رأس جبل الجليد».

وقال باقري إن «إسرائيل غارقة في مستنقع غزة؛ ليس أمامها طريق للخلاص ولا طريق لاستمرار هذه الجريمة»، مضيفاً أنّ «1000 مقاتل شاركوا بهذه العملية، في هجوم مفاجئ على إسرائيل، مُلحقين بالعدو هزيمة لا يمكن إصلاحها».

ووصف باقري، زاهدي، بأنه «الرفيق والعون الدائم» لقاسم سليماني مسؤول العمليات الخارجية لـ«الحرس الثوري» الذي قضى بضربة أميركية في بغداد مطلع 2020.

وزاهدي هو القيادي العسكري الإيراني الأبرز الذي يتم استهدافه منذ سليماني. كما أنه الأبرز بين ثلاثة من قادة «فيلق القدس» يُقتلون بضربات إسرائيلية منذ عملية «طوفان الأقصى»، بعد مقتل مسؤول إمدادات «الحرس الثوري» في سوريا، رضي موسوي في ديسمبر (كانون الأول)، وحجت الله اميدوار، مسؤول استخبارات «فيلق القدس» في سوريا، يناير (كانون الثاني).

وأظهرت لقطات بثها التلفزيون الرسمي مشاركة قائد «الحرس الثوري»، حسين سلامي، وقائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني.

وحمّلت إيران «النظام الصهيوني» المسؤولية عن هجوم دمشق، بينما لم يصدر أي تصريح عن إسرائيل بهذا الصدد. وقال المرشد الإيراني علي خامنئي: «سيعاقب رجالنا الشجعان الكيان الصهيوني، سنجعله يندم على هذه الجريمة وغيرها»، بينما تعهَّد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بالردّ على هذا الهجوم، مؤكداً أنّ «هذه الجريمة البشعة لن تمرّ من دون ردّ». وكرر قائد «الحرس الثوري»، في كلمة خلال مراسم تشييع القتلى السبعة أُقيمت الجمعة في طهران، التوعد بـ«معاقبة» إسرائيل.

ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن سلامي قوله إن «الكيان الصهيوني يتنفّس اليوم في غرفة الرعاية الخاصة السياسية والأمنية والنفسية الأميركية، وعندما يتم إزالة جهاز التنفس الاصطناعي الغربي هذا من أنف الكيان الصهيوني سينهار، وهذا الأمر قريب». وقال سلامي إن «أي عمل يقوم به أي عدو ضدنا لن يمر دون ردّ»، مؤكداً أن «النظام الصهيوني لن ينجو» من التبعات «ويدرك جيداً ما سيحصل».

وبدوره، قال الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية الموالية لإيران، حسن نصر الله، الجمعة، إن الرد الإيراني «آت لا محالة».

نشاط دعائي

في غضون ذلك، وزَّعت قنوات إعلام «الحرس الثوري»، منشوراً وفيديو دعائياً يتحدثان عن قرب الرد الإيراني. وفي «برومو» دعائي مقتبَس على ما يبدو من مسلسل تلفزيوني، ويشير إلى ضربة صاروخية مفترضة لإسرائيل، يظهر في الفيديو شخصية تستوحي القائد السابق للوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري»، حسن طهراني مقدم، الذي قُتِل في تفجير مصنع للصواريخ، أكتوبر 2011.

ويتوجه طهراني مقدم إلى قيادي آخر في غرفة عمليات الوحدة الصاروخية، الذي يغرق في التأمل، بينما وحدة الإطلاق تنتظر أوامر. ويردد طهراني مقدم آية: «وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى»، قبل أن يعطي جهاز اللاسلكي للقائد، الذي يردد بدوره الآية، في إشارة لإطلاق الصواريخ. وتظهر في الأخير عبارة وردت على لسان خامنئي يتوعد فيها إسرائيل بالرد على الهجوم الأخير.

أيضاً جرى تداول فيديو آخر يزعم تجهيز الصواريخ الباليستية من طراز «سجيل» البالغ مداه 2000 كيلومتر، في موقع تحت الأرض. لكن الفيديو سبق أن بثه التلفزيون الرسمي الإيراني في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

تأهب أميركي

وبينما لم تعترف إسرائيل بوقوفها وراء الضربة، قالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) سابرينا سينغ، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة لم تشارك في غارة جوية إسرائيلية على مجمع السفارة الإيرانية.

وعلى وقع تصاعد التهديدات الإيرانية بالرد، قال مسؤول أميركي الجمعة إن الولايات المتحدة في حالة تأهب قصوى وتستعد لهجوم إيراني محتمل يستهدف أصولاً إسرائيلية أو أميركية في المنطقة، رداً على مجمع السفارة الإيرانية في سوريا.

وتعتقد مصادر استخباراتية أميركية وإسرائيلية أن إيران تخطط للانتقام من تدمير مجمع سفارتها في دمشق، بشن هجمات بطائرة «شاهد» المسيرة، وصواريخ «كروز»، على سفارة إسرائيلية. وقالوا إن الرد الإيراني باستهداف منشأة دبلوماسية إسرائيلية، من المرجح قبل نهاية شهر رمضان، وفقاً لشبكة «سي بي إس» الأميركية.

وأفاد تقرير لشبكة «سي إن إن» باحتمال وقوع هجوم في الأيام القليلة المقبلة. وقال مسؤول أميركي إن الولايات المتحدة وإسرائيل تعتقدان أن الرد الإيراني على قصف قنصليتها في سوريا «حتمي».

وقال المسؤول إن الولايات المتحدة في حالة تأهب قصوى لهجوم «كبير» من جانب إيران خلال الأسبوع المقبل، مضيفاً: «حتى اليوم لا تعرف الحكومتان الأميركية والإسرائيلية متى تخطط إيران للرد، أو كيف سيكون ذلك الرد».

وتعليقاً على تقرير «سي إن إن»، قال مسؤول أميركي لـ«رويترز»: «نحن بالتأكيد في حالة يقظة عالية».

المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات «يو إس إس باتان» تبحر في البحر الأبيض المتوسط 25 فبراير الماضي (سنتكوم)

وبحث الرئيس الأميركي جو بايدن التهديد الذي تمثله إيران، في اتصال هاتفي الخميس مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وتعمل الحكومتان على بلورة موقف في ظل التهديدات الإيرانية «حيث تتوقعان أنّ الهجوم الإيراني قد يتّخذ عدّة أشكال مختلفة، وأن الأصول والأفراد الأميركيين والإسرائيليين معرضون لخطر الاستهداف»، وفقا لـ«سي إن إن». وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن إن «فِرَقنا على اتصال منتظم ومستمر منذ ذلك الحين. والولايات المتحدة تدعم إسرائيل بشكل كامل في مواجهة التهديدات من إيران».

جاء ذلك، بعدما نقل موقع «أكسيوس» الإخباري عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن تل أبيب أبلغت حليفتها واشنطن بأنّه إذا شنّت إيران هجوماً من أراضيها ضدها فسيكون هناك رد فعل قوي منّا، وسيأخذ الصراع الحالي إلى مستوى آخر.

وفي إسرائيل، أعلن الجيش تعزيز إجراءاته الدفاعية في أعقاب الضربة التي طالت القنصلية الإيرانية في دمشق الاثنين، بينما توعّد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإلحاق الضرر بمن يؤذي إسرائيل.

وقال محمد جمشيدي مساعد الرئيس الإيراني للشؤون السياسية إن واشنطن حذرت طهران من مهاجمة أي منشآت أميركية، لافتاً إلى أن إيران «حذرتها من الوقوع في (فخ نتنياهو)».

وكتب جمشيدي على منصة «إكس»: «في رسالة مكتوبة، تحذر الجمهورية الإسلامية الإيرانية القيادة الأميركية من الانجرار إلى فخ نتنياهو الذي أعده للولايات المتحدة: (ابقوا بعيداً حتى لا تتأذوا)».

الرد الصعب أو الصبر الاستراتيجي

وبموازاة المسار التصاعدي للتهديدات، استمر الانقسام بين مَن يطالبون بـ«الرد الصعب» والمتمسكين بـ«الصبر الاستراتيجي».

واقتبست صحيفة «إيران» الناطقة باسم الحكومة عنوانها الرئيسي من الرسالة الإيرانية. وعنونت: «ابقوا بعيداً حتى لا تتأذوا»، في تأكيد على التحذير.

وأشارت صحيفة «هم ميهن» إلى «توقعات حسن نصر الله من توقيت الرد على إسرائيل: إيران لن تستعجل في الرد».

من جهتها، وصفت صحيفة «آرمان أمروز» هذه الأيام بـ«المصيرية للشرق الأوسط». وكتب الدبلوماسي السابق، عبد الرضا فرجي راد في افتتاحية الصحيفة: «على ما يبدو سيكون هناك هجوم مباشر بالصواريخ من إيران على إسرائيل، لكن سيكون ذلك لكي يُصاب الطرف المقابل بالتخبط»، لكنها رجحت أن تتصدى القواعد الأميركية للصواريخ الإيرانية في المنطقة.

والدرجة الثانية، أشار فرجي راد إلى احتمال تعرض البنية التحتية الإيرانية لهجمات إسرائيلية. وأشار أيضاً إلى احتمال دخول «حزب الله» على خط الصراع، «ما يعرض لبنان لمشاكل خطيرة».

محمد رضا زاهدي كان مقرباً من رحيم صفوي كبير مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي (د.ب.أ)

وفيما يعكس مشاعر القلق المتزايد في إيران من الحرب المباشرة، رأى فرجي راد أن الأوضاع في المنطقة «ستكون مواتية لإسرائيل. شئنا أم أبينا ستعتبر إيران الطرف المهاجم»، كما توقع تدخلاً أميركياً لدعم إسرائيل نظراً للتطورات السياسية في داخل الولايات المتحدة، خصوصاً اقتراب الانتخابات الرئاسية.

وتحت عنوان «رد طهران والصبر الاستراتيجي»، في صحيفة «آرمان ملي»، كتب قاسم محب علي، المسؤول السابق لشؤون الشرق الأوسط إن «الهجوم الإسرائيلي على المقر الدبلوماسي في سوريا يعطي إيران الحق في الرد، وفقاً للأعراف الدولية».

لكن تساءل عن كيفية ومستوى استخدام إيران لهذا «الحق». كذلك أشار إلى «صمت» سوريا إزاء تعرضها لضربات إسرائيلية متكررة. وقال: «الهجوم الأخير قبل أن يستهدف المقرات الدبلوماسية الإيرانية، اعتدى على أجواء وأرض وسيادة سوريا، لذلك فإن أولوية حق الرد بيد الحكومة السورية، لكنها على ما يبدو لا ترغب في الدخول إلى صراع مع إسرائيل». وخلص: «ينبغي فحص كيفية الرد بتروٍّ وإمعان، لأنه يجب أن يكون رادعاً، بالإضافة إلى كونه متناسباً»، محذراً من الوقوع في فخ إسرائيل.

وقال: «إسرائيل ترغب في توسيع حرب غزة، وجرّ إيران إلى ساحة الحرب. يجب أن نكون يقظين، وهنا تظهر أهمية مفردة الصبر الاستراتيجي».


مقالات ذات صلة

إيران: قاذفات «بي 52» لن تردع عزمنا على الدفاع عن النفس

شؤون إقليمية صاروخ «خرمشهر» الباليستي من الجيل الرابع، المعروف باسم «خيبر»، الذي تم عرضه خلال مسيرة مناهضة لإسرائيل في طهران نوفمبر العام الماضي (أ.ف.ب) play-circle 00:30

إيران: قاذفات «بي 52» لن تردع عزمنا على الدفاع عن النفس

قللت طهران من تأثير قاذفات «بي 52» الأميركية على ثنيها في «الدفاع عن النفس»، وتعهدت استخدام جميع الإمكانات في الرد على ضربات إسرائيلية طالت قواعدها العسكرية.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية قاذفة «بي 52» الأميركية تصل لمنطقة عمليات القيادة المركزية في الشرق الأوسط مساء السبت (سنتكوم)

الجيش الإسرائيلي يهدد إيران بحرب ساحقة إذا وجهت ضربة

حذر مصدر عسكري إسرائيلي رفيع إيران من تنفيذ أي هجوم ضد إسرائيل، مشدداً على أن «الرد لن يكون ضربة بضربة، بل سيكون حرباً شاملة».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي تغادر لتنفيذ ضربات على إيران (رويترز)

غموض يحيط استخدام إسرائيل الأجواء العراقية لضرب إيران

لا يزال الغموض يكتنف ما إذا كانت إسرائيل قد استخدمت الأجواء العراقية لقصف إيران، في وقت أعلنت فصائل مسلحة عراقية توجيهها ضربات فجر الأحد إلى الجولان وإيلات.

حمزة مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية الرئيس جو بايدن يتحدث الجمعة في أريزونا (أ.ب)

أميركا تحضّ إيران على وقف التصعيد المباشر مع إسرائيل

حضّت إدارة الرئيس الأميركي إيران على عدم الرد على إسرائيل بعد ضرباتها مواقع عسكرية إيرانية، آملة في «نهاية» لدوامة التصعيد المباشر بين العدوين اللدودين.

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية صورة نشرتها الخارجية الإيرانية من أول مؤتمر صحافي للمتحدث باسمها إسماعيل بقائي في طهران الاثنين

طهران ترفض اتهامات التدخل في الشأن اللبناني

إيران نفت الاتهامات الموجهة لها بالتدخل في الشؤون اللبنانية، وأكدت أن «الرد على أي اعتداء جديد من الكيان الصهيوني سيكون حازماً».


إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
TT

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

تقدم أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية هذا الأسبوع بحق زعماء إسرائيل و«حماس»، بسبب الجرائم التي تتهمهم بارتكابها في غزة، رؤى مهمة حول مدى اختصاص المحكمة وحدود سلطتها.

وقدم تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت؛ ورئيس الجناح العسكري لـ«حماس» محمد الضيف، الذي قد يكون ما زال على قيد الحياة.

لماذا تدعي المحكمة الاختصاص في هذه القضية؟

لقد انضمت أكثر من 120 دولة إلى معاهدة دولية، وهي نظام روما الأساسي، وهي أعضاء في المحكمة. تأسست المحكمة، التي يقع مقرها في لاهاي في هولندا، منذ أكثر من عقدين من الزمان لمقاضاة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية وجريمة العدوان.

واتهمت المحكمة نتنياهو وغالانت باستخدام التجويع كسلاح حرب، من بين تهم أخرى، في الصراع مع «حماس» في غزة.

واتهمت المحكمة محمد الضيف، أحد المخططين الرئيسيين لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والتعذيب والعنف الجنسي واحتجاز الرهائن.

لا تعترف الدول القوية، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة والصين، بسلطة المحكمة. ولم تصادق على نظام روما الأساسي، ولا تحترم المذكرات الدولية الصادرة عن المحكمة ولن تسلم مواطنيها للمحاكمة.

لا إسرائيل ولا فلسطين عضوان في المحكمة. ولكن في حين لا تعترف العديد من الدول بدولة فلسطين، فقد فعلت المحكمة ذلك منذ عام 2015، عندما وقع قادة السلطة الفلسطينية، التي تسيطر على جزء كبير من الضفة الغربية.

وعلى الرغم من سيطرة «حماس» على غزة منذ عام 2007 ولا تعترف الجماعة المسلحة بخضوعها لدولة فلسطينية، فقد قضت المحكمة بأن لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.

وقال ديفيد شيفر، السفير الأميركي السابق والمفاوض الرئيسي في النظام الأساسي الذي أنشأ المحكمة: «أود أن أزعم أن هذا يجعل تصرفات (حماس) أكثر عرضة للمحكمة الجنائية الدولية. إن السلطة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية لا تقتصر على (حماس) فقط، بل إن (حماس) أثبتت دورها كسلطة حاكمة لذلك الجزء من دولة فلسطين، وبالتالي فإن هذه السلطة تحمل المسؤولية، بما في ذلك ارتكاب جرائم فظيعة».

ومن الأهمية بمكان بالنسبة لسلطة المحكمة أن اختصاصها يمكن أن يمتد إلى ما هو أبعد من الدول الأعضاء. ويمنح نظام روما الأساسي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، سلطة إحالة جرائم الفظائع المرتكبة في أي دولة -عضو في المحكمة الدولية أم لا- إلى الهيئة القانونية للتحقيق.

وقد أحال مجلس الأمن السودان إلى المحكمة في عام 2005 بشأن الوضع الإنساني في دارفور، وأحال ليبيا في عام 2011 رغم أن كلتا الدولتين ليست عضواً في المحكمة.

وقال الخبراء إنه نظراً للتوترات الحالية بين الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة)، فمن غير المرجح أن يحيل المجلس بالإجماع فرداً إلى المحكمة للمحاكمة في أي وقت قريب.

وأشار شفير إلى أنه «نظراً للطبيعة غير الوظيفية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في السنوات الأخيرة، فمن غير المرجح أن تنجو أي إحالة مقترحة لأي حالة معينة في العالم من الفيتو».

هل سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء؟

بالفعل، سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء، فروسيا ليست عضواً في المحكمة، ولكن في عام 2023 أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشأن غزو موسكو الكامل لأوكرانيا، التي لم تصبح عضواً بعد ولكنها منحت المحكمة الاختصاص ودعتها للتحقيق.

كما أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق عمر حسن البشير، الرئيس السابق للسودان، والعقيد معمر القذافي، الزعيم السابق لليبيا. ولا تتمتع أي من الدولتين بعضوية المحكمة.

في عام 2017، بدأ المدعي العام للمحكمة التحقيق في مزاعم جرائم الحرب في أفغانستان، بما في ذلك أي جرائم ربما ارتكبها الأميركيون. ورداً على ذلك، فرضت واشنطن عقوبات على فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة في ذلك الوقت، وألغت تأشيرة دخولها. وأسقطت المحكمة تحقيقاتها في وقت لاحق.

هل يمكن للمحكمة إنفاذ أوامر الاعتقال؟

في حين أن نطاق المحكمة قد يكون عالمياً تقريباً من الناحية النظرية، فإن قوتها في نهاية المطاف في أيدي أعضائها.

لا يمكن للمحكمة محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم غيابياً وليس لديها آلية لمحاكمة المتهمين. إنها تعتمد على الدول الأعضاء للعمل كجهات منفذة واحتجاز المشتبه بهم قبل أن يتمكنوا من المثول للمحاكمة في لاهاي. ومع ذلك، لا تلتزم جميع الدول الأعضاء بالاتفاق.

قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الجمعة، إنه دعا نتنياهو لزيارة بلاده، وهي عضو في المحكمة، وأنه سيتجاهل التزامه الرسمي بالتصرف بناءً على مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة.

في سبتمبر (أيلول)، زار بوتين منغوليا، وهي عضو آخر، من دون أن يتم القبض عليه.

وزار البشير جنوب أفريقيا، وهي أيضاً عضو، لحضور قمة الاتحاد الأفريقي لعام 2015.