لماذا خسر الحزب الحاكم في تركيا الانتخابات المحلية... وما رسائل صناديق الاقتراع؟

نتائج صادمة لإردوغان ومفاجئة للمعارضة... والوضع الاقتصادي قال كلمته

أنصار المعارضة يحتفلون خارج المبنى الرئيسي لبلدية إسطنبول مساء الأحد (د.ب.أ)
أنصار المعارضة يحتفلون خارج المبنى الرئيسي لبلدية إسطنبول مساء الأحد (د.ب.أ)
TT

لماذا خسر الحزب الحاكم في تركيا الانتخابات المحلية... وما رسائل صناديق الاقتراع؟

أنصار المعارضة يحتفلون خارج المبنى الرئيسي لبلدية إسطنبول مساء الأحد (د.ب.أ)
أنصار المعارضة يحتفلون خارج المبنى الرئيسي لبلدية إسطنبول مساء الأحد (د.ب.أ)

خرجت صناديق الاقتراع في الانتخابات المحلية في تركيا بمفاجأة ثقيلة، شكلت صدمة للرئيس رجب طيب إردوغان وحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، كما فاجأت المعارضة ذاتها التي لم يكن أكبر المتفائلين يتوقع فوزاً كبيراً لها بعد الخسارة الكبيرة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت في مايو (أيار) الماضي، أي منذ 10 أشهر فقط.

بحسب النتائج الأولية، التي أعلنها رئيس المجلس الأعلى للانتخابات أحمد ينار، في مؤتمر صحافي الاثنين، حصل حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، على 37.7 في المائة من أصوات الناخبين، وحل حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في المرتبة الثانية بنسبة 35.5 في المائة، ثم حزب «الرفاه من جديد» بنسبة 6.2 في المائة، يليه حزب «المساواة الشعبية والديمقراطية»، المؤيد للأكراد بنسبة 5.7 في المائة، بينما واصل حزب «الحركة القومية» شريك العدالة والتنمية في «تحالف الشعب» تراجعه محققاً 5 في المائة فقط.

وقال ينار إن نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية، التي أجريت الأحد، بلغت 78.11 في المائة، وفاز «الشعب الجمهوري» بـ35 بلدية (15 بلدية كبرى و20 بلدية حضرية)، و«العدالة والتنمية» بـ24 (12 بلدية كبرى و12 بلدية حضرية)، و«المساواة الشعبية والديمقراطية» بـ10 بلديات كبرى، و«الحركة القومية» بـ8 بلديات كبرى، و«الرفاه من جديد» ببلديتين كبريين من بينهما شانلي أورفا أحد معاقل «العدالة والتنمية» عن طريق ترشيح قاسم غل بينار لرئاسة بلديتها بعد أن استبعده العدالة والتنمية من قائمة المرشحين، وكل من حزبي «الوحدة الكبرى» و«الجيد» ببلدية واحدة.

نتائج صادمة

شكلت النتائج بعد فرز أكثر من 99 في المائة من الأصوات صدمة بكل المقاييس لـ«العدالة والتنمية» والرئيس رجب طيب إردوغان، الذي خاض حملة انتخابية مكثفة وحشد كل وزراء حكومته الـ17 للدعاية لمرشحي الحزب، لا سيما في إسطنبول التي خسرها للمرة الثانية على التوالي.

رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو خلال الاحتفال بالفوز مساء الأحد (إ.ب.أ)

للمرة الأولى في 22 عاماً جاء «العدالة والتنمية» في المرتبة الثانية في أي انتخابات يخوضها، كما خسر جميع المدن الكبرى تقريباً وفي أنحاء البلاد أيضاً، وأظهرت النتائج الأولية تغير توجهات الناخبين في 30 ولاية تركية، ذهبت غالبيتها إلى حزب الشعب الجمهوري.

كما خسر «العدالة والتنمية» في بلديات لم يسبق له الخسارة فيها مثل بورصة، بالكسير، التي لم يفز «الشعب الجمهوري» بها منذ 47 عاماً، وأديامان، إحدى الولايات التي ضربها زلزال 6 فبراير (شباط) 2023 ومعقل جماعة «المنزل» الدينية الموالية لإردوغان، التي لم يفز بها «الشعب الجمهوري» منذ عام 1999.

وحافظ الحزب المعارض على المدن الكبرى التي فاز بها في انتخابات 2019: إسطنبول، أنقرة، إزمير، أضنة، أنطاليا، مرسين، بينما خسر هطاي فقط بفارق بسيط جداً لصالح «العدالة والتنمية» بسبب الإصرار على ترشيح رئيس البلدية السابق لطفي ساواش، الذي أثار غضب الناخبين بسبب أدائه خلال فترة الزلزال، الذي كانت هطاي هي أكبر المدن تضرراً منه.

أنصار المعارضة يحتفلون بالفوز في أنقرة الأحد (أ.ف.ب)

ولم يكن «العدالة والتنمية» هو الخاسر الوحيد، لكن خسائره هي الأفدح، بل إن حزب «الجيد»، الذي لم يحصل إلا على 3.7 في المائة كان من أكبر الخاسرين، وباتت رئيسته ميرال أكشنار، الملقبة سابقاً بـ«المرأة الحديدية» تحت ضغط مطالبتها بالاستقالة من رئاسة الحزب بعد الخسائر المتلاحقة التي حققتها في انتخابات مايو، ثم الانتخابات المحلية.

أما أكبر الفائزين بعد «الشعب الجمهوري» فكان «الرفاه من جديد» بحصوله على 6.2 في المائة، متفوقاً على «المساواة الشعبية والديمقراطية» الكردي، الذي بعد من الأحزاب الخاسرة أيضاً بعدما حقق 5.6 في المائة.

تصويت عقابي

أثارت «الصدمة» التي خرجت بها صناديق الاقتراع، التساؤلات عن الأسباب التي أدت إلى تداعي «العدالة والتنمية» بهذا الشكل وسط توقعات بخسارة كبيرة للمعارضة بعد الهزيمة في انتخابات مايو الماضي، ولما انقلبت التوقعات بهذا الشكل؟

مرشح المعارضة لبلدية أنقرة منصور يافاس يحتفل بالفوز مع أنصاره مساء الأحد (أ.ف.ب)

يبرز العامل الاقتصادي في المقدمة أكبر أسباب خسارة إردوغان وحزبه للانتخابات والتراجع غير المسبوق في نتائج الحزب. فقد اختار الناخبون معاقبة إردوغان على التراجع المستمر في القدرة الشرائية والارتفاع المتواصل لمعدل التضخم الذي سجل بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ارتفاعات متكررة ليصل إلى 67 في المائة واستمرار ارتفاع الأسعار.

ولعب المتقاعدون، الذين يشكلون كتلة تصويتية كبيرة عددها يفوق 10 ملايين ناخب، دوراً بارزاً في هذه الخسارة بسبب عدم الاستجابة لمطالبهم بزيادة رواتبهم التي تقف حالياً عند 10 آلاف ليرة، بينما الحد الأدنى للأجور 17 ألف ليرة، بينما تجاوز خط الفقر 45 ألف ليرة.

وفي رأي بعض المراقبين أن الناخبين أجلوا هذا العقاب في انتخابات مايو الماضي على أمل تحسن الأوضاع، لكن استمرار الأداء الاقتصادي السيئ، دفعهم إلى إصدار تحذير شديد لإردوغان وحكومته.

أنصار المعارضة يحتفلون خارج المبنى الرئيسي لبلدية إسطنبول مساء الأحد (أ.ف.ب)

درس المعارضة

أما السبب الثاني، فهو نجاح «الشعب الجمهوري» المعارض في إحداث تغيير جذري في هياكله بعد انتخابات مايو الماضي، لدرجة أنه كان الحزب الوحيد الذي أدار عملية ديمقراطية في مؤتمره العام بعد الانتخابات التي أدت إلى تغيير رئيس الحزب كمال كليتشدار أوغلو، الذي خسر الرئاسة أمام إردوغان وأهدر مقاعد البرلمان على الأحزاب الأخرى التي شاركت في «تحالف الأمة» أو«طاولة الستة» التي استفادت من خوض الانتخابات البرلمانية على قوائمه بـ35 مقعداً، 16 لحزب «الديمقراطية والتقدم»، و10 لكل من حزبي «السعادة» و«المستقبل».

ونجح الحزب في أن يتحول إلى حزب شاب وديناميكي وأكثر وصولاً إلى الشارع التركي وقياساً لنبضه، تحت رئاسة أوزغوز أوزيل، الذي علق على نتائج الانتخابات المحلية الأولية قائلاً: «لقد نجحنا في جعل الحزب الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك يحتل المرتبة الأولى من جديد، ونسير الآن نحو حكم البلاد في أول انتخابات عامة قادمة».

وعلى الرغم من تفكك «تحالف الأمة» المعارض عقب الانتخابات البرلمانية والرئاسية، بل والهجوم الضاري الذي تعرض له سواء من إردوغان، أو من حليفة الأمس رئيسة حزب «الجيد» ميرال أكشنار، فإن «الشعب الجمهوري» تمكن من تجاوز الحالة المعنوية السلبية الناشئة عن انتخابات مايو، وقام بحملة تغيير جددت دماءه وتبنى خطابات أكثر اعتدالاً واحتضاناً للشعب ونشاطاً في الشارع.

نصر خادع

في المقابل، ساهمت نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مايو الماضي، في خداع «العدالة والتنمية» الحاكم، لاعتقاده بأنه لا يوجد حزب على الساحة يمكنه مقارعته في أي انتخابات، بل إن أحزاب المعارضة مجتمعة لا يمكنها أن تهزمه، ودخل إردوغان وحزبه الانتخابات المحلية بثقة كبيرة جداً في الفوز، بل بتعالٍ أيضاً، كما أجمع على ذلك الكثير من المراقبين والمحللين.

وبات واضحاً في السنوات الأخيرة أن «العدالة والتنمية» يعاني نضوباً في الكوادر، ويلجأ إلى سياسة «إعادة تدوير» في الوجوه وتنقل الأسماء ذاتها بين المناصب والترشيحات، مما أعطى رسالة للشارع التركي مفادها أن الحزب الحاكم وإردوغان لم يعد لديهما جديد لتقديمه أكثر من ذلك.

وذهب الكاتب الصحافي، مراد يتكين، إلى أن إردوغان أدار المعركة في الانتخابات المحلية على أنها معركة سياسية بينه وبين رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، وحشد كل إمكانات الدولة ووزراء حكومته بالكامل للفوز على إمام أوغلو، لكن ذلك أتى بنتيجة عكسية.

ولفت إلى أن إردوغان تغافل عن المشكلات الحقيقية في البلاد وفي مقدمتها الوضع الاقتصادي، وإهدار سيادة القانون، والقيود على الحريات، والعبث بالديمقراطية، فضلاً عن سوء الاختيارات في الترشيحات، ويعد أسوأ هذه الاختيارات مراد كوروم مرشح رئاسة بلدية إسطنبول، بعد إخفاقه عندما كان وزيراً للبيئة والتحضر العمراني في مواجهة كارثة الزلزال وبقاء ضحاياه في الخيام حتى الآن بعد أكثر من عام على الكارثة.

لعبة التحالفات

وثمة سبب ثالث للنتائج الصادمة للانتخابات المحلية، فعلى الرغم من أن «الشعب الجمهوري» لم يتأثر بتفكك تحالف المعارضة، بسبب حالة جديدة جرى فيها التصويت بعيداً عن الهوية والانتماء الحزبي واستمرار تصويت أنصار حزبي «المساواة الشعبية والديمقراطية» و«الجيد» له، فإن حفاظ إردوغان على «تحالف الشعب» مع «الحركة القومية» و«الوحدة الكبرى» لم يكن مفيداً في الانتخابات المحلية.

كما أن موقف «الرفاه من جديد»، الذي رفض الاستمرار في «تحالف الشعب» بعد انتخابات مايو كان مؤثراً بشكل كبير على معدل أصوات «العدالة والتنمية»، فقد ارتفعت نسبة أصوات الحزب من 2.8 في المائة في انتخابات مايو الماضي إلى 6.2 في الانتخابات المحلية.

وأظهر الحزب، تحت قيادة فاتح أربكان، موقفاً صارماً في رفض التحالف مع «العدالة والتنمية»، متحدثاً عن خديعة تعرض لها في انتخابات مايو، ونجح في الضغط على الحزب الحاكم وانتزاع كتلة من أصوات قاعدة المحافظين، بمطالبته بوقف التجارة مع إسرائيل والمطالبة بزيادة رواتب المتقاعدين إلى 20 ألف ليرة، ليقدم نفسه كـ«حصان أسود» في الانتخابات المحلية واعداً بمزيد من الصعود في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2028.

إردوغان يلقي كلمة لأنصاره بأنقرة بعد ظهور النتائج مساء الأحد (أ.ب)

ولا شك في أن نتائج الانتخابات المحلية ستعطى دفعة معنوية قوية للمعارضة، التي يعتقد مراقبون أنها قد تطالب بالتوجه إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة، التي كان يفكر فيها إردوغان حال فوز حزبه بالانتخابات المحلية.

لكن إردوغان أعطى رسالة على عدم التوجه إلى انتخابات مبكرة، في كلمة ألقاها أمام تجمع لأنصار حزبه في أنقرة في ساعة متأخرة من ليل الأحد - الاثنين، أشار فيها إلى أن نتائج الانتخابات ستكون نقطة تحول لحزبه الذي لم يحصل على النتائج المأمولة، وأنها لن تكون النهاية، وهناك أكثر من 4 سنوات حتى موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة «سنعمل خلالها على استكمال النواقص وحل المشكلات وتلافي الأخطاء التي ارتكبت»، مشيراً إلى أن انتهاء ماراثون الانتخابات الذي أرهق الاقتصاد على مدى عام، هو مكسب بحد ذاته.


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)

استطلاع رأي يعزز وضع نتنياهو في إنقاذ حكمه

أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)
أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)
TT

استطلاع رأي يعزز وضع نتنياهو في إنقاذ حكمه

أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)
أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)

على الرغم من أن الجمهور الإسرائيلي غيّر موقفه وأصبح أكثر تأييداً لاتفاق تهدئة مع لبنان، فإن وضع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لم يتحسن في استطلاعات الرأي مع قيامه بلعب دور الضحية أمام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وارتفع بمقعدين اثنين خلال الأسبوع الأخير في استطلاعات الرأي، لكنه ظل بعيداً جداً عن القدرة على تشكيل حكومة.

فقد أشارت نتائج الاستطلاع إلى أن أغلبية 57 في المائة من الجمهور أصبحت تؤيد الجهود للتوصل إلى تسوية مع لبنان (بزيادة 12 في المائة عن الأسبوع الأسبق)، في حين أن نسبة 32 في المائة تؤيد موقف اليمين المعارض لهذه التسوية. وعندما سئل الجمهور كيف سيصوت فيما لو جرت الانتخابات اليوم، بدا أن هؤلاء المؤيدين ساهموا في رفع نتيجة نتنياهو من 23 إلى 25 مقعداً (يوجد له اليوم 32 مقعداً)، وفي رفع نتيجة أحزاب ائتلافه الحاكم من 48 إلى 50 مقعداً (يوجد له اليوم 68 مقعداً). وفي حالة كهذه، لن يستطيع تشكيل حكومة.

وجاء في الاستطلاع الأسبوعي الذي يجريه «معهد لزار» للبحوث برئاسة الدكتور مناحم لزار، وبمشاركة «Panel4All»، وتنشره صحيفة «معاريف» في كل يوم جمعة، أنه في حال قيام حزب جديد بقيادة رئيس الوزراء الأسبق، نفتالي بنيت، بخوض الانتخابات، فإن نتنياهو يبتعد أكثر عن القدرة على تشكيل حكومة؛ إذ إن حزب بنيت سيحصل على 24 مقعداً، في حين يهبط نتنياهو إلى 21 مقعداً. ويهبط ائتلافه الحاكم إلى 44 مقعداً. ويحظى بنيت بـ24 مقعداً، وتحصل أحزاب المعارضة اليهودية على 66 مقعداً، إضافة إلى 10 مقاعد للأحزاب العربية. وبهذه النتائج، فإن حكومة نتنياهو تسقط بشكل مؤكد.

وفي تفاصيل الاستطلاع، سئل المواطنون: «لو أُجريت الانتخابات للكنيست اليوم وبقيت الخريطة الحزبية كما هي، لمن كنتَ ستصوت؟»، وكانت الأجوبة على النحو التالي: «الليكود» برئاسة نتنياهو 25 مقعداً (أي إنه يخسر أكثر من خُمس قوته الحالية)، وحزب «المعسكر الرسمي» بقيادة بيني غانتس 19 مقعداً (يوجد له اليوم 8 مقاعد، لكن الاستطلاعات منحته 41 مقعداً قبل سنة)، وحزب «يوجد مستقبل» بقيادة يائير لبيد 15 مقعداً (يوجد له اليوم 24 مقعداً)، وحزب اليهود الروس «يسرائيل بيتنا» بقيادة أفيغدور ليبرمان 14 مقعداً (يوجد له اليوم 6 مقاعد)، وحزب اليسار الصهيوني «الديمقراطيون» برئاسة الجنرال يائير جولان 12 مقعداً (يوجد له اليوم 4 مقاعد)، وحزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين بقيادة أرييه درعي 9 مقاعد (يوجد له اليوم 10 مقاعد)، وحزب «عظمة يهودية» بقيادة إيتمار بن غفير 8 مقاعد (يوجد له اليوم 6 مقاعد)، وحزب «يهدوت هتوراة» للمتدينين الأشكناز 8 مقاعد (يوجد له اليوم 7 مقاعد)، وتكتل الحزبين العربيين، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحركة العربية للتغيير بقيادة النائبين أيمن عودة وأحمد الطيبي 5 مقاعد، والقائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية بقيادة النائب منصور عباس 5 مقاعد؛ أي إنهما يحافظان على قوتهما، في حين يسقط حزب «الصهيونية الدينية» بقيادة جدعون ساعر، وحزب التجمع الوطني الديمقراطي بقيادة سامي أبو شحادة، ولا يجتاز أي منهما نسبة الحسم التي تعادل 3.25 بالمائة من عدد الأصوات الصحيحة.

وفي هذه الحالة تحصل كتلة ائتلاف نتنياهو على 50 مقعداً، وتحصل كتل المعارضة على 70 مقعداً، منها 10 مقاعد للأحزاب العربية.

وأما في حالة تنافس حزب برئاسة نفتالي بنيت، فإن النتائج ستكون على النحو التالي: بنيت 24 مقعداً، و«الليكود» 21 مقعداً، و«المعسكر الرسمي» 14 مقعداً، و«يوجد مستقبل» 12 مقعداً، و«الديمقراطيون» 9 مقاعد، و«شاس» 8 مقاعد، و«يهدوت هتوراة» 8 مقاعد، و«إسرائيل بيتنا» 7 مقاعد، و«عظمة يهودية» 7 مقاعد، و«الجبهة/العربية» 5 مقاعد، و«الموحدة» 5 مقاعد. وفي هذه الحالة يكون مجموع كتل الائتلاف 44 مقعداً مقابل 76 مقعداً للمعارضة، بينها 10 مقاعد للأحزاب العربية.

وتعتبر هذه النتائج مزعجة لنتنياهو؛ ولذلك فإنه يسعى بكل قوته ليبقي على ائتلافه الحكومي، حتى نهاية الدورة الانتخابية في أكتوبر (تشرين الأول) 2026. وهو يدرك أن بقاءه في الحكم خلال السنتين القادمتين، مرهون باستمرار الحرب؛ لأنه مع وقف الحرب ستتجدد ضده حملة الاحتجاج الجماهيرية بهدف إسقاط حكومته وتبكير موعد الانتخابات. وقد ثبت له أن الحرب هي التي تمنع الإسرائيليين من الخروج للمظاهرات ضده بمئات الألوف، كما فعلوا قبل الحرب، مع أن العديد من الخبراء ينصحونه بفكرة أخرى، ويقولون إن وقف الحرب باتفاقات جيدة يقوّي مكانته أكثر، ويمكن أن يرفع أسهمه أكثر. وفي هذا الأسبوع، يقدمون له دليلاً على ذلك بالتفاؤل باتفاق مع لبنان.