أكراد تركيا «رقم صعب» في سباق الانتخابات المحلية

مرشح المعارضة لا يزال يحتفظ بدعم نحو نصفهم بإسطنبول

أكراد في إحدى المناسبات بإسطنبول (إكس)
أكراد في إحدى المناسبات بإسطنبول (إكس)
TT

أكراد تركيا «رقم صعب» في سباق الانتخابات المحلية

أكراد في إحدى المناسبات بإسطنبول (إكس)
أكراد في إحدى المناسبات بإسطنبول (إكس)

من جديد يبزر الأكراد بوصفهم رقماً صعباً في الانتخابات المحلية، التي تشهدها تركيا يوم الأحد المقبل، كما كانوا دائماً في كل انتخابات.

وقبل أيام من الانتخابات، التي أفرزت صورة متباينة عن سابقتها في 2019، وكذلك عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو (أيار) الماضي، بدت الصورة معقدة، لا سيما في إسطنبول التي تشهد صراعاً حاداً بين الرئيس رجب طيب إردوغان، وحزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة.

ويسعى إردوغان لاستعادة بلديته المفضلة من يد أكرم إمام أوغلو، الذي حظي بدعم واسع من الناخبين الأكراد في 2019، ويبدو أنه لا يزال يحافظ على جزء لا يُستهان به قبل انتخابات الأحد.

إمام أوغلو لا يزال يحظى بدعم كتلة كبيرة من أصوات الأكراد في إسطنبول (من حسابه على إكس)

يُشكل الأكراد «كتلة صلبة» تلعب دوراً حاسماً في تحديد مسار السياسة التركية، ويشكلون بين 15 و20 في المائة من مجموع السكان البالغ 85 مليون نسمة. وتسعى الأحزاب الكبيرة لبناء تحالفات معهم قبل كل انتخابات، مع ما يقتضيه الأمر غالياً من تقديم تنازلات للفوز بأصواتهم.

ومع تآكل التحالفات، التي قادت في 2019 إلى فوز حزب «الشعب الجمهوري» ببلديتي أنقرة وإسطنبول بعد عقود طويلة من سيطرة الأحزاب ذات الجذور الإسلامية، وآخرها «العدالة والتنمية»، أصبحت الأحزاب الرئيسية تتنافس على أصوات الأكراد.

وعلى الرغم من دفع «حزب المساواة والديمقراطية الشعبية»، الممثل للأكراد، بمرشحين في مختلف البلديات، ومنها أنقرة وإسطنبول، فإن الواقع يشير إلى أن كتلة الأصوات الكردية ليست مضمونة بالكامل لهذا الحزب، بسبب الميول المتنوعة للناخب الكردي، بما يعني توزع هذه الأصوات بينه وبين «الشعب الجمهوري»، و«العدالة والتنمية».

الناخبون الأكراد في إسطنبول منقسمون بين حزب يمثلهم ودعم أكرم إمام أوغلو (إكس)

وأخفقت محادثات غير رسمية طويلة في الأشهر السابقة على الانتخابات بين «الشعب الجمهوري»، و«المساواة الشعبية والديمقراطية» وريث حزب «الشعوب الديمقراطية» الذي يواجه دعوى قضائية لحله، في التوصل إلى تنسيق، واختار الحزب الكردي السير في الطريق وحده، والدفع بمرشحين في المدن الكبرى إلى جانب معاقله الرئيسية في شرق وجنوب شرقي البلاد، وهو ما قد يؤدي لفقدان «الشعب الجمهوري» جزءاً مهماً من أصوات الناخبين الأكراد، في إسطنبول وأنقرة وإزمير، رغم الجهود التي بذلها لسنوات طويلة لكسبها.

ويُدرك إردوغان هذا الواقع، لكنه حرص خلال حملة الانتخابات المحلية على توجيه انتقادات حادة واتهامات لـ«الشعب الجمهوري» و«الحزب الكردي» بالتنسيق الخفي، واتهامهما بتبني أجندة حزب «العمال الكردستاني»، المصنف منظمة إرهابية.

وأصدر حزب «المساواة الشعبية والديمقراطية» بياناً، الثلاثاء، فنّد فيه الادعاءات بوجود تنسيق سري في إسطنبول مع حزب «الشعب الجمهوري»، لدعم مرشحه أكرم إمام أوغلو.

وقال الحزب إن «(حزب العدالة والتنمية) الحاكم جعل من العداء لحزبنا وللأكراد في تركيا سياسته الأساسية».

وجاء البيان بعدما ادعى شخص يدعى أحمد صايمادي، في كلمة في مقر إحدى الجمعيات ظهرت في مقطع مصور على وسائل التواصل الاجتماعي، أنه عضو المجلس المركزي لـ«المساواة الشعبية والديمقراطية»، وأن الحزب سيخوض الانتخابات المحلية على قوائم حزب «الشعب الجمهوري» في 22 مقاطعة في إسطنبول، وبالتالي سيكون له أعضاء في مجلس البلدية.

ونفى الحزب أي علاقة لهذا الشخص به، قائلاً إن ما قام به هو أحد أساليب الحرب القذرة وحملات التشهير والدعاية السوداء والهجمات عليه، كما هي الحال في كل فترة انتخابية؛ لأنه أصبح كابوس الحكومة، وأحبط المؤامرات ضد المجتمع.

واستبعدت ميرال دانيش بشتاش، مرشحة «المساواة الشعبية والديمقراطية» لرئاسة بلدية إسطنبول، فكرة التصويت التكتيكي على أساس التحالفات غير المعلنة، وقالت، في مقابلة تلفزيونية: «دعوتنا هي أن يصوت الناس لنا... أعتقد أن كل حزب لديه واجب أساسي في إدارة سياساته الخاصة».

ميرال دانيش بيشتاش مرشحة حزب «المساواة الشعبية والديمقراطية» الكردي لرئاسة بلدية إسطنبول (من حساب الحزب على إكس)

ويحظى موقف بشتاش بدعم ناخبي حزبها الذين يريدون إظهار القوة بعد حملة استبدلت فيها الحكومة رؤساء بلديات منتخبين في شرق وجنوب شرقي البلاد بواسطة أوصياء معينين بعد انتخابات 2019.

وأظهرت استطلاعات للرأي، أجريت قبل انتخابات الأحد المقبل أن نسبة كبيرة من الأكراد سيدعمون إمام أوغلو للفوز مجدداً برئاسة بلدية إسطنبول، ما يقوض آمال إردوغان في استعادة المدينة التي كان يديرها من قبل في عام 1994، والتي اختار لها في هذه الانتخابات وزير البيئة والتحضر العمراني والتغير المناخي السابق مراد كوروم.

ووفق مركز استطلاعات الرأي (سامر) سيصوت 40 في المائة من مؤيدي حزب «المساواة الشعبية والديمقراطية» لصالح إمام أوغلو.

وتحدث مدير مركز «راويست» للأبحاث، روج غيراسون، عن ميل نحو 50 في المائة من الأكراد في إسطنبول لدعم إمام أوغلو.

وكان المركز نشر نتائج استطلاع للرأي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حول «الناخب الكردي في إسطنبول»، وذلك قبل أن يعلن حزب «المساواة الشعبية والديمقراطية» تقديم مرشح في إسطنبول، أظهر أن 33.4 في المائة من الناخبين الأكراد سيصوتون لإمام أوغلو.


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
TT

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

تقدم أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية هذا الأسبوع بحق زعماء إسرائيل و«حماس»، بسبب الجرائم التي تتهمهم بارتكابها في غزة، رؤى مهمة حول مدى اختصاص المحكمة وحدود سلطتها.

وقدم تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت؛ ورئيس الجناح العسكري لـ«حماس» محمد الضيف، الذي قد يكون ما زال على قيد الحياة.

لماذا تدعي المحكمة الاختصاص في هذه القضية؟

لقد انضمت أكثر من 120 دولة إلى معاهدة دولية، وهي نظام روما الأساسي، وهي أعضاء في المحكمة. تأسست المحكمة، التي يقع مقرها في لاهاي في هولندا، منذ أكثر من عقدين من الزمان لمقاضاة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية وجريمة العدوان.

واتهمت المحكمة نتنياهو وغالانت باستخدام التجويع كسلاح حرب، من بين تهم أخرى، في الصراع مع «حماس» في غزة.

واتهمت المحكمة محمد الضيف، أحد المخططين الرئيسيين لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والتعذيب والعنف الجنسي واحتجاز الرهائن.

لا تعترف الدول القوية، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة والصين، بسلطة المحكمة. ولم تصادق على نظام روما الأساسي، ولا تحترم المذكرات الدولية الصادرة عن المحكمة ولن تسلم مواطنيها للمحاكمة.

لا إسرائيل ولا فلسطين عضوان في المحكمة. ولكن في حين لا تعترف العديد من الدول بدولة فلسطين، فقد فعلت المحكمة ذلك منذ عام 2015، عندما وقع قادة السلطة الفلسطينية، التي تسيطر على جزء كبير من الضفة الغربية.

وعلى الرغم من سيطرة «حماس» على غزة منذ عام 2007 ولا تعترف الجماعة المسلحة بخضوعها لدولة فلسطينية، فقد قضت المحكمة بأن لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.

وقال ديفيد شيفر، السفير الأميركي السابق والمفاوض الرئيسي في النظام الأساسي الذي أنشأ المحكمة: «أود أن أزعم أن هذا يجعل تصرفات (حماس) أكثر عرضة للمحكمة الجنائية الدولية. إن السلطة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية لا تقتصر على (حماس) فقط، بل إن (حماس) أثبتت دورها كسلطة حاكمة لذلك الجزء من دولة فلسطين، وبالتالي فإن هذه السلطة تحمل المسؤولية، بما في ذلك ارتكاب جرائم فظيعة».

ومن الأهمية بمكان بالنسبة لسلطة المحكمة أن اختصاصها يمكن أن يمتد إلى ما هو أبعد من الدول الأعضاء. ويمنح نظام روما الأساسي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، سلطة إحالة جرائم الفظائع المرتكبة في أي دولة -عضو في المحكمة الدولية أم لا- إلى الهيئة القانونية للتحقيق.

وقد أحال مجلس الأمن السودان إلى المحكمة في عام 2005 بشأن الوضع الإنساني في دارفور، وأحال ليبيا في عام 2011 رغم أن كلتا الدولتين ليست عضواً في المحكمة.

وقال الخبراء إنه نظراً للتوترات الحالية بين الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة)، فمن غير المرجح أن يحيل المجلس بالإجماع فرداً إلى المحكمة للمحاكمة في أي وقت قريب.

وأشار شفير إلى أنه «نظراً للطبيعة غير الوظيفية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في السنوات الأخيرة، فمن غير المرجح أن تنجو أي إحالة مقترحة لأي حالة معينة في العالم من الفيتو».

هل سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء؟

بالفعل، سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء، فروسيا ليست عضواً في المحكمة، ولكن في عام 2023 أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشأن غزو موسكو الكامل لأوكرانيا، التي لم تصبح عضواً بعد ولكنها منحت المحكمة الاختصاص ودعتها للتحقيق.

كما أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق عمر حسن البشير، الرئيس السابق للسودان، والعقيد معمر القذافي، الزعيم السابق لليبيا. ولا تتمتع أي من الدولتين بعضوية المحكمة.

في عام 2017، بدأ المدعي العام للمحكمة التحقيق في مزاعم جرائم الحرب في أفغانستان، بما في ذلك أي جرائم ربما ارتكبها الأميركيون. ورداً على ذلك، فرضت واشنطن عقوبات على فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة في ذلك الوقت، وألغت تأشيرة دخولها. وأسقطت المحكمة تحقيقاتها في وقت لاحق.

هل يمكن للمحكمة إنفاذ أوامر الاعتقال؟

في حين أن نطاق المحكمة قد يكون عالمياً تقريباً من الناحية النظرية، فإن قوتها في نهاية المطاف في أيدي أعضائها.

لا يمكن للمحكمة محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم غيابياً وليس لديها آلية لمحاكمة المتهمين. إنها تعتمد على الدول الأعضاء للعمل كجهات منفذة واحتجاز المشتبه بهم قبل أن يتمكنوا من المثول للمحاكمة في لاهاي. ومع ذلك، لا تلتزم جميع الدول الأعضاء بالاتفاق.

قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الجمعة، إنه دعا نتنياهو لزيارة بلاده، وهي عضو في المحكمة، وأنه سيتجاهل التزامه الرسمي بالتصرف بناءً على مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة.

في سبتمبر (أيلول)، زار بوتين منغوليا، وهي عضو آخر، من دون أن يتم القبض عليه.

وزار البشير جنوب أفريقيا، وهي أيضاً عضو، لحضور قمة الاتحاد الأفريقي لعام 2015.