تركيا: الأزمة الاقتصادية وحرب غزة بين أولويات الناخبين الأتراك

تراجع أهمية ملف اللاجئين السوريين في الأمتار الأخيرة للانتخابات المحلية

إردوغان مخاطباً حشداً كبيراً من أنصاره في إسطنبول الأحد (الرئاسة التركية)
إردوغان مخاطباً حشداً كبيراً من أنصاره في إسطنبول الأحد (الرئاسة التركية)
TT

تركيا: الأزمة الاقتصادية وحرب غزة بين أولويات الناخبين الأتراك

إردوغان مخاطباً حشداً كبيراً من أنصاره في إسطنبول الأحد (الرئاسة التركية)
إردوغان مخاطباً حشداً كبيراً من أنصاره في إسطنبول الأحد (الرئاسة التركية)

اشتعلت معركة الانتخابات المحلية في تركيا، قبل أسبوع واحد على إجرائها يوم الأحد المقبل.

ومع بدء العد التنازلي للانتخابات التي ستختم بها تركيا فصلاً من الاستحقاقات، صعّد الرئيس رجب طيب إردوغان حملته على المعارضة مُستهدفاً حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، الذي يدير معه معركة حامية؛ سعياً لاستعادة المدن الثلاث الكبرى؛ أنقرة وإسطنبول وإزمير.

وعقد إردوغان، الأحد، مؤتمراً جماهيرياً حاشداً في حديقة عامة أقيمت على أنقاض مطار «أتاتورك» الذي توقف عن الخدمة بعد تشغيل مطار إسطنبول، سبقه مؤتمر مماثل في أنقرة السبت، بعث فيه برسائل إلى الناخبين حول ضرورة إعادة المدينتين إلى «الأصحاب الأصليين»، في إشارة إلى «حزب العدالة والتنمية» الحاكم.

قضايا رئيسية

تمحورت الحملات الانتخابية في أمتارها الأخيرة حول عدد من القضايا التي تشغل الشارع التركي، تصدّرها الوضع الاقتصادي ورواتب المتقاعدين، وصولاً إلى الحرب في غزة، واستمرار الحكومة في التجارة مع إسرائيل، رغم رفع إردوغان شعارات الدعم لغزة في جميع مؤتمراته في أنحاء تركيا، مع غياب شبه كامل لملف اللاجئين السوريين الذي شكّل محور الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو (أيار) الماضي.

وتخوض الأحزاب الانتخابات المحلية بعيداً عن التحالفات التي كانت سمة الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة، والتي أثبتت فشلها مع المعارضة تحديداً، لتنقلب التحالفات إلى صراعات.

إردوغان مخاطباً أنصاره في إسطنبول الأحد (أ.ف.ب)

ولم يبق من التحالفات السابقة إلا «تحالف الشعب» بين حزبي «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية». وفشلت جهود إردوغان لتوسيعه على غرار ما حدث في انتخابات مايو، خاصة الجهود التي بذلها مع حزب «الرفاه من جديد» بقيادة فاتح أربكان، حيث انقلب التحالف إلى صراع علني.

وفي الأيام الأخيرة، دخل إردوغان وأربكان، وهو نجل مؤسس تيار الإسلام السياسي في تركيا رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان، في تراشق حاد. واتّهم إردوغان «حزب الرفاه من جديد» بالسعي إلى عرقلة فوز مرشحي حزب «العدالة والتنمية» في بعض المدن والبلديات الكبرى، بينما ردّ أربكان بأن حزب إردوغان يسقط نفسه بنفسه بسبب استمرار التجارة مع إسرائيل في ظل حرب الإبادة التي تشنها في غزة، ورفع أسعار الفائدة إلى 50 في المائة، وإهمال مطالب المتقاعدين برفع رواتبهم في ظل الغلاء والتضخم المرتفع.

وعلى مدى الأسبوعين الأخيرين، اعتقلت الشرطة أنصاراً لحزب «الرفاه من جديد» وأحزاب أخرى، بسبب رفع لافتات «أوقفوا التجارة مع إسرائيل» خلال المؤتمرات الانتخابية لإردوغان للترويج لمرشحي حزبه في الانتخابات المحلية.

الصوت الكردي

ومع تآكل التحالفات، التي قادت في 2019 إلى فوز حزب «الشعب الجمهوري» ببلديتي أنقرة وإسطنبول بعد عقود طويلة من سيطرة الأحزاب ذات الجذور الإسلامية، وآخرها «العدالة والتنمية»، أصبحت الأحزاب الرئيسية تتنافس على أصوات الأكراد. ويُشكل الأكراد كتلة تصويتية بإمكانها ترجيح كفة حزب عن آخر ، ولا سيما «الشعب الجمهوري»، الذي استفاد منها في 2019.

رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يواصل حملته للفوز برئاسة البلدية للمرة الثانية (من حسابه على إكس)

وعلى الرغم من دفع «حزب المساواة والديمقراطية الشعبية»، الممثل للأكراد، بمرشحين في مختلف البلديات، ومنها أنقرة وإسطنبول، فإن الواقع يشير إلى أن كتلة الأصوات الكردية ليست مضمونة بالكامل لهذا الحزب، بسبب الميول المتنوعة للناخب الكردي، بما يعني توزع هذه الأصوات بينه وبين «الشعب الجمهوري»، و«العدالة والتنمية».

ولهذا السبب، أبدى مرشحو «العدالة والتنمية» اتجاهاً للتقارب مع الأكراد، وتعديل خطابهم تجاهم، في الوقت الذي واصل فيه إردوغان الهجوم على حزب «الشعب الجمهوري»، واتهامه بالتنسيق سراً مع حزب «المساواة والديمقراطية الشعبية»، ومواصلة السير مع «الإرهابيين»، في إشارة إلى دعم حزب «العمال الكردستاني» المصنف بأنه منظمة إرهابية.

الوضع الاقتصادي وغياب السوريين

واستغلت أحزاب أخرى، مثل «الديمقراطية والتقدم» برئاسة علي باباجان، و«السعادة» برئاسة تمل كارامولا أوغلو، قرار البنك المركزي التركي رفع الفائدة إلى 50 في المائة في الهجوم على حكومة إردوغان، واتّهامها بالعجز والفشل في التعامل مع الأزمة الاقتصادية، وارتفاع الأسعار والتضخم الذي يواصل جموحه، رغم رفع الفائدة 9 مرات عقب انتخابات مايو الماضي وحتى الآن.

أنصار إردوغان خلال فعالية انتخابية في إسطنبول الأحد (رويترز)

ولوحظ، بشكل كبير، اختفاء ملف اللاجئين السوريين في المرحلة الأخيرة للانتخابات المحلية، باستثناء التطرق إليه من جانب بعض الأحزاب القومية، وخصوصاً حزبي «الجيد» برئاسة ميرال أكشنار، و«النصر» برئاسة أوميت أوزداغ بين وقت وآخر، ما أرجعه مراقبون إلى عدم تحقيق المعارضة أي مكاسب بتركيزها على هذا الملف في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو.


مقالات ذات صلة

​أوزيل يضغط على إردوغان بورقة الانتخابات المبكرة

أوروبا أوزيل خلال خطاب في «بيت المتقاعدين» بإسطنبول الأحد (من حسابه على إكس)

​أوزيل يضغط على إردوغان بورقة الانتخابات المبكرة

جدّد زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل دعوته للرئيس رجب طيب إردوغان للتوجه إلى الانتخابات المبكرة بسبب الصعوبات الاقتصادية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استقبل رئيس وزراء النيجر على الأمين زين في أنقرة فبراير (شباط) الماضي (الرئاسة التركية)

تركيا تسارع لملء الفراغ الغربي في النيجر بشراكة متعددة الأبعاد

كشفت زيارة الوفد التركي رفيع المستوى، برئاسة وزير الخارجية هاكان فيدان، إلى النيجر عن استمرار التركيز من جانب أنقرة على ترسيخ حضورها في أفريقيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان أكد أن الوضع في المنطقة يحتاج إلى معادلات جديدة للسياسة الخارجية (الرئاسة التركية)

تركيا تتمسك بإعادة العلاقات مع سوريا... وأميركا ترفض

أعطت تركيا رسائل جديدة على الاستمرار في جهود إعادة العلاقات مع سوريا إلى طبيعتها رغم تمسك الأخيرة بانسحابها العسكري، وذلك وسط رفض أميركي للخطوة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي لقاء رجب طيب إردوغان وبشار الأسد في دمشق خلال مايو 2008 (أ.ب)

هل يكسر موقف الأسد إلحاح إردوغان على لقائه ويحطم دوافعه للتطبيع؟

روسيا تريد دفع تركيا إلى انفتاح سريع على الأسد من دون حديث عن ضمانات، عبر إيجاد صيغ أخرى للقضاء على مخاوف تركيا من قيام «دولة كردية» على حدودها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي الأسد في مركز اقتراع بدمشق الاثنين (أ.ف.ب)

الأسد: المشكلة ليست في لقاء إردوغان... بل في «مضمون» الاجتماع

قال الرئيس السوري بشار الأسد، الاثنين، إنه مستعد للقاء نظيره التركي رجب طيب إردوغان إذا كان ذلك يحقق مصلحة بلاده، لكنه اعتبر أن المشكلة في مضمون اللقاء.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)

أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الجمعة، أن بلاده قررت تعيين سفير لدى سوريا «لتسليط الضوء» عليها، ما يجعل إيطاليا أول دولة من مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى التي تستأنف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق منذ أن عصفت حرب أهلية بالبلاد.

استدعت إيطاليا جميع الموظفين من سفارتها بدمشق عام 2012، وعلقت النشاط الدبلوماسي في سوريا احتجاجاً على «العنف غير المقبول» من حكومة الرئيس بشار الأسد ضد المواطنين.

واستعاد الأسد السيطرة على معظم سوريا بعد أن ساعدته إيران وروسيا على هزيمة جماعات من المعارضة المسلحة، تحركت ضده قبل 13 عاماً، مما أدى إلى حرب راح ضحيتها مئات الآلاف ودفعت ملايين من اللاجئين صوب أوروبا.

وتم الإعلان عن تعيين المبعوث الخاص حالياً لوزارة الخارجية إلى سوريا، ستيفانو رافاجنان، سفيراً. وقال تاياني لوكالة «رويترز» إنه من المقرر أن يتولى منصبه قريباً.

أرسلت إيطاليا و7 دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، رسالة إلى مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد، جوزيب بوريل، تطلب أن يلعب التكتل دوراً أكثر فاعلية في سوريا.

وجاء في الرسالة التي اطلعت عليها «رويترز»: «لا يزال السوريون يغادرون بأعداد كبيرة، مما يزيد من الضغوط على الدول المجاورة، في فترة يتصاعد فيها التوتر في المنطقة، ما ينذر بخطر موجات جديدة من اللاجئين».

وإلى جانب إيطاليا، وقّعت النمسا وقبرص وجمهورية التشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا على الرسالة. وعبّرت عن أسفها إزاء «الوضع الإنساني» في البلاد الذي «زاد تدهوراً» في ظل بلوغ اقتصادها «حالة يرثى لها».

وقال تاياني، الجمعة: «كلف بوريل دائرة العمل الخارجي الأوروبي بدراسة ما يمكن القيام به»، مضيفاً أن تعيين سفير جديد «يتماشى مع الرسالة التي أرسلناها إلى بوريل... لتسليط الضوء على سوريا».

هناك 6 سفارات لدول في الاتحاد الأوروبي مفتوحة في الوقت الحالي بدمشق، وهي سفارات رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص وجمهورية التشيك والمجر. ولم تُقْدم باقي دول مجموعة السبع بعد، وهي الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا، على خطوة إعادة تعيين سفراء لها لدى سوريا.