رئيس البرلمان الإسرائيلي يطرد نائبين عربيين لأنهما نددا بمجازر غزة

عودة والطيبي: توقفوا عن عقيدة الغطرسة والغرور وأوقفوا جرائم الحرب


الكنيست الإسرائيلي (إ.ب.أ)
الكنيست الإسرائيلي (إ.ب.أ)
TT

رئيس البرلمان الإسرائيلي يطرد نائبين عربيين لأنهما نددا بمجازر غزة


الكنيست الإسرائيلي (إ.ب.أ)
الكنيست الإسرائيلي (إ.ب.أ)

شهدت جلسة عادية للكنيست (البرلمان الاسرائيلي)، اليوم الأربعاء، توتراً شديداً بسبب الهستيريا التي أصابت نواب الائتلاف الحكومي وبعض نواب المعارضة، بعدما وقف النائب أيمن عودة رئيس قائمة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحركة العربية للتغيير، وأدان «جرائم الحرب» في قطاع غزة. فتم إنزاله بالقوة عن المنصة وطرده من الجلسة، وكذلك طرد زميلته في الكتلة، عايدة توما سليمان، التي اعترضت على طرده.

وكان عودة قد ألقى كلمة خلال بحث حول اقتراح عادي لجدول الأعمال، فاستغل المنبر ليدعو نواب المعارضة الإسرائيلية إلى الكف عن موقفهم «المائع والمهادن» والتصرف «بوصفهم معارضة برلمانية حقيقية ومحاربة الحكومة وسياستها العدوانية في قطاع غزة».

وقد غضب بعضهم، وراح نائب عن حزب «يوجد مستقبل» الذي يقوده يائير لبيد، يهاجمه ويتهمه بمساندة الإرهاب. ورد عليه قائلاً: «أنتم مصابون بعمى القلب وعمى الضمير». ورد عليه: «لماذا لا تتكلم عن المذابح التي ارتكبها عناصر حماس الإرهابيون في 7 أكتوبر (تشرين الأول)؟». فأجابه عودة: «نحن تكلمنا وأدنّا بشدة الممارسات ضد المدنيين التي قام بها بعض عناصر حماس. لكن الرد الإسرائيلي جاء أبشع بما لا يقاس. دمار مروع. قتل. مذابح. تجويع المواطنين. أنتم تجوعون الأطفال والنساء والمسنين».

هنا خرج رئيس الجلسة نائب رئيس الكنيست حانوخ ميلبيتسكي، عن طوره. وأمر حراس الكنيست بإنزال عودة عن المنصة. وطرده من الجلسة. وميلبيتسكي هو من حزب الليكود الحاكم وخدم في الجيش ضمن وحدة كوماندوز وتم تسريحه بعد تعرضه لإصابة قاسية.

النائب أيمن عودة (موقعه الرسمي على شبكة الإنترنت)

وعندما اعترضت توما سليمان على ذلك وسألته وفق أي بند في نظام الكنيست يتصرف بهذا العنف وأصرت على سماع جواب، وقالت إن هذا التصرف جاء لكون النائب عودة عربياً. فأمر بطردها هي أيضاً من الجلسة. واعترض النائب وليد الهواشلة من كتلة الحركة الإسلامية على هذا التصرف فهدده ميلبيتسكي هو أيضاً بالطرد.

ووقف النائب أحمد الطيبي، رئيس كتلة الجبهة والعربية للتغيير، يلقي كلمته فاستهل بالاحتجاج على التعامل العنصري مع النائب عودة فأجابه رئيس الجلسة: «أنت تعرف أنني لست عنصرياً. وتصرفي لم يكن بسبب الانتماء العرقي بل لأنني لا أطيق سماع اتهامات بجرائم حرب لجنودنا». فقال الطيبي، الذي شغل لسنين طويلة منصب نائب رئيس الكنيست وترأس مئات الجلسات: «لا يجوز إنزال عضو كنيست عن المنصة لأنه تفوه بكلمات لا تروق لرئيس الجلسة ولا حتى لغالبية النواب. إذا كان لديك انزعاج لهذه الدرجة تستطيع دعوته إلى لجنة النظام. لقد سبق أن تفوهت عضو الكنيست من حزب يوجد مستقبل، ياعيل (ياعيل جرمان)، بكلمات شبيهة وقالت إن هناك ممارسات إسرائيلية في غزة تعد تصرفات غير أخلاقية وجرائم حرب مثل التجويع، ولم يطردها أحد. لكن مع النائب عودة رأينا أن عقيدة الاستعلاء العنصري والغرور تسود وتحكم تصرفات رئيس الجلسة».

عائلات محتجزين إسرائيليين في غزة خلال احتجاج أقاموه في 13 مارس الحالي أمام مقر الكنيست في القدس للمطالبة بالإفراج عنهم (أ.ف.ب)

وقال الطيبي: «نحن النواب العرب في الكنيست نقف ضد الحرب على غزة. ولا تقولوا لنا حماس. نحن رفضنا الممارسات التي مست بالمدنيين الإسرائيليين في غلاف غزة في 7 أكتوبر. كلنا استنكرناها، فرداً فرداً. نحن لا نفرق بين دم ودم. وفي الوقت نفسه، نحن نقف ضد الممارسات العدوانية في غزة. ما يحدث هناك هو جرائم حرب. دمار وقتل وتجويع ومذابح ضد عائلات فلسطينية بأكملها. قسم من أقارب عائلتي شخصياً في غزة تعرضوا لهذه المذابح. نحن نعرف عما نتكلم. أحد نوابنا، عوفر كسيف، عدّها شبهة إبادة شعب فقامت القيامة عليه ووقّع أكثر من 80 نائباً منكم لطرده من الكنيست وإلغاء انتخابه. لكن إسرائيل متهمة بإبادة شعب في محكمة العدل الدولية في لاهاي. وهي متهمة بسبب الممارسات وكذلك بسبب تفوهات وتصريحات وزراء ونواب. أنتم تتحدثون عن الضحية فقط إذا كانت يهودية. الولد الفلسطيني مسموح بقتله، في نظركم. هذا عار أخلاقي. التجويع عار أخلاقي».

هنا هب نواب اليمين يطالبون بإنزال الطيبي أيضاً. وقال له النائب تسفي سوكوت، من حزب «عظمة يهودية» بقيادة إيتمار بن غفير، وهو يزعق: «أنت إرهابي». وقد رد الطيبي: «أنت نفسك إرهابي ويداك ملطختان بالدماء». وتابع كلمته: «أقترح عليكم أن تتخلوا عن الغطرسة التي تعمي بصركم وبصيرتكم. لقد سئل وزير الدفاع الأميركي، كم عدد الأطفال والنساء الذين قتلوا في حرب غزة فقال: 25 – 30 ألفاً. هذه مجزرة ولا يوجد لها اسم آخر».


مقالات ذات صلة

حرب غزة: أكثر من 7 آلاف مجزرة إسرائيلية... و1400 عائلة مُحيت من السجلات

المشرق العربي صبي جريح يجلس في مستشفى شهداء الأقصى عقب تعرضه للإصابة في غارة جوية إسرائيلية في مخيم البريج وسط غزة (إ.ب.أ)

حرب غزة: أكثر من 7 آلاف مجزرة إسرائيلية... و1400 عائلة مُحيت من السجلات

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن «قوات الاحتلال ارتكبت 7160 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

الغزيون يكابدون الأمطار والبرد

تسبب الانخفاض الجوي الذي تشهده غزة، هذه الأيام، في زيادة معاناة سكان القطاع الذين يعانون أصلاً ويلات الحرب منذ 14 شهراً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)

الحكومة الإسرائيلية تغري النازحين للعودة إلى بيوتهم في الجليل

متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)
متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الإسرائيلية تغري النازحين للعودة إلى بيوتهم في الجليل

متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)
متظاهرون يحتجون أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية على الاتفاق المقترح مع لبنان (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن تخصيص مبالغ مالية مرتفعة ستعطى منحاً لمن يوافق على العودة من النازحين من البلدات الواقعة على الحدود الشمالية مع لبنان. ولكن ممثلي هؤلاء السكان من رؤساء بلديات وقادة ميدانيين يرفضون العودة، ويقولون إنهم لا يثقون بوعود الحكومة، ويعتقدون أن الاتفاق سيئ، ولا يوجد فيه ضمان حقيقي لوقف العمليات الحربية.

وقالت وزارة المالية الإسرائيلية إنها ستدفع مبلغ يتراوح ما بين 100 ألف و200 ألف شيقل (27 إلى 54 ألف دولار)، تشجيعاً له على العودة، وهذا إضافة إلى التعويضات التي ستعطى لكل متضرر.

وقالت الوزارة إنه منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تم تدمير 8834 بيتاً في البلدات الإسرائيلية من جراء هجوم «حماس» و«حزب الله»، وتدمير 7029 سيرة و343 منشأة زراعية و1070 منشأة أخرى أي ما مجموعه 17276 منشأة أو عقاراً. وتقع هذه الإصابات بالأساس في البلدات الشمالية، حتى طبريا شرقاً وحيفا غرباً.

وقد خصص مبلغ 140 مليون شيقل لغرض المنح، التي تخصص لإغراء المواطنين بالعودة.

ولكن رؤساء البلدات في الشمال، لا يتحمسون لإعادة السكان.

ويقولون إنهم يرون أن الاتفاق سيقلب ساعة الرمل تمهيداً لحرب لبنان الرابعة. وبحسب رئيس بلدية كريات شمونة، أفيحاي شتيرن، فإن بوليصة تأمين إسرائيل تعتمد على حرية العمل تجاه «التهديد الفوري» الذي هو تعريف قابل لكثير جداً من التفسيرات؛ فمنذ نهاية حرب لبنان الثانية، في صيف 2006، بنى «حزب الله» معظم بناه التحتية بشكل يزعم أنه لا يخلق «تهديداً فورياً».

كما أن نقل وسائل القتال من إيران، تدريب وحدات الرضوان وحفر الخنادق لم تعد «تهديداً فورياً». وعندها ننهض في الصباح، ونكتشف أنه على مسافة 300 متر من المطلة تمترست قوة عسكرية خبيرة، مدرَّبة ومسلحة حتى الرقبة، وأمر واحد فقط يفصل بينها وبين ذبح الإسرائيليين.

وتساؤل: ماذا سيحدث إذا كان أحد سكان لبنان يريد أن يعود ويعيد بناء بيته؟ ولنفترض أنه جاء بملابس مدنية، فمن يضمن لنا ألا يكون شيعياً ينتمي لـ«حزب الله»، بل ربما يكون مقاتلاً أيضاً؟ جنوب لبنان هو مملكة الشيعة. لا توجد عائلة شيعية لا تنتمي لـ«حزب الله» بشكل من الأشكال: هذه هي الحقيقة المريرة التي تعلمناها من انتشار السلاح في كل بيت ثانٍ. ومن المهم الإيضاح: «حزب الله» ليس «حماس»: هذا الواقع لم يفرض بقوة الذراع على السكان. فما العمل مع ذاك المواطن؟ هل مسموح بتعريفه «تهديداً فورياً»؟

وقال رئيس مجلس محلي قرية المطلة، دافيد أزولاي: «في هذه اللحظة يخيل أن رئيس الوزراء، ذاك الذي عدَّ اتفاق الغاز الذي أبرمته الحكومة السابقة، استسلاماً، وحرص على القول إنه الوحيد الذي يصمد أمام الضغوط الدولية. إنه اليوم مصمم على إغلاق وقف النار بشروط دونية، بل إنه يفعل هذا من فوق رأس زعماء الجمهور، بينما يتذكر مؤيدوه في الإعلام فجأة أن يذكروا أن الجيش «بحاجة إلى الإنعاش» وغيرها من الحجج. في هذه الأثناء في قيادة الجبهة الداخلية يشددون التعليمات، والجمهور في الشمال يستعد منذ الآن لأيام صعبة يحاول فيها «حزب الله» أن يرى أنه لم يستسلم. من ينتصر بشكل واضح لا يصل إلى مثل هذه الوضعية، بل يملي قواعد وقف النار، وإذا لم يقبل بها الطرف الآخر، فإنه يواصل ضربه. وإلا فإن هذا ليس نصراً، وبالتأكيد ليس نصراً مطلقاً».