قضايا شائكة في اجتماع الآلية الاستراتيجية التركية - الأميركية

انتقاد أوروبي لوضع حرية التعبير والمرأة

نائبا وزيري خارجية تركيا وأميركا بوراك أكجابار وفيكتوريا نولاند خلال المشاورات التمهيدية في أنقرة في يناير الماضي (وزارة الخارجية التركية)
نائبا وزيري خارجية تركيا وأميركا بوراك أكجابار وفيكتوريا نولاند خلال المشاورات التمهيدية في أنقرة في يناير الماضي (وزارة الخارجية التركية)
TT

قضايا شائكة في اجتماع الآلية الاستراتيجية التركية - الأميركية

نائبا وزيري خارجية تركيا وأميركا بوراك أكجابار وفيكتوريا نولاند خلال المشاورات التمهيدية في أنقرة في يناير الماضي (وزارة الخارجية التركية)
نائبا وزيري خارجية تركيا وأميركا بوراك أكجابار وفيكتوريا نولاند خلال المشاورات التمهيدية في أنقرة في يناير الماضي (وزارة الخارجية التركية)

يُعقد في واشنطن، على مدى يومين، الاجتماع السابع للآلية الاستراتيجية المعنية ببحث العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، والملفات والقضايا الإقليمية والدولية محل اهتمام البلدين.

ويترأس الاجتماع، الذي انطلق الخميس، وزيرا الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والتركي هاكان فيدان، ويتناول مجموعة واسعة من مجالات التعاون الثنائي بمشاركة ممثلي المؤسسات المعنية، كما يعقد الجانبان حواراً موسعاً حول التطورات الدولية والإقليمية. وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن الحرب في غزة وسبل وقف إطلاق النار، إلى جانب تطورات الحرب الروسية - الأوكرانية وتأثيرها على منطقة البحر الأسود، تتصدران الملفات الإقليمية والدولية التي ستُبحث خلال الاجتماع. كما يتناول الاجتماع التطورات الإيجابية في العلاقات التركية - اليونانية، والتي تنعكس إيجاباً على ملف شرق البحر المتوسط ​​والقضية القبرصية، وعملية السلام بين أذربيجان وأرمينيا، وملفات سوريا واليمن وإيران.

ويلتقي فيدان خلال زيارته لواشنطن أعضاء من مجلس الشيوخ الأميركي، ومستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جيك سوليفان، كما يشارك في فعاليات تنظمها مراكز أبحاث أميركية حول العلاقات مع تركيا. وقالت مصادر الخارجية التركية إن فيدان سينقل، خلال لقاءاته مع المسؤولين الأميركيين، موقف أنقرة إزاء مكافحة نشاط حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب الكردية التي تعدَ الذراع السورية له، والتي يشكل دعم الولايات المتحدة لها في إطار الحرب على «داعش» محور خلاف مع أنقرة. كما سيثير ملف فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، والذي ترفض واشنطن تسليمه بسبب غياب أدلة دامغة على تورطه.

ملفات سياسية واقتصادية

وستشمل مباحثات فيدان مع المسؤولين الأميركيين ملف صفقة مقاتلات «إف 16»، والخطوات التي ستُتخذ بعد موافقة الكونغرس على الصفة، وإزالة القيود المفروضة على صناعة الدفاع التركية بسبب اقتناء منظومة «إس 400» الروسية، والتأكيد على مبدأ عدم معاقبة الحلفاء، مع التشديد على أن هذه القضية «مهمة لأمن الحدود الجنوبية لحلق شمال الأطلسي (ناتو)».

ويناقش الاجتماع خطوات تحسين العلاقات الاقتصادية، وسبل رفع حجم التبادل التجاري من 30 مليار دولار في العامين الماضيين إلى 100 مليار دولار، فضلاً عن التعاون التركي - الأميركي في مجال الطاقة، حيث تعدّ تركيا حالياً أكبر مشترٍ للغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة.

وسبقت زيارة فيدان لأميركا، مباحثات يجريها رئيس المخابرات إبراهيم كالين مع المسؤولين الأميركيين، حيث يلتقي رئيس وكالة المخابرات الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز، ومسؤولين آخرين بالإدارة الأميركية والكونغرس؛ لبحث ملفات مكافحة الإرهاب وسوريا والعراق والحرب في غزة والحرب الروسية - الأوكرانية والأوضاع في القوقاز، بحسب ما ذكرت وكالة «الأناضول» الرسمية.

وعقدت في أنقرة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، مشاورات تحضيرية لاجتماع الآلية الاستراتيجية التركية - الأميركية لبحث القضايا الإقليمية والدولية وقضايا العلاقات الثنائية، برئاسة القائمة بأعمال نائب وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند، ونائب وزير الخارجية التركي بوراك أكجابار، بدعوة من الجانب التركي.

وبدأت اجتماعات الآلية الاستراتيجية التركية - الأميركية في 4 أبريل (نيسان) 2022، عقب لقاء بين الرئيسين رجب طيب إردوغان وجو بايدن، في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 في روما. وكان آخر اجتماع للآلية الاستراتيجية على المستوى الوزاري بين تركيا والولايات المتحدة عُقد في واشنطن في 18 يناير 2023، برئاسة وزير الخارجية التركي السابق مولود جاويش أوغلو وبلينكن، وهيمنت عليه مسألة عضوية السويد في «الناتو» والموقف التركي منها، وحصول تركيا على مقاتلات «إف 16»، واتفاقية الحبوب.

تحذير أوروبي

على صعيد آخر، حذّر مجلس أوروبا من أن «حرية التعبير في تركيا تتعرض للخطر»، وعبّر عن قلقه إزاء احتمال ممارسة الصحافيين رقابة ذاتية. وكتبت مفوضة حقوق الإنسان في مجلس أوروبا، دنيا مياتوفيتش، في مذكرة حول حرية التعبير والإعلام، أن الصحافيين والناشطين الحقوقيين والمجتمع المدني في تركيا يعملون «في بيئة معادية جداً تتميز بالضغط المنهجي والإجراءات القانونية».

وندّدت بالعقبات التي تعترض حرية التجمع، مشيرة إلى «القمع الذي تمارسه الشرطة» و«الاعتقالات الجماعية» والإجراءات الجنائية ضد متظاهرين سلميين. وأعربت عن أسفها بشكل خاص لمنع النساء من التظاهر، وبشكل خاص منع المسيرة التي تنظم في إسطنبول بمناسبة اليوم العالمي للمرأة (في 8 مارس/ آذار)، منذ 8 أعوام، وكذلك منع تجمعات المدافعين عن أفراد مجتمع المثليين أو الناشطين البيئيين. ولم يصدر عن أنقرة، حتى الآن، أي رد حول المذكرة.


مقالات ذات صلة

تركيا: انطلاق لقاءات مع أوجلان في سجنه خلال أيام بموافقة إردوغان

شؤون إقليمية مظاهرة لأنصار أوجلان في تركيا للمطالبة بالإفراج عنه (أرشيفية - رويترز)

تركيا: انطلاق لقاءات مع أوجلان في سجنه خلال أيام بموافقة إردوغان

أعلن حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد في تركيا أن لقاءات مع زعيم حزب العمال الكردستاني السجين مدى الحياة عبد الله أوجلان ستنطلق هذا الأسبوع.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مظاهرة دعم لـ«قسد» في القامشلي بمحافظة الحسكة ضد التصعيد التركي (أ.ف.ب)

صدام أميركي تركي حول دعم «الوحدات الكردية»... وإردوغان يتعهد بتصفيتها

تصاعدت الخلافات التركية الأميركية حول التعامل مع «وحدات حماية الشعب الكردية»، في حين أكد الرئيس إردوغان أن التنظيمات الإرهابية لن تجد من يدعمها في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال حضوره قمة الدول الثماني النامية بالقاهرة (المكتب الإعلامي للرئاسة التركية-إ.ب.أ)

إردوغان يدعو إلى القضاء على «داعش» وحزب العمال الكردستاني في سوريا

دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الجمعة، إلى «القضاء» على «المنظمات الإرهابية» في سوريا، مشيراً إلى تنظيم «داعش»، وأيضاً حزب العمال الكردستاني.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية على إكس)

إردوغان يدعو إلى «القضاء على المنظمات الإرهابية» في سوريا

دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الجمعة، إلى «القضاء على المنظمات الإرهابية في سوريا»، مشيراً إلى تنظيم «داعش» وأيضاً حزب العمال الكردستاني.

«الشرق الأوسط»
شؤون إقليمية جانب من اجتماع لمجلس الأمن القومي برئاسة إردوغان في 5 ديسمبر (الرئاسة التركية على «إكس»)

تركيا تحدث وثيقة «الأمن القومي» للمرة السادسة في عهد إردوغان

انتهت تركيا من تحديث وثيقة الأمن القومي التي توصف بأنها «الدستور السري» للدولة، والمعروفة علناً بـ«الكتاب الأحمر».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تركيا: انطلاق لقاءات مع أوجلان في سجنه خلال أيام بموافقة إردوغان

مظاهرة لأنصار أوجلان في تركيا للمطالبة بالإفراج عنه (أرشيفية - رويترز)
مظاهرة لأنصار أوجلان في تركيا للمطالبة بالإفراج عنه (أرشيفية - رويترز)
TT

تركيا: انطلاق لقاءات مع أوجلان في سجنه خلال أيام بموافقة إردوغان

مظاهرة لأنصار أوجلان في تركيا للمطالبة بالإفراج عنه (أرشيفية - رويترز)
مظاهرة لأنصار أوجلان في تركيا للمطالبة بالإفراج عنه (أرشيفية - رويترز)

أعلن حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد في تركيا أن لقاءات مع زعيم حزب العمال الكردستاني السجين مدى الحياة عبد الله أوجلان ستنطلق هذا الأسبوع.

وتأتي اللقاءات المرتقبة في إطار مبادرة اقترحها رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي، شريك حزب العدالة والتنمية الحاكم في «تحالف الشعب»، لإطلاق حوار مع أوجلان ودعوته للحديث بالبرلمان لإعلان حل الحزب، المصنف منظمة إرهابية، وإنهاء مشكلة الإرهاب في تركيا، مقابل النظر في إصلاحات قانونية تمهد لإطلاق سراحه.

وقدم حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، قبل 3 أسابيع، طلباً إلى وزارة العدل للسماح لنواب من الحزب بلقاء أوجلان في محبسه بسجن إيمرالي المنعزل في جزيرة ببحر مرمرة غرب تركيا.

عملية جديدة

وقال الحزب، في بيان السبت، إن اللقاء مع أوجلان سيعد هذا الأسبوع، وقد يكون هناك أكثر من لقاء وقد تمتد اللقاءات على مدى شهر أو شهرين، وستكون مقترحات الحلول المطروحة في هذه العملية حاسمة.

عبد الله أوجلان (أرشيفية)

وتعتقد الأوساط السياسية في تركيا أن لقاءات أوجلان هدفها إطلاق عملية جديدة لحل «المشكلة الكردية» في تركيا، التي انطلقت في عام 2013 وحتى إعلان الرئيس رجب طيب إردوغان انتهاءها عام 2015، مؤكداً أن تركيا «ليست بها مشكلة كردية». وفيما يتعلق بطلب الحزب مقابلة أوجلان، قال وزير العدل، يلماط تونتش: «هذه العملية مستمرة، وسنعمل على تحديد يوم مناسب».

وقالت مصادر الحزب إنه تم تحديد من سيلتقون أوجلان في إيمرالي، وهما النائب البرلماني سري ثريا أوندر، الذي سبق أن شارك في مفاوضات حل المشكلة الكردية السابقة، والسياسية الكردية، بروين بولدان، الرئيس المشارك السابق لحزب «اليسار الأخضر».

وأشارت المصادر إلى أن أحزاباً أخرى من البرلمان قد تشارك أيضاً في المفاوضات، بما في ذلك حزب «الحركة القومية»، وأن اللجان الحزبية هي التي ستقرر بنفسها من سيشارك فيها.

موافقة من إردوغان

ونقلت وسائل إعلام عن مصادر بحزب العدالة والتنمية الحاكم أن موعد اللقاء مع أوجلان سيكون قريباً جداً وسيعقد في غضون 10 أيام، وأن الرئيس رجب طيب إردوغان وافق على الاجتماع والاسمين المرشحين لمقابلته.

إردوغان خلال مؤتمر لحزب العدالة والتنمية في موغلا جنوب غربي تركيا السبت (الرئاسة التركية)

وقال إردوغان، خلال مؤتمر إقليمي لحزب العدالة والتنمية في موغلا جنوب غربي البلاد، السبت، إن «حزبه لم يفرق، طوال وجوده بالسلطة، بين مواطن تركي وآخر، وكلهم إخواننا وأعزاء علينا».

مبادرة بهشلي

بدوره، قال رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي، في كلمة خلال مناقشة البرلمان التركي لموازنة العام الجديد ليل الجمعة - السبت: «سنكون سعداء باجتماعهم (نواب حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب وأوجلان)». وأضاف بهشلي: «لا يوجد أي تغيير في وجهات نظره، سيكون من المفيد عقد هذا اللقاء، نحن ندخل عام 2025، وستكون هذه بداية ميمونة، نحن سعداء بلقائهم، وأعتقد أن ذلك سيكون مفيداً لتركيا ولشعبنا».

مصافحة بين بهشلي ونواب حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب في افتتاح دورة البرلمان في أكتوبر الماضي (إعلام تركي)

وأثار بهشلي الجدل في افتتاح الدورة الجيدة للبرلمان التركي في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بمصافحته المفاجئة لنواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، الذي كان يصفه بأنه يدعم الإرهاب وحزب العمال الكردستاني. وزادت حدة الجدل مع إطلاقه دعوة في 15 من الشهر ذاته لحضور أوجلان إلى البرلمان، وإعلان حل حزب العمال الكردستاني، وإلقاء سلاحه، وانتهاء الإرهاب في تركيا، مقابل ما يعرف بـ«الحق في الأمل» الذي يتطلب تعديلات قانونية تساعد في العفو عن أوغلان.

ولم تلق تلك الدعوة تأييداً من إردوغان كتأييده مصافحة حليفه للنواب الأكراد. وعاد بهشلي في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ليعدل من مقترحه، مطالباً بأن يتم فتح الباب لزيارة نواب الحزب الكردي لأوجلان في محبسه، قبل أن يأتي إلى البرلمان ويتحدث أمام المجموعة البرلمانية للحزب.

وأعطى إردوغان موافقة على هذا الطرح، الذي لم يذكر فيه بهشلي مسألة الإفراج عن أغلان أو العفو عنه.

ويسود اعتقاد في الأوساط السياسية في تركيا بأن دعوة بهشلي، الذي يعد حزبه أكبر شركاء حزب العدالة والتنمية الحاكم في «تحالف الشعب»، إنما هي محاولة لفتح الطريق أمام الرئيس رجب طيب إردوغان للترشح للرئاسة للمرة الرابعة بالمخالفة للدستور، اعتماداً على دعم نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» للتصويت على إجراء انتخابات مبكرة قبل موعدها المقرر في 2028.