رئيس تركيا السابق يبدي ارتياحه لعودة العلاقات مع مصر لطبيعتها

أشاد بدبلوماسية القاهرة وموقفها من القضية الفلسطينية وحرب غزة

الرئيس التركي السابق عبد الله غل متحدثاً أمام المنتدى الثالث لثقافة السلام العادل المنعقد في القاهرة (إكس)
الرئيس التركي السابق عبد الله غل متحدثاً أمام المنتدى الثالث لثقافة السلام العادل المنعقد في القاهرة (إكس)
TT

رئيس تركيا السابق يبدي ارتياحه لعودة العلاقات مع مصر لطبيعتها

الرئيس التركي السابق عبد الله غل متحدثاً أمام المنتدى الثالث لثقافة السلام العادل المنعقد في القاهرة (إكس)
الرئيس التركي السابق عبد الله غل متحدثاً أمام المنتدى الثالث لثقافة السلام العادل المنعقد في القاهرة (إكس)

عبّر الرئيس التركي السابق، عبد الله غل، عن ارتياحه لخطوة إعادة تطبيع العلاقات بين بلاده ومصر، معرباً عن تقديره للموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية، القائم على التمسك بالحل الدائم والعادل لها.

وقال غل، خلال المنتدي العالمي الثالث لثقافة السلام العادل من أجل التنمية، المنعقد حالياً في القاهرة بتنظيم من مؤسسة عبد العزيز البابطين الثقافية، إن مصر وتركيا دولتان محوريتان، ويجب أن تكون العلاقات بينهما في أعلى مستوياتها دائماً، وأن تواصِلا معاً التنسيق والتشاور حول القضايا الإقليمية والدولية، معبراً عن سعادته لعودة العلاقات إلى طبيعتها في الفترة الأخيرة.

جانب من لقاء السيسي وإردوغان في القاهرة في 14 فبراير (الرئاسة التركية )

وعبّر عن ارتياحه للصفحة الجديدة التي فُتحت في العلاقات التركية - المصرية، وأكد أيضاً أهمية «الدور الديناميكي الذي تلعبه أنقرة مع أصدقائها في المنطقة في إنهاء حرب غزة».

وسبق أن انتقد غل بشدة، عام 2020، التوتر في العلاقات بين تركيا ومصر وعدد من الدول العربية، قائلاً: «إن العلاقة بين تركيا والدول العربية في أسوأ مراحلها، وإن مصر واحدة من أهم دول العالمَين العربي والإسلامي، ما يحتم مصالحتها».

وقال، في مقابلة نادرة مع صحيفة «قرار» التركية، حيث قلّ ظهوره بشكل شبه تام بعد انتهاء فترته الرئاسية عام 2014: «إذا كان البعض يشبه منطقة البحر المتوسط بالتفاحة، فإن مصر وتركيا تفاحة واحدة، ولذلك يجب التعامل مع العلاقات التركية - المصرية بعناية بما يتجاوز القضايا اليومية، ولا بد من المصالحة مع مصر؛ لأن هذا يصب في مصلحة الدولتين».

التطبيع في مرحلته الأخيرة

وانتهى أكثر من عقد من التوتر بين أنقرة والقاهرة، ودخل التطبيع بين البلدين مرحلته الأخيرة مع الزيارة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لمصر في 14 فبراير (شباط) الحالي للمرة الأولى منذ زيارته لها رئيساً لوزراء تركيا عام 2012 في فترة حكم الإخوان المسلمين، الذي تسبب موقف تركيا من سقوطه في جمود العلاقات.

وكانت فترة حكم غل لتركيا، بين عامي 2007 و2014، شهدت تقارباً شديداً بين أنقرة والقاهرة، وتطورت العلاقات بينهما على مختلف المستويات، ووقّع البلدان خلالها اتفاقية التجارة الحرة عام 2009، كما توجّهت مجموعة من الشركات التركية للاستثمار في مصر.

وأشاد غل، خلال كلمة بالمنتدى، بموقف مصر من القضية الفلسطينية والحرب الدائرة في غزة، قائلاً: «إن مصر، منذ البداية، تحاول أن تصل إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية».

وأضاف أنه بعد أحداث غزة الأخيرة التي اندلعت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أظهرت مصر مسؤولية كبيرة في التعامل مع القضية، كما أن تركيا بذلت قصارى جهدها للوصول إلى حل سلمي.

وشدد على أن وقف إطلاق النار لن يكون كافياً، بل إن الفصائل الفلسطينية عليها أن تجلس معاً؛ لتتولد من بينها قيادة جديدة تتفاوض باسم الفلسطينيين، مشيراً إلى أن «المبادرة العربية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، تعدّ فرصة ذهبية لتحقيق السلام العادل في الشرق الأوسط».

وأشار غل إلى أن العالم يواجه اليوم عديداً من المشكلات والتحديات، وأن الشرق الأوسط يقبع في قلب الصراعات. وشدد على ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية في غزة، قائلاً: «الفلسطينيون يعانون من الاحتلال والاستيطان المتوحش، وثمة عقاب جماعي للمدنيين والأطفال، وعلى الدول التي تدعم إسرائيل أن تدرك ما تفعله، وأن هذا الأمر له عواقب وخيمة».

وأضاف: «للأسف، نلاحظ بحزن أن العالم يمر بفترة استقطاب أكثر من أي وقت مضى، وقد انخفضت قيمة ثقافة السلام، وتم نسيانها واستبدال انعدام الثقة والصراع بالثقة والسلام».

وتابع أن هناك ألماً غير معقول يتعرّض له الفلسطينيون في غزة، بينما تستمر الحرب الأوكرانية - الروسية. وأعرب عن تقديره لجهود الدبلوماسية المصرية الرامية إلى إنهاء الحرب، وتحقيق السلام العادل والدائم.


مقالات ذات صلة

نقاشات سعودية - أوروبية تتناول جهود حل النزاعات الإقليمية والدولية

الخليج وزير الدولة السعودي خلال اجتماعه مع أعضاء اللجنة السياسية والأمنية والممثل الخاص للاتحاد الأوروبي (واس)

نقاشات سعودية - أوروبية تتناول جهود حل النزاعات الإقليمية والدولية

شهدت العاصمة الرياض، الأحد، مناقشات سعودية - أوروبية تناولت جهود الجانبين في حل النزاعات الإقليمية والدولية وأوجه التعاون والتنسيق المشترك في العديد من المجالات

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج م. وليد الخريجي وفروخ شريفزاده يترأسان الجولة الثالثة من المشاورات السياسية بين السعودية وطاجيكستان في الرياض (واس)

مشاورات سعودية - طاجيكية تناقش تعزيز التعاون في شتى المجالات

بحثت جولة المباحثات الثالثة من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والطاجيكستانية، الأربعاء، تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج م. وليد الخريجي ترأس الجانب السعودي في الجولة الثانية من المشاورات السياسية مع «الخارجية الصينية» (واس)

مشاورات سعودية – صينية تعزز التنسيق المشترك

بحثت الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والصينية في الرياض، الاثنين، تطوير العلاقات الثنائية، وأهمية تعزيز التنسيق المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الخلافات السياسية تعرقل صادرات القمح الفرنسي إلى الجزائر

كانت الجزائر تستورد ما بين مليونين و6 ملايين طن قمح فرنسي سنوياً؛ مما جعلها من أكبر زبائن فرنسا. غير أن الكميات المستوردة انخفضت بشكل لافت في السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

سموتريتش يدعو مجدداً إلى تهجير نصف سكان غزة

مستوطنون يرقصون في مؤتمر يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة 21 أكتوبر الماضي (تايمز أوف إسرائيل)
مستوطنون يرقصون في مؤتمر يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة 21 أكتوبر الماضي (تايمز أوف إسرائيل)
TT

سموتريتش يدعو مجدداً إلى تهجير نصف سكان غزة

مستوطنون يرقصون في مؤتمر يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة 21 أكتوبر الماضي (تايمز أوف إسرائيل)
مستوطنون يرقصون في مؤتمر يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة 21 أكتوبر الماضي (تايمز أوف إسرائيل)

دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، مجدداً، إلى احتلال قطاع غزة، وتشجيع نصف سكانه البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة على الهجرة خلال عامين، معززاً المخاوف حول وجود خطة فعلية لذلك.

وفي حديثه خلال مؤتمر نظمه مجلس «يشع»، وهو منظمة تمثل بلديات المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، قال سموتريتش: «يمكننا احتلال غزة، وتقليص عدد سكانها إلى النصف خلال عامين، من خلال استراتيجية تشجيع الهجرة الطوعية». وأضاف: «من الممكن خلق وضع كهذا... لن يكلف الكثير من المال، وحتى لو كان مكلفاً، فلا ينبغي لنا أن نخاف من دفع ثمنه».

وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (أ.ب)

ومطالب سموتريتش باحتلال غزة ليست جديدة، لكنها تعزز المخاوف الكثيرة من أن هذه المطالب المتكررة تعكس وجود أهداف غير معلنة للحرب الحالية في غزة، وتشمل احتلالاً طويلاً وحكماً عسكرياً واستئناف الاستيطان هناك. وعلى الرغم من أن الأهداف المعلنة للحرب، ما زالت كما هي، «القضاء على (حماس)» و«استعادة المحتجزين»، لكن ما يجري في تل أبيب وقطاع غزة نفسها، لا يؤيد ذلك، ويشير إلى أهداف أخرى، إذ يمتنع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن وضع خطة لليوم التالي في قطاع غزة، وتعمل إسرائيل في غزة على تعميق السيطرة عبر توسيع المحاور، وإنشاء ما يشبه «المواقع العسكرية» الدائمة.

ولا يبدو أن إسرائيل تخطط لحكم عسكري وحسب، إذ أصبح هذا مكشوفاً إلى حد ما، لكن أيضاً لاستئناف الاستيطان هناك، وهي الخطوة الأكثر إثارة للجدل لو حدثت.

وتثير العملية العسكرية الدامية في شمال قطاع غزة القائمة على تهجير الفلسطينيين تحت النار، وعزل جزء من الشمال عن بقية مناطق القطاع المقسمة، المخاوف من أن الجيش يمهد المكان لعودة المستوطنين.

وفي وقت سابق الأسبوع الماضي، في ذروة الهجوم الإسرائيلي المنظم، قام جنود إسرائيليون في غزة بمساعدة قيادية استيطانية على دخول القطاع لمسح المواقع المحتملة للمستوطنات اليهودية دون الحصول على إذن من قادتهم.

وقالت «هيئة البث الإسرائيلية» آنذاك إن دانييلا فايس، التي تقود الجهود لإعادة الاستيطان في شمال غزة، قامت بجولة على الجانب الإسرائيلي من السياج الحدودي لغزة، وقد عبرت مع مجموعتها الحدود، من خلال وسائل غير واضحة، وسارت مسافة قصيرة داخل القطاع، مؤكدة أنها تنوي الاستفادة من الوجود العسكري في غزة لتوطين اليهود هناك تدريجياً.

وثمة ربط مباشر بين تهجير الفلسطينيين وإقامة مستوطنات جديدة في غزة. وكانت إسرائيل تقيم في غزة 21 مستوطنة، فككت جميعها بموجب خطة فك الارتباط عام 2005، والتي أدت كذلك إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع.

ويتضح من تصريحات سموتريتش أنه يضع ميزانية لاحتلال غزة. وقال سموتريتش إن «احتلال غزة ليس كلمة قذرة. إذا كانت تكلفة السيطرة الأمنية (على القطاع) 5 مليارات شيقل (1.37 مليار دولار)، فسأقبلها بأذرع مفتوحة. إذا كان هذا هو المطلوب لضمان أمن إسرائيل، فليكن».

وكانت سموترتيش يرد على مخاوف أثارتها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ووزارة الخزانة من العواقب الهائلة التي قد يخلفها احتلال غزة على الاقتصاد الإسرائيلي.

وأصر سموتريتش على أن الطريقة الوحيدة لهزيمة «حماس» هي استبدال حكمها في غزة، وأن إسرائيل هي الطرف الوحيد القادر على القيام بذلك، حتى لو كان ذلك يعني تكليف الجيش الإسرائيلي بإدارة الشؤون المدنية للفلسطينيين في غزة.

وزعم سموتريتش أنه بمجرد إثبات نجاح سياسة «تشجيع الهجرة» في غزة، يمكن تكرارها في الضفة الغربية، حيث يعيش 3 ملايين فلسطيني.

وينادي رئيس حزب «الصهيونية الدينية» منذ فترة طويلة بضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، وأعلن في وقت سابق من هذا الشهر أن فوز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في الانتخابات يوفر فرصة لتحقيق هذه الرؤية.

وكان سموتريتش واحداً من بين الكثير من الوزراء في الحكومة الذين حضروا حدثاً، الشهر الماضي، يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة. وقال سموتريتش قبيل مشاركته في المؤتمر إن الأراضي التي تخلت عنها إسرائيل في الماضي تحولت إلى «قواعد إرهابية أمامية إيرانية»، وعرضت البلاد للخطر.

فلسطينيون على طول الطريق بعد هطول الأمطار في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

لكن هل يستطيع سموترتيش إعادة احتلال واستيطان غزة؟ بالنسبة للكثيرين نعم، وهناك آخرون يعتقدون أنه لا يمكن ذلك، وعلى الأغلب فإن الأمر منوط بكيف ستنتهي الحرب في القطاع. وكتب عيران هلدسهايم في «تايمز أوف إسرائيل» متهماً سموتريتش بأنه يحاول أن يقنع الجمهور بسرد جديد يقوم على أنه إذا حققت إسرائيل أهدافها في الحرب وهزمت أعداءها، فإن السلام والأمن سيعودان إلى المنطقة.

وقال هلدسهايم: «في الظاهر، تبدو هذه الرواية منطقية، لكنها في الواقع شعار فارغ. ويبدو أن هذه الرواية تهدف بالأساس إلى إعداد الرأي العام لاستمرار الحرب، وفي الوقت نفسه الترويج لرؤية الاستيطان في قطاع غزة، وهو الهدف المركزي لسموتريتش ومؤيديه، لكن التاريخ يروي قصة مختلفة تماماً».

وأضاف: «يظهر التاريخ أن الحروب المطولة انتزعت ثمناً اقتصادياً باهظاً من إسرائيل، ولم تسهم في النمو». وتابع: «نهاية الحرب، كما طرحها سموتريتش، تعني الاستيلاء على مساحات واسعة في قطاع غزة. في المرحلة الأولى، يضغط الوزير بأن يكون الجيش هو من يقوم بتوزيع المواد الغذائية على السكان. وبعد أن تحظى هذه الخطوة بقبول الجمهور، يخطط سموتريتش للانتقال إلى المرحلة التالية: تطبيق الحكم العسكري الكامل في القطاع وإدارة حياة السكان الفلسطينيين بشكل مباشر. والهدف النهائي لهذه الخطة العظيمة هو إعادة الاستيطان في قطاع غزة».

ورأى الكاتب أن «رؤية سموتريتش تضع عبئاً مالياً ثقيلاً لا يطاق على كاهل إسرائيل»، مشيراً إلى أن التقديرات إلى تكلفة إضافية تبلغ نحو 20 مليار شيقل سنوياً، وهو مبلغ لا تملكه الدولة، ودون الأخذ في الحسبان تكاليف إعادة إعمار القطاع والثمن الباهظ المتمثل في حياة الجنود. ستُضطر إسرائيل إلى اعتماد خطة «الاقتصاد بعون الله» للخروج من هذا الوضع بسلام.

وتحدث الكاتب عن تهديدات خارجية أهم من «حماس» مثل إيران، وأخرى داخلية متمثلة بالتهديد الذي يقوض قدرة «الصمود الوطنية» أكثر من أي عدو. وقال: «إن ادعاء سموتريتش بأن النصر سوف يجلب الأمن، والأمن سوف يؤدي إلى النمو، يتجاهل الواقع المعقد»، وحقيقة أن الأمن الاقتصادي والاجتماعي لا يتحقق من خلال الحروب التي لا نهاية لها والحكم العسكري، بل من خلال الاستقرار الإقليمي. وأردف: «لكن كل هذه الأمور تتعارض مع الهدف الرئيسي لسموتريتش وهو الاستيطان في قطاع غزة؛ لذلك لا يمكنه إلا الاستمرار في بيع الأوهام للجمهور».