أعلن رئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، أن التحقيقات الداخلية في أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما شنّت «حماس» هجوماً مباغتاً على إسرائيل، قتلت خلاله 1200 إسرائيلي واختطفت نحو 240 إسرائيلياً إلى القطاع، ستبدأ في الأيام المقبلة.
وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية نقلاً عن هاليفي، أن التحقيقات ستشمل كل وحدات الجيش، ومن المتوقع أن تستمر نحو ثلاثة أشهر.
ووجّه هاليفي رسالة إلى قادة الجيش أخبرهم فيها أن التحقيقات ستبدأ قريباً على الرغم من أن الجيش لا يزال في حالة حرب. وأضاف: «علينا واجب التحقيق، فهذه ضرورة وليست امتيازاً».
وأصدر هاليفي، الثلاثاء، ورقة تلخيصية حول الحرب في قطاع غزة تناول فيها التحديات القيادية وسط حرب طويلة الأمد، مشيداً بالتحول الذي حققه الجيش من الكبوة إلى الهجوم والمباغتة ثم الوصول إلى إنجازات.
وقال هاليفي: «سنبدأ قريباً عملية التحقيق في أحداث السابع من أكتوبر وما أدى إليها، رغم أننا ما زلنا في حالة حرب. يتوجب علينا التحقيق فيما جرى طلباً لغاية المعرفة. وهذه ضرورة وليست امتيازاً. عندها فقط سنكون قادرين على فهم الطريقة التي كان بإمكاننا التصرف بها وبأي طريقة سنتصرف في المستقبل لحماية مواطني إسرائيل بشكل أفضل. ستقوم كل وحدة وكل قوة بالتحقيق في المعارك والأحداث التي شاركوا فيها، وسنقوم بالتحقيق مع أعلى التسلسل القيادي درجة بعد درجة».
أضاف: «في هذه المرحلة، سيقوم الجيش بالتحقيق في الأحداث الأولى التي افتتحت المعركة، لكن الوحدة التي انتهت من القتال بشكل مؤقت ملزمة بالتحقيق في الأحداث التي تليها أيضاً، باسم التعلم ومنع ضياع المعرفة. أنا على ثقة بأن للجيش القدرة على إجراء تحقيق حقيقي وشامل. يجب العمل أولاً على بناء أساس واقعي مشترك للتحقيق، ومن ثم الانتقال إلى التفكير وصياغة الاستنتاجات والدروس». وتابع: «سنقوم بالتحقيقات على هدي خمس قيم أساسية: الحقيقة، الموضوعية، الشفافية، المسؤولية والأخوة».
عملياً، بدأت الوحدة 8200، في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، في جمع مواد حول تسلسل الأحداث التي سبقت هجوم «حماس».
وقالت مصادر في الجيش لموقع «واللا»، إن جمع المواد يسبق إجراء تحقيقات شاملة. وقالت صحيفة «هآرتس» إن التحقيقات ستطال استعداد القوات للقتال، وكيفية وصولهم إلى ميادين القتال والطريقة التي خاضوا فيها القتال.
وبخلاف نوايا سابقة، فإن قادة حاليين في الجيش هم من سيتولون التحقيق وليس لجنة خارجية.
وكان هاليفي قد شكّل لجنة خارجية يرأسها وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز، لإجراء التحقيقات، إلا أنه قرر تجميد تلك اللجنة بسبب المعارضة الكبيرة داخل الحكومة الإسرائيلية والتي قادت إلى مواجهات كلامية مع هاليفي. إذ هوجم الشهر الماضي في اجتماع حكومي موسع، بشكل غير مسبوق من قِبل الوزراء؛ بسبب التحقيق الذي كان قرر الجيش الإسرائيلي إجراءه برئاسة موفاز، وانفجر الوزراء اليمينيون في وجه هاليفي بسبب «توقيت التحقيقات» وضم موفاز إليه، الذي يرونه «متورطاً» في الانسحاب من قطاع غزة عام 2005.
وقال هاليفي آنذاك إن التحقيق كان عملياً، ولا يتعلق بالسياسة وإنه ليس في حاجة إلى إذنهم، ودافع عنه وزير الدفاع يوآف غالانت وانتقد الوزراء «لمهاجمته»؛ ما أثار مشاحنات جديدة حول ما إذا كان بإمكان الجيش أن يأمر بإجراء تحقيق دون موافقة السياسيين، قبل أن يعود هاليفي ويلغي التحقيق.
وأبرز الشجار التوترات القائمة منذ فترة طويلة بين الجيش وبعض أعضاء ائتلاف اليمين المتشدد، بشأن السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، وكشف عن تصدعات في «الجبهة الموحدة» التي تسعى الحكومة لتقديمها منذ اندلاع الحرب.
والتحقيق الذي سيبدأه هاليفي ليس الوحيد. إذ يفترض أن يجري فريق تابع لهيئة الأركان العامة، لا يخضع لهاليفي، تحقيقات حول أحداث محددة جرت أثناء وبعد هجوم السابع من أكتوبر، مثل قيام دبابة بقصف منزل في كيبوتس «بئيري»، في 7 أكتوبر، رغم علم الجيش بتواجد رهائن بداخله ومقاتلين من «حماس»، وأسفر هذا القصف الذي جاء بعد تبادل نار ومفاوضات، عن مقتل 13 رهينة.
ويرأس فريق التحقيقات التابع لهيئة الأركان العامة، يوآف هار - إفن، وهو ضابط في الاحتياط برتبة لواء، وسيعمل أثناء التحقيقات بالتنسيق مع النائبة العامة العسكرية.
كما أن مراقب الدولة متنياهو إنغلمان، يعتزم التحقيق مع المسؤولين في الجيش وجهاز «الشاباك»، وكذلك في جهاز الشرطة، كجزء من التحقيقات حول الحرب والأحداث التي سبقت 7 أكتوبر.
وكان مكتب مراقب الدولة قد طلب جمع المستندات والوثائق التي تظهر تعامل الجيش والشرطة و«الشاباك» مع الحدث، بما في ذلك استدعاء كادر الاحتياط وتفعيل قوات ووسائط، وتقديمها لمكتب مراقب الدولة.