تركيا تسحب جنسية القائم بأعمال المرشد العام لـ«الإخوان»

بعد أيام من زيارة إردوغان للقاهرة

محمود حسين القائم بأعمال مرشد «الإخوان»
محمود حسين القائم بأعمال مرشد «الإخوان»
TT

تركيا تسحب جنسية القائم بأعمال المرشد العام لـ«الإخوان»

محمود حسين القائم بأعمال مرشد «الإخوان»
محمود حسين القائم بأعمال مرشد «الإخوان»

قررت الحكومة التركية سحب الجنسية الممنوحة للقائم بأعمال المرشد العام لـ«لإخوان المسلمين» في مصر محمود حسين، الذي يتزعم ما يُعرَف باسم «جبهة الإخوان» في إسطنبول وإلغاء جواز سفره وزوجته بسبب مخالفة شروط حصوله على الجنسية.

وكشفت مصادر وحسابات قريبة من تنظيم «الإخوان المسلمين» في تركيا، أن قرار الحكومة التركية الذي أعقب زيارة الرئيس رجب طيب إردوغان لمصر الأربعاء الماضي، سحب الجنسية من حسين ضمن نحو 50 آخرين من عناصر الصفوف العليا في التنظيم جاء بعد أن تبين تلاعبهم بالشروط التي حصلوا وفقها على الجنسية التركية عبر تملك العقارات بقيمة محددة بالدولار.

وكانت الحكومة التركية أقرّت عام 2022 قانوناً يسمح بمنح الجنسية مقابل شراء عقار لا يقل ثمنه عن 400 ألف دولار أو إيداع مبالغ في البنوك التركية، شرط ألا يتم التصرف بالعقارات أو الودائع قبل 3 سنوات، وفي حالة بيع العقار لا يباع إلا لمواطن تركي.

وأثار هذا القانون، الذي سمح لعشرات الآلاف من العرب والأجانب بشراء العقارات، غضباً شديداً في أوساط المعارضة التركية التي اتهمت الحكومة بإهانة جواز السفر التركي عن طريق منحه لقاء الأموال من أجل زيادة عدد أصوات حزب العدالة والتنمية الحاكم، فضلاً عن منح الجنسيات الاستثنائية لأكثر من 300 ألف سوري، بحسب أرقام رسمية، ومنح جنسيات استثنائية أيضاً لبعض قيادات «الإخوان المسلمين» من مصر.

واستُغل القانون من جانب بعض المكاتب والشركات التي تعمل في مجال إنهاء معاملات الجنسية في ارتكاب مخالفات والتلاعب ببيع الجنسية.

وتحت ضغوط المعارضة التركية خلال فترة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو (أيار) الماضي، بدأت السلطات مراجعة أوضاع المقيمين والحاصلين على الجنسية وتم اكتشاف مافيا للاتجار بالجنسية.

وتحدثت مصادر عن قيام مصريين وسوريين وروس بتشكيل شبكات مارست أعمالاً مخالفة لشروط الحصول على الجنسية. وأشارت إلى أن حسين ارتكب مخالفات بشأن عقار اشتراه في إسطنبول وحصل بموجبه على الجنسية التركية، إذ قدم العقار نفسه مستنداً لحصول زوجته على الجنسية بوصفها تقيم في العقار ذاته، ثم باع العقار لمواطن أجنبي آخر حصل من خلاله على الجنسية، وبالتالي خالف شرط بيع العقار إلا لمواطن تركي، فضلاً عن المدة الإلزامية التي يتبغي انقضاؤها قبل البيع.

وقالت مصادر قريبة من حسين لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات أبلغته بقرار سحب جنسيته وزوجته وإلغاء جوازي سفرهما التركيين، دون توضيح الأسباب، وأن هناك اتصالات مكثفة من جانب قيادات في «الإخوان» مع مسؤولين في الرئاسة التركية وحزب العدالة والتنمية الحاكم لحل المشكلة.

ومنذ انطلاق مفاوضات تطبيع العلاقات مع مصر ودخولها مرحلة متقدمة عام 2021، وصولاً إلى تتويج هذه الجهود بالزيارة التي قام بها إردوغان للقاهرة الأسبوع الماضي، فرضت السلطات التركية قيوداً على تحركات قيادات «الإخوان» ومنعتهم من الإدلاء بأي تصريحات استفزازية عبر وسائل الإعلام أو التواصل الاجتماعي ضد مصر ودول الخليج، كما فرضت قيوداً على القنوات الناطقة بلسان «الإخوان» والتي دأبت على مدى نحو 10 سنوات على الهجوم على القيادة السياسية والسلطات المصرية والتحريض على العنف.

وغادر تركيا الكثير من القيادات والعاملين في هذه القنوات، كما اختارت بعض القنوات، مثل «مكملين» الانتقال إلى لندن.

السيسي وإردوغان خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة في 14 فبراير (الرئاسة التركية)

وعقب أول لقاء بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب إردوغان في الدوحة أواخر عام 2022، بدأت السلطات التركية تشديد القيود على منح الجنسيات والتدقيق بشأن حملة الإقامات المفتوحة، ورفضت طلبات عناصر مدانة بقضايا إرهاب في مصر الحصول على الجنسية الاستثنائية، وتم تشديد القيود بشكل أكبر عقب تبادل البلدين تعيين السفراء العام الماضي، ومطالبة بعض العناصر التي عُرفت بممارسة التحريض بمغادرة الأراضي التركية إلى وجهات أخرى.

ودخلت العلاقات المصرية - التركية مرحلة جديدة مع زيارة إردوغان للقاهرة، حيث تم الاتفاق على إنشاء مجلس للتعاون الاستراتيجي رفيع المستوى، وتم الاتفاق على عقد أول اجتماع له في أنقرة خلال زيارة ينتظر أن يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي في أبريل (نيسان) أو مايو (أيار) المقبلين.

ووقّع البلدان خلال الزيارة اتفاقات ومذكرات تفاهم في الكثير من المجالات، منها تنشيط التعاون الاقتصادي والتجاري، ورفع حجم التبادل إلى 15 مليار دولار في المدى القريب.


مقالات ذات صلة

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

أوروبا العلم الألماني في العاصمة برلين (أ.ب)

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

صادرت الشرطة الألمانية أجهزة كومبيوتر محمولة وأموالاً، خلال عمليات مداهمة استهدفت جمعية إسلامية تم حظرها حديثاً، ويقع مقرّها خارج برلين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان استقبل السيسي في مطار أنقرة في إسطنبول (من البث المباشر لوصول الرئيس المصري) play-circle 00:39

السيسي وصل إلى أنقرة في أول زيارة لتركيا

وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، الأربعاء، في أول زيارة يقوم بها لتركيا منذ توليه الرئاسة في مصر عام 2014

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوات من الأمن بميدان التحرير في القاهرة (أ.ف.ب)

مصر: توقيف المتهم بـ«فيديو فيصل» وحملة مضادة تستعرض «جرائم الإخوان»

أعلنت «الداخلية المصرية»، الثلاثاء، القبض على المتهم ببث «فيديو فيصل» الذي شغل الرأي العام، مؤكدة «اعترافه» بارتكاب الواقعة، بـ«تحريض» من عناصر «الإخوان».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الإعلامي بقناة «الشرق» الإخوانية عماد البحيري تم توقيفه بسبب التهرب الضريبي (من حسابه على  «فيسبوك»)

تركيا توقف إعلامياً في قناة إخوانية لتهربه من الضرائب

أحالت السلطات التركية، (الخميس)، المذيع بقناة «الشرق» المحسوبة على «الإخوان المسلمين»، عماد البحيري، إلى أحد مراكز التوقيف بدائرة الهجرة في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة )
شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

الجزائر: فصيل «الإخوان» يرشح الرئيس تبون لعهدة ثانية

أعلنت حركة البناء الوطني (فصيل الإخوان في الجزائر)، الجمعة، عن ترشيحها الرئيس عبد المجيد تبون للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في 7 سبتمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
TT

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)
كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان. ومثل كليتشدار أوغلو (75 عاماً) أمام القاضي في الجلسة الأولى من القضية التي يواجه فيها حكماً بالسجن 11 سنة و8 أشهر، وحظر نشاطه السياسي لمدة 5 سنوات.

وقرأ كيليتشدار أوغلو، دفاعه المكون من 25 صفحة، أمام قاضي الدائرة 57 للمحكمة الجنائية الابتدائية في أنقرة، واستهله قائلاً: «لم آتِ للدفاع عن نفسي بسبب جريمة، ولكن لتسجيل الجرائم المرتكبة وللمطالبة بالمحاسبة، ولتسجيل ملاحظة في التاريخ».

كليتشدار أوغلو وإلى جانبه رئيس «الشعب الجمهوري» ورئيس بلدية أنقرة وعدد من الشخصيات الذين جاءوا لمساندته في قاعة المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وأضاف: «من حسن حظي أنه لم يجرِ تقديمي أمامكم بجريمة سرقة واختلاس حقوق الأيتام، ومرة أخرى، أنا محظوظ لأنني لم أمثُل أمامكم بتهمة الخيانة». وحيا كل الأبطال الوطنيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل بقاء الدولة وسيادة الوطن، وللملازمين الشباب الذين طردوا من الخدمة عقب تخرجهم مباشرة بسبب أداء قسم الولاء لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك في حفل تخرجهم في أغسطس (آب) الماضي».

دعم واسع

تَجَمَّعَ مئات من أنصار كليتشدار أوغلو و«الشعب الجمهوري» وأحزاب المعارضة أمام المحكمة مطالبين بالعدالة، حيث نمكن من الوصول إلى قاعة المحكمة بصعوبة بالغة.

وحضر رئيس «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزلل، ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، ورئيس حزب «البلد» محرم إينجه، ورئيس حزب «النصر» أوميت أوزداغ، وعائلة كليتشدار أوغلو، وعائشة أتيش زوجة رئيس منظمة «الذئاب الرمادية» سنان أتيش، الذي اغتيل في أنقرة قبل عامين، فضلاً عن ممثلي أحزاب معارضة ورؤساء بلديات من أنحاء تركيا، بينما غاب رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بسبب حضوره مؤتمراً في ألمانيا.

تجمع حاشد حول كليتشدار أوغلو أثناء دخوله المحكمة (حزب الشعب الجمهوري)

وقال كليتشدار أوغلو إنه حضر إلى المحكمة ليقول مجدداً للص إنه لص، وليعيد التذكير بقضية الـ128 مليار دولار التي أهدرها إردوغان من احتياطي البنك المركزي لصالح «عصابة المقاولين الخمسة». وأضاف: «إذا كان الرجل الذي قال ليس لديَّ سوى خاتم واحد، إذا أصبحت غنياً، فاعلموا أنني سرقت، (في إشارة إلى إردوغان)، أصبح ثرياً، فإنني أقولها مرة أخرى هو لص».

وطلب من القاضي أن يسمح له بالابتعاد عن موضوع القضية، مشيراً إلى أن إردوغان زج بتركيا في مشروع الشرق الأوسط الكبير من أجل تأسيس حكم الرجل الواحد في تركيا، الذي جُعلت كل السلطات في يده، كما يواصل الآن سياسته من أجل البقاء عبر تقديم تنازلات في قبرص وبحر إيجه. وأضاف: «لقد كانت هذه هي الحال دائماً في التاريخ الحديث، فنظام ضعف اقتصاده أو حتى انهار، ولا يستطيع حماية حدوده، حيث نظام العدالة مرتبط برجل واحد، وحيث جرى تدمير آلية الرقابة، وحيث لا توجد شفافية ومحاسبة، وحيث التعيين في مناصب الدولة وليس على أساس الجدارة والكفاءة، لن يدوم».

وتطرق كليتشدار أوغلو إلى مسيرته المهنية حيث كان مسؤولاً عن مؤسسة التأمين الاجتماعي، قائلاً إنه كان يدير أموال آلاف المواطنين، ولم يأخذ قرشاً واحداً من أموال الدولة إلى بيته، ولم يصبح من الأثرياء، ولا يملك سوى البيت الذي يعيش فيه أنقرة، مع أنه ظل أيضاً رئيسا لـ«الشعب الجمهوري» 13 عاماً.

كمال كليتشدار أوغلو (من حسابه في إكس)

ولفت إلى أنه تعرض للطعن في الظهر في الانتخابات الرئاسية، العام الماضي، من جانب من كانوا يقولون: «إننا وطنيون قوميون، وسنكتبك في وصية عائلتنا»، في إشارة إلى الرئيسة السابقة لحزب «الجيد»، ميرال أكشنار، لنكتشف لاحقاً أنهم كانوا يتعاونون مع إردوغان من أجل إدامة نظام الرجل الواحد الذي تَسَبَّبَ في معاناة البلاد بسبب الفساد والرشوة وتدهور الاقتصاد.

جدل واتهامات

وعُقدت الجلسة الأولى من محاكمة كليتشدار أوغلو وسط جدل واسع وتراشق مع وزير العدل الذي أدلى بتصريحات، الخميس عشية الجلسة، قال فيها إن هناك حالياً 9 قضايا و5 تحقيقات جارية تتعلق بالزعيم السابق لـ«الشعب الجمهوري»، وجرى فتح تحقيق بسبب تصريحاته. وأضاف تونتش: «أقول للسياسيين من (الشعب الجمهوري) إنهم إذا استمروا على السياسة ذلتها فسينتهي بهم الأمر مثل رئيسهم السابق».

كليتشدار أوغلو خلال أحد التجمعات قبل الانتخابات الرئاسية عام 2023 (من حسابه في إكس)

ورد كليتشدار أوغلو على تونتش في كلمة مصورة عبر حسابه في «إكس»، قائلاً: «إذا كانت لديك الشجاعة، فتعال إلى المحكمة غداً، واستمع إلى ما سأقوله لسيدك، ربما تتعلم درساً». واستنكرت قيادات «الشعب الجمهوري» تصريحات وزير العدل مؤكدين أنها جاءت قبل المحاكمة بيوم واحد، توجيهاً أو «أمراً» للقاضي لإدانة كليتشدار أوغلو، وحظر نشاطه السياسي.