إردوغان: زيارتي لمصر مثمرة... ونتطلع للقاء السيسي في أنقرة

أكد دعمه موقف القاهرة «الذكي» بمواجهة خطط إسرائيل

الرئيسان المصري والتركي وقرينتاهما خلال زيارة قبر الإمام الشافعي في القاهرة (حساب الرئاسة التركية على إكس)
الرئيسان المصري والتركي وقرينتاهما خلال زيارة قبر الإمام الشافعي في القاهرة (حساب الرئاسة التركية على إكس)
TT

إردوغان: زيارتي لمصر مثمرة... ونتطلع للقاء السيسي في أنقرة

الرئيسان المصري والتركي وقرينتاهما خلال زيارة قبر الإمام الشافعي في القاهرة (حساب الرئاسة التركية على إكس)
الرئيسان المصري والتركي وقرينتاهما خلال زيارة قبر الإمام الشافعي في القاهرة (حساب الرئاسة التركية على إكس)

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن زيارته لمصر حققت نتائج إيجابية مهمة. وأعلن انعقاد أول اجتماع للمجلس الاستراتيجي رفيع المستوى للعلاقات بين البلدين، خلال زيارة يُنتظر أن يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي لأنقرة، في أبريل (نيسان)، أو مايو (أيار) المقبلين. وقال إردوغان، في تصريحات لصحافيين أتراك رافقوه في رحلة عودته من القاهرة، نُشرت الخميس، إن «مصر وتركيا دولتان مهمتان في المنطقة، لقد فقدنا الاتصال لمدة 12 عاماً، وبتدخُّل أمير قطر اجتمعنا في الدوحة، وبدأنا عملية التطبيع، وهذه الزيارة لمصر جرت بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي».

زيارة السيسي لتركيا

وأضاف: «اقترحنا عقد اجتماع للمجلس الاستراتيجي رفيع المستوى، واتخاذ هذه الخطوة، وقَبِل الجانب المصري هذا أيضاً، وسيُواصل وزيرا خارجيتينا اتصالاتهما»، متابعاً: «الرئيس السيسي سيؤدي اليمين الدستورية في أوائل أبريل، ومن المرجح أن يأتي إلى أنقرة في أبريل أو مايو، وستشهد الزيارة عقد أول اجتماع لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى الذي اتفقنا في القاهرة على إنشائه». وقال إردوغان: «لدينا علاقات عميقة الجذور مع مصر، ثقافياً وتاريخياً، إننا لا نتقاسم مع مصر التاريخ ذاته فحسب، بل نتقاسم البحر (المتوسط) نفسه أيضاً، وتزداد أهمية ذلك البحر في المعادلة العالمية يوماً بعد يوم. ومن ناحية أخرى فإن السياسة الخارجية تُبنى على أساس المصالح المشتركة وتُدار على هذا الأساس. لذلك، من دون شك أن مِن مصلحة البلدين اتخاذ خطوات متزامنة معاً، وفي الاتجاه ذاته».

وأضاف: «أمامنا اختبارات حاسمة للغاية، ولا نعرف ما العمليات الصعبة وغير المتوقعة التي تنتظر العالم في المستقبل، ولهذا علينا أن نكون معاً من الآن فصاعداً للحفاظ على السلام والهدوء في منطقتنا وفي العالم، هناك مجالات للتعاون أمامنا من شأنها تطوير البلدين، وسيجري اتخاذ خطوات عندما يحين الوقت».

وتابع إردوغان: «الزيارة، التي قمنا بها، بدعوة من الرئيس المصري، كانت صادقة ومثمرة وناجحة للغاية، وسعدت بشكل خاص بحضور الرئيس السيسي شخصياً إلى المطار والترحيب بنا، وناقشنا، خلال لقاءاتنا، علاقاتنا التي اكتسبت زخماً في الآونة الأخيرة في كل المجالات، بما في ذلك الصناعات العسكرية والدفاعية».

الرئيس المصري بعد استقباله نظيره التركي في القاهرة الأربعاء (الرئاسة التركية)

وأكد إردوغان عزم مصر وتركيا على تحقيق هدفهما المشترك، المتمثل في تحقيق حجم تجارة يصل إلى 15 مليار دولار، لافتاً إلى أن مصر هي أكبر شريك تجاري لتركيا في القارة الأفريقية.

التنسيق حول غزة

وأشار إلى أنه، بالإضافة إلى القضايا الثنائية، جرى تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية، وخصوصاً فلسطين، قائلاً: «نعتزم زيادة تعاوننا مع مصر لضمان وقف المجازر في غزة في أسرع وقت، والتوصل إلى حل دائم ومستدام للقضية الفلسطينية». وتابع إردوغان: «كما هو معروف، فإن لمصر مكانة خاصة في توصيل المساعدات الإنسانية إلى غزة، لقد تعاونّا دائماً بشكل وثيق مع أشقائنا المصريين في إيصال مساعداتنا الإنسانية إلى غزة. وأودُّ أن أشكرهم مرة أخرى على المساعدة التي قدّموها في هذا الشأن». وأضاف: «ناقشنا إمكانية زيادة شحنات المساعدات الإنسانية، وتقديم مزيد من خدمات الرعاية الصحية إلى غزة، وأُعربُ عن تقديري الموقف المصري (الذكي) ضد سياسة إسرائيل المتمثلة في نفي سكان غزة من أراضيهم، كما أُعرب عن دعمنا ومساندتنا للرئيس المصري في هذا الصدد». وتابع: «هناك تطورات بشأن المساعدات، وسنعقد، بشكل رئيسي، اجتماعات مع كل من الرئيس المصري والأمين العام للأمم المتحدة، ويقول المسؤولون الأميركيون أيضاً إنهم سيواصلون الضغط على إسرائيل بشأن هذه القضية، وقد ارتفع عدد شاحنات المساعدات التي تصل إلى غزة إلى نحو 200 - 250، لكن هذا غير كاف، ويقال أن العدد سيرتفع إلى 500 - 600 شاحنة».

وشدّد إردوغان على أن التنسيق مع مصر سيسهم بشكل كبير في تحقيق السلام والهدوء والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، قائلاً: «يسعدنا بشكل خاص أن هذه الفكرة يشاركها معنا إخواننا المصريون، آملُ أن تكون زياراتنا مفيدة».

الهجمات على رفح

وعن التطورات في رفح، قال إردوغان إنه ناقشها مع السيسي، مشيراً إلى أن إسرائيل لديها خطة للهجوم هناك، والتحذيرات تأتي من كل مكان؛ من الصين، إلى المملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، لكن «إسرائيل لا تسمع». وأكد أن «الهجمات الإسرائيلية على رفح لا تزال غير معقولة، كما كانت دائماً، اتفقنا مع الرئيس السيسي على أنه لا يمكننا أن نتنازل عن سلامة الناس هناك، هل من المعقول أن يقال للمدنيين اذهبوا إلى تلك المنطقة، إنها آمنة، ثم يتم إسقاط القنابل عليهم؟! هل هذا يتوافق مع القيم الإنسانية وقانون الحرب والقانون الدولي وحقوق الإنسان؟!».

أضاف: «يجب على الإنسانية أن تسمع هذه الصرخة في أسرع وقت. إن تكلفة وعواقب التزام الصمت بشأن هذه الإبادة الجماعية باهظة. وسيحكم التاريخ على من غضُّوا الطرف عن المذبحة التي تعرَّض لها الناس في غزة، وإن الذين وقّعوا على هذه الإبادة الجماعية قد أُدينوا بالفعل أمام التاريخ».

مراسم الاستقبال الرسمية المصرية للرئيس التركي (الرئاسة التركية)

وأضاف: «الآن نرى أيضاً كيف أن بعض الدول التي وقفت إلى جانب إسرائيل في بداية العملية، تشعر الآن بالندم. ونواصل جهودنا من أجل السلام الدائم، فلم يعد بوسع العالم أن يتجاهل حقيقة أن الحل يكمن في إقامة دولة فلسطينية مستقلّة ذات سيادة ومتكاملة جغرافياً على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية». ولفت إلى أن «تركيا لا تدافع عن أشقائها الفلسطينيين فحسب، بل تدافع أيضاً عن حقوق الإنسان والسلام والقانون الدولي، وقد أظهرت صدقها في هذه القضية بأوضح طريقة»، مشدداً على أن «هذه البنية المشوهة للنظام العالمي، والتي تُمهد الطريق لمجازر جديدة، يجب الآن أن تتغير، ويجب إنشاء آليات فعالة للرقابة».

تعاون في مجال الغاز

في سياق متصل، أعلنت شركة خطوط الأنابيب التركية «بوتاش» توصلها لاتفاق حول تعميق العلاقات مع الشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعي «إيجاس». وقالت الشركة، في بيان، الخميس، إن «الرئيس رجب طيب إردوغان عقد اجتماعاً بين الإدارة العليا لشركة بوتاش وشركة إيجاس، في إطار زيارته الرسمية لمصر، وجرى التوصل إلى اتفاقية». وأضاف البيان أنه «في إطار هذه الاتفاقية، أُجريت مشاورات حول الفرص التجارية للغاز الطبيعي والغاز المُسال، بالإضافة إلى التعاون في البنية التحتية والمخازن تحت الأرض، وتبادل المعرفة الفنية والخبرات». وتابع البيان أن «الاتفاقية تهدف إلى دعم أمن الطاقة في بلادنا ومنطقتنا، من خلال الخطوات الملموسة التي ستتخذها الأطراف فيما يتعلق بالقضايا التي ستجري مناقشتها في الفترة المقبلة»، وأن «بوتاش» تُواصل إقامة تعاون قوي مع شركاء الطاقة في منطقتها بما يتماشى مع هدف زيادة تنوع موارد الطاقة. وكان السيسي وإردوغان قد وقّعا، الأربعاء، إعلاناً مشتركاً لرفع التعاون بين البلدين إلى مستوى «مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى».

الرئيسان المصري والتركي في القاهرة الأربعاء بعد توقيع اتفاقيات مشتركة (الرئاسة المصرية)

وأكد الرئيسان اعتزازهما بالعلاقات التاريخية والإرث الحضاري والثقافي المشترك بين البلدين، وما تشهده العلاقات التجارية من نمو مطّرد، حتى في القترة التي مرت فيها العلاقات بتوتر. وجرى الاتفاق على رفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين إلى 15 مليار دولار، خلال السنوات القليلة المقبلة. وأكد البلدان حرصهما على تعزيز التنسيق المشترك، والاستفادة من موقع الدولتين كمركزيْ ثقل في المنطقة، بما يسهم في تحقيق السلم وتثبيت الاستقرار. وحظيت زيارة إردوغان لمصر باهتمام واسع في وسائل الإعلام التركية التي وصفتها بـ«التاريخية»، مؤكدة أنها ستنقل العلاقات بين مصر وتركيا إلى آفاق جديدة من التعاون، في الفترة المقبلة، لصالح البلدين والمنطقة.


مقالات ذات صلة

تركيا تقدم طائرة «حرجيت» في معرض مصر الدولي للطيران  

شؤون إقليمية طائرة التدريب المتقدم والهجوم الخفيف التركية «حرجيت» (موقع صناعة الطيران التركية)

تركيا تقدم طائرة «حرجيت» في معرض مصر الدولي للطيران  

قالت مصادر بصناعة الدفاع التركية إن طائرة التدريب المتقدم «حرجيت» ستظهر في معرض مصر الدولي للطيران (إياس) بمدينة العلمين خلال الفترة بين 3 و5 سبتمبر (أيلول).

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لنظيره التركي رجب طيب إردوغان في القاهرة في 14 فبراير الماضي (الرئاسة التركية)

التعاون الدفاعي على أجندة مباحثات السيسي وإردوغان المرتقبة في أنقرة

يحتل التعاون الدفاعي بين مصر وتركيا جانباً مهماً من المباحثات خلال الزيارة المرتقبة للرئيس عبد الفتاح السيسي لأنقرة في 4 سبتمبر (أيلول) المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية ترقب واسع في تركيا لزيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أ.ف.ب)

لماذا استبقت «الإخوان» زيارة السيسي لتركيا بمبادرة جديدة لطلب العفو؟

استبقت جماعة «الإخوان المسلمين»، المحظورة، زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المرتقبة لتركيا بمبادرة جديدة للتصالح وطلب العفو من الدولة المصرية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مع رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية (الرئاسة المصرية عبر «فيسبوك»)

السيسي يحذر من مخاطر فتح جبهة جديدة في لبنان

الرئيس المصري عبد الفتاح السيس التقى الفريق أول تشارلز براون رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية جانب من لقاء الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب إردوغان خلال زيارته للقاهرة في 14 فبراير الماضي (أرشيفية - الرئاسة التركية)

مصادر تركية: السيسي يزور أنقرة في 4 سبتمبر

قالت مصادر في وزارة الخارجية التركية إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سيزور أنقرة في 4 سبتمبر المقبل تلبية لدعوة الرئيس رجب طيب إردوغان.

 سعيد عبدالرازق (أنقرة)

نتنياهو: من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقاً... و«حماس» ستدفع الثمن

TT

نتنياهو: من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقاً... و«حماس» ستدفع الثمن

أشخاص يسيرون بجوار ملصق لصور الرهائن في تل أبيب (رويترز)
أشخاص يسيرون بجوار ملصق لصور الرهائن في تل أبيب (رويترز)

تعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، بجعل «(حماس) تدفع الثمن» بعد انتشال الجيش جثث 6 رهائن من نفق في غزة.

وقال نتنياهو في بيان: «من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقاً» حول هدنة في قطاع غزة. وأضاف موجهاً حديثه لقادة «حماس»: «سنطاردكم وسنقبض عليكم وسنصفّي الحساب» معكم.

كما أكد نتنياهو في بيان، أن إسرائيل ملتزمة بالتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المتبقين، وضمان أمن إسرائيل.

وفي وقت سابق اليوم، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أنه تم العثور في قطاع غزة على جثث 6 رهائن خُطفوا خلال هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على الأراضي الإسرائيلية، بما في ذلك جثة الإسرائيلي - الأميركي هيرش غولدبرغ بولين.

«من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقاً»

بنيامين نتنياهو

اقرأ أيضاً

وأكد الجيش الإسرائيلي انتشال جثث 6 رهائن من قطاع غزة، وهم: كارميل غات، وإيدن يروشالمي، وهيرش غولدبرغ بولين، وألكسندر لوبانوف، وألموج ساروسي، وأوري دانينو.

وقال الجيش عبر تطبيق «تلغرام»، إنه تم انتشال الجثث الست من نفق تحت الأرض في منطقة رفح بمنطقة جنوب قطاع غزة، وتم نقلها إلى إسرائيل.

من جهة أخرى، تحدّث نتنياهو عن الهجوم الذي وقع صباح الأحد بالقرب من الخليل في الضفة الغربية المحتلة وقتل فيه 3 عناصر من الشرطة، قائلاً: «إننا نقاتل على جميع الجبهات ضد عدو صعب يريد قتلنا جميعاً. هذا الصباح فقط، قتل 3 من رجال الشرطة في الخليل».

وأضاف: «حقيقة أن (حماس) تواصل ارتكاب الفظائع مثل تلك التي ارتكبتها في 7 أكتوبر تلزمنا ببذل كل ما في وسعنا لضمان عدم تمكنها من القيام بذلك بعد الآن».

ولم تعلن «حماس» مسؤوليتها عن الهجوم في الضفة الغربية، لكنها وصفته في بيان بأنه «عملية بطولية للمقاومة».

وكانت خدمة إسعاف نجمة داوود الحمراء أعلنت مقتل 3 أشخاص؛ رجلين وامرأة، في إطلاق نار استهدف سيارة قرب حاجز ترقوميا القريب من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية.

وبحسب الجيش، أطلق المهاجمون النار على مركبة كانت تقل القتلى الثلاثة، مشيراً إلى أن «قوات الأمن بدأت بالبحث عن الإرهابيين». وقال قائد الشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية عوزي ليفي، إن القتلى عناصر في الشرطة.