في الوقت الذي أعلن فيه الوزير في مجلس الحرب الإسرائيلي، بيني غانتس، أن «شن عملية واسعة» لاجتياح مدينة رفح (جنوب قطاع غزة) ليس محل شك، دعا ناطق باسم الحكومة، وكالات الأمم المتحدة، إلى «الانخراط معنا (إسرائيل) للتوصل إلى حل» يفضي إلى تنفيذ خطة تهجير سكان المدينة، بدلاً من مواصلة القول إنه «لا يمكن فعل ذلك».
وقال غانتس في بيان (الاثنين) إن «عملية واسعة النطاق في رفح ليست محل شك، وسنتخذ جميع الخطوات التي تتيح لنا حرية العمل؛ سواء إخلاء السكان أو تأمين الحدود أو إعداد المنطقة للدخول البري، وسنتحرك». وأضاف: «كما قلت منذ اللحظة الأولى، لن نعود حتى نحقق أهدافنا».
وجاءت تصريحات غانتس في وقت تواصلت فيه التحذيرات الدولية والإقليمية والأممية لإسرائيل من مغبة هجوم على رفح المكتظة بالسكان. ويقيم في مدينة رفح أكثر من مليون و200 ألف نازح، إضافة إلى حوالي 250 ألفاً من سكانها في مساحة لا تتعدى 64 كيلو متراً مربعاً، وهو ما يخشى معه من «مجازر كبيرة» و«كارثة» إذا ما هاجمتها إسرائيل.
وأصر المسؤولون الإسرائيليون، بما فيهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، والوزير غانتس، ووزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس الأركان هيرتسي هاليفي، على «مهاجمة رفح بكل قوة»، من أجل القضاء على ما يقول نتنياهو إنه «4 كتائب تابعة لـ(حماس) في المدينة، وتشكيل اللواء رقم 5 لـ(كتائب القسام) الذراع العسكرية لحماس)».
ورفح هي آخر معقل لـ«حماس» لم تدخله إسرائيل، لكنه تحول إلى أكبر مكان مكتظ في العالم، إلى الحد الذي اضطر معه النازحون للزحف ونصب خيام على الحدود مع مصر.
وطالبت السلطة الفلسطينية، الاثنين، الولايات المتحدة والعالم، بالتدخل لوقف الهجوم المحتمل على رفح. ودعا نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، المجتمع الدولي، إلى وقف تقدم الهجوم البري الإسرائيلي على مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، قائلاً إن «الإدارة الأمريكية يجب ألا تظل رهينة للسياسات الإسرائيلية». وقال أبو ردينة إنه «لم يعد هناك مكان آمن في غزة».
بدوره، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية إن «إسرائيل عبر مهاجمة مربع اللجوء الأخير (رفح) تستمر في ارتكاب جرائم الإبادة التي بدأتها في غزة، ومحاولات التهجير التي ما زالت قائمة وخططها جاهزة للتنفيذ، ولكن شعبنا لن يترك أرضه ولن يهجرها».
ولم تدعم الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل والاتحاد الأوروبي، مباشرةً، توسيع العملية الإسرائيلية إلى رفح، لكن الرئيس الأميركي جو بايدن طلب من نتنياهو في مكالمة جرت الأحد، «عدم شن هجوم على المدينة، بدون خطة (موثوقة) لحماية المدنيين». وهو ما عده مراقبون وكذلك حركة «حماس» موافقة ضمنية أميركية على اجتياح رفح.
المطالبات الأممية
حذرت الأمم المتحدة وهيئاتها من تداعيات الهجوم على رفح، فيما ردت إسرائيل بالطلب من وكالاتها التعاون مع إسرائيل بخصوص خطة يطورها جيش الاحتلال لإجلاء المدنيين من مدينة رفح، جنوب قطاع غزة. وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، إيلون ليفي، الاثنين، «لا تقولوا إنه لا يمكن فعل ذلك، انخرطوا معنا للتوصل إلى حل».
وزعم أن «المسؤولين الدوليين بمطالبتهم إسرائيل بعدم شن هجوم على رفح يكونون متواطئين مع استراتيجية الدروع البشرية التي تنتهجها (حماس)».
خان يونس
وينتظر الهجوم على رفح انتهاء الجيش الإسرائيلي من عمليته المعقدة في خان يونس (جنوب غزة)، التي طالت بشكل أكبر مما توقعه الجيش الذي تفاجأ بحجم القوات التابعة لـ«حماس» وشكل شبكة الأنفاق الكبيرة هناك.
ويواجه الجيش الإسرائيلي قتالاً ضارياً في خان يونس منذ أكثر من 70 يوماً. واندلعت اشتباكات عنيفة بين المقاتلين الفلسطينيين وقوات من الجيش الإسرائيلي في بلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس، الاثنين، في وقت قالت فيه هيئة البث الإسرائيلية إن الجيش تعرض إلى كمين «كبير جداً» في خان يونس.
ولم يتضح فوراً أي تفاصيل حول الكمين، لكن «كتائب القسام»، قالت الاثنين، إنها «أجهزت على 10 جنود إسرائيليين شرق خان يونس». كما أفادت في بيان آخر بـ«تفجير عبوة مضادة للأفراد في قوة راجلة وإيقاعها بين قتيل وجريح في منطقة عبسان».
من جهتها، أعلنت «سرايا القدس»، التابعة لحركة «الجهاد الإسلامي»، نصب «كمين محكم لقوة من الجيش (الإسرائيلي) جنوب شرقي خان يونس». وقالت إن مقاتليها «باغتوها بالأسلحة الرشاشة والقذائف المضادة للأفراد والتحصينات والعبوات، موقعين أفرادها بين قتيل وجريح».
وأعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل عسكريين اثنين في معارك جنوب غزة. وقال الجيش إن «اللواء (احتياط) ألون كلاينمان، واللواء عادي الدور، سقطا وكلاهما يخدم في (وحدة ماجلان) التابعة للواء الكوماندوز».
وارتفعت حصيلة قتلى الجيش، منذ بدء العدوان على قطاع غزة، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى نحو 570 قتيلاً، بينهم 229 منذ بداية العملية البرية في غزة نهاية أكتوبر. وقتلت إسرائيل في غزة أكثر من 28 ألف فلسطيني.
وفي تطور لاحق، أعلنت «كتائب القسام» (الاثنين) عن «مقتل 3 من المحتجزين الإسرائيليين الثمانية الذين أعلنت (الأحد) عن إصابتهم بجروح خطيرة في الغارات على قطاع غزة». بذلك يرتفع عدد القتلى من المحتجزين الإسرائيليين في غزة إلى 33 شخصاً. وجاء إعلان «القسام» بعد ساعات من احتفاء إسرائيل بتحرير اثنين من المحتجزين في عملية مباغتة في قلب رفح.