إيران تُبطئ إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب

مدير «الذرية الدولية»: طهران لا تزال تضيف المخزون لكن بوتيرة أقل

غروسي خلال افتتاح أعمال مجلس المحافظين في فيينا سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
غروسي خلال افتتاح أعمال مجلس المحافظين في فيينا سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

إيران تُبطئ إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب

غروسي خلال افتتاح أعمال مجلس المحافظين في فيينا سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
غروسي خلال افتتاح أعمال مجلس المحافظين في فيينا سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

يرى مفتشو «الأمم المتحدة» النوويون بعض الدلائل على أن طهران تبطئ من وتيرة برنامجها النووي ولو قليلاً، في مؤشر جديد على أن إيران قد تسعى لتهدئة مواجهتها مع الولايات المتحدة. وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، في مقابلة، إن إيران كانت تعمل على تعزيز إمداداتها من اليورانيوم المخصب ليبلغ درجة نقاء 60 في المائة، وهي الدرجة التي يمكن تخصيبها بسرعة لتصل إلى المستوى المطلوب لإنتاج أسلحة نووية.

غير أن الزيادة في الإنتاج، التي بدأت بعد الأعمال العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة رداً على هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، يبدو أنها خفّت.

وأضاف غروسي: «هناك بعض التباطؤ، ما زالوا يضيفون إلى المخزون ولكن بوتيرة أبطأ».

وكان غروسي قد انخرط في الجدال مع إيران على مدى سنوات بشأن القيود التي فرضتها طهران على المفتشين، وتفكيكها الكاميرات وأجهزة الاستشعار الأخرى في مواقع رئيسية لتخصيب اليورانيوم.

ومن الصعب التكهن بنيّات إيران بشأن إنتاجها اليورانيوم المخصب، لكن مع مرور السنين كان المعدل مرتبطاً بمستوى التوتر في علاقات إيران مع الولايات المتحدة وإسرائيل أكثر من ارتباطه بالضروريات الفنية للإنتاج.

مفتش من «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» يُجري فحصاً بالمحطة النووية في نطنز 20 يناير 2014 (أ.ف.ب)

وليس من الواضح، على وجه التحديد، متى بدأ التباطؤ في إنتاج اليورانيوم، لكن يبدو أن إيران باتت قلقة من أن برنامجها للتخصيب النووي يمكن أن يصبح هدفاً عسكرياً رئيسياً.

وتُجري إسرائيل بانتظام تدريبات لمحاكاة قصف تلك المواقع، وقد شاركت الولايات المتحدة في عمليات تخريب البرنامج لأكثر من 15 عاماً.

ونَفَت إيران أن يكون هدفها هو إنتاج سلاح نووي، وقال مسؤولو الاستخبارات إنه لا يوجد دليل حتى الآن على أنها تتسابق لإنتاج سلاح نووي.

ويبدو أن السلطات الإيرانية ضبطت بعناية أنشطة التخصيب بها، للبقاء تحت عتبة الموادّ المستخدمة في صنع الأسلحة. ويعرف مستوى الأسلحة عادة بأنه اليورانيوم المخصب بنسبة نقاء 90 في المائة، لكن من الممكن إنتاج أسلحة بوقود مخصب إلى حد ما دون هذا المستوى.

عيّنات أجهزة الطرد المركزي في معرض للصناعات النووية بطهران 11 يونيو 2023 (رويترز)

في نوفمبر (تشرين الثاني)، ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران تمتلك 128 كيلوغراماً (نحو 282 رطلاً) من اليورانيوم المخصب بنسبة نقاء 60 في المائة. وبدءاً من يونيو (حزيران)، خفّضت إيران إنتاجها بشكل كبير، فيما بدا إشارة هادئة للولايات المتحدة. لكن الإنتاج ارتفع في ديسمبر (كانون الأول)،

ولم يتباطأ إلا مؤخراً مرة أخرى. ولا يؤثر أي من هذه الاختلافات على الصورة الأكبر: تمتلك إيران الآن مزيداً من اليورانيوم الذي يقترب من درجة صنع القنابل، أكثر مما كانت عليه منذ سنوات، وذلك بعد أن أجبرها الاتفاق النووي الذي وقّع عام 2015 على التخلي عن 97 في المائة من مخزونها.

وانسحب الرئيس دونالد ترمب من هذا الاتفاق في عام 2018، مما أدى إلى النمو الحالي. وباشرت إيران بناء منشآت تحت الأرض يصعب قصفها.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

إيران تلمح لإمكانية التخلي عن السلاح النووي بشروط

شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

إيران تلمح لإمكانية التخلي عن السلاح النووي بشروط

في حين كانت إيران تُصعد ضد الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ألمحت إلى إمكانية التفاوض بشروط مختلفة مع الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترمب. وتبنّت الوكالة…

شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

«الطاقة الذرية الإيرانية»: لم نتفق على ألا يتجاوز التخصيب 60%

نقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية عن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي، قوله (السبت) إن بلاده لم تتفق على ألا يتجاوز تخصيب اليورانيوم 60%.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران تصعّد مواجهتها مع «وكالة الطاقة الذرية»

صعّدت إيران مواجهتَها ضد «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، إذ أعلنت أمس أنَّها ستضع في الخدمة مجموعة من أجهزة الطرد المركزي «الجديدة والمتطورة»، وذلك رداً على

«الشرق الأوسط» (لندن – طهران)
شؤون إقليمية 
صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الفصلي في فيينا

الغرب يطالب إيران بتدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت بريطانيا وألمانيا وفرنسا، أمس (الخميس)، إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60 في المائة «فوراً».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
TT

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

تقدم أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية هذا الأسبوع بحق زعماء إسرائيل و«حماس»، بسبب الجرائم التي تتهمهم بارتكابها في غزة، رؤى مهمة حول مدى اختصاص المحكمة وحدود سلطتها.

وقدم تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت؛ ورئيس الجناح العسكري لـ«حماس» محمد الضيف، الذي قد يكون ما زال على قيد الحياة.

لماذا تدعي المحكمة الاختصاص في هذه القضية؟

لقد انضمت أكثر من 120 دولة إلى معاهدة دولية، وهي نظام روما الأساسي، وهي أعضاء في المحكمة. تأسست المحكمة، التي يقع مقرها في لاهاي في هولندا، منذ أكثر من عقدين من الزمان لمقاضاة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية وجريمة العدوان.

واتهمت المحكمة نتنياهو وغالانت باستخدام التجويع كسلاح حرب، من بين تهم أخرى، في الصراع مع «حماس» في غزة.

واتهمت المحكمة محمد الضيف، أحد المخططين الرئيسيين لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والتعذيب والعنف الجنسي واحتجاز الرهائن.

لا تعترف الدول القوية، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة والصين، بسلطة المحكمة. ولم تصادق على نظام روما الأساسي، ولا تحترم المذكرات الدولية الصادرة عن المحكمة ولن تسلم مواطنيها للمحاكمة.

لا إسرائيل ولا فلسطين عضوان في المحكمة. ولكن في حين لا تعترف العديد من الدول بدولة فلسطين، فقد فعلت المحكمة ذلك منذ عام 2015، عندما وقع قادة السلطة الفلسطينية، التي تسيطر على جزء كبير من الضفة الغربية.

وعلى الرغم من سيطرة «حماس» على غزة منذ عام 2007 ولا تعترف الجماعة المسلحة بخضوعها لدولة فلسطينية، فقد قضت المحكمة بأن لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.

وقال ديفيد شيفر، السفير الأميركي السابق والمفاوض الرئيسي في النظام الأساسي الذي أنشأ المحكمة: «أود أن أزعم أن هذا يجعل تصرفات (حماس) أكثر عرضة للمحكمة الجنائية الدولية. إن السلطة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية لا تقتصر على (حماس) فقط، بل إن (حماس) أثبتت دورها كسلطة حاكمة لذلك الجزء من دولة فلسطين، وبالتالي فإن هذه السلطة تحمل المسؤولية، بما في ذلك ارتكاب جرائم فظيعة».

ومن الأهمية بمكان بالنسبة لسلطة المحكمة أن اختصاصها يمكن أن يمتد إلى ما هو أبعد من الدول الأعضاء. ويمنح نظام روما الأساسي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، سلطة إحالة جرائم الفظائع المرتكبة في أي دولة -عضو في المحكمة الدولية أم لا- إلى الهيئة القانونية للتحقيق.

وقد أحال مجلس الأمن السودان إلى المحكمة في عام 2005 بشأن الوضع الإنساني في دارفور، وأحال ليبيا في عام 2011 رغم أن كلتا الدولتين ليست عضواً في المحكمة.

وقال الخبراء إنه نظراً للتوترات الحالية بين الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة)، فمن غير المرجح أن يحيل المجلس بالإجماع فرداً إلى المحكمة للمحاكمة في أي وقت قريب.

وأشار شفير إلى أنه «نظراً للطبيعة غير الوظيفية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في السنوات الأخيرة، فمن غير المرجح أن تنجو أي إحالة مقترحة لأي حالة معينة في العالم من الفيتو».

هل سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء؟

بالفعل، سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء، فروسيا ليست عضواً في المحكمة، ولكن في عام 2023 أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشأن غزو موسكو الكامل لأوكرانيا، التي لم تصبح عضواً بعد ولكنها منحت المحكمة الاختصاص ودعتها للتحقيق.

كما أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق عمر حسن البشير، الرئيس السابق للسودان، والعقيد معمر القذافي، الزعيم السابق لليبيا. ولا تتمتع أي من الدولتين بعضوية المحكمة.

في عام 2017، بدأ المدعي العام للمحكمة التحقيق في مزاعم جرائم الحرب في أفغانستان، بما في ذلك أي جرائم ربما ارتكبها الأميركيون. ورداً على ذلك، فرضت واشنطن عقوبات على فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة في ذلك الوقت، وألغت تأشيرة دخولها. وأسقطت المحكمة تحقيقاتها في وقت لاحق.

هل يمكن للمحكمة إنفاذ أوامر الاعتقال؟

في حين أن نطاق المحكمة قد يكون عالمياً تقريباً من الناحية النظرية، فإن قوتها في نهاية المطاف في أيدي أعضائها.

لا يمكن للمحكمة محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم غيابياً وليس لديها آلية لمحاكمة المتهمين. إنها تعتمد على الدول الأعضاء للعمل كجهات منفذة واحتجاز المشتبه بهم قبل أن يتمكنوا من المثول للمحاكمة في لاهاي. ومع ذلك، لا تلتزم جميع الدول الأعضاء بالاتفاق.

قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الجمعة، إنه دعا نتنياهو لزيارة بلاده، وهي عضو في المحكمة، وأنه سيتجاهل التزامه الرسمي بالتصرف بناءً على مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة.

في سبتمبر (أيلول)، زار بوتين منغوليا، وهي عضو آخر، من دون أن يتم القبض عليه.

وزار البشير جنوب أفريقيا، وهي أيضاً عضو، لحضور قمة الاتحاد الأفريقي لعام 2015.