إيران... ​إعدام 4 سجناء سياسيين أكراد أدينوا بتهمة التجسس لصالح إسرائيل

محامٍ: المتهمون اعتُقلوا قبل وقوع العملية ضد منشأة في أصفهان

مشنقة في سجنٍ إيرانيّ قبل تنفيذ حكم بالإعدام (إيسنا)
مشنقة في سجنٍ إيرانيّ قبل تنفيذ حكم بالإعدام (إيسنا)
TT

إيران... ​إعدام 4 سجناء سياسيين أكراد أدينوا بتهمة التجسس لصالح إسرائيل

مشنقة في سجنٍ إيرانيّ قبل تنفيذ حكم بالإعدام (إيسنا)
مشنقة في سجنٍ إيرانيّ قبل تنفيذ حكم بالإعدام (إيسنا)

أعدمت إيران شنقاً، فجر الاثنين، أربعة سجناء سياسيين من كوادر حزب «كوملة» الكردي المعارض، بتهمة التعاون مع أجهزة الاستخبارات الإسرائيليّة في إطار خطّة لتخريب موقع للدفاع الإيراني.

واتُّهم الأربعة بالتسلل إلى الأراضي الإيرانية بشكل غير قانوني من إقليم كردستان العراق لتنفيذ عملية تفجير بمصنع في أصفهان يُنتج معدات عسكرية لوزارة الدفاع الإيرانية.

وأفادت التقارير بأن عملية التفجير كان من المفترض تنفيذها في صيف 2022 لصالح جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، لكنّ المخابرات الإيرانية أحبطت العملية، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت وكالة «ميزان»، المنصة الإعلامية للجهاز القضائي الإيراني، أنّ المتّهمين الأربعة أوقِفوا 23 يوليو (تموز) 2022 فيما كانوا يُعدون لعملية ضد مركز تابع لوزارة الدفاع في أصفهان، المدينة الكبيرة وسط إيران، لحساب «الموساد».

وتابعت الوكالة أن وزارة الاستخبارات أعلنت عندها «رصد شبكة عملاء لمنظمة التجسس الصهيونية أوقف عناصرها»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية، من القضاء الإيراني.

وأكد عبد الله مهتدي، الأمين العام لحزب «كوملة» الكردستاني المعارض، في منشور على منصة «إكس» إعدام أربعة عناصر من حزبه، وقال: «كردستان لن تبقى صامتة ومكتوفة اليد». ونعى مهتدي الأربعة، معلناً إضرابات عامة بدعوة من أحزاب المعارضة الكردية.

 

وأصدرت محكمة «الثورة» التي تنظر في الاتهامات السياسية والأمنية، حكماً بإعدام النشطاء الأربعة، في سبتمبر (أيلول) 2023، ورفضت المحكمة العليا طعنهم على الحكم. ورفضت أُسرُهم الاتهامات الموجهة إليهم، وأطلقت منظمات حقوق الإنسان حملة في الأيام الأخيرة، لوقف الإعدامات.

وحسب رواية وكالة القضاء الإيراني، فإن «الموساد» جنّد الأربعة قبل نحو عام ونصف من العملية وأُرسلوا بعدها إلى دول أفريقية للخضوع لـ«دورات تدريب في مراكز عسكرية في هذه الدول»، مشيرةً إلى أن ضباطاً من «الموساد» كانوا حاضرين خلال تلك الدورات.

وقال مسعود شمس نجاد، محامي السجناء السياسيين الأربعة، إن اعتقالهم سبق العملية التي أعلنت عنها إيران وإحباط الهجوم. ووصف إعدام هؤلاء بأنه «قصاص قبل ارتكاب الجريمة».

وساد قلق بين أقارب هؤلاء الرجال الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً، بعد استدعائهم (الأحد) للقاء أخير مع المدانين قبل إعدامهم في سجن قزل حصار في مدينة كرج خارج طهران. وتأتي عمليات الإعدام مع ازدياد القلق بشأن تنامي عمليات الإعدام في إيران التي شهدت إعدام شخصين في المتوسط يومياً حتى الآن هذا الشهر، حسب ناشطين. وقالت منظمة العفو الدولية إن الرجال الأربعة «معارضون إيرانيون أكراد» وحُكم عليهم بالإعدام «بعد محاكمة سرّية جائرة جداً». ووصفت توقيفهم في يوليو 2022 بأنه «إخفاء قسري»، مشيرةً إلى أنهم أُجبروا على الإدلاء بـ«اعترافات» على التلفزيون الإيراني، وهو تكتيك تستخدمه السلطات عادةً ويخشى ناشطون أن يكون حُصل عليها بالإكراه.

 

«لن أسامح ولن أنسى»

وقال مدير منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرها أوسلو، محمود أميري مقدّم: «إن إعدام هؤلاء السجناء الأربعة حدث بناءً على اعترافات جرى الحصول عليها تحت التعذيب ودون محاكمة عادلة، ويعَدّ عملية قتل خارج نطاق القضاء».

وحسب منظمة حقوق الإنسان في إيران، أُعدم ما لا يقلّ عن 65 شخصاً في إيران حتى الآن هذا العام. وانتقدت جوانا طيماسي، زوجة محسن مظلوم، وهو أحد الرجال الذين أُعدموا، القرار في منشور على منصة «إكس»، قائلة: «لن أسامح ولن أنسى اليوم! ليس لديّ شيء آخر أقوله».

في الأيام الأخيرة، قامت طيماسي التي تقيم حالياً خارج إيران، بحملات على شبكات التواصل الاجتماعي للدعوة إلى إنقاذ الرجال الأربعة وتناولت المسألة خلال ظهورها على عدة قنوات تلفزيونية ناطقة بالفارسية. وقالت منظمة «هنكاو» التي تُعنى بحقوق الأكراد ومقرّها في النرويج إن الرجال الأربعة الذين تتراوح أعمارهم بين 26 و28 عاماً والمتحدرين من مناطق يسكنها أكراد بغرب إيران، «حُرموا من حقوقهم الأساسية في التمثيل القانوني والزيارات وحتى التواصل مع عائلاتهم». وأضافت: «حتى بمعايير جمهورية إيران الإسلامية، لم يجرِ استيفاء الحد الأدنى من متطلبات المحاكمة العادلة في قضيتهم».

وتخشى الدول الغربية من تطوير إيران أسلحة نووية. وتعهدت إسرائيل وحليفتها واشنطن بإحباط المساعي التي دأبت طهران على إنكارها.

وتتهم إسرائيل إيران بدعم هجمات مسلحة ضدها، فيما تقول إيران إن إسرائيل نفّذت عدداً من عمليات القتل التي استهدفت مسؤولين وعلماء إيرانيين. ولا تؤكد إسرائيل أو تنفي المسؤولية عن هذه الاغتيالات.

وأعلنت إيران في أغسطس (آب) 2023 إحباط مخطط «متشعب جداً» دبّره «الموساد» بهدف «تخريب» برنامجها للصواريخ الباليستية، عبر تزويد إيران بقطع إلكترونية، وفّرتها طهران على ما يبدو من السوق السوداء. وقبل ذلك اتهمت طهران إسرائيل في فبراير (شباط) بتحمل مسؤولية هجوم بمُسيرات على موقع عسكري في أصفهان.

في 23 يناير (كانون الثاني) أعدمت إيران داعية سني كردي، بعد 14 عاماً من اعتقاله، بتهمة الانتماء إلى «تنظيم متشدد» لم تذكر اسمه. وفي اليوم نفسه، أعدمت السلطات محمد قبادلو، بتهمة دهس عناصر الشرطة، مما أدى إلى مقتل أحدهم خلال احتجاجات العام الماضي. وكان قبادلو يعاني اضطراب الهوية. وقال محامي قبادلو إنه كان ينتظر إعادة محاكمته، بعدما طعنت المحكمة العليا في الحكم الصادر. وبدورها، قالت السلطات إن المحكمة العليا، «أيَّدت حكم الإعدام».

في الأثناء، كرر المحامي الإيراني سعيد دهقان دعوات وجّهها ناشطون إيرانيون ومنظمات حقوق الإنسان إلى ندى الناشف، نائبة المفوض السامي لحقوق الإنسان، لإلغاء زيارتها المقررة لطهران في 2 فبراير.

وقال دهقان: «يجب تأجيل الزيارة على الأقل حتى يصدر التقرير الأول للجنة تقصي الحقائق»، محذراً من أن تكون الزيارة «استعراضية تهدف إلى منع تمديد لجنة تقصّي الحقائق التابعة للأمم المتحدة» والتي أُعلنت العام الماضي، للتحقيق في ملابسات قمع الاحتجاجات الإيرانية.

وقال ولي عهد إيران السابق ونجل الشاه، رضا بهلوي، على منصة «إكس»: «لقد أعلنت الجمهورية الإسلامية الحرب على الشعب الإيراني والعالم في الوقت نفسه». وتابع: «في حربه ضد الشعب الإيراني، أعدم هذا النظام قبل ساعة أربعة سجناء آخرين، وفي إعلانه حربه مع العالم، قُتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن عبر وكلائه الإرهابيين وأصاب عشرات آخرين».

وأضاف بهلوي: «لهذه المشكلة، هناك حل واحد فقط: مساعدة الشعب الإيراني في نضاله للتخلص من النظام الإسلامي، وإنهاء الحرب والصراع».


مقالات ذات صلة

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية صورة وزعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمديرها العام رافائيل غروسي في مستهل اجتماعها الربع السنوي في فيينا

دول غربية تدعو إيران إلى تدمير اليورانيوم عالي التخصيب «فوراً»

دعت دول غربية إيران إلى «تدمير اليورانيوم 60 % فوراً»، فيما رجحت تقارير أن يصوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار ضد إيران غداً الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إيران لجأت إلى قطاعها التجاري لإخفاء تطويرها للصواريخ الباليستية، في خطوة للالتفاف على العقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري محسن نذیري أصل مندوب إيران الدائم لدى المنظمات الدولية يحمل لوحة باسم بلاده في الاجتماع الفصلي في فيينا اليوم (الذرية الدولية)

تحليل إخباري البرنامج النووي الإيراني يجتاز مرحلة حساسة

إيران واقعة بين خيار الإذعان لمطالب الغربيين أو مواجهة التصعيد، وذلك على خلفية اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية واحتمال صدور قرار متشدد بحقها.

ميشال أبونجم (باريس)

بعد مذكرة توقيف نتنياهو... الإسرائيليون يخشون ملاحقة ضباط جيشهم

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
TT

بعد مذكرة توقيف نتنياهو... الإسرائيليون يخشون ملاحقة ضباط جيشهم

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

بعيداً عن الرد العصبي الفوري للقادة الإسرائيليين في الائتلاف والمعارضة، على السواء، ضد قرار المحكمة الجنائية في لاهاي إصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت بتهمة التورط في جرائم حرب بقطاع غزة، ينكب قادة الجهاز القضائي العام وكذلك القضاء العسكري والخبراء في معاهد الأبحاث على دراسة القرار بشكل عميق، وسط مخاوف شديدة، ليس من اعتقال نتنياهو وغالانت، بل من تبعات القرار الأخرى التي يصفونها بالمخيفة.

وأهم المخاوف لدى الإسرائيليين تتعلق بقرار المحكمة الذي يعني أنها اقتنعت بأن ما جرى في غزة هو فعلاً جرائم حرب ضد الإنسانية، تشمل التجويع والتعطيش وحرمان الناس من العلاج الطبي السليم، والقتل الجماعي. في هذه القضايا يوجد مسؤولان كبيران هما نتنياهو وغالانت، ولكن يوجد منفذون. والمنفذون هم قادة الجيش الكبار وكذلك قادة الجيش الصغار وألوف الجنود والضباط الذين نشروا صوراً في الشبكات الاجتماعية يتباهون فيها بممارساتهم ضد الفلسطينيين. وكل واحد من هؤلاء يمكن اعتقاله بقرار من أي محكمة في أي دولة يصل إليها، في حال قُدّمت شكوى ضده.

ويتضح، في هذا الإطار، أن هناك «جيشاً» من المتطوعين في العالم، بينهم عشرات الإسرائيليين اليهود، الذين يقفون ضد الحرب وما تنطوي عليه من جرائم رهيبة، يتجندون في هذه المعركة من الآن. وهؤلاء، كما يبدو، جمعوا الكثير من المعلومات الدقيقة عن الضباط المذكورين، من قبيل من هم، وما أرقام هوياتهم وجوازات سفرهم، وأين يسافرون. وتم تخزين هذه المعلومات في أماكن مناسبة في الفضاء الإلكتروني تمهيداً لمثل هذه اللحظة التي وفرها قرار المحكمة الجنائية. وينوي هؤلاء، كما تقول أوساطهم، استغلال ما لديهم من معلومات لغرض اعتقال أي واحد من الضباط إذا سافر إلى الخارج.

وقد تمت تجربة هذه الخطوة ثلاث مرات في الشهر الأخير وكادت تنجح، لولا أن إسرائيل كرّست جهوداً ضخمة لإنقاذ الضباط المشتبه بتورطهم. المرة الأولى كانت في بلجيكا، حيث تم فتح ملف تحقيق ضد مواطن يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والبلجيكية، وشارك في الحرب على غزة. وقبل أسبوعين فُتح ملف مشابه لإسرائيلي يحمل الجنسية القبرصية في نيقوسيا. وفي الأسبوع الماضي حصل الأمر نفسه لضابط إسرائيلي في جيش الاحتياط، كان يمضي شهر عسل مع زوجته الشابة في قبرص. وهو من أولئك الضباط، الذين تباهوا بأفعالهم في غزة ونشر صورة له قبل 6 أشهر وهو يقول: «لن نتوقف. سنحرق غزة عن بكرة أبيها». وقد تتبعت منظمة بلجيكية أثره. ووجدت أنه ينشر صور شهر العسل بفرح وسعادة، فتوجهت إلى المحكمة لاعتقاله. وقد عرف جهاز «الموساد» بالأمر، فسارع إلى ترحيله من قبرص خلال ساعات قليلة، قبل أن يتم إصدار أمر باعتقاله.

بالإضافة إلى هذا الخطر، يدرس الإسرائيليون تبعات القرار على عمل نتنياهو. فإذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لاستقباله، فمن سيستقبله غيرها؟ وأي رئيس سيلتقيه الآن، في العالم؟ أي رئيس سيصل إلى إسرائيل؟ أليس كل مسؤول في العالم سيحسب حساباً للقائه بعد هذا القرار؟ وكيف يمكن لرئيس حكومة أن يعمل وهو مُقاطع من نظرائه في الخارج؟

أحد الخبراء، فوان الترمان، قال للقناة «آي 24» إن قرار محكمة لاهاي ينطوي على عدة نقاط ضعف، لكن لا يمكن الاستناد لإلغاء القرار إلا إذا سلّم نتنياهو نفسه إلى المحكمة. ولأن هذا لن يحدث يجب الاعتياد على العيش تحت قيادة «قائد منبوذ»، وهذا غير ممكن، برأيه، ولذلك فإن ما يجب الاعتياد عليه هو العيش من دون نتنياهو، متوقعاً أن نهاية عهده بدأت بقرار محكمة لاهاي.