نتنياهو يقود إسرائيل إلى أزمات إقليمية

يفجّر خلافات علنية متعمدة مع مصر وقطر والمملكة الأردنية

TT

نتنياهو يقود إسرائيل إلى أزمات إقليمية

احتجاج عائلات الرهائن أمام مقر إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقدس الأحد الماضي للمطالبة بالإفراج الفوري عن الرهائن لدى «حماس» (رويترز)
احتجاج عائلات الرهائن أمام مقر إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقدس الأحد الماضي للمطالبة بالإفراج الفوري عن الرهائن لدى «حماس» (رويترز)

يقود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إسرائيل إلى مواجهة محتملة مع الوسطاء الذين يعملون من دون كلل وملل بين تل أبيب وحركة «حماس»، حتى قبل الحرب الحالية، وينخرطون اليوم في أهم مفاوضات على الإطلاق، حول صفقة تبادل أسرى، وهي مفاوضات مرتبطة مباشرة بمصير الحرب على قطاع غزة.

وعلى الرغم من أن العلاقات بين حكومة نتنياهو المتطرفة، من جهة، ومصر وقطر، من جهة ثانية، شابها الكثير من التوترات المكبوتة خلال فترة الحرب الأخيرة، لكن الخلافات ظهرت إلى العلن لأول مرة، وهي خلافات ليست بعيدة عن الخلاف الإسرائيلي مع الإدارة الأميركية التي تعمل مع القاهرة والدوحة، وتعدّهما من الحلفاء الرئيسيين في المنطقة.

وركزت وسائل إعلام إسرائيلية على أن نتنياهو يقود إسرائيل إلى أزمات إقليمية، ووصلت الخلافات إلى الحد الذي رفض فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الرد على اتصالاته، في حين هاجمته قطر علانية، بانتظار أزمة ثالثة محتملة مع المملكة الأردنية.

وكانت «القناة 13» الإسرائيلية قد أكدت أن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حاول ترتيب اتصال هاتفي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لكن السيسي امتنع عن تلقي اتصال منه.

مظاهرة مناهضة للحكومة خارج مدرسة رمات كورازيم في موشاف إيليفلت بشمال إسرائيل في 23 يناير (أ.ف.ب)

وفي ذروة الخلاف مع مصر، حول قضايا متعلقة بالحرب مع قطاع غزة والسيطرة على محور فيلادلفيا، وبينما تنخرط مصر في مفاوضات حول الأسرى، اختلق نتنياهو خلافاً مع قطر، الوسيط الثاني في المفاوضات مع «حماس».

عائلات الأسرى تحذر

وهاجم نتنياهو قطر في تسريب، قالت مصادر إسرائيلية: إنه «كان متعمداً فيما يبدو لعرقلة الاتفاق». وقالت عائلات الرهائن الإسرائيليين، المحتجزين في قطاع غزة، إن «حقيقة أنه تمت المصادقة على أن تنشر الرقابة العسكرية هذه الأمور، هو أمر خطير ويدل على فقدان ترجيح الرأي، وعلى الكابينيت ملقى واجب منع أزمة (مع قطر) وتشكيل خطر على حياة المخطوفين».

وكان نتنياهو قال خلال لقائه مع عائلات محتجزين في غزة: إن وساطة قطر بين إسرائيل وحركة «حماس» تمثل إشكالية أكثر من الأمم المتحدة والصليب الأحمر. وإنه لم يشكر قطر ولا مرة؛ لأنه يعرف أنها تمثل إشكالية ولم تضغط بما فيه الكفاية على «حماس»، رغم أنها تملك الأدوات لأنها هي التي تمول الحركة.

وذكر نتنياهو، أنه أصيب بخيبة أمل لأن الولايات المتحدة مدّدت وجودها في القاعدة العسكرية في قطر، ولا تمارس مزيداً من الضغوط على الدوحة.

وزيرة الدولة القطرية للتعاون الدولي لولوة بنت راشد الخاطر تتحدث مع طفل في مكان مجهول بغزة خلال هدنة مؤقتة بين «حماس» وإسرائيل 26 نوفمبر الماضي (رويترز)

وردّت الدوحة في بيان غاضب عبر المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، قال فيها: إنه إذا تبين أن التصريحات المتداولة صحيحة، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعرقل ويقوّض جهود الوساطة لأسباب سياسية ضيقة بدلاً من إعطاء الأولوية لإنقاذ الأرواح، بما في ذلك الرهائن الإسرائيليون.

ووصف التصريحات، بأنها غير مسؤولة ومعرقلة للجهود المبذولة لإنقاذ أرواح الأبرياء، مستدركاً القول: إنها «ليست مفاجئة».

وختم بالقول: «نأمل أن ينشغل نتنياهو بالعمل على تذليل العقبات أمام التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن» بدلاً من الانشغال بعلاقة قطر الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.

إسماعيل هنية يتحدث إلى وسائل الإعلام بالدوحة في قطر ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)

لكن في دليل على عمق الأزمة وتعمد توتير الأجواء، شارك وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الحليف الرئيسي لنتنياهو، تصريحات الناطق القطري، وعلق عليها بالقول: إن قطر دولة راعية لـ«حماس» «وهي مسؤولة إلى حد كبير عن المذبحة التي ارتكبتها (حماس) بحق المواطنين الإسرائيليين. وموقف الغرب منها منافق ومبني على مصالح اقتصادية غير سليمة. ويستطيع الغرب، بل وينبغي له، أن يمارس نفوذاً أقوى عليها وأن يطلق سراح المختطفين على الفور».

ومع ذلك، أكد مسؤولون قطريون أنهم لن يسمحوا «لأفراد» في إسرائيل بتعريض مفاوضات المحتجزين للخطر. وإلى جانب القطريين وعائلات المحتجزين، وإسرائيليين، اتهمت «حماس»، نتنياهو بالعمل على عرقلة الاتفاق.

وقالت «حماس»: إن تصريحات نتنياهو ضد قطر بشأن وساطتها في مسألة الرهائن في قطاع غزة «تعكس حقيقة موقف الاحتلال الذي يعرقل التوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى».

جاء ذلك على الرغم من أن هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، قالت اليوم (الخميس): إن قطر أبلغت تل أبيب بأن «حماس» قررت تعليق مفاوضات صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين. ونقلت الهيئة عن مصدرين وصفتهما بالمطلعين على تفاصيل المباحثات، قولهما: إن «حماس» نقلت للوسطاء القطريين، أنها «تطالب إسرائيل بسحب جميع قواتها من قطاع غزة منذ المرحلة الأولى للصفقة وإنهاء الحرب».

وكان مسؤولون إسرائيليون قد نفوا، الأربعاء، إحراز تقدم في المفاوضات مع «حماس» حول صفقة إطلاق سراح رهائن محتملة، واتهموا الحركة بالتمسك بمواقفها وعرقلة أي تسوية محتملة.

وقال مصدر سياسي إسرائيلي: إن ثمة عوائق كثيرة، من بينها مطلب «حماس» الذي يتضمن بقاء الحركة حاكمة لغزة في اليوم التالي، مع ضمانات بعدم استهدافها.

تهديدات مائية للأردن

ولا تتوقف المشاكل التي أثارها نتنياهو عند مصر وقطر، بل تطال الأردن كذلك. إذ كشفت هيئة البث الرسمية (كان)، الخميس، عن أن وزارة الطاقة الإسرائيلية تدرس إمكانية «عدم تمديد اتفاقية المياه مع الأردن» على خلفية التصريحات المناهضة لإسرائيل التي أطلقها مسؤولون أردنيون كبار في المملكة، على رأسهم وزير الخارجية أيمن الصفدي الذي ندّد بعمليات القصف المتواصلة على غزة، داعياً إسرائيل إلى وقف الحرب وإدخال مساعدات إنسانية لصالح السكان الذين نزحوا عن شمال غزة.

وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي يتحدث في بروكسل الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وبموجب اتفاقية المياه المعمول بها، تقوم إسرائيل بنقل 100 مليون متر مكعب من المياه إلى الأردن كل عام، بدلاً من 50 مليون متر مكعب من المياه كما نصت اتفاقية السلام، وذلك مقابل إنتاج الأردن الكهرباء لإسرائيل. وولد هذا الاتفاق في إطار التعاون الثنائي للخروج من أزمة المياه الكبيرة التي تعاني منها المملكة من جهة، وتعزيز الطاقة الكهربائية لإسرائيل من جهة أخرى.

ووفق المنشور، فإنه لم يتم اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن بعد، ويعتمد الأمر على تطور العلاقات مع الأردن التي تأثرت إلى حد بعيد بإطالة أمد الحرب، وبحال لم يتم تمديد الاتفاقية، فسينتهي العمل بها هذا العام.


مقالات ذات صلة

نتنياهو يلغي كل برامجه ويتفرغ لتمرير الصفقة مع «حماس»

شؤون إقليمية إسرائيلية تمر أمام لوحة تضم صور مخطوفين لدى «حماس» (أ.ب)

نتنياهو يلغي كل برامجه ويتفرغ لتمرير الصفقة مع «حماس»

ألغى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كل برامجه المقررة، معلناً أنه يتفرغ لتمرير الصفقة مع «حماس» لوقف النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى.

نظير مجلي (تل أبيب)
العالم العربي أنباء عن التوصل لاتفاق بشأن غزة (د.ب.أ) play-circle 01:33

«حماس» وافقت على اتفاق وقف النار... واجتماع مرتقب لحكومة نتنياهو لإقراره

وافقت حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» شفهياً على اتفاق وقف النار في غزة، فيما تستعد الحكومة الإسرائيلية للاجتماع لإقراره.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تحليل إخباري فلسطينية تنتحب يوم الثلاثاء بعد مقتل أقاربها في غارة إسرائيلية على دير البلح (أ.ف.ب) play-circle 01:49

تحليل إخباري 8 ملفات إشكالية خيمت على اتفاق غزة... ما هي؟ وكيف ستُحل؟

بعد أكثر من 15 شهراً من الحرب، تستعد إسرائيل و «حماس» لإعلان اتفاق مرتقب على وقف إطلاق النار في غزة، فما الملفات المهمة التي خيمت على المفاوضات؟ وكيف سيتم حلها؟

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز) play-circle 01:33

نتنياهو يعقد اجتماعاً مع سموتريتش اليوم لبحث تفاصيل اتفاق غزة

قالت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية اليوم، إن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير دعا وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لمغادرة الحكومة إذا أبرمت صفقة في غزة.

شرق الاوسط (تل أبيب)
العالم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو يُطْلع بايدن على «تقدُّم» في محادثات الإفراج عن الرهائن

تَحَدَّثَ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، الأحد، وأطلعه على التقدم المحرَز في المفاوضات.

«الشرق الأوسط» (القدس)

الشيباني: دمشق لن تسمح بأن تكون الأراضي السورية مصدر تهديد لتركيا

صورة ملتقطة في 15 يناير 2025، تظهر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يصافح وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قبل اجتماعهما في المجمع الرئاسي في أنقرة (أ.ف.ب)
صورة ملتقطة في 15 يناير 2025، تظهر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يصافح وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قبل اجتماعهما في المجمع الرئاسي في أنقرة (أ.ف.ب)
TT

الشيباني: دمشق لن تسمح بأن تكون الأراضي السورية مصدر تهديد لتركيا

صورة ملتقطة في 15 يناير 2025، تظهر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يصافح وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قبل اجتماعهما في المجمع الرئاسي في أنقرة (أ.ف.ب)
صورة ملتقطة في 15 يناير 2025، تظهر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يصافح وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قبل اجتماعهما في المجمع الرئاسي في أنقرة (أ.ف.ب)

استقبل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وفداً من الإدارة السورية الجديدة ضم وزير الخارجية أسعد الشيباني، ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات أنس الخطاب في أنقرة، اليوم الأربعاء، وبحضور وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، وفق ما نقلته محطة «تلفزيون سوريا».

وقال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، الأربعاء، بعد الاجتماع، إن الإدارة الجديدة في دمشق لن تسمح بأن تكون الأراضي السورية مصدر تهديد لتركيا.

من جهته، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن أنقرة مستعدة لتقديم الدعم للإدارة السورية الجديدة في إدارة معسكرات تنظيم "داعش" وسجونها في البلاد.

صورة نشرتها الرئاسة التركية في 15 يناير 2025، تظهر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أثناء اجتماعه مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني برفقة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (يمين) في المجمع الرئاسي في أنقرة (أ.ف.ب)

وذكر فيدان في أنقرة عقب اجتماعه مع نظيره السوري أسعد حسن الشيباني أن الجهود الدبلوماسية ستستمر لضمان رفع العقوبات المفروضة على سوريا.

وتعد هذه الزيارة هي أول زيارة رسمية لوفد سوري رفيع المستوى إلى تركيا بعد تسلم الإدارة الجديدة في سوريا مقاليد الأمور، في خطوة تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية وبحث ملفات التعاون الإقليمي.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (وسط-يمين)، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (وسط-يسار)، ووزير الدفاع التركي يشار غولر (الثاني-يمين)، ووزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة (الثاني-يسار)، ورئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين (يمين)، وأنس خطاب (يسار) رئيس جهاز المخابرات العامة السورية، في صورة أثناء اجتماعهم في أنقرة، تركيا 15 يناير 2025 (إ.ب.أ)

وكان وزير الخارجية السوري قال أمس في تغريدة على منصة «إكس»: «سنمثل سوريا الجديدة غدا في أول زيارة رسمية إلى الجمهورية التركية، التي لم تتخل عن الشعب السوري منذ 14 عاما».

 

وأطاحت فصائل المعارضة السورية بقيادة «هيئة تحرير الشام» بالرئيس بشار الأسد الشهر الماضي بعد حرب أهلية استمرت 13 عاما، وأصبح قائد عملياتها العسكرية أحمد الشرع رئيسا للإدارة الجديدة التي تقود البلاد، وعيّن حكومة مؤقتة لتصريف الأعمال حتى مارس (آذار) المقبل.

وتحارب تركيا جماعات مسلحة كردية في شمال شرق سوريا، وتعتبر أنقرة تلك الجماعات امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه منظمة إرهابية.