آيزنكوت رفض اقتراحاً لتولي رئاسة الحكومة بدلاً من نتنياهو

شعبية رئيس الوزراء الإسرائيلي في انهيار... وأصوات تململ في «الليكود» من جديد

متظاهرون يطالبون بإطلاق سراح الأسرى لدى «حماس» في تل أبيب الجمعة (إ.ب.أ)
متظاهرون يطالبون بإطلاق سراح الأسرى لدى «حماس» في تل أبيب الجمعة (إ.ب.أ)
TT

آيزنكوت رفض اقتراحاً لتولي رئاسة الحكومة بدلاً من نتنياهو

متظاهرون يطالبون بإطلاق سراح الأسرى لدى «حماس» في تل أبيب الجمعة (إ.ب.أ)
متظاهرون يطالبون بإطلاق سراح الأسرى لدى «حماس» في تل أبيب الجمعة (إ.ب.أ)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن الوزير في المجلس الخماسي لإدارة الحرب على غزة، الجنرال غادي آيزنكوت، رفض اقتراحاً تبلور في كواليس الأزمة القيادية الإسرائيلية، يقضي بأن يتولى رئاسة الحكومة الحالية بدلاً من بنيامين نتنياهو مدة سنة، حتى يساعد في إخراج إسرائيل من أزمتها، لكنه رفض، من باب الأمانة لرئيس حزبه بيني غانتس. وقال إنه مقتنع بأن إسرائيل تحتاج إلى إجراء انتخابات مبكرة فوراً لتغيير الحكومة، ومنح الشعب حق اختيار قيادة جديدة.

وعندما لُفت نظر آيزنكوت إلى أن الانتخابات في خضم الحرب ستلحق ضرراً في الوحدة الوطنية التي تجلت في بداية الحرب، قال: «إن انعدام ثقة الجمهور الإسرائيلي بحكومته ليس أقل خطورة من الآثار التي يمكن أن تتركها الصراعات السياسية في المعركة الانتخابية».

وقالت هذه المصادر إن عدداً من نواب حزب «الليكود»، كانوا شركاء في هذه المحاولة، ومعهم أيضاً عدد من الجنرالات المسؤولين السياسيين السابقين وعدد من الشخصيات الإسرائيلية التي تحافظ على تواصل مع الإدارة الأميركية ومع يهود الولايات المتحدة.

الجنرال غادي آيزنكوت يتلقى تعزية في جنازة ابنه الذي قُتل بغزة في 8 ديسمبر 2023 (رويترز)

ففي «الليكود» يتابعون بقلق نتائج استطلاعات الرأي التي تجمع على أن الجمهور فقد ثقته بـ«الليكود» أولاً بسبب نتنياهو الذي يدير شؤون الدولة من باب تغليب مصالحه الشخصية على المصلحة العامة، حتى في زمن الحرب وسقوط مئات القتلى الإسرائيليين؛ وثانياً لأنه رغم انهيار شعبية نتنياهو بين الجمهور، فإنهم ما زالوا يتمسكون به ويخشون من الاعتراض عليه أو انتقاده، ولا يجدون بينهم شخصية أخرى ذات قامة من قادة الصف الثاني في الحزب، تستطيع استبداله.

وقد اختير آيزنكوت لأن لديه مصداقية كبيرة خصوصاً بعدما فقد نجله الرقيب غال (25 عاماً) في أثناء القتال في غزة أوائل ديسمبر (كانون الأول)، وقُتل في اليوم التالي بالضبط ابن أخيه الرقيب ماؤور كوهين آيزنكوت (19 عاماً). وقد تعززت هذه المصداقية عندما سُربت كلماته في النقاش حول صفقة تبادل أسرى مع «حماس» في المجلس الوزاري المصغر لشؤون السياسة والأمن في الحكومة، قبل أسبوع، وفيه دعا الحكومة إلى التوقف عن الكذب على الجمهور وقول الحقيقة المتمثلة في أن «الحديث عن النصر الكامل على حركة (حماس) غير واقعي، ومن يقول إن إطلاق سراح أسرانا لدى (حماس) ممكن بعملية عسكرية يكذب، ويجب أن نقول الحقيقة للناس».

نتنياهو يرأس جلسة «الكابينت» بتل أبيب في 16 يناير الحالي (د.ب.أ)

وخلال مقابلة مطولة مع برنامج «عوفدا» (حقيقة) على «القناة 12»، قال آيزنكوت إنه يعتقد أن الـ132 رهينة الذين اختطفتهم «حماس» في 7 أكتوبر الماضي، والذين بقوا في الأسر بعد إطلاق سراح 105 أسرى قبل شهرين، ما زالوا في غزة، وليسوا جميعهم على قيد الحياة. وأكد أن إطلاق سراح الرهائن بواسطة الحرب أو بواسطة عملية مثل عملية عنتيبي في أوغندا سنة 1976 (التي جرى فيها إنقاذ 98 رهينة من مسلحين فلسطينيين وألمان)، ليست ممكنة؛ لذلك لا بد من التركيز على المفاوضات السياسية.

والمعروف أن هذا الموقف يتناقض مع موقف نتنياهو الذي بات أسيراً بأيدي وزراء اليمين المتطرف في حكومته، الذين يتحدثون صراحة عن استمرار الحرب «حتى تحقق أهدافها في إبادة (حماس)، وإعادة المخطوفين، وجعل قطاع غزة منطقة مسالمة منزوعة السلاح لا تهدد أمن إسرائيل»، مع أن هناك اعترافاً جماعياً بأن هذه الأهداف غير واقعية وغير قابلة للتطبيق. وحتى الجيش الإسرائيلي صار يتحدث عن ضرب قدرات «حماس» على الحكم وعلى القتال، لكن نتنياهو ماضٍ في خطابه القائل إنه لن يوقف الحرب قبل تحقيق النصر. بينما الإدارة الأميركية والقادة السياسيون والعسكريون في إسرائيل يؤكدون أنه يريد إطالة الحرب كي يطيل عمر حكومته، لذا يتحدث صراحة عن الاستمرار في القتال حتى عام 2025.

يذكر أن استطلاع الرأي الأسبوعي، الذي تنشره صحيفة «معاريف»، وتجريه بالشراكة مع معهد «لزار» للبحوث برئاسة د. مناحم لزار، أكد من جديد على نهجين أساسيين في الخريطة الحزبية؛ فاليمين المتطرف يزداد قوة، حيث إن حزب إيتمار بن غفير ارتفع هذا الأسبوع بمقعد آخر إلى 9 مقاعد (يوجد له اليوم 6 مقاعد) وحزب أفيغدور ليبرمان يرتفع إلى 10 مقاعد (يوجد له اليوم 6 مقاعد)، وكلاهما معروف بالمطالبة بالاستمرار في الحرب، ووقف الانسحابات من قطاع غزة، وتوسيع الحرب لتشمل لبنان. والنهج الآخر هو فقدان نتنياهو شعبيته، حيث يهبط من 32 مقعداً له اليوم إلى 16 مقعداً، فيما لو جرت انتخابات الآن.

وما زال حزب المعسكر الرسمي، بقيادة بيني غانتس وآيزنكوت، يحظى بأكثرية المقاعد ليصل إلى 39 مقعداً (يوجد له اليوم 12 مقعداً). ووفق الاستطلاع يهبط معسكر اليمين الذي يقوده نتنياهو من 64 اليوم إلى 44 مقعداً، بينما ترتفع أحزاب المعارضة من 56 مقعداً حالياً إلى 76 مقعداً، بضمنها 10 مقاعد للكتلتين العربيتين: الجبهة الديمقراطية والحركة العربية للتغيير بقيادة أيمن عودة وأحمد الطيبي بـ5 مقاعد، والقائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية بقيادة النائب منصور عباس 5 مقاعد.

الوزير بيني غانتس وإلى يمينه وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحافي بقاعدة عسكرية بتل أبيب في 28 أكتوبر 2023 (أ.ب)

وفي الرد على سؤال من يصلح لرئاسة الحكومة، حصل غانتس على 50 بالمائة، مقابل 31 بالمائة لنتنياهو.

ولهذا فإن نتنياهو وحلفاءه يحاربون حتى لا تسقط الحكومة الحالية ولا تجري انتخابات مبكرة. وبالمقابل تسعى قوى كثيرة في المعارضة إلى إقناع غانتس وآيزنكوت بالانسحاب من حكومة الحرب، حيث إنها باتت تصب في صالح ألاعيب نتنياهو، وتخدم مصلحته في إطالة الحرب وإطالة عمر رئاسته للحكومة. وقد سئل آيزنكوت عن رأيه في هذه المعضلة فقال إنه ما زال يعتقد أن وجودهما في الحكومة يخدم مصلحة الدولة. وكشف أن الحكومة كانت تتجه لتوسيع الحرب لتشمل «حزب الله» في 11 أكتوبر الماضي، وقال: «لقد منعنا في حينه اتخاذ قرار خاطئ للغاية، لأنه لو اتُّخذ قرار بمهاجمة لبنان، فإننا نكون قد حققنا رؤية رئيس حركة (حماس) في قطاع غزة، يحيى السنوار الاستراتيجية، المتمثلة في إحداث حرب إقليمية فورية». وقال إنه قام هو وغانتس بمعارضة ذلك لأنه خطأ استراتيجي. وقال: «لقد بُح صوتي وأنا أشرح للوزراء، وبالفعل منعنا الهجوم. كنا سنعمل على الفور على تسخير المحور بأكمله في سوريا والعراق وإيران، بينما تصبح (حماس)، التي سببت لنا أكبر ضرر منذ قيام الدولة، جبهة ثانوية في حالة كهذه. أعتقد أن وجودنا هناك (في كابينت الحرب) منع دولة إسرائيل من ارتكاب خطأ استراتيجي خطير للغاية».

وأضاف آيزنكوت أن وجودهما في الحكومة هو الذي أتاح إجراء صفقات الهدنة وتبادل الأسرى في شهر نوفمبر (تشرين الثاني). ولكنه اعترف بأن للبقاء في الحكومة الآن ثمناً أيضاً؛ إذ إن نتنياهو يرفض إجراء مناقشات رفيعة المستوى بشأن التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب في غزة، ويدخل إسرائيل في صدام مع الإدارة الأميركية. وأشار إلى أنه وغانتس يسعيان حالياً إلى التوصل لاتفاق حول تبكير موعد الانتخابات. وأضاف: «يجب إجراء الانتخابات في الأشهر المقبلة لتجديد ثقة الجمهور بالقيادة. من الضروري، في غضون أشهر، إعادة الناخب الإسرائيلي إلى صناديق الاقتراع وإجراء انتخابات من أجل تجديد الثقة، لأنه لا توجد ثقة في الوقت الحالي. بوصفنا دولة ديمقراطية، تحتاج دولة إسرائيل إلى أن تسأل نفسها بعد مثل هذا الحدث الخطير: كيف يمكننا الاستمرار من هنا مع قيادة خذلتنا بشكل بائس؟».


مقالات ذات صلة

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

يخيّم شبح هجوم إسرائيلي واسع على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شن ضربات جوية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها؛ لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)

إردوغان بعد مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالانت: «قرار شجاع»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ف.ب)
TT

إردوغان بعد مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالانت: «قرار شجاع»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ف.ب)

رحّب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، السبت، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتَي توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، مؤكداً أنه «قرار شجاع».

وقال إردوغان في خطاب بإسطنبول: «ندعم مذكرة التوقيف. نرى أن من المهم تنفيذ هذا القرار الشجاع من جانب كل الدول المعنية بالاتفاق (معاهدة روما) بهدف تجديد ثقة الإنسانية بالنظام الدولي».