المحكمة العليا في إسرائيل تلتئم 3 مرات لإجازة تظاهرة ضد الحرب

الحكومة تمنع قيامها بالاستناد إلى قوانين الطوارئ الحربية

جانب من مسيرة في تل أبيب يوم 9 ديسمبر للمطالبة بوقف النار في غزة (أ.ف.ب)
جانب من مسيرة في تل أبيب يوم 9 ديسمبر للمطالبة بوقف النار في غزة (أ.ف.ب)
TT

المحكمة العليا في إسرائيل تلتئم 3 مرات لإجازة تظاهرة ضد الحرب

جانب من مسيرة في تل أبيب يوم 9 ديسمبر للمطالبة بوقف النار في غزة (أ.ف.ب)
جانب من مسيرة في تل أبيب يوم 9 ديسمبر للمطالبة بوقف النار في غزة (أ.ف.ب)

في خضم النهج الذي تتبعه الشرطة الإسرائيلية للبطش بأي محاولة تعبير عن معارضة الحرب في غزة، خصوصاً في صفوف المواطنين العرب (فلسطينيي 48)، التأمت محكمة العدل العليا في القدس الغربية، ثلاث مرات، لأجل بت إقامة تظاهرة صغيرة بمشاركة 49 شخصاً فقط. فمع أن مثل هذه التظاهرة يُعد شرعياً ولا يحتاج إلى تصريح من الشرطة، بحسب القانون، إلا أن الحكومة تمنع قيامها بالاستناد إلى قوانين الطوارئ الحربية، علماً أن اللجنة المنظمة للاحتجاج حرصت على أن يتم قصره على القادة السياسيين، لضبطه وإبقائه سلمياً.

ورفعت الالتماس إلى محكمة العدل العليا لجنة المتابعة العربية، التي تضم القيادات السياسية والجماهيرية ومنظمات المجتمع المدني لفلسطينيي 48، متهمة جهاز الشرطة وقائدها العام، والمستشارة القضائية للحكومة، بالعمل معاً على منع إجراء التظاهرة في مدينة الناصرة وكبت أي صوت يطلق صرخة احتجاج ضد الحرب على قطاع غزة.

ولوحظ أن المداولات في المحكمة جرت في جو مشحون، بدا فيه أن الشرطة تقدم مقترحات تافهة، بحسب رأي منظمي الاحتجاج، ومنها أن تجري التظاهرة في حرش جبل القفزة، خارج المدينة، في منطقة معزولة وغير مأهولة، وأن تقام في ساعات الصباح، ولكن ليس يوم سبت، بحيث لا يراها أحد. ومع أن القضاة قدموا ملاحظات نقدية للشرطة، إلا أنهم راحوا يفاوضونها على شروطها، الأمر الذي أثار مخاوف لجنة المتابعة من تسجيل سابقة قانونية يتاح فيها للشرطة أن تتحكم في حقوق التظاهر. وبالتشاور بين رئيس لجنة المتابعة، محمد بركة، وطاقم المحامين، والموجودين من لجنة المتابعة، قرروا وقف المداولات، وسحب الالتماس.

مؤيدون للسلام خلال مسيرة في تل أبيب يوم 9 ديسمبر للمطالبة بوقف النار في غزة (أ.ف.ب)

وقد خيمت على جلسة المحكمة أجواء توتر، إذ كان مستوطن يميني متطرف يتهجم على رئيس لجنة المتابعة بركة وعلى النائبين في الكنيست أحمد الطيبي، رئيس الحركة العربية للتغيير، ويوسف العطاونة من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وأخذ يوجه لهم شتائم عنصرية. وقد تواطأ معه حرس المحكمة الذي احتجز رئيس لجنة المتابعة لمدة ساعة، بزعم «الاعتداء» على العنصري المعتدي.

وقالت المديرة القانونية لمركز «عدالة»، الدكتورة سهاد بشارة، التي قدمت التماس لجنة المتابعة، إن «الشرطة تمسّ بسلطة القانون بخرقها للحق الدستوري للتظاهر والاحتجاج كما هو منصوص عليه قانوناً». وأضافت أن «السياسة غير المسبوقة التي تنتهجها (الشرطة)، والتي تحاول منع الاحتجاجات من قبل الجمهور العربي بشكل عام، وتلك التي تنظمها لجنة المتابعة العليا بشكل خاص، هي سياسة تمييزية وعنصرية وتتعارض مع مبدأ سيادة القانون». وتابعت بشارة: «للأسف، فإن المستشارة القانونية للحكومة فشلت في القيام بدورها في الحفاظ على سيادة القانون في هذا السياق. كما أن المحكمة العليا سمحت للشرطة حتى الآن، من خلال قراراتها، بمواصلة تنفيذ السياسة التي تمس بشكل جارف بحرية الاحتجاج للجمهور العربي، ولذلك طلبنا عقد جلسة طارئة لدى المحكمة، وإصدار قرار لا لبس فيه بأن الشرطة تتصرف بشكل مخالف للقانون بسياستها هذه».

النائبان في الكنيست أيمن عودة وأحمد الطيبي خلال مشاركتهما في جنازة ناشطة السلام الكندية - الإسرائيلية فيفيان سيلفر (74 سنة) التي قُتلت في هجوم «حماس» على كيبوتز بيري في غلاف غزة يوم 7 أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)

وأعلن بركة أن المواطنين العرب، الذين هم «جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني وجزء لا يتجزأ من معسكر السلام الإسرائيلي»، لن يرضخوا لهذه السياسة وسيجدون الطريقة التي يعبّرون بها عن رفضهم لـ«العدوان» الذي يتسبب بكارثة لأهل غزة ومآس في الضفة الغربية وقمع للعرب في إسرائيل. وأضاف: «نحن أطلقنا من اللحظة الأولى صرختنا ضد أي مساس بالمدنيين من كل جانب وطالبنا بإخراج المدنيين خصوصاً النساء والأطفال والمسنين من دائرة الصراع. لكن الحكومة الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو، التي تسير على نهج ايتمار بن غفير الفاشي، لا تريد أن يُسمع أي صوت إنساني عاقل».

يذكر أن الشرطة الإسرائيلية تلاحق العرب واليهود الرافضين للحرب. واعتقلت مئات الطلبة الجامعيين والفنانين والمؤثرين، بسبب منشورات في الشبكات الاجتماعية. ومنعت بالقوة إقامة تظاهرات، بل منعت عقد اجتماع حزبي للمجلس القطري للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، الممثلة في الكنيست (البرلمان) ويفترض حسب القانون أن نوابها الأربعة يتمتعون بحصانة برلمانية.


مقالات ذات صلة

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

المشرق العربي مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها؛ لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)
محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)
TT

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)
محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

اندلعت أعمال عنف وصدامات بين الشرطة ومحتجين، على خلفية عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيَّيْن بدلاً منهما.

وقالت وزارة الداخلية التركية إنه تم وقف رئيسَيْ بلدية تونجلي، جودت كوناك، المنتمي إلى حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد، وبلدية أوفاجيك، التابعة لها، مصطفى صاريغول، المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، بعدما حُكم عليهما بالحبس بسبب عضويتهما في منظمة إرهابية (حزب العمال الكردستاني).

وأصدر والي تونجلي قراراً بحظر التجمعات في المناطق المفتوحة والمسيرات وإلقاء البيانات الصحافية في المدينة لمدة 10 أيام اعتباراً من الجمعة، وصدر قرار مماثل من والي إلازيع المجاورة بالحظر لمدة 7 أيام اعتباراً من السبت.

إدانة بالإرهاب وعزل

وحكم على رئيسي البلديتين، الخميس، بالحبس لمدة 6 سنوات و3 أشهر لكل منهما بتهمة الإرهاب والانتماء إلى حزب العمال الكردستاني. وتم فرض حظر السفر الدولي عليهما؛ حيث طلب اعتقالهما في القضية المنظورة بالمحكمة الجنائية في تونجلي منذ عام 2022.

رئيس بلدية تونجلي المعزول جودت كوناك (إكس)

وأفادت وزارة الداخلية التركية، في بيان، ليل الجمعة - السبت، بأنه تم تعيين والي تونجلي، بولنت تكبيك أوغلو، ليحل محل كوناك، وحاكم منطقة أوفاجيك، حسين شامل سوزين، ليحل محل صاريغول، الذي انتُخِب لرئاسة البلدية للمرة الثانية على التوالي في الانتخابات المحلية التي أُجريت في 31 مارس (آذار) الماضي.

رئيس بلدية أوفاجيك التابعة لتونجلي المعزول مصطفى صاريغول (إكس)

وكانت ممارسة عزل رؤساء البلديات المنتخبين وتعيين أوصياء بدلاً منهم تقتصر، في العقد الماضي، على الأحزاب المؤيدة للأكراد، التي تتهمها السلطات بالارتباط بـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف لدى تركيا وحلفائها الغربيين منظمة إرهابية، الذي يخوض تمرداً مسلحاً ضد الدولة التركية منذ عام 1948.

والجديد أن ممارسة العزل وتعيين الأوصياء امتدت إلى رؤساء البلديات المنتخبين من حزب الشعب الجمهوري، بعد اتهامات من الرئيس رجب طيب إردوغان للحزب بـ«السير مع الإرهابيين».

ومع عزل كوناك وصاريغول، يرتفع عدد البلديات التي تم تعيين أوصياء عليها، منذ الانتخابات المحلية في مارس، إلى 7 بلديات. وكان أول من تم عزلهم رئيس بلدية هكاري محمد صديق كوشو، من الحزب الكردي، في 3 يونيو (حزيران)، قبل أن يتم اعتقال رئيس بلدية إسنيورت، وإقالة رؤساء بلديات ماردين، أحمد تورك، وبطمان، غولستان شونوك، وهالفيتي، محمد كارايلان.

ممارسة متكررة

وتسبب اعتقال وعزل رؤساء 4 بلديات، خلال الشهرين الحالي والماضي، في احتجاجات واسعة بتركيا وإدانات من مجلس أوروبا ومنظمات مدافعة عن حقوق الإنسان والديمقراطية.

احتجاجات على عزل رؤساء البلديات المنتخبين وتعيين أوصياء بدلاً منهم (موقع حزب الشعب الجمهوري المعارض)

وعقب إعلان عزل كوناك وصاريغول، تجمع المواطنون حول مقر بلدية تونجلي احتجاجاً على تعيين وصيّ عليها، وتدخلت قوات الأمن، وفرضت طوقاً حولها لمنعهم من اقتحامها، ووقعت صدامات بين الجانبين، واستخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.

وأضرم محتجون غاضبون النار في الشوارع، وتحولت المنطقة المحيطة بالبلدية إلى ما يشبه ساحة معركة.

المعارضة تتحدى الحظر

وقررت أحزاب المعارضة تحدي قرار الحظر، وتوافد رؤساء حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب وفروعه، ونوابه في البرلمان، على تونجلي، لتنظيم مسيرة إلى البلدية، وشكل حزب الشعب الجمهوري وفداً من نوابه للبرلمان للمشاركة في المسيرة.

ووصف رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزال، عبر حسابه في «إكس»، قرار عزل رئيسَي البلديتين بأنه «سرقة للإرادة الوطنية بشكل فاضح»، لافتاً إلى أن جنازة حضرها رئيس بلدية أوفاجيك، مصطفى صاريغول، عام 2012، أصبحت موضوعاً لدعوى قضائية في عام 2022، واعتُبِرت جريمة في عام 2024.

وأعلن أوزال في تغريدة لاحقة أنه ستتم دعوة 414 رئيس بلدية للاجتماع في مقر حزب الشعب الجمهوري الرئيسي بأنقرة، في 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، لإعلان مواجهة الوصاية وهجمات الحكومة على بلديات المعارضة الواحدة تلو الأخرى.

متظاهرون يحاولون اقتحام حاجز للشرطة حول بلدية تونجلي (إكس)

وقال حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، في بيان، إن «الحكومة تقضي على إرادة الشعب خطوة بخطوة، وإن الانقلاب الذي تنفذه، عبر سياسة الوصي، لن يخيف حزبنا أو يثني الناس عن خياراتهم السياسية».

شجار مع وزير الداخلية

كان وزير الداخلية التركي، علي يرليكايا، كشف، خلال مناقشة موازنة وزارته في البرلمان الخميس، أنه تم منح 176 إذناً بالتحقيق، من أصل 1701 شكوى مقدمة بشأن البلديات، منها 59 من حزب العدالة والتنمية (الحاكم)، و58 من حزب الشعب الجمهوري، و21 من حزب الحركة القومية، و7 من حزب الجيد، و10 من حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب. وأكد أنه «لن يتم السماح بأن تتحول البلديات إلى خدمة الإرهاب بدلاً من خدمة الشعب».

نواب من حزب الشعب الجمهوري المعارض أثناء منعه من دخول قاعة اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان التركي (إعلام تركي)

واندلع شجار بين نواب حزب الشعب الجمهوري، الذين أرادوا الاحتجاج على تعيين أوصياء على 4 بلديات، خصوصاً بلدية إسنيورت، ونواب حزب العدالة والتنمية، أثناء دخول الوزير يرلي كايا إلى غرفة اجتماع اللجنة.

وقال نواب حزب الشعب الجمهوري إنهم لم يكونوا بصدد منعه نهائياً من دخول قاعة الاجتماع، وإنما أرادوا أن يجرِّب الوزير شعور عدم القدرة على دخول مؤسسة عامة، ولو لفترة قصيرة، في إشارة إلى منع الوصي على بلدية إسنيورت نواب الحزب وأعضاء مجلسها من دخول مبناها.