عبّرت تركيا واليونان عن رغبتيهما في حل المشكلات والخلافات بينهما عبر الحوار البنّاء، وحُسن الجوار، والجهود المشتركة في إطار القانون الدولي.
وقال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، سبق انعقاد الاجتماع الخامس لمجلس التعاون رفيع المستوى بين البلدين برئاستهما في أثينا، الخميس، إنه يتعين على الدول المتجاورة أن تعمل جنباً إلى جنب على مستقبل أفضل.
وأضاف ميتسوتاكيس أن البلدين قررا، في الأشهر السابقة، تنشيط العلاقات بينهما وبحثا الخطوات التي ستُتخَذ في مجال الاقتصاد وتحقيق هدف رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 10 مليارات دولار. وتابع: «كما حققنا نتيجة مهمة للغاية فيما يتعلق بالهجرة غير القانونية بالتعاون بين الشرطة وخفر السواحل بين البلدين، واتفقنا على تطوير التعاون في المستقبل».
قضايا خلافية
وذكر رئيس الوزراء اليوناني أنه ناقش مع إردوغان مسألة إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة السفر إلى الجزر اليونانية، وتَقرَّر السماح بالسفر من دون تأشيرة إلى 10 جزر يونانية لمدة 7 أيام. وحسب وزير الهجرة اليوناني، ديميتريس كيريديس، فإن الجزر المندرجة ضمن نطاق الاتفاقية هي: يمنوس، وليسبوس، وخيوس، وساموس، وليروس، وكاليمنوس، وكوس، ورودس، وسيمي وكاستيلوريس.
وعن القضايا العالقة، قال ميتسوتاكيس: «سنكون مستعدين أيضاً لمناقشة قضايا الجرف القاري والفضاء البحري عندما يحين الوقت المناسب. واتفقنا على الالتزام بحالة نزع السلاح في جزر بحر إيجه، والقضاء على جميع المواقف المتطرفة، واحترام القيم الإنسانية في العلاقات بين البلدين». وتابع: «ناقشنا أيضاً الدعم الذي ستقدمه اليونان لتركيا في عملية مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي».
وفيما يتعلق بالقضية القبرصية، قال ميتسوتاكيس إن «قرارات مجلس الأمم المتحدة بشأن قضية قبرص مهمة للغاية بالنسبة لنا، وإن التطورات بشأن هذه القضية تسير في هذا الاتجاه»، لافتاً إلى أن هناك «مجموعات في كل من اليونان وتركيا لا تتفق مع نهجنا، ولكن يتعين على الدول المتجاورة أن تعمل جنباً إلى جنب وأن تسعى لخلق مستقبل أفضل».
تفاؤل بالمستقبل
من جانبه، قال إردوغان: «نريد تحويل بحر إيجه إلى بحر سلام وتعاون. ونود أن نكون مثلاً للعالم من خلال الخطوات المشتركة التي سنتخذها مع اليونان». وأكد أن تركيا واليونان ترغبان في حل مشكلاتهما الحالية من خلال الحوار البنّاء وحُسن الجوار والجهود المشتركة في إطار القانون الدولي».
وأضاف إردوغان: «تبادلنا وجهات النظر مع رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس حول مواقفنا في بحر إيجه وشرق البحر الأبيض المتوسط، وطلبنا من وزيري خارجيتنا مواصلة العمل على حل الخلافات». ولفت إلى أن «الحل العادل والدائم والمستدام للقضية القبرصية على أساس الحقائق في الجزيرة سيكون في صالح المنطقة بأكملها».
وقال إردوغان: «نحن سعداء بإغلاق اليونان معسكر لافريون (الذي كان يؤوي عناصر تابعة لحزب العمال الكردستاني المصنف منظمة إرهابية وعدّته تركيا خطراً على أمنها)»، مؤكداً ضرورة توخي الحذر لمنع إنشاء معسكرات مماثلة توفر المأوى للإرهابيين في اليونان.
وأضاف إردوغان: «نحن واليونان نتقاسم نفس البحر والجغرافيا، ومن الطبيعي جداً أن يكون هناك اختلاف في الرأي بين بلدين جارين، لكن لا توجد مشكلة لا يمكن حلها بيننا، ما دمنا نركز على الصورة الكبيرة ولا نكون ممن يَعبرون البحر ويغرقون في النهر، وسيكون من دواعي سروري استضافة رئيس الوزراء اليوناني في أنقرة في الاجتماع المقبل لمجلس التعاون رفيع المستوى». وتابع أنه سيكون من المفيد لكلا البلدين أن يعقدا اجتماع مجلس التعاون رفيع المستوى مرة في العام، بدلاً من الاضطرار إلى أخذ مثل هذه الراحة بين الاجتماعات. وأشاد الرئيس التركي بنتائج خطة العمل المشتركة التي أُقرت عام 2021، مؤكداً العمل على تطوير العلاقات السياحية والثقافية، وزيادة حجم التجارة بين البلدين إلى 10 مليارات دولار.
وأشار إردوغان إلى أنه «جرت مناقشة (ما يجري) في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبخاصة غزة. وشددنا على أننا، كتركيا، لا نوافق على استهداف المدنيين بأي شكل من الأشكال منذ البداية». وأضاف: «لقد أكدنا مرة أخرى أن قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة ضمن حدود عام 1967 أمرٌ لا مفرّ منه. وأعلنّا أننا مستعدون لأن نصبح ضامنين، ونواصل مساعداتنا لغزة بسرعة، وأعتقد أن المجتمع الدولي سوف يُظهر الحساسية اللازمة».
وقبل مباحثاته مع ميتسوتاكيس، التقى إردوغان رئيسة اليونان، إيكاتيريني ساكيلاروبولو، التي أكدت أنه «من الضروري لأثينا وأنقرة تطوير الإرادة السياسية الإيجابية الحالية أكثر من أي وقت مضى». وقالت إن «المآسي التي شهدها بلدانا هذا العام أظهرت أن الشعور بالتضامن والدعم في الظروف الصعبة هو السمة المشتركة التي تجمع الشعبين، هذا الوضع يخلق أساساً قوياً لتعميق التعاون في العلاقات الثنائية، والإرادة السياسية المتبادَلة، ويخلق مناخاً من شأنه إزالة التوترات».
بدوره قال إردوغان: «أعتقد أن الاجتماع الخامس للمجلس الاستراتيجي رفيع المستوى سيعزز فتح صفحة جديدة في العلاقات بين تركيا واليونان واستمراراها».
وعبَّر عن سعادته بزيارة اليونان بعد 6 سنوات، مضيفاً: «نعمل لزيادة حجم التجارة من 5 مليارات إلى 10 مليارات دولار. وسوف نناقش الخطوات التي يمكننا اتخاذها وفي أي المجالات في هذا الصدد». وجاءت زيارة إردوغان لليونان بعد آخر زيارة قام بها منذ 6 سنوات في عام 2017، التي كانت الأولى لرئيس تركي منذ 70 عاماً، كما أن مجلس التعاون رفيع المستوى بين البلدين لم يُعقَد منذ 7 سنوات.