تركيا واليونان تؤكدان الرغبة في حل الخلافات العالقة عبر الحوار

إعفاء الأتراك من تأشيرة زيارة 10 جزر في إيجه والبحر المتوسط

رئيس الوزراء اليوناني يرحب بالرئيس التركي في أثينا قبل عقدهما جلسة محادثات رسمية الخميس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء اليوناني يرحب بالرئيس التركي في أثينا قبل عقدهما جلسة محادثات رسمية الخميس (إ.ب.أ)
TT

تركيا واليونان تؤكدان الرغبة في حل الخلافات العالقة عبر الحوار

رئيس الوزراء اليوناني يرحب بالرئيس التركي في أثينا قبل عقدهما جلسة محادثات رسمية الخميس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء اليوناني يرحب بالرئيس التركي في أثينا قبل عقدهما جلسة محادثات رسمية الخميس (إ.ب.أ)

عبّرت تركيا واليونان عن رغبتيهما في حل المشكلات والخلافات بينهما عبر الحوار البنّاء، وحُسن الجوار، والجهود المشتركة في إطار القانون الدولي.

وقال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، سبق انعقاد الاجتماع الخامس لمجلس التعاون رفيع المستوى بين البلدين برئاستهما في أثينا، الخميس، إنه يتعين على الدول المتجاورة أن تعمل جنباً إلى جنب على مستقبل أفضل.

وأضاف ميتسوتاكيس أن البلدين قررا، في الأشهر السابقة، تنشيط العلاقات بينهما وبحثا الخطوات التي ستُتخَذ في مجال الاقتصاد وتحقيق هدف رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 10 مليارات دولار. وتابع: «كما حققنا نتيجة مهمة للغاية فيما يتعلق بالهجرة غير القانونية بالتعاون بين الشرطة وخفر السواحل بين البلدين، واتفقنا على تطوير التعاون في المستقبل».

قضايا خلافية

وذكر رئيس الوزراء اليوناني أنه ناقش مع إردوغان مسألة إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة السفر إلى الجزر اليونانية، وتَقرَّر السماح بالسفر من دون تأشيرة إلى 10 جزر يونانية لمدة 7 أيام. وحسب وزير الهجرة اليوناني، ديميتريس كيريديس، فإن الجزر المندرجة ضمن نطاق الاتفاقية هي: يمنوس، وليسبوس، وخيوس، وساموس، وليروس، وكاليمنوس، وكوس، ورودس، وسيمي وكاستيلوريس.

إردوغان وميتسوتاكيس بعد توقيع إعلان مشترك في أثينا الخميس (رويترز)

وعن القضايا العالقة، قال ميتسوتاكيس: «سنكون مستعدين أيضاً لمناقشة قضايا الجرف القاري والفضاء البحري عندما يحين الوقت المناسب. واتفقنا على الالتزام بحالة نزع السلاح في جزر بحر إيجه، والقضاء على جميع المواقف المتطرفة، واحترام القيم الإنسانية في العلاقات بين البلدين». وتابع: «ناقشنا أيضاً الدعم الذي ستقدمه اليونان لتركيا في عملية مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي».

وفيما يتعلق بالقضية القبرصية، قال ميتسوتاكيس إن «قرارات مجلس الأمم المتحدة بشأن قضية قبرص مهمة للغاية بالنسبة لنا، وإن التطورات بشأن هذه القضية تسير في هذا الاتجاه»، لافتاً إلى أن هناك «مجموعات في كل من اليونان وتركيا لا تتفق مع نهجنا، ولكن يتعين على الدول المتجاورة أن تعمل جنباً إلى جنب وأن تسعى لخلق مستقبل أفضل».

تفاؤل بالمستقبل

من جانبه، قال إردوغان: «نريد تحويل بحر إيجه إلى بحر سلام وتعاون. ونود أن نكون مثلاً للعالم من خلال الخطوات المشتركة التي سنتخذها مع اليونان». وأكد أن تركيا واليونان ترغبان في حل مشكلاتهما الحالية من خلال الحوار البنّاء وحُسن الجوار والجهود المشتركة في إطار القانون الدولي».

وأضاف إردوغان: «تبادلنا وجهات النظر مع رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس حول مواقفنا في بحر إيجه وشرق البحر الأبيض المتوسط، وطلبنا من وزيري خارجيتنا مواصلة العمل على حل الخلافات». ولفت إلى أن «الحل العادل والدائم والمستدام للقضية القبرصية على أساس الحقائق في الجزيرة سيكون في صالح المنطقة بأكملها».

إردوغان وميتسوتاكيس يتحدثان إلى الصحافة بعد اجتماعهما في أثينا الخميس (أ.ف.ب)

وقال إردوغان: «نحن سعداء بإغلاق اليونان معسكر لافريون (الذي كان يؤوي عناصر تابعة لحزب العمال الكردستاني المصنف منظمة إرهابية وعدّته تركيا خطراً على أمنها)»، مؤكداً ضرورة توخي الحذر لمنع إنشاء معسكرات مماثلة توفر المأوى للإرهابيين في اليونان.

وأضاف إردوغان: «نحن واليونان نتقاسم نفس البحر والجغرافيا، ومن الطبيعي جداً أن يكون هناك اختلاف في الرأي بين بلدين جارين، لكن لا توجد مشكلة لا يمكن حلها بيننا، ما دمنا نركز على الصورة الكبيرة ولا نكون ممن يَعبرون البحر ويغرقون في النهر، وسيكون من دواعي سروري استضافة رئيس الوزراء اليوناني في أنقرة في الاجتماع المقبل لمجلس التعاون رفيع المستوى». وتابع أنه سيكون من المفيد لكلا البلدين أن يعقدا اجتماع مجلس التعاون رفيع المستوى مرة في العام، بدلاً من الاضطرار إلى أخذ مثل هذه الراحة بين الاجتماعات. وأشاد الرئيس التركي بنتائج خطة العمل المشتركة التي أُقرت عام 2021، مؤكداً العمل على تطوير العلاقات السياحية والثقافية، وزيادة حجم التجارة بين البلدين إلى 10 مليارات دولار.

وأشار إردوغان إلى أنه «جرت مناقشة (ما يجري) في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبخاصة غزة. وشددنا على أننا، كتركيا، لا نوافق على استهداف المدنيين بأي شكل من الأشكال منذ البداية». وأضاف: «لقد أكدنا مرة أخرى أن قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة ضمن حدود عام 1967 أمرٌ لا مفرّ منه. وأعلنّا أننا مستعدون لأن نصبح ضامنين، ونواصل مساعداتنا لغزة بسرعة، وأعتقد أن المجتمع الدولي سوف يُظهر الحساسية اللازمة».

رئيسة اليونان لدى استقبالها إردوغان في القصر الرئاسي بأثينا الخميس (إ.ب.أ)

وقبل مباحثاته مع ميتسوتاكيس، التقى إردوغان رئيسة اليونان، إيكاتيريني ساكيلاروبولو، التي أكدت أنه «من الضروري لأثينا وأنقرة تطوير الإرادة السياسية الإيجابية الحالية أكثر من أي وقت مضى». وقالت إن «المآسي التي شهدها بلدانا هذا العام أظهرت أن الشعور بالتضامن والدعم في الظروف الصعبة هو السمة المشتركة التي تجمع الشعبين، هذا الوضع يخلق أساساً قوياً لتعميق التعاون في العلاقات الثنائية، والإرادة السياسية المتبادَلة، ويخلق مناخاً من شأنه إزالة التوترات».

بدوره قال إردوغان: «أعتقد أن الاجتماع الخامس للمجلس الاستراتيجي رفيع المستوى سيعزز فتح صفحة جديدة في العلاقات بين تركيا واليونان واستمراراها».

وعبَّر عن سعادته بزيارة اليونان بعد 6 سنوات، مضيفاً: «نعمل لزيادة حجم التجارة من 5 مليارات إلى 10 مليارات دولار. وسوف نناقش الخطوات التي يمكننا اتخاذها وفي أي المجالات في هذا الصدد». وجاءت زيارة إردوغان لليونان بعد آخر زيارة قام بها منذ 6 سنوات في عام 2017، التي كانت الأولى لرئيس تركي منذ 70 عاماً، كما أن مجلس التعاون رفيع المستوى بين البلدين لم يُعقَد منذ 7 سنوات.


مقالات ذات صلة

إردوغان بحث مع البرهان التطورات بالسودان في ظل تصعيد «الدعم السريع»

شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع البرهان التطورات بالسودان في ظل تصعيد «الدعم السريع»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان آخر التطورات في السودان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا وزير الدفاع التركي يشار غولر استقبل رئيس الأركان الليبي محمد على الحداد في أنقرة الثلاثاء غداة موافقة البرلمان على تمديد بقاء القوات التركية بليبيا (الدفاع التركية-إكس)

برلمان تركيا يمدّد بقاء قواتها في ليبيا حتى 2028

وافق البرلمان التركي على تمديد مهمة القوات التركية في ليبيا لمدة عامين بدءاً من 2 يناير المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صورة التقطتها «وكالة أنباء ديميرورين» التركية ونشرتها في 19 ديسمبر 2025 لطائرة مسيّرة محطمة يُزعم أنها روسية الصنع في منطقة ريفية قرب إزميت (أ.ف.ب)

العثور على مسيَّرة ثانية متحطمة شمال غربي تركيا

عثر على مسيّرة مجهولة المصدر محطّمة في حقل شمال غربي تركيا، في حادثة هي الثانية من نوعها في أقلّ من 24 ساعة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الولايات المتحدة​ ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى مبنى المستشارية في برلين (د.ب.أ)

ويتكوف يجتمع مع الوسطاء بشأن اتفاق غزة في ميامي

قال مسؤول في البيت الأبيض إن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب، سيلتقي، غداً الجمعة، مسؤولين قَطريين ومصريين وأتراكاً في ميامي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال خطاب أمام المؤتمر السنوي لسفراء تركيا بالخارج (الرئاسة التركية)

فيدان وبرّاك بحثا دمج «قسد» بالجيش السوري... وإردوغان حذر من انتهاكات إسرائيل

بحث وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع السفير الأميركي لدى أنقرة المبعوث الخاص إلى سوريا توم برّاك المستجدات الخاصة بسوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إيران تعلن احتجاز ناقلة أجنبية تحمل وقوداً مهرباً في الخليج

ناقلة نفط احتجزتها إيران في السابق (أرشيفية - رويترز)
ناقلة نفط احتجزتها إيران في السابق (أرشيفية - رويترز)
TT

إيران تعلن احتجاز ناقلة أجنبية تحمل وقوداً مهرباً في الخليج

ناقلة نفط احتجزتها إيران في السابق (أرشيفية - رويترز)
ناقلة نفط احتجزتها إيران في السابق (أرشيفية - رويترز)

ذكرت ​وسائل إعلام رسمية اليوم الجمعة أن إيران احتجزت ناقلة نفط أجنبية قرب جزيرة قشم الإيرانية في الخليج، وقالت إنها كانت تحمل أربعة ملايين لتر ‌من الوقود المهرب.

ولم ‌تذكر السلطات ‌اسم ⁠السفينة ​أو ‌تكشف عن جنسيتها. وقالت إنه تم احتجاز 16 من أفراد الطاقم الأجانب بتهم جنائية.

وذكر التلفزيون الرسمي أن الناقلة احتُجزت يوم الأربعاء.

ناقلة نفط على ساحل بوشهر في إيران (أرشيفية - رويترز)

ونشرت ⁠مواقع إخبارية إيرانية مقاطع مصورة ‌وصوراً لما قالت إنها الناقلة المحتجزة.

كانت طهران قد ذكرت الأسبوع الماضي أنها احتجزت ناقلة أجنبية أخرى تحمل ستة ملايين لتر مما وصفته بالوقود المهرب ​في خليج عمان، دون أن تحدد هوية السفينة أو ⁠جنسيتها.


إسرائيل: تشكيل وحدة تدخل سريع جديدة لمنع حدوث توغلات برية على غرار هجوم «حماس»

سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)
سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل: تشكيل وحدة تدخل سريع جديدة لمنع حدوث توغلات برية على غرار هجوم «حماس»

سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)
سلاح الجو الإسرائيلي يجهز وحدة جديدة لمنع حدوث توغلات برية (أ.ف.ب)

كشف سلاح الجو الإسرائيلي، اليوم الخميس، عن وحدته الجديدة نسبياً المخصصة لمنع حدوث توغلات برية إلى إسرائيل على غرار هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في أعقاب حالة عدم الجاهزية الكاملة التي شهدتها البلاد للقيام بهذا الدور عام 2023.

ووفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، على المستوى النظري، تقوم الفكرة على ضرورة إتاحة نشر المروحيات، بعضها في غضون دقائق قليلة وأخرى في غضون ساعة، لسحق وقصف الغزاة، بما يضمن عدم ترك منظومات الدفاع البرية على الحدود دون دعم، وفقاً لما ذكرته صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية.

وتعد الوحدة الجديدة ضمن تحول أوسع يقوده البريجادير جنرال جلعاد بار تال، ويقضي بأن يتم إعادة توجيه مهام رئيسية لوحدات المروحيات في سلاح الجو الإسرائيلي نحو الدفاعات الحدودية.

ويشمل هذا التحول أيضاً زيادة عدد المروحيات والطائرات المسيرة والمقاتلات، التي تكون في حالة جاهزية دائمة للدفاع عن الحدود، مع توسيع نطاق تكليفها بمهام الدفاع الحدودي.

إضافة إلى ذلك، يشمل هذا التحول زيادة أكبر بكثير في عدد مروحيات سلاح الجو القادرة على التدخل خلال دقائق معدودة، وزيادة كمية القنابل التي يمكن لسلاح الجو الإسرائيلي إلقاؤها خلال ساعة واحدة، مقارنة بالسابق.

علاوة على ذلك، تمنح قواعد الاشتباك الخاصة بالمروحيات حالياً هامشاً أوسع بكثير للطيارين لفتح النار استناداً إلى تقدير كل طيار على حدة لطبيعة التهديد على الأرض، مقارنة بما كان معمولاً به قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول).


تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)

على الرغم من تصاعد لهجة الخطاب السياسي بين إسرائيل وتركيا، وما حملته من تلميحات متبادلة رافقت حراكاً سياسياً وعسكرياً في بحر إيجه، رأى البعض أن هذا جزء من ضغوط لإبرام «صفقة تبادل مصالح»، تحديداً في سوريا وغزة؛ مستبعدين الانزلاق إلى هوة حرب أو مواجهة عسكرية.

وقالت مصادر سياسية في إسرائيل إن كلا الطرفين يعرف كيف يُفعّل الضوابط التي تمنع التدهور بينهما إلى صدام، خصوصاً مع وجود دونالد ترمب في سدة الرئاسة الأميركية، إذ من المعروف أن له روابط قوية مع الجانبين.

ومع ذلك، حذر الدبلوماسي المخضرم ألون ليئيل، المدير العام السابق لوزارة الخارجية بإسرائيل والذي كان سفيراً لها لدى تركيا، من أن يتسبب العداء المستحكم بين الجانبين في خطأ ما، أو في سوء تقدير يؤدي إلى تدهور العلاقات.

سفن حربية تركية خلال تدريب في البحر المتوسط 23 ديسمبر (الدفاع التركية - إكس)

كانت إسرائيل قد أقدمت على إجراءات لإقامة تحالف ثلاثي مع اليونان وقبرص، شمل تدريبات عسكرية مشتركة، وتُوج بلقاء في القدس الغربية، يوم الاثنين الماضي، بين رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس.

وفي مؤتمر صحافي عقب اللقاء، وجَّه نتنياهو إشارة ضمنية إلى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قائلاً: «إلى أولئك الذين يتوهمون قدرتهم على إقامة إمبراطوريات والسيطرة على بلادنا، أقول: انسوا الأمر. لن يحدث. لا تفكروا فيه حتى. نحن ملتزمون وقادرون على الدفاع عن أنفسنا، والتعاون يُعزز قدراتنا».

جاء ذلك في معرض رده على سؤال عما إذا كان التعاون مع اليونان وقبرص موجهاً ضد تركيا، وقال: «لا نريد استعداء أحد»، ثم تابع: «في الماضي، احتلتنا إمبراطوريات، وإذا كان لا يزال لدى أي شخص مثل هذه النيات، فعليه أن ينسى الأمر».

جانب من مباحثات نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس في إسرائيل 22 ديسمبر (د.ب.أ)

وعن الهدف من مثل هذه التحالفات الإقليمية قال نتنياهو: «لقد ثبَّتنا مكانتنا قوةً إقليميةً عظمى في مجالات معينة. هذا يقرّبنا من دول عديدة. هي تأتي إلينا لأنها استوعبت قاعدة مهمة، ألا وهي أن التحالفات تُعقد مع القَويّ وليس مع الضعيف، وأن السلام يُصنع مع القويّ وليس مع الضعيف».

«التهديد الأول»

نقل نتنياهو أيضاً رسالة أخرى موجهة مباشرةً إلى ترمب بالنسبة إلى صفقة بيع طائرات الشبح «إف-35» لتركيا ومشتريات أخرى من طائرات سلاح الجو قائلاً: «أود أن أوضح أن التفوق الجوي الإسرائيلي في الشرق الأوسط هو حجر أساس أمننا القومي».

وفي اليوم التالي من انعقاد القمة الثلاثية، نشرت صحيفة «يني شفق» التركية مقالاً على صفحتها الأولى بعنوان صارخ: «ابتداءً من اليوم، إسرائيل هي التهديد الأول».

وأشار المقال إلى انعقاد القمة، وإلى تبادل إطلاق النار في حلب السورية بين قوات النظام والقوات الكردية المعروفة باسم «قوات سوريا الديمقراطية»، على أنهما من مظاهر العداء؛ وأورد أن إسرائيل قامت خلال القمة بـ«تفعيل» القوات الكردية لإحراج الوفد التركي في سوريا.

وأضافت الصحيفة: «جميع المؤسسات التركية الأمنية تَعدّ إسرائيل تهديداً رئيسياً»، بل حددت المؤسسات الحكومية التي ستنظر إلى إسرائيل من الآن فصاعداً على أنها «التهديد الأول»: وزارة الدفاع، ووزارة الخارجية، وجهاز المخابرات التركي.

الرد التركي الرسمي

أما الرئيس التركي إردوغان، فقد وجَّه رسالة إلى الدول الثلاث، إسرائيل واليونان وقبرص، خلال اجتماع رؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الأربعاء، قائلاً: «ليعلم الجميع أننا لن ننتزع حقوق أحد، ولن نسمح لأحد بأن ينتزع حقوقنا».

وأضاف: «سنواصل التمسك بمبادئنا التاريخية والتصرف بكرامة وحكمة وعقلانية وهدوء، بما يليق بخبرتنا وتقاليدنا العريقة ولن نستسلم للاستفزازات».

إردوغان متحدثاً خلال اجتماع لرؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» في أنقرة 24 ديسمبر (الرئاسة التركية)

وقالت وزارة الدفاع التركية إنها تتابع من كثب مبادرات التعاون والبيانات التي صدرت عن الأطراف الثلاثة عقب القمة يوم الاثنين. وشدد المتحدث باسم الوزارة زكي أكتورك، على أن بلاده تؤكد التزامها بالحفاظ على الاستقرار واستمرار الحوار في المنطقة.

وقال أكتورك، خلال إفادة أسبوعية لوزارة الدفاع، الخميس، إن تركيا تؤيد الحوار البنّاء في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط انطلاقاً من علاقات التحالف في إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو).

لكنه استطرد: «يجب أن يُفهم أن الخطوات المخالفة لروح التحالف لن تُغير الوضع على أرض الواقع، وأن موقف تركيا من أمن جمهورية شمال قبرص التركية (غير معترف بها دولياً) وحقوقها، واضح وثابت، ولن تتردد تركيا في استخدام الصلاحيات الممنوحة لها بموجب وضعها، بوصفها أحد الضامنين في المفاوضات بشأن الجزيرة القبرصية».

المتحدث باسم وزارة الدفاع التركي زكي أكتورك خلال مؤتمر صحافي في أنقرة الخميس (الدفاع التركية - إكس)

وأضاف أن تركيا «ليست هي من يصعّد التوترات في بحر إيجه وشرق المتوسط، بل الخطوات والنهج الإقصائي والأحادي الذي يهدف إلى فرض أمر واقع، بينما تُفضّل تركيا أن تكون المنطقة حوضاً للتعاون والاستقرار، لا ساحة صراع».

الصفقة المنشودة

وقال الخبير الإسرائيلي في الشؤون التركية، ليئيل، في حديث مع موقع «واي نت» العبري: «أعلم أن تركيا تستعد للحرب، وأرى استعداداتها عبر تعزيز الدفاعات الجوية وتقوية القوات الجوية وتخصيص ميزانيات ضخمة لهذا الغرض. إنهم في حالة ذعرٍ حقيقي من احتمال هجومنا عليهم، ويأخذون الأمر على محمل الجد».

وأشار إلى أن الأتراك «يُسلّحون أنفسهم بطائرات (إف-35) الجديدة، ويُغيّرون قواتهم الجوية بالكامل». وتابع: «لديهم قوة بحرية ومشاة قوية، ويُضاعفون إنتاج الطائرات المسيّرة».

وواصل حديثه قائلاً: «إذا لم نتوصل إلى اتفاق مع سوريا، فستكون أولى المواجهات العسكرية على الأراضي السورية. لن يجرؤ إردوغان على مهاجمة الأراضي الإسرائيلية، ولن نجرؤ نحن على مهاجمة تركيا. لكن كلا البلدين يمتلك جيشاً في سوريا، وإذا لم نتوصل إلى اتفاق ثلاثي أو رباعي مع السوريين والأميركيين، فستقع حوادث مع تركيا في وقت قريب».

أما بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فقد قدّر ليئيل أن واشنطن، على عكس الماضي، لم تعد تشعر بالذعر إزاء أي خلاف إسرائيلي - تركي، وباتت ترى أن الطرفين يمارسان ضغوطاً كي تسارع إلى إبرام صفقة بينهما، تقبل إسرائيل بموجبها بدور تركي في غزة، وتقبل تركيا بدور إسرائيلي في سوريا.

وتواترت في الآونة الأخيرة تقارير يونانية وإسرائيلية عن تحركات في شرق البحر المتوسط وعن أن إسرائيل تدرس، بالتعاون مع اليونان وقبرص، إمكانية إنشاء قوة تدخّل سريع مشتركة تضم وحدات من القوات المسلحة للدول الثلاث، بهدف تعزيز التعاون العسكري الاستراتيجي وردع الأنشطة العسكرية التركية في شرق المتوسط، لا سيما مع سعي تركيا لتعزيز نفوذها الإقليمي، بما في ذلك نشر أنظمة دفاع جوي في سوريا، ومحاولة المشاركة في القوة متعددة الجنسيات في غزة، وإجراء محادثات مع الحكومتين المتنافستين في ليبيا للتوصل لتوقيع اتفاقيات بحرية جديدة قد تمنحها دوراً مهيمناً في شمال وشرق البحر المتوسط.