بوتين ورئيسي لـ«ضبط الساعات» في العلاقات الثنائية والملفات الإقليمية

ركّزا على تطوير التعاون الاقتصادي... وحرب غزة بين أولويات الطرفين

بوتین یستقبل رئيسي في الكرملين اليوم (الرئاسة الإيرانية)
بوتین یستقبل رئيسي في الكرملين اليوم (الرئاسة الإيرانية)
TT

بوتين ورئيسي لـ«ضبط الساعات» في العلاقات الثنائية والملفات الإقليمية

بوتین یستقبل رئيسي في الكرملين اليوم (الرئاسة الإيرانية)
بوتین یستقبل رئيسي في الكرملين اليوم (الرئاسة الإيرانية)

برز تطابق، الخميس، في مواقف موسكو وطهران حيال غالبية الملفات الإقليمية، خلال محادثات الرئيس فلاديمير بوتين مع نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي. ومع تأكيد ارتياح الطرفين لمسار تطور العلاقات الثنائية وتوسيع مجالات التعاون في الملفات المختلفة، بدا أن مسائل تنسيق الجهود لمواجهة العقوبات الغربية المفروضة على البلدين، والتعامل مع الملفات الإقليمية الساخنة، وخصوصاً الوضع حول غزة كانت على رأس أولويات المناقشات.

واستهل بوتين اللقاء بتوجيه عبارات مازحة إلى ضيفه لم تخلُ من دلالات سياسية، فهو قال إن طائرته مرت فوق الأجواء الإيرانية أثناء رحلته إلى المملكة العربية السعودية والإمارات (الأربعاء)، وإنه كان ينوي أن يهبط في طهران للقاء رئيسي «لكن زملائي أبلغوني أنكم تنوون زيارة موسكو اليوم». ورأى معلقون، أن إشارة بوتين كانت مقصودة لجهة تأكيد الحرص الروسي على تعميق الاتصالات مع كل بلدان المنطقة.

بعد ذلك، تطرق بوتين إلى مستوى العلاقات مع إيران، التي قال: إنها «تتطور بشكل جيد للغاية».

وطلب من رئيسي نقل «أطيب تمنياته» إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، وقال: إنه «بفضل دعمه، اكتسبنا زخماً جيداً في السنوات الأخيرة. وفي العام الماضي، زاد حجم التجارة بنسبة 20 في المائة وحققنا نتائج جيدة».

ولاحظ بوتين أن روسيا وإيران «تتعاونان بشكل نشط في جميع المجالات تقريباً، بما في ذلك مجال الطاقة». وزاد: «لدينا مشروعات بنية تحتية كبيرة، لقد ناقشناها لفترة طويلة، والآن وصلنا إلى التنفيذ العملي لبناء خط السكة الحديد بين الشمال والجنوب. وبطبيعة الحال، نحن نعمل بشكل تقليدي في تطوير التعاون في مجال الطاقة».

وشدد بوتين على أن البلدين يعملان بشكل نشط لضبط الساعات حول قضايا الساعة التي تهم البلدين، مقترحاً مناقشة الوضع حول فلسطين. كما لفت إلى الأهمية الخاصة لتوقيع اتفاق الشراكة بين طهران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي متوقعاً أن يتم التوقيع قبل نهاية العام الحالي.

ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي مستقبلاً الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لدى وصوله إلى موسكو (الرئاسة الإيرانية)

بدوره، أعرب رئيسي عن ارتياحه لمستوى تطور العلاقات. وقال: إن البلدين وضعا أسساً متينة لتطوير التعاون في كل المجالات. وتوقف مطولاً في كلمته الاستهلالية حول الوضع في فلسطين، وقال: إن المطلوب العمل سريعاً على وقف «الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني» ملاحظاً أنه «تم قتل أكثر من 6000 طفل في هذا العدوان المتواصل، وهذا الموضوع لا يخص منطقة الشرق الأوسط وحدها، بل كل البشرية».

وأجرى الزعيمان بعد الشق المفتوح من المحادثات جلسة مناقشات مغلقة بحضور وفدي البلدين.

وكان الكرملين مهّد للقاء بتأكيد أن الرئيسين سوف يركزان على الملفات الإقليمية والدولية، وأنهما سوف يوليان اهتماماً خاصاً لمناقشة ملفات التعاون الثنائي، وخصوصاً ما يتعلق بمشروعات النقل والطاقة ومشروعات في المجال التجاري والاقتصادي.

وكان رئيسي، مهّد لدى وصوله العاصمة الروسية في زيارة لم يتم الإعلان عنها إلا قبل يومين، بأن أهم محاور زيارته إلى روسيا ستكون القضية الفلسطينية، ووقف القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، مشدداً على أن موسكو وطهران لديهما وجهات نظر مشتركة بشأن السلام والاستقرار في المنطقة.

وأشار رئيسي إلى أن زيارته إلى روسيا هدفها التشاور بشأن الكثير من القضايا الحساسة في المنطقة وتعزيز العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات.

ولفت رئيسي إلى أن استكمال ممر النقل الدولي «شمال - جنوب» سيكون أحد محاور المحادثات مع الرئيس الروسي.

في غضون ذلك، بدا أن الطرفين يوليان أهمية خاصة لتعزيز التعاون التجاري الاقتصادي في إطار تعزيز قدرات البلدين على مواجهة الضغوط الغربية ورزم العقوبات المفروضة عليهما. وقال السفير الإيراني لدى موسكو كاظم جلالي: إن صادرات إيران إلى روسيا زادت بنسبة 30 في المائة خلال 9 أشهر.

ورأى جلالي، في حديث مع وكالة الأنباء الرسمية (إرنا)، أن هذه الكمية من الصادرات الإيرانية غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة، في حين أشار إلى تناقص حجم الواردات الإيرانية من روسيا خلال الفترة ذاتها.

وأضاف جلالي، أن معظم التجارة بين البلدين تركزت في الماضي على المحاصيل الزراعية والبستنة، لكننا نشهد اليوم تصدير منتجات تكنولوجية مختلفة.

وأشار جلالي إلى التعاون بين إيران وروسيا في مجال التوربينات والمستلزمات الطبية والصحية والحلويات وصناعة الحقائب والأحذية والملابس والأثاث، قائلاً: إننا نشاهد اليوم بعض المنتجات الإيرانية بما فيها الشوكولاتة والحلويات والمستلزمات الصحية معروضة في المحال التجارية الروسية.

وأعرب جلالي عن تفاؤله إزاء مستقبل التعاون بين البلدين في مجال السيارات وقطع الغيار، عادّا أنه أحد المجالات الجادة للتعاون الثنائي.

وأوضح سفير إيران لدى روسيا، أن إيران وروسيا تعملان في مجال صناعة المحركات المتطورة للسيارات.

بدوره، قال نائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر بانكين، بأن الاتحاد الاقتصادي الأوراسي وإيران يستعدان لتوقيع اتفاقية حول إنشاء منطقة تجارة حرة في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وزاد: «إذا تحدثنا عن الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، فهذه اتفاقية موحدة في جوهرها - فهي تختلف بالطبع في المحتوى – وهي اتفاقية حول إنشاء منطقة تجارة حرة تتضمن مجموعة معينة من السلع المتفق عليها بين البلدين».

وأضاف، أن توقيع هذه الوثيقة سيتم على هامش اجتماع المجلس الاقتصاد الأوراسي الأعلى. ولم يكشف بانكين عمن سيوقع هذه الوثيقة من جانب إيران.


مقالات ذات صلة

بزشكيان يحضّ روسيا على التعاون ضد العقوبات

شؤون إقليمية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يستقبل رئيس مجلس الأمن القومي الروسي سيرغي شويغو الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)

بزشكيان يحضّ روسيا على التعاون ضد العقوبات

وصل رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، سيرغي شويغو، في زيارة غير معلَنة إلى طهران، وأجرى محادثات مع نظيره الإيراني علي أكبر أحمديان.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
أوروبا جنود أوكرانيون يحملون نعش رفيقهم أوليكساندر بيزسمرتني خلال مراسم جنازته في بوتشا في 9 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحقق في عملية إعدام روسية مزعومة لجندي أوكراني أعزل

قال ممثلو ادعاء أوكرانيون، اليوم (الثلاثاء)، إنهم فتحوا تحقيقاً فيما يشتبه أنها عملية إعدام روسية لجندي أوكراني عُثر عليه ميتاً بسيف في جسده.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم جنود في الجيش الروسي على الجبهة (أ.ب)

الكرملين: زيادة عدد الجيش تأتي رداً على «التهديدات» على حدودنا الغربية

أعلن الكرملين، الثلاثاء، أن قرار روسيا رفع عدد جيشها إلى 1.5 مليون عنصر يأتي رداً على «التهديدات» على حدودها الغربية في خضم الحرب ضد أوكرانيا

الولايات المتحدة​ طائرة مسيرة (رويترز)

واشنطن تعتقل روسياً بتهمة تصدير تقنيات مسيرات إلى موسكو

أعلنت وزارة العدل الأميركية أنه جرى أمس (الاثنين) إلقاء القبض على روسي بتهم التهريب وغسل الأموال والتصدير غير القانوني لتقنيات إلى روسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم شعار مجموعة «ميتا» (رويترز)

«ميتا» تحظر وسائل الإعلام الحكومية الروسية على منصاتها

أعلنت مجموعة «ميتا»، المالكة لـ«فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتساب»، فرض حظر على استخدام وسائل الإعلام الحكومية الروسية لمنصاتها، وذلك تجنّبا لأي «نشاط تدخلي أجنبي».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الفلسطينيون يناشدون أعضاء الأمم المتحدة رفض الاحتلال... وإسرائيل تندد

العلم الإسرائيلي يرفرف في نقطة الاستيطان الإسرائيلية بيت رومانو في مدينة الخليل بالضفة الغربية 15 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
العلم الإسرائيلي يرفرف في نقطة الاستيطان الإسرائيلية بيت رومانو في مدينة الخليل بالضفة الغربية 15 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يناشدون أعضاء الأمم المتحدة رفض الاحتلال... وإسرائيل تندد

العلم الإسرائيلي يرفرف في نقطة الاستيطان الإسرائيلية بيت رومانو في مدينة الخليل بالضفة الغربية 15 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
العلم الإسرائيلي يرفرف في نقطة الاستيطان الإسرائيلية بيت رومانو في مدينة الخليل بالضفة الغربية 15 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

دعا الفلسطينيون، اليوم (الثلاثاء)، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى دعم «حريتهم» عبر إصدار قرار يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية خلال «12 شهراً»، ما أثار غضب إسرائيل التي وصفت مشروع القرار بأنه «مهزلة».

ويستند مشروع القرار إلى رأي استشاري أصدرته محكمة العدل الدولية في يوليو (تموز) بطلب من الجمعية العامة، أكدت فيه أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967 «غير قانوني».

وعدّت أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة «إسرائيل ملزمة بإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة في أسرع وقت ممكن».

استناداً إلى ذلك، دعت الدول العربية إلى جلسة خاصة للجمعية العامة قبل أيام من وصول عشرات رؤساء الدول والحكومات إلى نيويورك للمشاركة في افتتاح الدورة السنوية للجمعية العامة التي ستهيمن عليها الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، إن «ما يحدث في غزة اليوم يمكن أن يكون الفصل الأخير من المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، أو سيكون الفصل الأول من واقع أكثر مأساوية لمنطقتنا كلها»، داعياً الأعضاء إلى أن «يقفوا على الجانب الصحيح من التاريخ»، وفق ما نقلت عنه «وكالة الأنباء الفلسطينية» (وفا).

وأضاف منصور: «أقف على هذه المنصة، في هذا المنعطف التاريخي والمأساوي، لأقول للشعب الفلسطيني إن هناك تغييراً سيأتي، وإن مصيرهم ليس معاناة وعذاباً لا نهاية له، وإن الحرية هي حقهم الطبيعي ومصيرهم»، عارضاً للمرة الأولى مشروع قرار باسم دولة فلسطين العضو المراقب، وهو حق حصلت عليه مؤخراً.

مشروع القرار الذي سيطرح على التصويت مساء الثلاثاء أو الأربعاء «يطالب» إسرائيل بـ«وضع حد دون إبطاء لوجودها غير القانوني» في الأراضي الفلسطينية «خلال 12 شهراً حداً أقصى، ابتداء من تبني هذا القرار»، بعدما كانت الصياغة الأولى للنص تحدد مهلة ستة أشهر فقط.

جانب من مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة في 16 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

«تعاطف وتضامن»

كذلك «يطالب» النص بانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي الفلسطينية ووقف بناء المستوطنات الجديدة وإعادة الأراضي والأملاك التي تمت مصادرتها والسماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين.

في المقابل، حذفت من النص خلال المفاوضات فقرة تدعو الدول الأعضاء إلى وقف تصدير الأسلحة لإسرائيل.

وقال منصور: «آمل أن نحقق أرقاماً جيدة»، مثنياً على «التعاطف والتضامن الهائلين» تجاه الفلسطينيين.

وفيما يبقى مجلس الأمن إلى حد بعيد مشلولاً حيال هذا الملف بسبب استخدام الولايات المتحدة بشكل متكرر حق النقض لحماية حليفتها إسرائيل، تبنت الجمعية العامة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) عدة نصوص دعماً للفلسطينيين.

ففي مايو (أيار)، قدمت الجمعية دعماً كبيراً لكنه رمزي، للفلسطينيين، إذ عدّت بـ143 صوتاً مؤيداً مقابل معارضة تسعة أصوات وامتناع 25 عن التصويت، أن لهم الحق في عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وهو ما تعرقله الولايات المتحدة.

ورغم أن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة، فإن إسرائيل نددت بالنص الجديد.

وعدّ السفير الإسرائيلي داني دانون أن «مشروع القرار هو إرهاب دبلوماسي، يستخدم أدوات الدبلوماسية ليس لمدّ الجسور بل لتدميرها».

وأضاف دانون: «يمكنكم الاختيار بين الوقوف إلى جانب العدالة والسلام وأولئك الذين يبحثون عن حلول حقيقية لتحديات المنطقة، أو يمكنكم المشاركة في هذا السيرك، هذه المهزلة، هذا المسرح السياسي»، حيث «الشر مشروع، والحرب هي السلام، والقتل مبرر، والإرهاب مرحب به».

اندلعت الحرب في غزة إثر هجوم غير مسبوق شنّته «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر وتسبّب بمقتل 1205 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، بحسب تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية. ويشمل هذا العدد رهائن قضوا خلال احتجازهم في قطاع غزة. وخُطف خلال الهجوم 251 شخصاً، لا يزال 97 منهم محتجزين، بينهم 33 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم. وردّت إسرائيل بحملة قصف وهجوم بري على غزة، أسفرت عن سقوط 41226 قتيلاً على الأقل، وفق وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس».