جهود إسرائيلية لإطالة الحرب وعمر حكومة نتنياهو

سعي لإدخال ليبرمان إلى «مجلس قيادة الحرب»

وزير المالية الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان (حسابه على «إكس»)
وزير المالية الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان (حسابه على «إكس»)
TT

جهود إسرائيلية لإطالة الحرب وعمر حكومة نتنياهو

وزير المالية الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان (حسابه على «إكس»)
وزير المالية الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان (حسابه على «إكس»)

كشف رئيس حزب «شاس» لليهود المتدينين الشرقيين، أريه درعي، أنه يسعى لضم رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، إلى الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، وذلك «لرفدها بشخصية قوية ذات خبرة غنية وذكاء حاد».

وعلى الرغم من أن درعي ادّعى أن هذه الخطوة ضرورية لتحسين أداء الحكومة في إدارة الحرب، وللاستفادة من قدراته وخبراته، بوصفه وزيراً سابقاً للدفاع وللمالية، وعضواً ثابتاً في المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية في عدة حكومات عدة، فإن المعارضة الإسرائيلية ترى في هذه الخطوة «محاولة من درعي لإنقاذ نتنياهو من السقوط بعد الحرب». فدخول ليبرمان سيعزز مكانة نتنياهو، ويضعف أحزاب المعارضة في معركتها لإسقاطه.

ودرعي، هو شخصية ذات تأثير بالغ في الحكومة. ومع أنه ليس وزيراً، إذ منعته المحكمة من تولي مهام حكومية؛ بسبب قضايا فساد متورط فيها، فإن نتنياهو يدعوه للمشاركة في اجتماعات مجلس قيادة الحرب جميعها. وهو يقود حزباً من 11 نائباً في الائتلاف الحكومي، وله 5 وزراء يتولون حقائب الداخلية والرفاه الاجتماعي والصحة والأديان، فضلاً عن منصب وزير ثانٍ في وزارة التعليم.

رئيس حزب «شاس» درعي، مقرب من نتنياهو ويؤثر عليه، ويعدّ «حلّال المشكلات» عنده. وهو يعتقد بأن انضمام ليبرمان إلى الحكومة، خصوصاً في فترة إدارة الحرب، سيخفف الانتقادات لأداء نتنياهو، الذي يُتّهم بأنه يدير الحرب بطريقة تخدم مصالحه الشخصية والحزبية، وأنه يسعى لإطالة المعارك القتالية في قطاع غزة حتى يطيل عمر حكومته.

نتنياهو يترأس الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء يناير الماضي وإلى جانبه أريه درعي (د.ب.أ)

كما يعتقد درعي بأن دخول ليبرمان سيخفف من وزن حزبَي الصهيونية الدينية المتطرفَين، بقيادة الوزيرين، بتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير، في الحكومة، ويضعف تأثيرهما.

وفي الوقت الذي توقعت فيه مصادر سياسية بأن نتنياهو ينوي إدخال ليبرمان، لكي يُخرج بالمقابل المتطرفين، خرج سموتريتش بتصريح يرحب فيه بهذا التطور، وقال إن ليبرمان سيعزز قوة التيار اليميني في الحكومة. وأضاف: «ليبرمان يرفض الهدن مع (حماس)، ويصر على تدمير هذه الحركة وتصفية قادتها، وفي هذا نحن وإياه في خندق واحد، وسنشكل عنصر ضغط يوازن الضغوط التي يمارسها بيني غانتس للتخفيف من الحرب والتفتيش عن سبل أخرى لتصفية (حماس)».

ولم ينفِ مكتب نتنياهو هذا النبأ. وقال إن هناك محادثات مع ليبرمان لكنها لم تنضج بعد. بينما قال ليبرمان إن «نتنياهو يرسل لي بشكل سري مبعوثين يتوسلون انضمامي للحكومة. ولكنني كنت قد أوضحت موقفي الصريح، بأنني على استعداد للانضمام للحكومة شرط أن يضع نتنياهو هدفاً لها لا يتنازل عنه كما حصل في مرات سابقة، أي تصفية (حماس)، قادة وحكماً، وأن أكون شريكاً في (مجلس إدارة الحرب المصغر)»، الذي يضم اليوم 3 وزراء فقط، هم نتنياهو ويوآف غالانت وبيني غانتس. وقال ليبرمان: «أنا لا أطلب هنا مناصب وزارية، بل تأثيراً حقيقياً على شكل ومضمون إدارة الحرب».

بيني غانتس تعطيه استطلاعات الرأي تفوقاً على نتنياهو لتولي رئاسة الحكومة (رويترز)

وبحسب مصادر مقربة من نتنياهو، فإن غانتس هو الذي يعارض انضمام ليبرمان للحكومة، وعلى الرغم من أن حزب غانتس نفى ذلك، فإن المصادر تؤكد أن غانتس دخل الحكومة لكي يعزز الشعور بالوحدة خلال الحرب، وبسبب هذا التصرف جرف تأييداً جماهيرياً ساحقاً، وأصبح أقوى المرشحين للفوز برئاسة الحكومة في أي انتخابات مقبلة. والآن لا يريد لأحد أن يقاسمه هذا الربح، ويخشى أن يؤدي انضمام ليبرمان إلى إجهاض معركة إسقاط الحكومة فور الانتهاء من الحرب.


مقالات ذات صلة

تجمدوا حتى الموت... البرد يودي بحياة 3 أطفال في غزة

المشرق العربي تسبب القصف الإسرائيلي على غزة في استشهاد أكثر من 45 ألف فلسطيني أكثر من نصفهم نساء وأطفال (رويترز)

تجمدوا حتى الموت... البرد يودي بحياة 3 أطفال في غزة

توفي 3 أطفال فلسطينيين في الساعات الـ48 الماضية بسبب البرد الشديد، حيث قال الأطباء إنهم تجمدوا حتى الموت أثناء وجودهم في مخيمات غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رجلان يسيران أمام جدار مغطى بصور لرهائن إسرائيليين في غزة (أ.ف.ب)

تقرير: الإجراءات العسكرية الإسرائيلية كان لها «تأثير على قتل حماس» 6 رهائن

كشف تحقيق عسكري نُشر، اليوم الثلاثاء، عن أن أنشطة للجيش الإسرائيلي كان لها «تأثير» على قرار «حماس» قتل ستة رهائن في غزة في أغسطس (آب).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية امرأة تظهر أمام صور لرهائن إسرائيليين في غزة (رويترز)

فريق تفاوض إسرائيلي يعود من قطر لإجراء «مشاورات داخلية» بشأن الرهائن

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن فريق تفاوض إسرائيلياً سيعود إلى إسرائيل، مساء اليوم، من قطر لإجراء «مشاورات داخلية» بشأن صفقة الرهائن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أطفال من غزة (أ.ف.ب)

إسرائيل تتخذ إجراءات أوسع لتعزيز قواتها تحضيراً لإقامة أطول في غزة

يخشى سكان جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون خصوصاً من عدم القدرة على العودة إلى منازلهم وبقاء القوات الإسرائيلية لفترة طويلة حتى لو تم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص حثّّت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي لاعتماد قواعد ملزمة قانوناً بشأن منظومات الأسلحة ذاتية التشغيل (الصليب الأحمر)

خاص «الصليب الأحمر»: الوضع في غزة مروّع... ولن نكون بديلاً لـ«أونروا»

في المرحلة الانتقالية التي تمر بها سوريا، تؤكد اللجنة الدولية للصليب الأحمر على أهمية التمسك بالقانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين، باعتبارهما حجر الزاوية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

توتر في العلاقات بين إسرائيل والفاتيكان بسبب قتل الأطفال في القطاع

كشافة يستقبلون الكاردينال بيير باتيستا بيتسابَلّا بلافتات تقول إحداها: «نريد الحياة لا الموت» في بيت لحم الثلاثاء (رويترز)
كشافة يستقبلون الكاردينال بيير باتيستا بيتسابَلّا بلافتات تقول إحداها: «نريد الحياة لا الموت» في بيت لحم الثلاثاء (رويترز)
TT

توتر في العلاقات بين إسرائيل والفاتيكان بسبب قتل الأطفال في القطاع

كشافة يستقبلون الكاردينال بيير باتيستا بيتسابَلّا بلافتات تقول إحداها: «نريد الحياة لا الموت» في بيت لحم الثلاثاء (رويترز)
كشافة يستقبلون الكاردينال بيير باتيستا بيتسابَلّا بلافتات تقول إحداها: «نريد الحياة لا الموت» في بيت لحم الثلاثاء (رويترز)

أكدّت مصادر سياسية في تل أبيب أن توتراً شديداً ينتاب العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والفاتيكان، بسبب التصريحات التي أدلى بها البابا فرنسيس تضامناً مع أهل غزة، واستخدام كلمة «وحشية» لوصف الغارات على النازحين الفلسطينيين وقتل الأطفال، ما جعل الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هيرتسوغ يسعى لزيارة روما، في محاولة لتهدئة الوضع، لكن اليمين المتطرف الحاكم يُحاول ثنيه عن هذه الزيارة، «التي لا يوجد لها تفسير سوى أنها خُنوع أمام مَن ينتقدوننا».

وقال أحد الوزراء الإسرائيليين إن زيارة هيرتسوغ غير مفهومة. ووفق صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أضاف الوزير -الذي طلب عدم ذكر اسمه- أن «البابا لا يوفر مناسبة لتلطيخ سمعة إسرائيل. يهاجمها باستمرار ويتحيّز للفلسطينيين. فقط في الشهر الماضي أدّى صلاة في كنيسة، وقد وضع أمامه تمثالاً للمسيح وهو ملفع بالكوفية، وذلك في رمزية واضحة ترسخ الادعاء بأن المسيح كان فلسطينياً. فلماذا ينبغي لرئيسنا أن يركع أمام هذا البابا؟».

علما الفاتيكان وإسرائيل خلال إقامة البابا فرنسيس صلاة الملائكة في ساحة الفاتيكان الخميس (رويترز)

وكان رجال الدين المسيحيون في معظم الكنائس المسيحية في العالم قد تطرقوا خلال كرازة عيد الميلاد المجيد، للأوضاع في غزة، متعاطفين مع الضحايا الفلسطينيين. ودان البابا فرنسيس بنفسه ما سمّاه «قسوة الغارات على قطاع غزة، وإطلاق الرصاص على الأطفال هناك». وعدّها وحشية.

وقال الحبر الأعظم، الذي ينضوي تحت قيادته الروحية 1.2 مليار مسيحي في العالم، بعد صلاة التبشير الأحد الماضي: «بألم أفكر في غزة، في كل هذه القسوة، في الأطفال الذين يتعرّضون لزخات إطلاق النار، في قصف المدارس والمستشفيات. يا لها من قسوة».

وكشف النقاب، الخميس، أن هيرتسوغ كان قد اتصل بالبابا فرنسيس، هاتفياً، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، واحتجّ على تصريحاته ضد إسرائيل. وقال له إن «الجيش الإسرائيلي ملتزم بالقوانين الدولية، ولا يطلق الرصاص على المدنيين، بل (حماس) الإرهابية هي التي يندس قادتها بين المدنيين، فتضطره إلى تصويب ناره عليهم». وردّ البابا: «الرد على الإرهاب لا يكون بالإرهاب». وفي اليوم التالي لهذه المكالمة عاد البابا واستخدم كلمة إرهاب في وصف العمليات الحربية الإسرائيلية، وقال: «أيضاً في الحرب توجد قوانين. قتل الأطفال بهذه الوحشية ليس حرباً، بل إرهاب».

الزوجان المسيحيان طوني وأمل وهما من النازحين خارج خيمتهما في منطقة المواصي بخان يونس الأربعاء (إ.ب.أ)

وفي محاولة استفزازية للرد على هذه التصريحات، حاول الجيش الإسرائيلي منع الكاردينال بيير باتيستا بيتسابَلّا، بطريرك القدس للاتين، من دخول غزة في مطلع الأسبوع؛ حيث أراد أن يترأس قداس تباشير بالميلاد، فأثار قراره موجة احتجاج غاضبة في العالم فتراجع. ودخل الكردينال مدينة غزة في زيارة وصفها أهل غزة بأنها «تاريخية وإنسانية». ولم تقتصر الزيارة على الكنيسة الكاثوليكية، بل راح يتجوّل في الشوارع والأحياء التي دمّرتها العمليات الحربية الإسرائيلية، والتقى أفراداً من العائلات المتبقية من المسيحيين، الذين فقدوا نحو 20 مواطناً قتلوا بالغارات، والتقى عائلات من المسلمين الذين يعيشون وسط ظروف إنسانية قاسية، نتيجة الحصار والدمار والقتل المستمر. وعلى مدى 4 أيام، حرص الكاردينال على زيارة البيوت المتضررة، مستمعاً إلى معاناة سكان القطاع، ومعبراً عن تضامنه العميق معهم. فيما حملت زيارته رسالة رجاء وسلام؛ حيث قدّم كلمات تعزية ودعم للأسر التي فقدت منازلها وأحباءها.

وأكد أهمية الصمود والإيمان وسط هذه المحنة العصيبة، مشدداً على أن وجودهم هو شهادة حية للإيمان والثبات، ليؤكد أهمية الوحدة الإنسانية والتكاتف بين مختلف الأديان في مواجهة الأزمات.

وخلال القداس، قال الكاردينال إن معاناة أهل غزة ليست منسية، وأن الكنيسة ستظل حاضرة لدعمهم ومساندتهم، كما دعا إلى التحرك العاجل لإنهاء الحصار المفروض على القطاع، وإحلال السلام والعدالة في المنطقة.

وعاد الكردينال باتيستا، وهو إيطالي الجنسية، لتكرار رسائله في قداس ليلة الميلاد في كنيسة المهد في بيت لحم، الذي تم بثه عبر التلفزيون الفلسطيني الرسمي إلى كل أرجاء العالم. وأشار إلى أن رسالته للمؤمنين ألا يخافوا.

وقال: «ليست لديّ مشكلة هذه السنة في الاعتراف بصعوبة الإعلان عن فرح ميلاد المسيح لكم، أنتم الحاضرون هنا، ولكل مَن ينظر إلى بيت لحم من جميع أنحاء العالم. نشيد الملائكة، الذين ينشدون المجد والفرح والسلام، يبدو لي نشازاً بعد عام مليء بالمشقة، والدموع والدماء والمعاناة، بسبب آمال خابت وخطط للسَّلام والعدل تحطَّمَت. يبدو أَن النواح يتغلَّب على النشيد، والغضب يشلُّ كل طريق للرجاء».

الكاردينال بيير باتيستا بيتسابَلّا بطريرك القدس للاتين يحيي فلسطينية في بيت لحم الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأجرى مقارنة بين درب الآلام التي خاضها مريم ويوسف، «بينما يبدو أنّهما يُطيعان صاغرين قوة أكبر منهما، إلا أنهما كانا في الواقع ينظران إلى التاريخ بعيون الله، ويريان فيه مشروعاً إلهياً، فيه يدخلان المجد والسلام. ونحن أيضاً يمكننا ويجب علينا أن نبقى في أرضنا، وأن نعيش واقعنا، غير مُجبرين أو مستسلمين، ولا حتى مستعدّين للهرب في أوَّل فرصة. نحن مدعوُّون من قِبل الملائكة كي نعيش هذه الليلة بإيمان ورجاء. نحن أيضاً، على غرار يوسف ومريم، والرعاة، يجب أن نختار وأن نُقرّر: هل نقبل بإِيمان بشارة الملاك، أم نمضي في طريقنا؟ طفل بيت لحم يأخذ بيدنا في هذه الليلة، ويرافقنا في معارج التاريخ، ويساعدنا كي نقبله حتى النهاية، فنسير فيه بثقة ورجاء. ولم يخش الموت. ويطلب منَّا ألّا نخاف من قوى هذا العالم، بل أن نثابر في طريقِ العدل والسلام».

وكان المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، عيدان بار طال، قد استدعى سفير الفاتيكان في تل أبيب، المطران أدولفو طيطو يلينا، الثلاثاء، لجلسة احتجاج، عبّر فيها عن الشعور بالمرارة من تصريحات البابا فرنسيس، وعدّها «ازدواجاً بالمعايير». وقال بار طال إن هذه التصريحات مخيبة للآمال بشكل خاص؛ لأنها منفصلة عن السياق الحقيقي والواقعي لحرب إسرائيل ضد الإرهاب الجهادي، وهي حرب متعددة الجبهات، فُرضت عليها منذ 7 أكتوبر 2023.