نتنياهو يحاول صد محاولات الانقلاب عليه في اليمين

لا يفكر بالتنحي... ساعياً لاستئناف الحرب ومهدداً بانتخابات جديدة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست (أرشيفية - أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست (أرشيفية - أ.ب)
TT

نتنياهو يحاول صد محاولات الانقلاب عليه في اليمين

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست (أرشيفية - أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست (أرشيفية - أ.ب)

في الوقت الذي ترتفع فيه أصوات كثيرة بمعسكر اليمين الحاكم ضد رئيسه، بنيامين نتنياهو، الذي تشير الاستطلاعات إلى أن بقاءه على رأسه سيؤدي إلى تحطمه، يدير فريق مؤيديه معركة شرسة لإسكات هذه الأصوات، فيهددون بالتوجه إلى انتخابات جديدة رغم المخاطر. ويعملون على استئناف الحرب، «تجاوباً مع رغبة الجيش»، ولإطالة عمر الحكومة، ويهاجمون المنتقدين ويحذرون من «تكرار حملات غبية سابقة أدت إلى خسارة اليمين الحكم، مثلما حصل في سنة 1992».

ولا يتردد فريق نتنياهو في وضع «حماس» وإيران والإدارة الأميركية وقادة الجيش، في خندق واحد، أثناء الدفاع عنه. ويقول مقربون منه إن نتنياهو يقود حرباً شرسة في مواجهة «حماس» وإيران وأتباعهما، ويتصدى لضغوط أميركية لوقف الحرب وإعادة «حل الدولتين»، ولضغوط جماهيرية بسبب إخفاقات الجيش والمخابرات، ولهجوم جنوني عليه من وسائل الإعلام الإسرائيلية، فلا يجوز لليمين أن ينضم إليها في محاربة الرجل وجعله كبش فداء للقصور.

وكتب أحد أبرز كتاب اليمين، أمنون لورد، في صحيفة اليمين «إسرائيل هيوم»، الاثنين: «في اليمين يوجد من ينضم إلى الحركة لتنحية نتنياهو ويفعل هذا بطريقة غبية، إن نتنياهو هو تشامبرلين (آرثر نيفيل تشامبرلين، رئيس وزراء بريطانيا الذي اتسمت سياسته بالتردد وأدار مفاوضات مع الزعيم النازي أدولف هتلر، تنازل خلالها عن مناطق من تشيخيا)». يقول لورد: «في هذه اللحظة بايدن بالذات، هو الذي أقرب إلى هذا اللقب، وإسرائيل مطالبة بأن تعد نفسها للصدام».

مظاهرة أخيرة أمام الكنيست للضغط على الحكومة لإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حركة «حماس» (رويترز)

وانضم لورد إلى عشرات كتاب اليمين الذين يؤيدون استئناف الحرب على غزة، حتى لو كان الثمن وقف اتفاقات تبادل أسرى، وذلك بدعوى أن «الانتصار في الحرب هو الذي سيجلب الأسرى».

ودعا رئيس معهد سياسات الشعب اليهودي، البروفسور يديديا شتيرن، إلى وقف الحملة التي تديرها عائلات الرهائن الإسرائيليين في أسر «حماس»، والداعية لإطلاق الرهائن فوراً ومهما يكن الثمن. وقال إن المطلوب اليوم هو «استئناف الحرب فوراً»، وإخضاع «حماس» حتى تسلم المخطوفين بلا صفقة. وأضاف: «يحيى السنوار، قائد حماس يتلاعب بأعصاب الإسرائيليين ويستغل الخلافات الداخلية».

ونتنياهو نفسه يطلق التصريحات يومياً، مؤكداً ضرورة استئناف الحرب، في أقرب وقت، ويصر على تحقيق هدف الحرب، وهو تصفية «حماس» والتخلص من حكمها على قطاع غزة. ويقوم بزيارات ميدانية للجنود في جبهة القتال، وينشر صورة مرتدياً سترة واقية من الرصاص في موقع عسكري داخل قطاع غزة، الأحد.

لكنه يجد وقتاً غير قليل ليدير «الحرب الأهم»، للحفاظ على منصبه في رئاسة الحكومة، فيعقد، في الأيام الأخيرة، سلسلة «لقاءات شخصية» مع أعضاء كنيست من حزب «الليكود» لـ«منع انقلاب» يتوقعه ضده.

نتنياهو يلتقي بقوات الجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة الأحد (مكتب رئيس الوزراء)

وهدف هذه اللقاءات، وفق ما ذكر موقع «واينت» الإلكتروني، الاثنين، هو السعي لترسيخ مكانته داخل «الليكود» والاطلاع على الأجواء داخل الحزب، على خلفية الحرب على غزة ومطالبته بتحمل مسؤولية شخصية عن الإخفاق الأمني الاستراتيجي الذي أدى إلى نجاح هجوم مقاتلي «حماس» بغلاف غزة، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويعدّ نتنياهو تلك اللقاءات «حيوية لليوم التالي للحرب». ولكنها في الواقع، تأتي، كما قال قيادي في «الليكود» للموقع نفسه، لصد المحاولات التي يقوم بها عدد غير قليل من قادة الحزب، لدراسة إمكانية الإطاحة بنتنياهو، من خلال تصويت في الهيئة العامة للكنيست، على مشروع قانون لنزع الثقة عنه.

وقد طرح اسم عضو كنيست آخر من «الليكود» كي يشكل حكومة من دون إجراء انتخابات عامة. وأحد الأسماء التي تطرح في هذه المداولات، هو رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يولي إدلشتاين، ووزير الاقتصاد، نير بركات، بحيث ينتخب أحدهما رئيساً للحكومة بشكل مؤقت إلى حين انتخاب رئيس جديد لـ«الليكود».

جرافة عملاقة لن تخرجه

وممن التقاهم نتنياهو على انفراد، أعضاء الكنيست (البرلمان)، كيتي شيطريت، ودان إيلوز، وحانوخ ميلفيتسكي وبوعاز بيسموت، وكلهم من «الليكود».

ونقل «واينت» عن مصدر مطلع في «الليكود»، قوله، إن «نتنياهو يتخوف من تنامي الأصوات التي تتبنى الخطاب القائل بضرورة استبداله، ويريد التأكد من أن لا أحد من رفاقه سينضم إلى الانقلاب عليه».

بايدن في زيارة مواساة لنتنياهو ومؤتمر صحافي مشترك في 18 أكتوبر (د.ب.أ)

وأضاف: «نتنياهو يريد أن (يشعر بنبض) الليكود. وهو يمرر رسالتين مركزيتين، تبدوان مثل حملته الانتخابية المقبلة: أتعهد باستمرار القتال حتى النهاية؛ وأنا الوحيد الذي سيتصدى للمحاولات الأميركية في العودة إلى حل الدولتين، ولا أحد سواي يستطيع منع إقامة دولة فلسطينية».

وقد هدد نتنياهو بالتوجه إلى الانتخابات «فوراً» بعد الحرب، «إذا لم تتوقف المؤامرة الداخلية في المعسكر (اليميني) للإطاحة به». وسئل أحد الذين التقاهم نتنياهو إن كان قد تحدث معهم حول احتمال التنحي عن منصبه بعد الحرب، فأجاب: «هذا ليس مطروحاً أبداً على أجندته. وحتى (جرافة عملاقة من طراز) D9 لن تزحزحه».


مقالات ذات صلة

السعودية تقود تحالفاً عالمياً لتنفيذ حل الدولتين

المشرق العربي الوزير بن فرحان خلال اجتماع مع وزراء خارجية مجلس التعاون في نيويورك (أ.ف.ب)

السعودية تقود تحالفاً عالمياً لتنفيذ حل الدولتين

أطلق وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»، الذي تشارك فيه مجموعة من الدول العربية والإسلامية والشركاء الأوروبيين.

شؤون إقليمية مسؤول السياسة الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل ورئيس حكومة السلطة الفلسطينية محمد مصطفى في «لقاء مدريد» (إ.ب.أ)

وزير الخارجية الإسرائيلي يهاجم بوريل لتنظيمه «لقاء مدريد»

هاجم وزير خارجيتها، يسرائيل كاتس، الممثلَ السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية، جوزيف بوريل، وعَدّه عنصرياً ومعادياً للسامية ولليهود.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي من المباحثات التي استضافتها إسبانيا حول الحرب في قطاع غزة (وفا)

مصطفى يطالب بالاعتراف الدولي بفلسطين... وتشيلي لمقاضاة إسرائيل بـ«الإبادة الجماعية»

أكد رئيس الوزراء الفلسطيني ضرورة حشد المجتمع الدولي لمختلف الجهود لإقرار وتنفيذ خطوات عملية لتنفيذ حل الدولتين، إلى جانب العمل على وقف الحرب في غزة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
المشرق العربي وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس يتوسط المشاركين في الاجتماع الرفيع المستوى حول «حرب غزة» (أ.ب)

«بيان مدريد» يدعو إلى انسحاب إسرائيل من غزة بما فيها محور فيلادلفيا

دعا الاجتماع الوزاري حول القضية الفلسطينية، الذي انعقد بمدريد، بانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة ومن بينها محور فيلادلفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
شؤون إقليمية هاريس التقت نتنياهو بمكتبها 25 يوليو أثناء زيارته لواشنطن (أ.ف.ب)

الإسرائيليون يصدمهم تنبؤ ترمب بدمار دولتهم

قال أحد الخبراء إن كلام ترمب عن زوال إسرائيل إن فازت. هاريس، استخفاف بنا يجعلنا كياناً تابعاً للولايات المتحدة

نظير مجلي (تل أبيب)

المصداقية على المحك... كيف تفكر إيران في الرد على اغتيال نصر الله؟

أنصار «حزب الله» يلوحون بالأعلام أمام ملصق لحسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)
أنصار «حزب الله» يلوحون بالأعلام أمام ملصق لحسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

المصداقية على المحك... كيف تفكر إيران في الرد على اغتيال نصر الله؟

أنصار «حزب الله» يلوحون بالأعلام أمام ملصق لحسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)
أنصار «حزب الله» يلوحون بالأعلام أمام ملصق لحسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)

هزت عملية الاغتيال الجريئة التي قامت بها إسرائيل لزعيم «حزب الله» حسن نصر الله، أمس (الجمعة)، الجماعة اللبنانية ووجهت لها الضربة الأشد منذ تأسيسها في أوائل الثمانينات من القرن الماضي. ودفعت عملية الاغتيال إيران -وهي الداعم الرئيسي للحزب- إلى التحذير من أن إسرائيل بدأت «مرحلة خطيرة من الصراع من خلال تغيير قواعد الاشتباك»، وفق ما ذكرته شبكة «سي إن إن» الأميركية.

وفي حين تراقب طهران حليفها الأكثر أهمية «من الحركات وليس من الدول»، وهو يتعرض للاستهداف، تتزايد الأسئلة حول كيفية الرد الإيراني.

وصعّدت الدولة العبرية بشكل كبير صراعها المستمر منذ عام مع الجماعة اللبنانية بعد توسيع أهداف حربها بقطاع غزة في 17 سبتمبر (أيلول) لتشمل الجبهة الشمالية مع «حزب الله». وفي اليوم التالي، انفجرت آلاف أجهزة «البيجر» التي يستخدمها أعضاء الحزب، ثم انفجار أجهزة الاتصال اللاسلكي بعدها بيوم. تلى ذلك هجوم جوي إسرائيلي أسفر عن مقتل كثير من قادة «حزب الله»، وأدى إلى أكبر عدد من الضحايا في لبنان منذ ما يقرب من عقدين من الزمن.

إلى أي مدى تأثر «حزب الله»؟

يزعم الجيش الإسرائيلي أن التسلسل القيادي للجماعة «تم تفكيكه بالكامل تقريباً» بعد أن قتل سلسلة من كبار المسؤولين في «حزب الله»، خلال الأسبوع الماضي.

وقالت حنين غدار، الزميلة البارزة في معهد واشنطن، إنه بالإضافة إلى خسارة مستودعات الأسلحة والمرافق، فقد التنظيم معظم كبار قادته، كما انكسرت شبكة اتصالاته. لكنها أضافت أنه على الرغم من خسائرها، فإن الجماعة اللبنانية لا تزال تحتفظ بقادة ماهرين، وكثير من أقوى أصولها، بما في ذلك الصواريخ الموجهة بدقة، والصواريخ طويلة المدى التي يمكن أن تُلحق أضراراً كبيرة بالبنية التحتية العسكرية والمدنية الإسرائيلية. ولم يتم استعمال معظم هذه الصواريخ بعد.

بدورها، قالت أمل سعد، الخبيرة في شؤون «حزب الله» والمُحاضِرة في السياسة والعلاقات الدولية بجامعة «كارديف» في ويلز، إنه منذ صعّدت إسرائيل حملتها، أثبت الأداء العسكري لـ«حزب الله» أنه «تمكن من امتصاص تلك الصدمة وتمكن من الارتداد، وهو يضرب شمال إسرائيل بقوة منذ أيام».

واعترضت إسرائيل، يوم الأربعاء الماضي، صاروخاً باليستياً أطلقه «حزب الله» بالقرب من تل أبيب، وهو هجوم غير مسبوق وصل إلى عمق قلب المنطقة التجارية لإسرائيل. وقال الحزب إنه استهدف مقر الموساد الإسرائيلي.

وأوضحت أمل سعد: «في حين أنه من غير المرجح أن يؤدي مقتل نصر الله إلى تعطيل الاستمرارية العملياتية للحركة، فإنه سيمثل إحباطاً هائلاً بين صفوفها وصفوف مؤيديها».

وترى حنين غدار أن القليل من المتنافسين على قيادة «حزب الله» يمكن أن يضاهوا شعبية نصر الله، و«إذا تم تفكيك قيادة الجماعة بالفعل وتعطل التنسيق بين إيران و(حزب الله)، فقد يدفع ذلك الحرس الثوري الإيراني إلى تولي زمام المبادرة». وتضيف: «سيتعين عليهم (إيران) إيجاد طريقة للقيام بذلك بأنفسهم. لكن هذا ليس خياراً سهلاً لأنهم (سيصبحون) أهدافاً، وهم لا يفهمون لبنان».

ما الظروف التي قد تدفع إيران للتدخل؟

قبل محاولة اغتيال نصر الله، كان الخط الرسمي الإيراني هو أن «حزب الله» قادر على الدفاع عن نفسه، حتى مع اعتراف المرشد الإيراني علي خامنئي، الأربعاء الماضي، بأن قتل إسرائيل لقادة الجماعة كان «خسارة بالتأكيد».

لكن بعد الغارة الجوية، الجمعة، أشارت سفارة إيران في لبنان إلى أن حسابات طهران ربما تتغير الآن. وقالت السفارة على موقع «إكس»: «لا شك أن هذه الجريمة النكراء والسلوك المتهور يمثلان تصعيداً خطيراً يغير قواعد اللعبة، وأن مرتكبها سينال العقاب والتأديب المناسب».

علاقة إيران مع الغرب

تكمن المعضلة في اعتبارات إيران الداخلية، ويأتي التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل في وقت حساس بالنسبة للرئيس الإصلاحي الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، الذي ركزت حملته الانتخابية على تحسين العلاقات الخارجية لإخراج طهران من العزلة التي أصابت اقتصادها بالشلل.

وخلال هذا الأسبوع، قال بزشكيان أمم الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن بلاده مستعدة للتعامل مع الغرب بشأن برنامجها النووي المثير للجدل، ومن أجل ذلك عين الدبلوماسي المخضرم الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة جواد ظريف نائباً له.

وفي الداخل، يتعين على بزشكيان أن يتعامل مع ناخبيه الإصلاحيين، الذين يفضلون الوفاق مع الغرب، والعناصر المتشددة داخل النظام الإيراني التي تريد استعراض القوة ضد إسرائيل.

ويوم الاثنين، وهو اليوم الذي قُتل فيه ما يقرب من 500 لبناني في الغارات الجوية الإسرائيلية، صرّح بزشكيان في نيويورك بأن إيران مستعدة «لإلقاء السلاح إذا فعلت إسرائيل الشيء نفسه». وأثار هذا التصريح رد فعل عنيفاً من المتشددين في الداخل لـ«ظهوره ضعيفاً أمام العدو». وقد أثار تصريحه، إلى جانب عرضه للتصالح مع الغرب في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، انتقادات كثيرة.