إردوغان: المجتمع الدولي فشل في اختبار حرب الإبادة في غزة

تركيا تقول إنها ستواصل الوقوف إلى جانب الفلسطينيين وتطبيق حل الدولتين

إردوغان متحدثاً في رسالة مصورة إلى القمة الدولية للاتصالات الاستراتيجية في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)
إردوغان متحدثاً في رسالة مصورة إلى القمة الدولية للاتصالات الاستراتيجية في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان: المجتمع الدولي فشل في اختبار حرب الإبادة في غزة

إردوغان متحدثاً في رسالة مصورة إلى القمة الدولية للاتصالات الاستراتيجية في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)
إردوغان متحدثاً في رسالة مصورة إلى القمة الدولية للاتصالات الاستراتيجية في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)

ندد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بصمت المجتمع الدولي إزاء «جرائم الحرب والإبادة الجماعية» التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، عادّاً ذلك أنه يمثّل فشل العالم في هذا الاختبار.

وقال إردوغان إن إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة على مرأى ومسمع من الغرب المؤيد لها ووسط صمت المجتمع الدولي الذي «فشل، بشكل واضح، في هذا الاختبار».

وأضاف إردوغان، في رسالة مصورة إلى القمة الدولية للاتصالات الاستراتيجية التي نظمتها رئاسة الجمهورية التركية في إسطنبول الجمعة، أن إسرائيل قتلت حتى الآن أكثر من 60 صحافياً في غزة لـ «منع نقل حقيقة» ما يجري هناك، و«قطعت الكهرباء والماء ونفّذت حصاراً كاملاً على القطاع، ونفذت مجازر وإبادة جماعية».

جرائم حرب

وتابع أن «المجتمع الدولي فشل بشكل واضح في هذا الاختبار، فقد تجاهل وغض الطرف عن الجرائم الإسرائيلية التي كانت تنقل على الهواء مباشرة لكل العالم، وظهر الخلل الوظيفي للأمم المتحدة في هذه الأزمة».

وأشار إلى أن تركيا وقفت منذ اليوم الأول «إلى جانب المظلومين الفلسطينيين، ورفضت المجازر الإسرائيلية بحقهم، وعملت بطواقمها المختصة كافة، على كشف الحقائق وفضح ما تقوم به إسرائيل من إبادة جماعية في غزة»، مشدداً على أن إسرائيل ترتكب «جرائم حرب».

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً خلال قمة الاتصالات الاستراتيجية في إسطنبول الجمعة (الخارجية التركية)

وبدوره، أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أن العديد من المؤسسات الإعلامية الغربية تمارس التضليل والتحيز وتتجاهل مأساة الفلسطينيين.

وقال فيدان خلال القمة: «واجهنا نوعين من المعلومات المضللة في سياق جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في غزة والضفة الغربية بعد أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول)». وأضاف أن النوع الأول تمثّل في الموقف المتحيز للعديد من المؤسسات الإعلامية الغربية الذي يتجاهل المأساة الإنسانية التي يعاني منها الفلسطينيون. والثاني، هو التضليل المؤسسي الذي تمارسه إسرائيل، والذي لا يقتصر على أحداث 7 أكتوبر فقط.

وتابع: «لهذا السبب يضربون المستشفيات ويلومون الآخرين، ويقولون إنهم يبحثون عن الأنفاق تحتها... الهدف الرئيس لهذا السيناريو، الذي صممته إسرائيل، هو جعل حل الدولتين مستحيلاً، لا يمكن تحقيق السلام الحقيقي عبر السماح لإسرائيل بتكرار السرديات ذاتها ونسيان جرائم الحرب التي ترتكبها والسماح لها بارتكاب الجريمة تلو الأخرى».

وشدد على أن تركيا ستواصل الحركة الدبلوماسية المكثفة التي تقوم بها من أجل إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، ولن تتوانى عن الوقوف إلى جانب الفلسطينيين، مضيفاً: «يجب علينا الوصول إلى حل دائم بأساليب وخطابات جديدة».

وأكد أن «بقاء الحكومات الغربية صامتة بشأن المذابح التي ترتكبها إسرائيل وعدم الدعوة إلى وقف حقيقي لإطلاق النار يشير إلى انهيار أخلاقي وسياسي، كما أن هذا الوضع يجلب معه خطر القضاء التام على الثقة في القانون الدولي». وقال: «يجب على الغرب الآن أن ينأى بنفسه عن جرائم الحرب الإسرائيلية، فأي دعم مشروط أو غير مشروط يقدم لإسرائيل هو بمثابة شيك على بياض لقتل المزيد من الفلسطينيين».

مساعدات طبية

في سياق متصل، قال وزير الصحة التركي، فخر الدين كوجا، إن تركيا ستواصل إجلاء بعض الأطفال والشبان المصابين والمرضى من سكان قطاع غزة.

وأضاف كوجا أن المرحلة الثالثة من عمليات الإجلاء بدأت بالفعل، مشيراً إلى أن 3 أطفال مرضى من غزة نقلوا إلى تركيا، الخميس، لتلقي العلاج.

وأوضح أن هذه المرحلة تشمل نقل 50 شخصاً، وأنها كانت قد أرجئت بسبب مشكلات تتعلق بالموافقة على خروجهم، لكن هذه المشكلات تم حلها الآن بشكل كبير، ويعمل المسؤولون على استكمال التجهيزات.

وزير الصحة التركي فخر الدين كوجا يرافق مريضاً فلسطينياً مصاباً بالسرطان خلال نقله بطائرة إلى أنقرة بعد إجلائه من غزة إلى مصر يوم 16 نوفمبر الحالي (رويترز)

قضية تجسس

بالتوازي، قررت محكمة تركية حبس شخصين للاشتباه بالتجسس لصالح إسرائيل، على خلفية تواصلهما مع مهندس برمجيات فلسطيني مقيم في إسطنبول (يدعى عمر .أ) حاول الموساد الإسرائيلي اختطافه أثناء زيارته لماليزيا العام الماضي، بسبب اختراقه نظام القبة الحديدية وتعطيلها في الفترة ما بين عامي 2015 و2016، ما سمح لصواريخ حركة «حماس» بالوصول لأهدافها دون اعتراض يذكر.

وأمرت المحكمة بحبس كل من رياض غزال، الذي أوقف في مطار إسطنبول في 7 أكتوبر الماضي بتهمة «التجسس العسكري والسياسي»، وآخر جرى تعريفه بـ «ف. هـ.»، احتياطياً في إطار التحقيق ذاته، بتهمة التجسس لصالح الموساد.

وذكرت وسائل إعلام تركية، الجمعة، أن تحقيقات مكتب الإرهاب والجريمة المنظمة بالنيابة العامة في إسطنبول، أظهر أن غزال يعمل لشركة على صلة بالموساد، وأنه قدم عرض عمل لمهندس البرمجيات الفلسطيني «عمر أ.».

وكشفت التحقيقات عن أن المشتبه بهما قدما إلى إسطنبول من أجل لقاء المهندس الفلسطيني بخصوص عرض العمل، وحوّلا مبلغاً إلى حسابه المصرفي مقابل مشروع أعده.

وذكرت وسائل إعلام تركية، ليل الأربعاء - الخميس، أن المخابرات التركية نجحت في إحباط محاولة الموساد اختطاف مهندس البرمجيات الفلسطيني خلال وجوده في كوالالمبور في أكتوبر من العام الماضي، بعد أن اختطفه عملاء للموساد واستجوبوه تحت التعذيب لساعات تحت إشراف الاستخبارات الإسرائيلية عبر اتصال مرئي من تل أبيب.

وأضافت أن المخابرات التركية قامت بتثبيت برنامج تتبع على هاتف المهندس الفلسطيني، الذي لم تتمكن من إقناعه بالعدول عن فكرة السفر إلى ماليزيا للسياحة، وأنها تدخلت لدى السلطات الماليزية لتحريره من أيدي مختطفيه على الفور.


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يبحثون عن ضحايا عقب غارة إسرائيلية وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث إسرائيلي عن «إدارة عسكرية» لغزة يعقّد جهود «الهدنة»

الحديث الإسرائيلي عن خطط لإدارة غزة يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «تعقيد خطير لجهود التهدئة المتواصلة بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)

7 أسباب رئيسية تدفع إيران لتغليب الحوار مع «الترويكا» الأوروبية على المواجهة

رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
TT

7 أسباب رئيسية تدفع إيران لتغليب الحوار مع «الترويكا» الأوروبية على المواجهة

رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)

من الصعب التكهن، منذ اليوم، بما ستسفر عنه المحادثات حول مصير البرنامج النووي الإيراني التي ستجرى، يوم الجمعة المقبل، على الأرجح في جنيف، بين إيران و«الترويكا» الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) التي كانت الدافع لمجلس محافظي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، بدعم من الولايات المتحدة، لتبني قرار يندد بعدم تعاون طهران بشأن الملفات الخلافية بينها وبين الوكالة.

ويبدو أن طهران تحاول المزاوجة بين الرد «القوي» من خلال نشر طاردات مركزية لتسريع، ورفع تخصيب اليورانيوم وبين الرد «السلس» عبر إبداء رغبتها في الحوار مع «الترويكا»، بل الانفتاح على البحث عن اتفاق نووي جديد يكون بديلاً عن اتفاق عام 2015 الذي لم يبق منه الكثير.

ولكن بالمستطاع حل إشكالية التناقض بين الموقفين لجهة تغليب الرغبة في التفاوض على السعي للتصعيد، وذلك لمجموعة عوامل متشابكة داخلياً وإقليمياً ودولياً، مع الإشارة إلى أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي كان المحاور الرئيسي للأوروبيين بين عامين 2021 و2022، التقى هؤلاء في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة.

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

ترمب... أول التهديدات

تقول مصادر دبلوماسية في باريس، في توصيفها لتعيينات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في المناصب ذات الصلة بالشرق الأوسط، إن الخيط الجامع بينها أنها مؤيدة من غير تحفظ لإسرائيل، وأنها معادية لأقصى الحدود لإيران. وبدأت التهديدات لطهران تلوح في الأفق قبل شهرين من عودة ترمب إلى البيت الأبيض، إذ أكدت أوساطه أن «أوامر تنفيذية عدة خاصة بإيران سيتم الإعلان عنها في اليوم الأول من تسلمه الرئاسة، وأنها ستكون نافذة لأنها لا حاجة لمصادقة الكونغرس.

ولكن بالنظر لطباع ترمب وتقلباته، لا يمكن استبعاد قيام صفقة مفاجئة بينه وبين إيران تتناول النووي، غير أن مسائل أخرى تتعلق بأداء طهران في الشرق الأوسط والكيانات والتنظيمات التي تدعمها، قد تعني أنه سيكون على إيران أن تقدم تنازلات رئيسية، وأن تتخلى عن خطها الثوري وأن «تتطبع».

وهذا الاحتمال يبقى بعيداً، والأرجح أن تعود واشنطن إلى ممارسة «الضغوط القصوى» السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، وربما أكثر من ذلك لإرغام طهران على المجيء صاغرة إلى طاولة المفاوضات من أجل اتفاق يزيل نهائياً إمكانية حصولها على سلاح نووي.

من هنا، فإن الطرف الإيراني يريد، من خلال التفاوض مع «الترويكا»، الاستفادة من مهلة الشهرين لتحقيق هدفين متلازمين، وهما: اختراق نووي إبان ما تبقى من ولاية الرئيس جو بادين من جهة، ومن جهة أخرى، محاولة دق إسفين بين الأوروبيين وإدارة ترمب القادمة عن طريق «إغراء» الترويكا ومنعها من «الالتحام» مع واشنطن لاحقاً.

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وصل إلى الرئاسة بوعود تحسين المعيشة اليومية للإيرانيين (د.ب.أ)

مغامرة عسكرية إسرائيلية - أميركية

والحقيقة أن إيران تبحر في محيط مجهول، ويكفي لذلك الإشارة إلى أن ترمب رأى أنه كان على إسرائيل أن تضرب المواقع النووية الإيرانية في حملتها الجوية يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول) على إيران، رداً على هجمات طهران الصاروخية بداية الشهر المذكور.

وسبق لترمب أن أمر بالقضاء على قاسم سليماني بداية عام 2020 لدى خروجه من مطار بغداد. ومن هذا المنطلق، فإن طهران تقوم بمحاولة «استباقية» ويزداد خوفها من ضربة عسكرية مشتركة أميركية - إسرائيلية يحلم بها رئس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منذ سنوات، لسببين: الأول، أن الضربة الإسرائيلية الأخيرة أضعفت الدفاعات الجوية الإيرانية بعد استهداف بطاريات «إس 300» الأربعة، روسية الصنع، ما دفع نتنياهو إلى القول إن الطائرات الإسرائيلية يمكنها، راهناً، أن تسرح وتمرح في الأجواء الإيرانية من غير أن تقلق. والثاني أن إيران كانت تراهن على التنظيمات الموالية لها لتهديد إسرائيل بحرب شاملة وعلى جبهات متعددة في حال هاجمتها واستهدفت برنامجها النووي.

والحال، أن حركة «حماس» لم تعد في وضع تهدد فيه إسرائيل، وكذلك فإن «حزب الله» الذي كان يعد أقوى تنظيم غير حكومي في المنطقة أصبح مقيد اليدين، ولن يغامر بحرب «إسناد» جديدة مع إسرائيل في حال تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بينه وبين تل أبيب؛ لذا فإن طهران أخذت تجد نفسها «مكشوفة» ومن غير ظهير فاعل، ما يدفعها لتغليب الحوار من البوابة الأوروبية.

عباس عراقي وزير الخارجية الإيراني أول من أشار في أغسطس الماضي إلى احتمال تفاوض إيران على اتفاق نووي جديد (رويترز)

بعبع «سناب باك»

لم ينص قرار مجلس المحافظين الأخير على تفعيل آلية «سناب باك» التي يعود بموجبها الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن ومعه العودة لفرض عقوبات أممية على طهران، لكن ظله كان يخيم على المحافظين. وقال مصدر دبلوماسي أوروبي في باريس إن فشل جولة المفاوضات المرتقبة، وتمنع طهران عن الاستجابة لما طلبه منها محافظو الوكالة في قرارهم الأخير «سيعني الذهاب في شهر مارس (آذار) 2025، موعد الاجتماع القادم للمجلس، الذهاب إلى مجلس الأمن، وأن الأوروبيين لن يعارضوا هذه المرة، مثلما فعلوا في عام 2018، الرغبة الأميركية في فرض تنفيذ آلية «سناب باك» بحجة أن واشنطن خرجت من الاتفاق النووي لعام 2015، ومن ثم فقدت حقها في طلب تفعيل الآلية المذكورة.

ويذكر أن العمل بموجبها سيعني معاودة فرض 6 مجموعات من العقوبات الاقتصادية والمالية الدولية - وليس الأميركية وحدها - على طهران، ما سيؤثر بقوة على اقتصادها، بينما وصل مسعود بزشكيان إلى مقعد الرئاسة وهو يجر وراءه لائحة طويلة من الوعود التي أغدقها على الإيرانيين، وأولها تحسين أوضاعهم المعيشية التي ينهشها الغلاء والتضخم وغياب الاستثمارات الخارجية وخسارة العملة الإيرانية للكثير من قيمتها إزاء العملات الأجنبية. ومنذ اليوم، يمكن الرهان على أن إدارة ترمب ستسعى لخنق إيران من خلال التضييق على صادراتها من النفط موردها الأول من العملة الأجنبية، كما يمكن الرهان أيضاً على أن الأوروبيين سيستخدمون الورقة الإيرانية للتقارب مع سيد البيت الأبيض القديم ــ الجديد من أجل أغراض أكثر استراتيجية بالنسبة إليهم كمصير الحلف الأطلسي وما يعنيه من توافر مظلة نووية أميركية، بينما الطرف الروسي يواظب على التلويح باللجوء إلى السلاح النووي الذي لم يعد من المحرمات.

ولم تتردد الخارجية البريطانية في تأكيد الالتزام بفرض إجراءات عقابية إضافية على إيران «في حال لزم الأمر» في إشارة واضحة إلى «سناب باك». فالأشهر الـ13 الأخيرة غيرت كثيراً من المعادلات في منطقة الشرق الأوسط، وطالت إيران التي يبدو أن عليها التأقلم مع المعطيات المستجدة ما يفسر تأرجحها بين التصعيد والانفتاح، لكن هدفها الحقيقي والفعلي هو الخيار الأخير الأقل تكلفة.