إردوغان يلمح إلى تغيير نظام الانتخابات الرئاسية في تركيا

معارضون عدوا الخطوة محاولة للتخلص من «عبء القوميين»

إردوغان خلال مؤتمر صحافي في برلين الجمعة (رويترز)
إردوغان خلال مؤتمر صحافي في برلين الجمعة (رويترز)
TT

إردوغان يلمح إلى تغيير نظام الانتخابات الرئاسية في تركيا

إردوغان خلال مؤتمر صحافي في برلين الجمعة (رويترز)
إردوغان خلال مؤتمر صحافي في برلين الجمعة (رويترز)

لمّح الرئيس رجب طيب إردوغان إلى احتمال تغيير نظام انتخاب رئيس الجمهورية، عبر إلغاء قاعدة «50 + 1» والاكتفاء بالفوز بغالبية الأصوات للحصول على المنصب.

وعدّ إردوغان، الذي لا يحقّ له الترشح للرئاسة مجددا بعد انتهاء فترته الحالية في عام 2028، أن تطبيق نظام الفوز من خلال الحصول على الأغلبية سيسهل العملية الانتخابية، ويجعلها أسرع ويجنبها الدخول في «مسارات خاطئة». وأكد عزمه المضي قدماً في وضع دستور مدني ليبرالي جديد للبلاد يقضي على «آثار الدساتير التي وضعت في حقب الانقلابات، وآخرها الدستور الحالي الذي وضع عام 1982».

قاعدة جديدة

أدخلت قاعدة انتخاب رئيس الجمهورية من خلال الحصول على «50 + 1» من أصوات الناخبين، في استفتاء على تعديل الدستور أُجري عام 2007، وطبقت للمرة الأول في الانتخابات الرئاسية في عام 2014، التي انتخب فيها إردوغان رئيسا للمرة الأولى، حيث تغير نظام انتخاب رئيس الجمهورية من الاقتراع داخل البرلمان، الذي طبق حتى عام 2007، إلى نظام الاقتراع المباشر.

ونقلت وسائل إعلام تركية، الأحد، عن إردوغان رده على أسئلة للصحافيين المرافقين له في رحلة عودته من ألمانيا ليل الجمعة - السبت، قوله: «أوافق على تغيير شرط (50 + 1)، سيكون ذلك مناسبا، وإذا تم اتباع قاعدة انتخاب المرشح الحاصل على الأغلبية، فإن الانتخابات الرئاسية ستكون سريعة، ولن تسبب أي متاعب، ولن تؤدي إلى مسارات خاطئة». وأضاف «الذي يده ليست واضحة هو من يضعها في جيبه... عندما يتم تطبيق القاعدة الجديدة ستكتمل الانتخابات بسرعة، ولن تكون هناك (طاولة الـ6) أو (الـ16)... من يدري ماذا سيحدث بعد ذلك؟».

ولم يتمكن إردوغان في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أجريت في 14 مايو (أيار) الماضي، من حسم الانتخابات من الجولة الأولى وتخطي نسبة (50 + 1)، وفاز في الجولة الثانية، التي أجريت في 28 من الشهر ذاته، أمام مرشح طاولة الـ6 لأحزاب المعارضة، رئيس حزب الشعب الجمهوري السابق كمال كليتشدار أوغلو.

وجدّد إردوغان تأكيده على المضي قدما في وضع دستور مدني ليبرالي جديد للبلاد، قائلا إن «أكثر ما يزعجنا هو أن روح العقلية الانقلابية تتجول بين سطور دستورنا الحالي (الذي وضع عقب الانقلاب العسكري عام 1980)، بالإضافة إلى أن العالم تغير كثيرا منذ ثمانينات القرن الماضي». وأضاف أن «تجربة التغييرات المتعددة على الدستور الحالي أدت إلى تدمير سلامة نصوص دستورنا... وضع دستور جديد مدني وشامل ومعاصر هو أحد أهم أهدافنا التي نحن نرغب في تحقيقها». وتابع: «لقد بدأنا العمل على دستور جديد في البرلمان مرات عدة، لكنه كان دائما يبقى غير مكتمل بسبب عوائق المعارضة وعدم الوفاء بوعودها، ونحن نقف عند وعدنا، ونأمل أن يكون لشعبنا ما يصبو إليه، وهو الدستور المدني الذي يستحقه، والذي سنضعه معا».

هدف التعديل

عدّ مراقبون حديث إردوغان عن تغيير قاعدة انتخاب رئيس الجمهورية محاولة للخروج من التحالف مع حزب الحركة القومية، برئاسة دولت بهشلي، أو الاحتياج لدخول حزب العدالة والتنمية الحاكم في تحالفات مع أحزاب أخرى، حتى يكون قادرا على ضمان أغلبية «50 + 1». وانتقد رئيس الحزب الديمقراطي المعارض، جولتكين أويصال، حديث إردوغان عن تغيير نظام انتخاب رئيس الجمهورية بعبارات حادة، قائلا: «إذا كانت هناك حاجة لتعريف كلمة (النزوة) في القاموس، فإن كتابة كلمة (إردوغان) ستكون كافية». وأضاف «عندما بدأ إردوغان يخسر، أنشأ (شريكاً) (حزب الحركة القومية) من شأنه أن يحقق له نسبة (50 + 1). والآن لم يعد هذا الشريك كافياً، فبدأ يبحث عن شريك جديد يساعده على تغيير هذه الصيغة وتخفيف الأعباء الحالية».

وتابع: «لا ينبغي لأحد أن يقول إن المعارضة كانت تؤكد ضرورة تغيير هذه الصيغة أو أن يختبئ وراء ذلك. لقد تحدثنا، على الأقل بالأصالة عن أنفسنا، عن التغيير الكامل للنظام التعسفي وغير القانوني، الذي يتضمن هذه الصيغة، ولم نتحدث عن تغيير يمكن إردوغان من الحفاظ على سلطته بطرق أخرى».


مقالات ذات صلة

مطالبات بالعودة لـ«الإعدام» بعد جريمة قتل طفلة هزّت تركيا

شؤون إقليمية مقتل الطفلة نارين غوران هزّ تركيا (وسائل إعلام تركية)

مطالبات بالعودة لـ«الإعدام» بعد جريمة قتل طفلة هزّت تركيا

تصاعدت المطالَبات في تركيا بالعودة لتطبيق عقوبة الإعدام التي أُلغيت في إطار مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، على خلفية مقتل طفلة بطريقة بشعة وإخفاء جثتها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ علم تركيا (رويترز)

تأخّر تدشين أول محطة نووية في تركيا بسبب حجب «سيمنس» أجزاءً رئيسية

قال وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، الأربعاء، إن تدشين أول محطة للطاقة النووية في بلده تأخّر، بسبب حجب شركة «سيمنس» الألمانية للطاقة أجزاءً رئيسية.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
خاص بائع خضار ينسق علب البندورة في سوق خضار في تل أبيب (غيتي)

خاص «دبلوماسية البندورة» تخرق المقاطعة بين أنقرة وتل أبيب... بوساطة فلسطينية

فبعد مداولات طويلة في الدوائر الحكومية المتخصصة، تبخرت الاتهامات الموجَّهة إلى إردوغان. وقررت الحكومة الإسرائيلية الامتناع عن أي إجراء مقاطعة لتركيا.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية تركيا تعود للمشاركة في اجتماعات مجلس الجامعة العربية بعد 13 عاماً (أرشيفية)

تركيا تعود للمشاركة في اجتماعات مجلس الجامعة العربية

أعلنت وزارة الخارجية التركية أن تركيا ستشارك في اجتماع مجلس وزراء الخارجية لدول جامعة الدول العربية للمرة الأولى بعد غياب 13 عاماً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أوزيل أكد خلال المؤتمر العام لحزبه أن الشعب لن يصبر حتى موعد الانتخابات في 2028 (حسابه على إكس)

زعيم المعارضة التركية يتوقع انتخابات مبكرة قبل نهاية 2025

تظهر استطلاعات الرأي استمرار تفوق حزب «الشعب الجمهوري» على «العدالة والتنمية» الحاكم برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان بفارق واسع.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)

مطالبات بالعودة لـ«الإعدام» بعد جريمة قتل طفلة هزّت تركيا

مقتل الطفلة نارين غوران هزّ تركيا (وسائل إعلام تركية)
مقتل الطفلة نارين غوران هزّ تركيا (وسائل إعلام تركية)
TT

مطالبات بالعودة لـ«الإعدام» بعد جريمة قتل طفلة هزّت تركيا

مقتل الطفلة نارين غوران هزّ تركيا (وسائل إعلام تركية)
مقتل الطفلة نارين غوران هزّ تركيا (وسائل إعلام تركية)

تصاعدت المطالَبات في تركيا بالعودة إلى تطبيق عقوبة الإعدام التي أُلغيت في إطار مفاوضاتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، على خلفية مقتل طفلة بطريقة بشعة، وإخفاء جثّتها التي عُثر عليها بعد 19 يوماً من البحث المكثّف.

على صعيد آخر، أعلن رئيس حزب الديمقراطية والتقدم، علي باباجان، أن حزبه يعمل على صيغة اندماج أو تشكيل مجموعة برلمانية مع حزب المستقبل، برئاسة أحمد داود أوغلو، والاستفادة من انصراف كتلة كبيرة من الناخبين عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان الذي خرج الحزبان من عباءته. واقترح حزب السعادة التركي المعارض ذو التوجه الإسلامي، طرح تشريع على البرلمان يُعيد العمل بعقوبة الإعدام بضوابط معيّنة.

إعدام «بضوابط»

قال نائب رئيس الحزب محمود أريكان، في مؤتمر صحافي، الأربعاء: «دعونا نقنّن عقوبة الإعدام ضمن إطار محدّد بوضوح لجرائم القتل، وخصوصاً جرائم قتل الأطفال، المعيار الأكثر أهمية بالنسبة لنا هو أن إطارها محدَّد بشكل واضح، ويقتصر على القتل، حتى لا يتحوّل إلى أداة للانتقام السياسي فيما بعد».

متظاهرون يندّدون بجريمة قتل الطفلة نارين في أنقرة الاثنين (د.ب.أ)

وتجدّدت المطالَبات بتطبيق عقوبة الإعدام التي أُلغيت في تركيا عام 2003، في إطار مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، بعد جريمة قتل هزّت البلاد، وباتت حديث الشارع التركي ووسائل الإعلام، راحت ضحيتها طفلة في ولاية ديار بكر جنوب شرقي البلاد.

وشُيّع جثمان الطفلة نارين غوران (8 سنوات)، الاثنين، في منطقة باغلار بديار بكر، وعُثر على جثمان الطفلة، الأحد الماضي، عقب 19 يوماً من اختفائها في 21 أغسطس (آب) الماضي، بعد خروجها لحضور درس تحفيظ القرآن الكريم في مسجد بقريتها «تاوشان تبه»، التابعة لبلدة باغلار.

وتم العثور على جثتها مغلّفة في كيس بلاستيك، ومُلقاة في منطقة وعرة بجوار مجرى مائي، وتمّت تغطيتها بالأحجار وأغصان الأشجار للتمويه.

وأكّدت الفحوصات الأوّلية أن نارين تعرّضت للخنق ولكسر في قدمها، فيما أشارت التحقيقات إلى أن الجُثّة قضت 15 يوماً في الماء، مما صعّب من تحديد الوقت الفعلي للوفاة، وتم القبض على 25 شخصاً، في مقدمتهم عمّها، الذي تطابقت عينات الحمض النووي الموجودة على ملابسها مع تلك الموجودة في سيارته، ما دفع السلطات لاعتقاله.

الطفلة القتيلة نارين غوران (وسائل إعلام تركية)

وتزعم الروايات المتداولة في الإعلام أن العم أقام علاقة غير مشروعة مع زوجة أخيه، وأن نارين قُتلت بعدما أصبحت شاهدة على تلك العلاقة، كما تم فتح التحقيقات مجدّداً في وفاة شقيقتها الكبرى التي كانت من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفيت عندما كانت في التاسعة من عمرها، وقيل حينها إن سبب موتها هو سقوطها من سلّم المنزل.

وفجّرت الجريمة البشعة التي راحت ضحيتها الطفلة نارين غضباً في الشارع التركي؛ إذ انتشرت صورها على منصات التواصل الاجتماعي، مع وسم «نارين» الذي أصبح الأكثر تداولًا على منصة «إكس»، وطالَب مواطنون الجهات المختصة بإيقاع أشد العقوبات على مرتكبي الجريمة.

وحظرت السلطات النشر عن القضية بعدما أحدثت غضباً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، وتم رفع الحظر بعد العثور على جثة الطفلة، وأعلن الرئيس رجب طيب إردوغان أنه سيتابع شخصياً الإجراءات القضائية؛ «للتأكد من أن أولئك الذين أخذوا طفلتنا الرقيقة منا سينالون أقصى عقوبة يستحقونها».

أثارت جريمة قتل الطفلة نارين غضباً عارماً في تركيا (د.ب.أ)

وانتقدت المعارضة التركية صمت السلطات، والتعتيم على الجريمة لمدة 19 يوماً، ونظّمت جمعيات نسائية وقفات احتجاجية في ولايات تركية عدة، تنديداً بمقتل الطفلة نارين غوران، واحتجزت الشرطة عشرات المشاركين في الوقفات، وسبق لإردوغان أن أعلن أنه سيصادق على الفور على إعادة عقوبة الإعدام إذا أقرّها البرلمان، وذلك بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضده في 15 يوليو (تموز) 2016، وكرّر ذلك قبل انتخابات عام 2018، مع تصاعد المطالبات بتطبيقها ضد قتَلة النساء والمتحرّشين بالأطفال.

اندماج رفاق إردوغان

على صعيد آخر، أعلن رئيس حزب الديمقراطية والتقدم علي باباجان، عن إجراء محادثات للاندماج مع حزب المستقبل برئاسة أحمد داود أوغلو، أو إنشاء مجموعة برلمانية مشتركة.

وقال باباجان الذي شغل من قبل منصبَي وزير الخارجية والاقتصاد، في حكومات إردوغان وداود أوغلو، وكانا من المقرّبين منه قبل خروجهما من حزب العدالة والتنمية الحاكم اعتراضاً على أسلوبه في إدارة شؤون البلاد والحزب: «نُجري حالياً محادثات مع حزب المستقبل، ومن خلال ضمّ أصدقاء من الأحزاب السياسية الأخرى إلى البرلمان، نتطلع إلى معرفة ما إذا كان من الممكن تشكيل مجموعة أقوى وجديدة، وليس مجرد اندماج حزبين، بل مجموعة أبعد من ذلك».

وأضاف: «عندما ننظر إلى الديناميكيات الاجتماعية في تركيا نجد أن هناك حركات مكثّفة بشكل متزايد بعد الانتخابات الأخيرة، أولاً: لدينا الملايين من المواطنين المتدينين والمحافِظين الذين أحبوا حزب العدالة والتنمية، ودعموه ذات يوم، لكنهم الآن غير راضين عن السيد إردوغان وحزب العدالة والتنمية».

ثانياً: لدينا الملايين من الشباب الذين يرفضون النظام السياسي الحالي برمَّته، ويبحثون عن أشياء جديدة تماماً، ونريد أن نقول إن حزب الديمقراطية والتقدم سيكون دائماً هو العنوان الصحيح في الفترة المقبلة.

وسبق أن تردّد عقب الانتخابات البرلمانية والرئاسية بتركيا في مايو (أيار) 2023، أن 3 أحزاب صغيرة تمكّنت من دخول البرلمان التركي، عبر قوائم حزب الشعب الجمهوري، وحصلت على ما مجموعه 35 مقعداً، هي: «الديمقراطية والتقدم»، و«المستقبل»، و«السعادة»، قد تُشكّل مجموعة برلمانية معاً، إلا أن الأول الذي يملك 15 مقعداً لم ينضم إلى الحزبَين الأخيرين في هذه المجموعة التي شكّلاها معاً.