فريبا عادلخاه: حركة «امرأة... حياة... حرية» أحدثت تغييراً في إيران وسجونها

قالت أكاديمية فرنسية إيرانية أُطلق سراحها مؤخراً إن الحركة الاحتجاجية التي اندلعت في إيران، العام الماضي، أحدثت تحولاً في البلاد خارج السجن وداخله أيضاً.

عالمة الأنثروبولوجيا والأكاديمية الفرنسية الإيرانية فريبا عادلخاه،  في باريس في 3 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)
عالمة الأنثروبولوجيا والأكاديمية الفرنسية الإيرانية فريبا عادلخاه، في باريس في 3 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

فريبا عادلخاه: حركة «امرأة... حياة... حرية» أحدثت تغييراً في إيران وسجونها

عالمة الأنثروبولوجيا والأكاديمية الفرنسية الإيرانية فريبا عادلخاه،  في باريس في 3 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)
عالمة الأنثروبولوجيا والأكاديمية الفرنسية الإيرانية فريبا عادلخاه، في باريس في 3 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

قالت أكاديمية فرنسية إيرانية عادت إلى باريس، الشهر الماضي، بعدما كانت محتجَزة منذ عام 2019، إن الحركة الاحتجاجية التي اندلعت في إيران، العام الماضي، أحدثت تحولاً في البلاد خارج السجن وداخله أيضاً.

سُمح لفريبا عادلخاه أخيراً بمغادرة إيران في أكتوبر (تشرين الأول)، بعد محنة استمرت 4 سنوات ونصف السنة، بدأت باعتقالها المفاجئ في 2019، وقضت سنوات في سجن إيفين سيئ السمعة في طهران. لكنها تمكنت هناك مِن مشاهدة شجاعة زميلاتها من السجينات، ومن بينهن نرجس محمدي الحائزة على جائزة نوبل للسلام هذا العام، منذ انطلاق حركة «امرأة... حياة... حرية».

ورأت الباحثة الفرنسية الإيرانية رداً على أسئلة «وكالة الصحافة الفرنسية» أن الحركة الاحتجاجية التي قامت في سبتمبر (أيلول) 2022، إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني «بدلت المجتمع الإيراني، إنما كذلك السجون».

وتوفيت أميني في 16 سبتمبر(أيلول) 2022 عن 22 عاماً، بعد 3 أيام على توقيفها من قبل «شرطة الأخلاق» في طهران بدعوى سوء الحجاب.

وأشعلت وفاتها موجة من الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة، في تحدٍّ للحكام لم تشهد البلاد مثيلاً له منذ أعوام طويلة، ورفع المحتجون شعار «زن، زندكَى، آزادي» (امرأة، حياة، حرية).

وقُتِل المئات على هامش الاحتجاجات، بينهم عشرات من عناصر قوات الأمن، بينما تم توقيف الآلاف، وفق منظمات حقوقية. وأعلنت السلطة القضائية تنفيذ أحكام إعدام بحق 7 من المدانين في قضايا متصلة بالتحركات.

وقالت عادلخاه (64 عاماً) عالمة الأنثروبولوجيا المتخصصة في المذهب الشيعي، إن بين المعتقلات في قسم النساء في سجن إوين ناشطات من أجل حقوق الإنسان، ومن أجل البيئة، ونقابيات ومعارضات سياسيات وممثلات لأقليات دينية، لديهن في غالب الأحيان وجهات نظر متباينة، لكن «هذه القضية وحَّدتنا»، بحسب قولها.

وقالت إن «السجينات السياسيات غالباً ما غنين معاً، في عرض للتحدي... تلك الحركة (غيرت المجتمع الإيراني وكذلك السجون)».

الأكاديمية الفرنسية - الإيرانية فريبا عادلخاه أثناء حفل في معهد الدراسات السياسية بباريس 20 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

أوقفت الباحثة في 5 يونيو (حزيران) 2019 في مطار طهران حيث كانت تنتظر وصول رفيقها رولان مارشال الذي كان يعتزم الانضمام إليها. وروت أن عناصر يرتدون ملابس أنيقة طلبوا منها «بكثير من الاحترام» مرافقتهم، وبعد بضع ساعات خضعت لأول استجواب، ووجهها «مقابل جدار».

وتلت ذلك جلسات استجواب عديدة أكدت أنها لم تتعرض خلالها للضرب. وتقول: «أن يعمد المحققون إلى الضرب لانتزاع أجوبة أمر غالباً ما يحصل لدى الرجال، لكنني لم أسمع إطلاقا خلال اعتقالي بحصوله حيال نساء».

من جانبها، أفادت نرجس محمدي الحائزة جائزة نوبل للسلام بتعرض النساء لعنف جنسي في السجون.

«إذلال نفسيّ»

وقالت فريبا عادلخاه بهذا الصدد إن «عدم حصول عنف جسدي لا يمنع الإذلال النفسي المتواصل».

وحُكم عليها بالسجن 6 سنوات؛ 5 منها «للتآمر على الأمن القومي» وسنة «لنشر الدعاية الكاذبة» ضد الجمهورية الإسلامية

وأُطلِق سراحها في فبراير (شباط) بموجب عفو صدر بحقها بعد قضائها أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة في السجن أو قيد الإقامة الجبرية تحت رقابة سوار إلكتروني. وبعد 8 أشهر من هذا القرار، أعادت لها طهران جواز سفرها؛ ما سمح لها بالعودة إلى فرنسا.

أما رولان مارشال الباحث المتخصص في أفريقيا الذي أوقف في اليوم نفسه مثلها، فأطلق سراحه في مارس (آذار) 2020 في إطار عملية تبادل أسرى بين باريس وطهران.

وقالت عادلخاه مبتسمة: «لا يسعني حتى الآن فهم ما كان المأخذ عليَّ»، بعد سنوات قضتها «خلف جدار» ونفذت خلالها إضراباً عن الطعام استمر 50 يوماً وخرجت منه منهكة.

واستخدمت باريس مراراً تعبير «رهائن دولة» لوصف وضعها ووضع فرنسيين آخرين تحتجزهم طهران.

وتقول الباحثة إنها التزمت في سياق عملها في إيران بـ«3 خطوط حمراء»، هي: «الثورة» و«الإسلام» و«وضع المرشد الأعلى»، وهي 3 مسائل بالغة الحساسية جعلتها عرضة لاتهامات بمهادنة طهران، وهو ما تنفيه.

لكنها أشارت إلى أن «النظام يجرّم أفعالاً غير إجرامية، وفي نهاية المطاف نصبح جميعنا في نظره معارضات».

«كم أنت جميلة!»

وروت أن شعار «امرأة... حياة... حرية» الذي أربك السلطات الإيرانية وصل إلى داخل السجن حيث تكون النساء حاسرات عادة غير أنهن ملزمات بوضع غطاء على رؤوسهن حين يدخل رجل إلى قسمهن أو عند نقلهن إلى المستشفى. وتذكر عادلخاه أنه بعد انطلاق الحراك «لم تعد أي امرأة تضع الحجاب» تقريباً عند دخول رجل.

وأفادت عائلة نرجس محمدي الجمعة بأن سلطات السجون منعت نقل الناشطة والصحافية التي تعاني مشاكل في القلب والرئة إلى المستشفى بسبب رفضها وضع الحجاب.

وفي رسالة من السجن نشرت الثلاثاء على الموقع الرسمي لجائزة نوبل، وصفت محمدي الحجاب الإلزامي بأنه «المصدر الأساسي للسيطرة والقمع في المجتمع، يهدف إلى الحفاظ على الحكومة الدينية المستبدة وضمان استمرارها».

وأوقفت محمدي 13 مرة، وحُكم عليها في المجموع بالسجن 31 عاماً وبـ154 جلدة، وهي الآن في السجن منذ 2021.

تقول عنها عادلخاه إنها جعلت من السجن «مساحة معركة وتحدٍّ واحتجاج بامتياز» تلقى فيها «آذاناً صاغية أكثر مما لو كانت في الخارج».

وكانت عادلخاه لا تزال في إيران حين منحت جائزة نوبل للسلام لمحمدي في مطلع أكتوبر، وهي تذكر «ابتسامات» و«خفة» على وجوه المارة في الشارع.

وإن كانت الاحتجاجات الشعبية الحاشدة تحت شعار «امرأة... حياة... حرية» باتت نادرة للغاية، وبينما ألغت الحكومة الاحتجاجات اليومية بقمعها، شعار «امرأة... الحياة... الحرية... فإن (الجمهورية الإسلامية مرغمة على التنازل في مسائل كثيرة)»، وفق قولها، سواء في شوارع إيران أو في سجونها. وقالت: «لقد أصبح (شعار الاحتجاجات) جزءاً من الثقافة الإيرانية».

وتقول: «الآن حين تلتقي نساء لا يضعن الحجاب في الشارع، وهو ما لم يكن وارداً من قبل، يقلن بعضهن لبعض: (كم أنت جميلة)!».


مقالات ذات صلة

غروسي: أود لقاء بزشكيان في أقرب فرصة

شؤون إقليمية إسلامي يتحدّث إلى غروسي على هامش مؤتمر «الاجتماع الدولي للعلوم والتكنولوجيا النووية» في أصفهان مايو الماضي (أ.ب)

غروسي: أود لقاء بزشكيان في أقرب فرصة

أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، رغبته في زيارة طهران، خلال رسالة وجّهها إلى الرئيس الإيراني، مسعود بزشكیان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​  المرشّح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ترمب يتطرّق في منشور إلى «محو إيران عن وجه الأرض»

تطرّق المرشّح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترمب إلى القضاء على إيران، وذلك في منشور على شبكة للتواصل الاجتماعي استعاد فيه أسلوبه الناري.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية ناقلة النفط «سانت نيكولاس» التي تحتجزها إيران (رويترز)

إيران تفرج عن شحنة نفط على متن ناقلة محتجَزة

أفرجت إيران اليوم الخميس عن شحنة النفط الخاصة بالناقلة «سانت نيكولاس» التي كانت قد احتجزتها بخليج عمان في وقت سابق من هذا العام.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
شؤون إقليمية شعار «لا للإعدام في إيران» على برج إيفيل في باريس (أ.ف.ب)

السلطات الإيرانية تعدم سجيناً سياسياً كردياً بعد 15 عاماً على اعتقاله

قالت مجموعات حقوقية إن السلطات الإيرانية نفذت الخميس حكم الإعدام بحق السجين السياسي الكردي كامران شيخه، بتهمة «الحرابة»، و«الإفساد في الأرض».

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية صورة نشرها السفير البريطاني في طهران لرفع علم أوكرانيا في مقر السفارة تضامناً مع كييف في فبراير 2022

طهران تستدعي سفير بريطانيا لتسليم إيراني للولايات المتحدة

استدعت إيران سفير بريطانيا؛ احتجاجاً على تسليم لندن مواطناً إيرانياً للولايات المتحدة، بتهمة الالتفاف على العقوبات الأميركية في تصدير «تطبيقات عسكرية» لطهران.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)

أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الجمعة، أن بلاده قررت تعيين سفير لدى سوريا «لتسليط الضوء» عليها، ما يجعل إيطاليا أول دولة من مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى التي تستأنف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق منذ أن عصفت حرب أهلية بالبلاد.

استدعت إيطاليا جميع الموظفين من سفارتها بدمشق عام 2012، وعلقت النشاط الدبلوماسي في سوريا احتجاجاً على «العنف غير المقبول» من حكومة الرئيس بشار الأسد ضد المواطنين.

واستعاد الأسد السيطرة على معظم سوريا بعد أن ساعدته إيران وروسيا على هزيمة جماعات من المعارضة المسلحة، تحركت ضده قبل 13 عاماً، مما أدى إلى حرب راح ضحيتها مئات الآلاف ودفعت ملايين من اللاجئين صوب أوروبا.

وتم الإعلان عن تعيين المبعوث الخاص حالياً لوزارة الخارجية إلى سوريا، ستيفانو رافاجنان، سفيراً. وقال تاياني لوكالة «رويترز» إنه من المقرر أن يتولى منصبه قريباً.

أرسلت إيطاليا و7 دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، رسالة إلى مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد، جوزيب بوريل، تطلب أن يلعب التكتل دوراً أكثر فاعلية في سوريا.

وجاء في الرسالة التي اطلعت عليها «رويترز»: «لا يزال السوريون يغادرون بأعداد كبيرة، مما يزيد من الضغوط على الدول المجاورة، في فترة يتصاعد فيها التوتر في المنطقة، ما ينذر بخطر موجات جديدة من اللاجئين».

وإلى جانب إيطاليا، وقّعت النمسا وقبرص وجمهورية التشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا على الرسالة. وعبّرت عن أسفها إزاء «الوضع الإنساني» في البلاد الذي «زاد تدهوراً» في ظل بلوغ اقتصادها «حالة يرثى لها».

وقال تاياني، الجمعة: «كلف بوريل دائرة العمل الخارجي الأوروبي بدراسة ما يمكن القيام به»، مضيفاً أن تعيين سفير جديد «يتماشى مع الرسالة التي أرسلناها إلى بوريل... لتسليط الضوء على سوريا».

هناك 6 سفارات لدول في الاتحاد الأوروبي مفتوحة في الوقت الحالي بدمشق، وهي سفارات رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص وجمهورية التشيك والمجر. ولم تُقْدم باقي دول مجموعة السبع بعد، وهي الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا، على خطوة إعادة تعيين سفراء لها لدى سوريا.