موسكو وطهران لتعزيز «شراكة شاملة»... ورفض التدخل الغربي في الشؤون الإقليمية

عبداللهيان طلب من لافروف منع تبني قرار في مجلس الأمن يتعارض مع مصالح فلسطين

وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران وأرمينيا وأذربيجان في طهران... الاثنين (إ.ب.أ)
وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران وأرمينيا وأذربيجان في طهران... الاثنين (إ.ب.أ)
TT

موسكو وطهران لتعزيز «شراكة شاملة»... ورفض التدخل الغربي في الشؤون الإقليمية

وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران وأرمينيا وأذربيجان في طهران... الاثنين (إ.ب.أ)
وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران وأرمينيا وأذربيجان في طهران... الاثنين (إ.ب.أ)

أكدت موسكو عزمها على مواصلة تعزيز العلاقات مع طهران في أجواء «تسودها الثقة»، وأشادت في بيان، بمستوى التعاون بين البلدين في مختلف الملفات، مشيرة إلى أن روسيا وإيران تعملان على تعزيز «شراكة شاملة».

وأفاد بيان أصدرته وزارة الخارجية، (صباح الثلاثاء)، بأن محادثات الوزير سيرغي لافروف مع المسؤولين الإيرانيين ركزت على تطوير العلاقات الثنائية، وتعزيز أطر التعاون الشامل في المجالات كلها.

وكان لافروف أجرى جولة محادثات (الاثنين) مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ومع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان.

وعلى الرغم من أن هدف الزيارة المعلن ركز على بحث ملف الوضع في جنوب القوقاز، والمشاركة في الاجتماع الوزاري بصيغة «3 + 3» الذي يضم، بالإضافة إلى روسيا وإيران، كلاً من تركيا وأذربيجان وأرمينيا وجورجيا، فإن الاهتمام الأكبر خلال زيارة الوزير الروسي انصب على الوضع حول غزة.

كما شكّلت محادثات لافروف مع المسؤولين الإيرانيين فرصة جديدة لتأكيد عمق التحالف بين موسكو وطهران، ومستوى التقارب في وجهات نظر البلدين حيال غالبية الملفات الإقليمية والدولية.

وأعلن عبداللهيان، بعد المحادثات مع لافروف، أنه طلب من نظيره الروسي منع تبني أي قرار في مجلس الأمن الدولي يتعارض مع مصالح فلسطين. وأضاف أنه «يجب أن تهدف كل الجهود إلى منع تبني قرار يتعارض مع مصالح فلسطين»، بحسب ما أوردته وكالة «تاس» الروسية للأنباء.

وقال عبداللهيان: «لقد تحدثت عن هذا الأمر مع السيد لافروف، وزير خارجية روسيا، وهي عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولديها حق النقض».

بدوره، دعا لافروف إلى وقف إطلاق النار في غزة، وحل القضايا الإنسانية بوصفها أولوية لتخفيف حدة التوتر في حرب غزة. وقال لافروف: «بعد ذلك، بالطبع، هناك حاجة إلى آلية تنظر إلى الوضع في السياق الأوسع».

وأضاف أن هذا السياق يضع تصوراً لحل الدولتين. واتهم واشنطن بعرقلة عمل اللجنة الرباعية للشرق الأوسط، التي تضم الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، لسنوات. وبالإضافة إلى وقف إطلاق النار، طالبت روسيا بفتح ممرات إنسانية لمساعدة السكان في قطاع غزة بالغذاء والدواء.

وانتقد لافروف، خلال الاجتماع الوزاري في طهران، نشر السفن الحربية الأميركية في شرق البحر الأبيض المتوسط بوصفه تدخلاً خطراً في الصراع. ورأى أنه كلما تم اتخاذ مثل هذه الخطوات «ازداد خطر توسع الصراع».

وأكد لافروف أن بلاده لا تقبل مظاهر الإرهاب والعنف وانتهاك القانون الدولي، بما في ذلك «الاستخدام العشوائي للقوة». ورأى أنه «من الضروري منع أخذ الناس رهائن، وحصار المدن مع المدنيين».

وشدد على استعداد بلاده للعب دور في الوساطة. وزاد: «لا تزال روسيا مستعدة للمساعدة بالطرق الممكنة كلها؛ لوقف إراقة الدماء والانتقال إلى حوار طويل الأجل يستند إلى قرار مجلس الأمن الدولي. لدينا علاقات طبيعية مع إسرائيل وفلسطين».

ووجه لافروف انتقادات لاذعة ضد الولايات المتحدة، ووصفها بأنها «أبرز الدول التي تتدخل في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي»، في تعليق على تحذير واشنطن من تدخل أطراف ثالثة في الصراع الحالي.

وزاد: «أما بالنسبة لتوقعات أنتوني بلينكن (وزير الخارجية الأميركي)، فيما يتعلق بتدخل قوات ثالثة في الصراع، فإن الولايات المتحدة هي من بين قادة أولئك الذين يتدخلون بالفعل. وهذا يشمل الخطوات التالية: إرسال مجموعتين من حاملات الطائرات إلى منطقة الصراع، وآلاف عدة من الجنود المقاتلين، كما أفهم، مع كل الأسلحة اللازمة، بما في ذلك الأسلحة الثقيلة. وكلما زاد عدد هذه الخطوات الاستباقية من جانب أي دولة، زاد الخطر، وزاد خطر تصاعد الصراع».

ورأى لافروف أن حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يستلزم بذل جهود جماعية. وأوضح: «علينا أن نعمل بشكل جماعي، وليس من جانب واحد، فمن غير المرجح أن تساعد جهود الوساطة الأحادية الجانب هنا». وذكر أنه «من الضروري الاستفادة من إمكانات دول المنطقة والاتحاد الأوروبي، وربما من الصعب أيضاً الاستغناء عن الولايات المتحدة».

وفي ملف جنوب القوقاز، ندّدت إيران وروسيا أيضاً، بالتدخّل الأوروبي والأميركي في التوتّرات بين باكو ويريفان، التي بلغت أوجها منذ سيطرة أذربيجان على إقليم كاراباخ.

وأعرب عبداللهيان ولافروف عن توافقهما على أن دول منطقة جنوب القوقاز «لا تحتاج إلى الغربيين لحلّ التوترات الإقليمية».

وعدّ عبداللهيان أن اجتماع طهران يمكنه أن يشكّل «حجر الزاوية على طريق إحلال السلام وإنهاء التحديات في جنوب القوقاز».

وشغل موضوع مواجهة محاولات الغرب للتدخل في ملف ترسيم الحدود بين أذربيجان وأرمينيا عنصراً أساسياً في الحوارات التي جمعت وزراء خارجية البلدان الخمسة.

وشدّد الوزراء المجتمعون، في بيان ختامي مشترك، على «أهمية التسوية السلمية للنزاعات، واحترام السيادة والاستقلال السياسي ووحدة الأراضي (...) وعدم التدخل في الشؤون الداخلية».

وأكّد لافروف، الذي اجتمع أيضاً مع رئيسي على انفراد، أنّ «الباب سيبقى مفتوحاً» لدولة جورجيا التي غابت عن اجتماع الاثنين. وأشار إلى عقد اجتماع مقبل في تركيا حول هذه المنطقة «ربّما في النصف الأول من العام المقبل».


مقالات ذات صلة

ماكرون يطالب بالكفّ عن تسليم الأسلحة للقتال في غزة

أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (إ.ب.أ)

ماكرون يطالب بالكفّ عن تسليم الأسلحة للقتال في غزة

دعا الرئيس الفرنسي، السبت، إلى الكفّ عن تسليم الأسلحة للقتال في غزة، لافتاً إلى أن الأولوية هي للحلّ السياسي للحرب المستمرة منذ عام بين إسرائيل وحركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي عائلات إسرائيليين محتجزين في غزة ترفع صورهم خلال احتجاج قرب مقر إقامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس يوم 30 سبتمبر (إ.ب.أ)

عائلات إسرائيليين محتجزين في غزة تنفّذ إضراباً عن الطعام

بدأ أفراد في عائلات الإسرائيليين المحتجزين في أنفاق حركة «حماس» بقطاع غزة إضراباً عن الطعام، متهمين حكومة بنيامين نتنياهو بأنها أهملت قضيتهم في ظل حرب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فوزية أمين سيدو امرأة إيزيدية اختطفها «داعش» في العراق وتم إنقاذها بعملية في غزة (وزارة الخارجية العراقية)

عملية بقيادة أميركية تحرر إيزيدية من غزة بعد 10 سنوات في الأسر

قال مسؤولون عراقيون وأميركيون إن شابة إيزيدية عمرها 21 عاماً اختطفها مسلحون من تنظيم «داعش» في العراق قبل أكثر من عقد تم تحريرها من قطاع غزة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج وزراء خارجية دول الخليج بعد اجتماعهم الاستثنائي في الدوحة الأربعاء (مجلس التعاون)

دول الخليج تؤكد الوقوف مع لبنان وتحذر من اتساع رقعة الحرب

أكد مجلس التعاون الخليجي خلال الاجتماع الوزاري الاستثنائي بالدوحة، مساء الأربعاء، على وقف النار في غزة بشكل فوري، والوقوف مع «لبنان في هذه المرحلة الحرجة».

ميرزا الخويلدي (الدوحة)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون لتلقي المساعدات بما في ذلك الإمدادات الغذائية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي خارج مركز توزيع تابع للأمم المتحدة وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» في جباليا شمال قطاع غزة 24 أغسطس 2024 (رويترز)

مصادر: تراجع المساعدات الغذائية لغزة بعد قواعد إسرائيلية جديدة

قالت مصادر مشاركة في توصيل البضائع إلى غزة لوكالة «رويترز» للأنباء، إن الإمدادات الغذائية للقطاع تراجعت بصورة حادة في الأسابيع القليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (غزة)

تقرير: الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل يثير تساؤلات حول ترسانة طهران

القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)
القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

تقرير: الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل يثير تساؤلات حول ترسانة طهران

القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)
القبة الحديدية تتصدى للصواريخ الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي (أ.ف.ب)

سلّطت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية الضوء على الصواريخ المستخدمة في الهجوم الذي شنّته إيران على إسرائيل، الثلاثاء، وقالت إن الهجوم أثار تساؤلات بعض المحللين حول قيمة الترسانة التي تملكها طهران.

وهذا الهجوم الثاني الذي تشنّه إيران ضد إسرائيل بشكل مباشر، وتميز بمداه الواسع وتأثيره المحدود، وأعطت طهران تحذيراً قبل إطلاق ما لا يقل عن 180 صاروخاً «باليستياً» على إسرائيل.

ويُظهر تحليل للصحيفة أن ما لا يقل عن 20 صاروخاً نجحت في اختراق الدفاعات الإسرائيلية، وقال إنه عدد يعد أكبر بكثير من الهجوم السابق في أبريل (نيسان)، حيث تسبب بعضها في أضرار في المواقع العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية أو بالقرب منها، ولكن حتى الآن كانت التقارير عن الأضرار الجسيمة على الأرض محدودة، وفقاً للصحيفة.

وذكرت «واشنطن بوست» أن الأدلة تشير إلى أن إيران استخدمت أسرع صواريخها وعدداً أكبر من منصات الإطلاق مما يعرفه الخبراء أنها تمتلكه، كما ذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن إيران استخدمت صاروخاً «باليستياً» متقدماً لم يستخدم من قبل.

ويوفر هجوم هذا الأسبوع والهجوم الذي سبقه معلومات غير مسبوقة للتعرف على مدى قدرات إيران، وقدرة إسرائيل على اعتراضها.

وقال بعض الخبراء إن تحليلات المعلومات تُشكك في قيمة ترسانة طهران الصاروخية، التي قدر المسؤولون الأميركيون أنها الأكبر في الشرق الأوسط.

استعراض للقوة

كان هجوم هذا الأسبوع ملحوظاً في اختلافه عن الهجوم الصاروخي الأول على إسرائيل.

وذكرت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية أن هذه الخطوة كانت رداً على ضربة إسرائيلية على مجمع دبلوماسي إيراني في سوريا، وقعت قبل أكثر من أسبوعين.

واستخدمت إيران أكثر من 300 صاروخ وطائرة من دون طيار في ذلك الهجوم (نحو 170 طائرة دون طيار)، وفقاً للتقييمات الأميركية، و150 صاروخاً، 30 منها صواريخ «كروز»، وصواريخ «باليستية».

ويقول المحللون إن إيران أمضت أياماً في الإعلان عن نياتها، ما سمح لإسرائيل وحلفائها بالاستعداد، مستخدمةً صواريخ بطيئة يمكن التقاطها، ويبدو أن بعضها قد فشل.

ومع ذلك، قال المحللون إن الهجوم يحمل مخاطر حقيقية، وذكر جون كرزيزانياك، الباحث الذي يدرس برامج الأسلحة الإيرانية في مشروع «ويسكونسن» للحد من الأسلحة النووية: «في كل مرة تطلق فيها 300 ذخيرة على دولة أخرى، فإنك تنوي إحداث بعض الأضرار الحقيقية».

وإذا كانت الضربة الأولى لإيران على إسرائيل لإظهار القوة، فإن هذا الأسبوع بدا أنها كانت تنوي توجيه ضربة أكثر أهمية، كما تظهر الأدلة.

ولقد تضررت مكانة طهران بسبب الهجمات الإسرائيلية على «حزب الله» و«حماس».

وقالت إيران إن ضربة الثلاثاء كانت ردّاً على مقتل حسن نصر الله، زعيم «حزب الله»، في بيروت أواخر الشهر الماضي، وزعيم حماس إسماعيل هنية، في طهران في يوليو (تموز).

وذكر بهنام بن طالبلو، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: «أرادوا غسل الدم بالدم».

وقال بعض المحللين إن إيران ربما استخدمت صواريخ أكثر حداثة، ما يعني أنه يمكن إطلاقها بسرعة، دون الحاجة إلى تزويدها بالوقود أولاً.

وأفادت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية بأن إيران استخدمت صواريخ بعيدة المدى، ويعتقد أنها استُخدمت أيضاً لأول مرة صواريخها الأكثر تقدماً «فرط صوتية» من طراز «فاتح»، حسبما ذكرت وكالة «مهر» للأنباء.

وكشفت إيران عن الصاروخ «فاتح» العام الماضي، وقال الخبراء إنه لا يفي بالمعايير نفسها التي توصف بها الأسلحة الغربية بأنها فرط صوتية القدرة على المناورة، لكنه يتمتع ببعض القدرة على المناورة التي يمكن أن تساعد في التهرب من الدفاعات الصاروخية.

وأفادت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية بأن 90 في المائة من الصواريخ وصلت إلى هدفها، وفي حين قال المحللون إن هذه مبالغة، تشير الأدلة إلى أن عدداً أكبر بكثير وصل إلى إسرائيل مقارنة بشهر أبريل.

منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية تعترض الصواريخ كما شوهدت من عسقلان (رويترز)

ووجد تحليل أجرته صحيفة «واشنطن بوست» لصور الأقمار الصناعية أن ما لا يقل عن 20 صاروخاً ضربت أو اقتربت من موقعين عسكريين وموقع استخباراتي.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن ترد إسرائيل بضربات من جانبها، وقال المسؤولون الإيرانيون إن بلادهم سترد بالمثل.

لكن أفشون أوستوفار، أستاذ شؤون الأمن القومي في كلية الدراسات العليا البحرية في كاليفورنيا، قال إن التهديدات الإيرانية أصبحت أضعف بسبب ضرباتها «يحاول المسؤولون الإيرانيون وصف نار الجحيم التي سيهطلونها على إسرائيل إذا ردّت إسرائيل، وهذا ليس تهديداً موثوقاً به كما كان من قبل».