ماكرون متردد في زيارة إسرائيل والمنطقة

القضاء الفرنسي ينقض أوامر منع المظاهرات المساندة للفلسطينيين

الرئيس إيمانويل ماكرون، الجمعة، مشاركاً في مؤتمر عن بعد مع أهالي الرهائن الفرنسيين المحتجزين مع «حماس» (إ.ب.أ)
الرئيس إيمانويل ماكرون، الجمعة، مشاركاً في مؤتمر عن بعد مع أهالي الرهائن الفرنسيين المحتجزين مع «حماس» (إ.ب.أ)
TT

ماكرون متردد في زيارة إسرائيل والمنطقة

الرئيس إيمانويل ماكرون، الجمعة، مشاركاً في مؤتمر عن بعد مع أهالي الرهائن الفرنسيين المحتجزين مع «حماس» (إ.ب.أ)
الرئيس إيمانويل ماكرون، الجمعة، مشاركاً في مؤتمر عن بعد مع أهالي الرهائن الفرنسيين المحتجزين مع «حماس» (إ.ب.أ)

للمرة الأولى، يسمح القضاء الفرنسي بقيام مظاهرة مؤازرة للفلسطينيين في باريس بعد أن كان قد صدر عن لوران نونيز، محافظ العاصمة ومسؤول الشرطة فيها، قرار بمنعها، بحجة أنها تهدد النظام العام وتوفر دعماً لـ«حماس» ولأعمالها الإرهابية.

جاء هذا القرار الصادر عن المحكمة الإدارية مساء الخميس ليضع حداً لسلسلة قرارات المنع التي صدرت في الأيام العشرة الأخيرة، وجميعها تذرعت بالحجج نفسها التزاماً بتعميم وزير الداخلية جيرالد دارمانان، الذي أوصى المحافظين بمنع كل المظاهرات الداعمة للفلسطينيين.

والحال أن وزير الداخلية أصيب بنكستين متتاليتين؛ الأولى، يوم الأربعاء عندما أسقط مجلس الدولة (وهو أعلى سلطة قضائية إدارية) قراره منع كافة المظاهرات التي تدعو إليها جمعيات تساند الفلسطينيين. والثانية، مساء الخميس عندما أصدرت المحكمة الإدارية قراراً ينقض قرار محافظ العاصمة حيث أكد أن المظاهرة المذكورة «لا تنذر بحصول أعمال عنف»، وأن حظرها يشكل «بشكل جلي تهديداً خطيراً وغير قانوني لحرية التظاهر». واعتبرت المحكمة الإدارية أن لوران نونيز لم يأتِ بأي دليل يبين أن غرض المظاهرة «التعبير عن الدعم لهجمات (حماس) التي حصلت في 7 أكتوبر (تشرين الأول)» الحالي.

واللافت أن رفع الحظر صدر بعد أن كان المتظاهرون قد تجمعوا في ساحة «لا ريبوبليك» حيث جرت المظاهرات، التي شارك فيها، وفق مصادر الشرطة، 4 آلاف شخص. ويتعين مراقبة ما سيجري في المدن الفرنسية في الأيام والأسابيع المقبلة، حيث تخطط الجمعيات والمنظمات المطالبة بإنصاف الفلسطينيين لمسيرات وتجمعات من أجل إسماع صوت آخر غير الصوت الغالب المؤيد لإسرائيل.

وزير الداخلية جيرالد دارمانان، في 17 أكتوبر، خلال جلسة استماع للحكومة في البرلمان الفرنسي (أ.ف.ب)

منذ البداية، أي مباشرة بعد العملية الواسعة التي قامت بها «حماس» في منطقة غلاف غزة، التي أسفرت عن مقتل 1300 شخص، واحتجاز ما يزيد على 200 شخص من الرهائن، توجهت السلطات الفرنسية، على أعلى مستوى، نحو حظر المظاهرات المساندة للفلسطينيين. واعتبر الرئيس إيمانويل ماكرون الذي أعلن عن دعم بلاده إسرائيل والوقوف إلى جانبها، أن عناصر متطرفة يمكن أن تستغلها من أجل «حرق العلم الإسرائيلي والدفاع عن (حماس)».

ومن جانبه، ركز دارمانان على تزايد الأعمال متعددة الأشكال، المعادية للسامية وأمر، بناء على طلب ماكرون، تعزيز الحراسة الأمنية على المحافل والمدارس وأماكن تجمع الجالية اليهودية في فرنسا. وأسفرت عملية «حماس» عن مقتل 24 مواطناً ومواطنة فرنسية، غالبيتهم مزدوجو الجنسية (الفرنسية - الإسرائيلية). وما زاد الضغوط على السلطات الفرنسية عودة العمليات الإرهابية على التراب الفرنسي حيث قتل دومينيك برنار، أستاذ الأدب الفرنسي، في إحدى مدارس مدينة «أراس» (شمال باريس) طعناً بالسكين على يدي محمد موغوشكوف، الشاب روسي الجنسية، البالغ من العمر 20 عاماً.

وموغوشكوف تلميذ سابق في المدرسة، وهو لاجئ منذ سنوات مع عائلته إلى فرنسا. والجمعة، اقترح وزير التربية غابرييل أتال طرد التلامذة الذين تنم تصرفاتهم عن توجهات راديكالية. الأمر الذي يثير كثيراً من الشكوك في الوسط التعليمي. كذلك، تكاثرت خلال الأيام القليلة الماضية عمليات إخلاء المطارات في فرنسا بعد إنذارات بوجود قنابل معدة للانفجار، تبين أن جميعها كانت كاذبة.

وزير التربية غابرييل أتال يريد طرد التلامذة الراديكاليين من المدارس الفرنسية (أ.ف.ب)

تأتي هذه التطورات على خلفية التساؤل في أوساط قصر الإليزيه عن توقيت الزيارة التي يرغب الرئيس ماكرون بالقيام بها إلى إسرائيل وإلى الأردن ومصر والالتقاء بالقيادة الفلسطينية، وذلك بعد الزيارات التي قام بها المستشار الألماني والرئيس الأميركي ورئيس الوزراء البريطاني، إضافة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية.

وكان ماكرون قد عبر عن رغبته، في 17 الحالي، بمناسبة مؤتمر صحافي في تيرانا، عاصمة ألبانيا، في القيام بهذه الزيارة «في الأيام المقبلة... أو في الأسابيع اللاحقة». وربط ذلك بشرطين؛ الأول، التوصل إلى اتفاق لخفض التصعيد، والثاني التوصل إلى تفاهم حول المسائل الإنسانية، أي وصول المساعدات إلى الفلسطينيين المحاصرين في غزة. وكان ماكرون قد تلقى دعوة من الرئيس السيسي لحضور القمة التي دعت إليها القاهرة، والتي من المفترض أن تحصل السبت. بيد أن صحيفة «لوموند» المستقلة نقلت عن مصادر رئاسية مخاوفها لجهة ما قد يصدر عن القمة ويتضمن إحراجاً لماكرون.

بيد أن الثابت وفق مصادر دبلوماسية عربية في باريس أن القمة ستدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإلى توفير مساعدات إنسانية واسعة لقطاع غزة، وإلى معاودة المسار الدبلوماسي للتوصل إلى حل سياسي محدداته معروفة منذ سنوات. والحال أن الرئيس ماكرون، في كل كلماته ومداخلاته بشأن الحرب الدائرة في غزة، لم يدعُ بعد إلى وقف إطلاق النار، فيما صوّتت باريس لصالح مشروع القرار البرازيلي في مجلس الأمن الدولي الذي دعا، في إحدى فقراته، إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية. إلا أنه سقط بفعل استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو)، بحجة أنه «لا ينص على حق إسرائيل في الدفاع عن النفس».

وحاول ماكرون الالتزام بسياسة «متوازنة» بين التعبير عن الدعم لإسرائيل في مواجهة الإرهاب الذي تمثله «حماس» وحقها «المشروع» في الدفاع عن النفس. إلا أنه، بالمقابل، حثها على الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وذكّر بمواقف فرنسا «الثابتة» الداعمة لحل الدولتين. وكانت النقطة الأخيرة إحدى أسباب الخلاف داخل المجموعة الأوروبية حيث لم تتقيد بها أورسولا فون دير لاين خلال زيارتها لإسرائيل الأسبوع الماضي.


مقالات ذات صلة

هجوم إسرائيلي يستهدف معبراً بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية

المشرق العربي الدخان يتصاعد من المباني بعد قصف سابق على حمص (أرشيفية - رويترز)

هجوم إسرائيلي يستهدف معبراً بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية

ذكرت «وكالة الأنباء السورية»، السبت، أن الطائرات الإسرائيلية شنّت هجوماً استهدف معبر جوسية بمنطقة القصير في ريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 24 وإصابة 45 في غارات إسرائيلية على بعلبك الهرمل

أفادت وزارة الصحة اللبنانية اليوم (السبت)، بأن الغارات الإسرائيلية على بعلبك الهرمل اليوم، قتلت 24 وأصابت 45 آخرين في حصيلة غير نهائية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (يمين) ونظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس (أ.ف.ب)

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

أفادت وزارة الدفاع الأميركية، السبت، بأن الوزير لويد أوستن أكد لوزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أهمية ضمان سلامة وأمن قوات الجيش اللبناني.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

إيران: التخلي عن السلاح النووي ليس مجاناً

منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
TT

إيران: التخلي عن السلاح النووي ليس مجاناً

منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

عرض مسؤول إيراني بارز، أمس، على الإدارة الأميركية الجديدة عدمَ امتلاك سلاح نووي مقابلَ تعويضات وامتيازات.

وقال علي لاريجاني، مستشار المرشد علي خامنئي، إنَّ بلاده والولايات المتحدة دخلتا في وضع جديد فيما يتعلق بالملف النووي. وأضاف: «إذا أرادت الإدارة الأميركية الجديدة ألا نمتلك سلاحاً نووياً فعليها قبول شروطنا، مثل تعويض الخسائر، ومنح امتيازات أخرى».

من جانبه، هاجم رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، إبراهيم عزيزي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعد تبنيها قراراً ينتقد طهران بسبب عدم تعاونها. وقال عزيزي: «إن ما قاله رافاييل في طهران لا يتطابق مع أفعاله في فيينا».

بدوره، قال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمال وندي، إنَّ «الضغوط الناجمة عن قرار الوكالة الدولية ستزيد من قدرتنا على التخصيب».