فرنسا «تأسف» لإجهاض مشروع القرار البرازيلي بسبب «الفيتو» الأميركي

سفيرة فلسطين في باريس تدعو للتحقيق في تدمير مستشفى «المعمداني»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع وزيرَي الداخلية والتربية يوم 13 أكتوبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع وزيرَي الداخلية والتربية يوم 13 أكتوبر (إ.ب.أ)
TT

فرنسا «تأسف» لإجهاض مشروع القرار البرازيلي بسبب «الفيتو» الأميركي

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع وزيرَي الداخلية والتربية يوم 13 أكتوبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع وزيرَي الداخلية والتربية يوم 13 أكتوبر (إ.ب.أ)

أعربت فرنسا عن «أسفها» لسقوط مشروع القرار الذي تقدمت به البرازيل في مجلس الأمن الدولي، والداعي إلى هدنة إنسانية في الحرب الدائرة في غزة بين «حماس» وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول). وأصدرت الخارجية الفرنسية بياناً أكدت فيه أن باريس صوّتت لصالح مشروع القرار الذي أجهضه لجوء الولايات المتحدة لاستخدام حق النقض (الفيتو)؛ بحجة أنه لا ينص على حق إسرائيل في الدفاع عن النفس.

وبحسب البيان الفرنسي، فإن مشروع القرار البرازيلي الذي حاز 12 صوتاً كان «الأكثر قدرة على توفير الإجماع في مجلس الأمن حول مبادئ مشتركة»، إلى جانب إدانة هجمات «حماس» والمطالبة بالإفراج عن الرهائن واحترام القانون الدولي الإنساني ووقف إطلاق النار لأغراض إنسانية وفتح ممرات بشكل تام وآمن لمنظمات الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي والمنظمات الإنسانية في غزة من أجل إيصال المساعدات الضرورية للمدنيين.

كذلك، فإن المشروع البرازيلي يعيد التذكير بحل الدولتين يعيشان ضمن حدود آمنة ومعترف بها، ويدعو إلى تكثيف الجهود من أجل منع التصعيد العسكري في الشرقين الأدنى والأوسط. وخلص البيان إلى تأكيد أن باريس ستبقى «معبأة للعمل مع شركائها من أجل الاستجابة إلى الحاجات الإنسانية الطارئة وتجنب اشتعال المنطقة».

سفيرة فلسطين في فرنسا هالة أبو حصيرة تتحدث إلى الصحافة بمقر البعثة الفلسطينية في باريس يوم الأربعاء (أ.ف.ب)

السفيرة الفلسطينية

من جانب آخر، دعت سفيرة فلسطين في باريس السلطات الفرنسية إلى «تحمّل مسؤولياتها» بصفتها عضواً دائم العضوية في مجلس الأمن الدولي والتحرك لتقديم مشروع جديد في مجلس الأمن يطلب وقف إطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية وإيصال المساعدات إلى أهالي غزة الذين يعانون منذ السابع من الشهر الحالي من القصف الإسرائيلي بأنواعه، جواً وبراً وبحراً.

وذكرت السفيرة هالة أبو حصيرة، في لقاء مع مجموعة صحافية، أن باريس «لعبت دوماً دوراً إيجابياً» منذ زمن الجنرال ديغول؛ ولذا «نحن نطالبها بأن تلعب هذا الدور اليوم، وأن تتحرك فوراً في مجلس الأمن من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، ومن أجل إيصال المساعدات الإنسانية وفتح الممرات الضرورية لذلك».

ووفق السفيرة الفلسطينية، فإن أي موقف دولي «لا يحمّل إسرائيل، القوة المحتلة، مسؤولية الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني ولا يطالب بوقف فوري لإطلاق النار ووضع حد للاعتداء الإسرائيلي على غزة وإيصال المساعدات يكون قد تخلى عن المبادئ التي تخص البشرية جمعاء».

وشددت السفيرة على أن ما تقوم به إسرائيل في غزة ليس إلا «مجزرة» بحق المدنيين في القطاع، وحثّت المحكمة الجنائية الدولية على التحرك الفوري من أجل إطلاق تحقيق بخصوص الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل من خلال الهجوم على مستشفى «المعمداني» في غزة والذي عدّته بمثابة «جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية»، مؤكدة أن السلطة الفلسطينية «ماضية في هذه الطريق، وهي تريد محاسبة إسرائيل ليس فقط على هذه المجزرة، بل على كل الجرائم التي ارتكبتها بحق الشعب الفلسطيني».

جانب من الدمار الذي أحدثته الضربات الإسرائيلية في شمال قطاع غزة يوم الخميس (أ.ف.ب)

قصف مستشفى «المعمداني»

وحول موضوع قصف مستشفى «المعمداني»، الذي تحمّل إسرائيل ومن ورائها الرئيس الأميركي بايدن المسؤولية لـ«الجهاد الإسلامي»، قالت هالة أبو حصيرة: إن قصف «(المعمداني) ليس الأول الذي يستهدف مستشفى في غزة؛ إذ إن إسرائيل قصفت قبل ذلك 3 مستشفيات، منها مستشفى بيت حانون ومستشفى القدس التي تم ترميمه بدعم فرنسي بعد أن قصفته إسرائيل في عام 2009، كذلك، فإن إسرائيل أمرت بإخلاء 22 مستشفى في غزة».

وأشارت سفيرة فلسطين إلى أن إسرائيل «لم تجنب أي بنى مدنية القصف، حيث إنها لا تتردد في استهداف المساجد والمدارس والمخابز والبنى التحتية والمدنيين الفلسطينيين حيث يتواجدون ومن غير محرمات». وعدّت هالة أبو حصيرة أن إسرائيل «تمارس سياسة التطهير العرقي... وتتصرف من موقع كأنها فوق القوانين، وتخضِع الفلسطينيين لممارسات القهر والذل والتهجير، بينما لا يلوح في الأفق أي حل سياسي». ورأت سفيرة فلسطين، أنه «حان الوقت لرفع الحماية عن إسرائيل التي توفر لها إمكانية الإفلات من العقاب والعمل على إنصاف الشعب الفلسطيني».


مقالات ذات صلة

ماذا تتوقع إسرائيل من رد «حزب الله»؟

شؤون إقليمية نصر الله يتحدث عن سلفه عباس الموسوي في فيلم وثائقي يؤرخ مرحلة ثاني الأمناء العامين (إعلام حزب الله)

ماذا تتوقع إسرائيل من رد «حزب الله»؟

تذهب تقديرات إسرائيلية إلى أن «حزب الله» سينتقم لاغتيال أمينه العام، حسن نصر الله، عبر استدعاء سيناريو الرد على اغتيال سلفه عباس موسوي عام 1992.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على جنوب لبنان 29 سبتمبر 2024 (رويترز)

قائد سرب اغتيال نصر الله يكشف بعض تفاصيل العملية

تحدّث قائد سرب الطيران الذي نفذ عملية اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، للإعلام العبري عن بعض تفاصيلها وآلية تلقي المعلومات بشأن المستهدف.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

عَدّ محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، ما ترتكبه إسرائيل ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني من «جرائم إبادة وتطهير عرقي انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي العاصمة السورية دمشق

سماع دوي انفجارات في محيط العاصمة السورية دمشق

سماع دوي انفجارات في محيط العاصمة السورية دمشق

جنود الجيش اللبناني يحرسون منطقة في بيروت بعد ساعات قليلة من الإعلان عن وفاة حسن نصر الله (د.ب.أ)

الجيش اللبناني يدعو إلى «الوحدة» عقب اغتيال نصر الله

حثّ الجيش اللبناني اليوم (الأحد) على «عدم الانجرار وراء أفعال قد تمس بالسلم الأهلي» و«الحفاظ على الوحدة» غداة إعلان «حزب الله» مقتل أمينه العام حسن نصر الله


ماذا تتوقع إسرائيل من رد «حزب الله»؟

نصر الله يتحدث عن سلفه عباس الموسوي في فيلم وثائقي يؤرخ مرحلة ثاني الأمناء العامين (إعلام حزب الله)
نصر الله يتحدث عن سلفه عباس الموسوي في فيلم وثائقي يؤرخ مرحلة ثاني الأمناء العامين (إعلام حزب الله)
TT

ماذا تتوقع إسرائيل من رد «حزب الله»؟

نصر الله يتحدث عن سلفه عباس الموسوي في فيلم وثائقي يؤرخ مرحلة ثاني الأمناء العامين (إعلام حزب الله)
نصر الله يتحدث عن سلفه عباس الموسوي في فيلم وثائقي يؤرخ مرحلة ثاني الأمناء العامين (إعلام حزب الله)

تذهب تقديرات إسرائيلية إلى أن «حزب الله» سينتقم لاغتيال أمينه العام، حسن نصر الله، بتفجير مؤسسات إسرائيلية ويهودية في العالم. بينما قررت أجهزة المخابرات رفع حالة التأهب في جميع السفارات والقنصليات وأماكن العبادة اليهودية ومقرات الجمعيات الدينية في جميع أنحاء العالم.

وقالت مصادر أمنية إسرائيلية، لوسائل إعلام عبرية، إنها تتحسب من تكرار «حزب الله» عمليات التفجير التي تمت عام 1992، عندما اغتالت تل أبيب في نفس العام الأمين العام الأسبق للحزب، عباس موسوي، وتركزت ردود الفعل من الحزب على استهدف مقرات دبلوماسية ومنشآت يهودية.

وأكدت المصادر أن «حزب الله» أعلن أن إطلاق الصواريخ القائم حالياً باتجاه إسرائيل ليس هو الرد على الاغتيال، إنما هو رد على الغارات وعلى القصف الصاروخي الروتيني والمتصاعد الذي يقوم به منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لمساندة «حماس» في قطاع غزة، لكن الرد الملائم «سيكون مختلفاً».

وتستهدف الغارات الإسرائيلية الكثيفة على مواقع «حزب الله» تدمير ترسانته الصاروخية، بينما القرار الإيراني يمنع «حزب الله» من استخدام الصواريخ الباليستية الثقيلة التي زودته بها، غير أن الحزب سيفتش عن وسيلة أخرى.

سيناريو موسوي

ووفق التقديرات الأمنية الإسرائيلية، فإنه «ليس من المستبعد أن يعود الحزب إلى تجربته القديمة قبل 32 عاماً، عندما رد على اغتيال الأمين العام للحزب، عباس موسوي، بتفجير مقرات دبلوماسية في الخارج وأماكن عبادة».

صورة أرشيفية تجمع نصر الله والموسوي في الثمانينات (إعلام حزب الله)

ونفذ «حزب الله» 3 عملياتِ تفجيرٍ ضد أهداف إسرائيلية رداً على اغتيال موسوى عام 1992: ففي 17 مارس (آذار)، أي بعد شهر من اغتيال موسوي، وقع انفجار ضخم في سفارة إسرائيل في عاصمة الأرجنتين، بوينس آيرس، تسبب بمقتل 29 شخصاً، بينهم 4 دبلوماسيين إسرائيليين، والبقية أرجنتينيون بينهم 4 نساء يهوديات يعملن موظفات محليات.

وبعد أيام من الهجوم الأول، قُتل ضابط أمن في السفارة الإسرائيلية في أنقرة بتفجير عبوة في سيارته، وفي 18 يوليو (تموز) 1994، وقع انفجار ضخم في مقر الجالية اليهودية في الأرجنتين، وقُتل فيه 85 شخصاً.

تعليمات جديدة

كانت إسرائيل قررت اتخاذ إجراءات أمنية خاصة في بداية الحرب في أكتوبر الماضي، ثم قررت تشديد هذه الإجراءات، في أواسط أبريل (نيسان) الماضي، في أعقاب قصف إسرائيلي للسفارة الإيرانية في دمشق، واغتيال محمد مهدي زاهدي مع عدد من قادة «فيلق القدس» الذي يعمل خارج إيران، وحينها تم إغلاق 28 مقراً دبلوماسياً لها في مختلف أنحاء العالم، بشكل مؤقت، بعد تحذيرات أمنية ومخاوف من هجمات انتقامية قد تشنها إيران بعد الحادث الذي أسفر عن سقوط قيادات إيرانية رفيعة المستوى.

ومنذ ذلك الوقت أخلت «الخارجية الإسرائيلية» 7 بعثات دبلوماسية لها في كل من مصر والأردن والبحرين والمغرب وتركيا (أنقرة وإسطنبول)، بالإضافة إلى تركمانستان.

وقالت المصادر إنه في بعض الدول، كانت الإرشادات الأمنية الصادرة من السلطات الإسرائيلية صارمة للغاية لدرجة منع الموظفين من مغادرة المنزل، ولو حتى إلى صالة الألعاب الرياضية بالمبنى أو متجر قريب.

عمال إنقاذ يبحثون بين أنقاض مبنى ملحق بالسفارة الإيرانية بعد يوم من غارة جوية استهدفته بدمشق 2 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

وأفادت مصادر في «الخارجية الإسرائيلية»: «في أكثر من مرة، نجد أنفسنا مضطرين إلى إبعاد جزء من الدبلوماسيين (الإسرائيليين) إلى خارج الدولة التي يعملون بها بسبب التحذيرات والمخاطر».

ونقل موقع «واللا» الإخباري، عن الجنرال الإسرائيليّ في الاحتياط أوري ساغي، الرئيس السابِق لشعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان)، والذي أشرف شخصياً على عملية اغتيال موسوي، قبل 32 عاماً، قوله إنّ «كلّ عملية تصفية ممركزة تحمل في طيّاتها الإيجابيات والسلبيات، ومن بين السلبيات التي أعقبت قتل الشيخ موسوي كانت تعيين نصر الله أميناً عاماً لـ(حزب الله)، والذي أعتبره أكثر سوءاً من موسوي، والأيّام أثبتت ذلك» على حدّ تعبيره.

وكشف الجنرال ساغي أن أياً من «أجهزة المخابرات الإسرائيلية لم تتوقّع رداً عنيفاً ومؤلماً وقاسياً من (حزب الله) على اغتيال أمينه العامّ (موسوي)، وأن من أشرف على عمليات الانتقام، عماد مغنية، كان أيضاً شاباً غير معروف لهم، وقد تم وضعه على قائمة الاغتيالات مع 11 قيادياً في (حزب الله)، بينهم نعيم قاسم، الذي يشغل اليوم نائب الأمين العام في (حزب الله)، والقيادي نبيل قاووق».

وأضاف ساغي: «قدَّرنا يومها أن يرد (حزب الله) على عملية اغتيال موسوي بإطلاق (الكاتيوشا) صوب شمال إسرائيل، أو تنفيذ عملية إرهابية في الخارج، وللأسف، فإن السيناريوهين تحققا، فـ(حزب الله) أمطر الجليل بصواريخ (الكاتيوشا)، وقام بتنفيذ عمليتين إرهابيتين في الأرجنتين».