إيران تتمسك برفع «العقوبات الباليستية» رغم المعارضة الغربية

أعلنت تحللها من أي قيود تتعلق ببيع وشراء التكنولوجيا وقطع الغيار في برنامجها الصاروخي

نموذج صاروخ «قيام» الباليستي خلال عرضه في ميدان «آزادي» غرب طهران العام الماضي (فارس)
نموذج صاروخ «قيام» الباليستي خلال عرضه في ميدان «آزادي» غرب طهران العام الماضي (فارس)
TT

إيران تتمسك برفع «العقوبات الباليستية» رغم المعارضة الغربية

نموذج صاروخ «قيام» الباليستي خلال عرضه في ميدان «آزادي» غرب طهران العام الماضي (فارس)
نموذج صاروخ «قيام» الباليستي خلال عرضه في ميدان «آزادي» غرب طهران العام الماضي (فارس)

أعلنت إيران رسمياً أنها لم تعد ملزمة بأحكام القرار «2231» المتعلقة بتطوير الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وذلك في «اليوم الانتقالي» المنصوص عليه في الاتفاق المتعثر بشأن البرنامج النووي الإيراني، والذي وافقت عليه طهران قبل 8 سنوات.

وضعت القيود في القرار رقم «2231» لعام 2015 الذي صدق على الاتفاق النووي، بهدف منع إيران من تطوير صواريخ باليستية طويلة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية، وكان من المقرر أن تنقضي بموجب «بند الغروب»؛ أي حلول الجدول الزمني الذي يخفف القيود عن البرنامج النووي والأسلحة والعقوبات تدريجياً ما دامت تلتزم بالاتفاق النووي.

ولم تلتزم إيران البنود المتعلقة بالحد من تطوير الصواريخ الباليستية، ومنذ الأسابيع الأولى على دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ، اختبرت إيران عدداً من الصواريخ الباليستية وأطلقت أقماراً اصطناعية عدة رغم القرار. وفي كل مرة قالت الدول الغربية إن التجارب الإيرانية تنتهك القيود الأممية. ومنذ مايو (أيار) 2019 أعلنت إيران تخليها عن كثير من بنود الاتفاق النووي.

وأكدت القوى الغربية تمسكها بالقيود المنصوص عليها في «بند الغروب». وقال الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، إنه يعتزم الانضمام إلى الولايات المتحدة في الإبقاء على العقوبات على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني بعد انتهاء عقوبات الأمم المتحدة.

على خلاف الموقف الغربي، قالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان الثلاثاء، إن «الإمدادات من وإلى إيران بالمنتجات الخاضعة لنظام مراقبة تكنولوجيا الصواريخ لم تعد تتطلب موافقة مسبقة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة».

كانت مصادر قالت لـ«رويترز» في وقت سابق إن هناك 3 أسباب لذلك؛ هي استخدام روسيا طائرات مسيرة إيرانية ضد أوكرانيا، واحتمال قيام إيران بنقل الصواريخ الباليستية إلى روسيا، وضرورة حرمان إيران من مزايا الاتفاق النووي الذي انتهكته بعد انسحاب الولايات المتحدة.

وقال كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، إن إيران «لم تعد تخضع لأي قيود في إطار مجلس الأمن، بدءاً من اليوم». وقال: «انتهت جميع القيود غير العادلة التي وضعت على أنشطة الصواريخ الباليستية الإيرانية على المستويين المحلي والإقليمي، وفقاً للقرار 2231».

من جانبه، قال نائب الرئيس الإيراني، في المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، محمد إسلامي: «اليوم يتم إلغاء العقوبات عن الأسلحة الإيرانية، وفقاً لنص الاتفاق النووي». وقال إن «البند المتعلق برفع العقوبات يخضع للوقت، والآن؛ في السنة الثامنة من تنفيذ (خطة العمل الشاملة المشتركة)، حان الوقت لرفع الحظر عن الأسلحة».

وغداة إدانتها إجراء الدول الغربية، قالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان على موقعها الإلكتروني إنه «وفقاً للقرار (2231)، والفقرة الثالثة في ملحق القرار، بدءاً من اليوم 18 أكتوبر (تشرين الأول)، لم تعد إيران مطالبة بالامتثال للقرار غير الملزم لمجلس الأمن لعدم القيام بأنشطة مرتبطة بالصواريخ الباليستية المصممة لحمل سلاح نووي». ويؤكد البيان أن «البرنامج الصاروخي الإيراني في السابق وحتى اليوم، لم يكن غير متعارض مع هذا البند».

ووصف البيان القيود الأممية على أنشطة الصواريخ والتكنولوجيا المرتبطة به؛ بما في ذلك مصادرة الأموال وفرض القيود المالية، على الأفراد والأجهزة المسؤولة بـ«غير العادلة». ويشدد البيان على «انتهاء تلك القيود من دون شروط مسبقة، وفقاً للقرار (2231)».

وقالت طهران إن نهاية القيود «ليست بحاجة إلى إصدار بيان أو أي إجراء آخر من مجلس الأمن، وتتحقق تلقائياً». وأضافت في جزء من البيان أن «جميع القيود على نقل قطع الغيار والخدمات والتكنولوجيا الصاروخية من وإلى إيران انتهت». كما يتحدث البيان الإيراني عن نهاية قيود السفر على بعض الإيرانيين الذين تطالهم العقوبات الصاروخية.

ويقول البيان إن أي «تعامل وتعاون دفاعي مع إيران  لا ينتهك القرار (2231)»، مضيفاً أن إيران «ستتخذ الإجراءات اللازمة لحماية مصالحها القومية»، لافتاً إلى أن «العقيدة الدفاعية للجمهورية الإسلامية تعتمد دوماً على القدرات والطاقات المحلية (...)». وأضاف: «الأسلحة غير التقليدية وأسلحة الدمار الشامل لا مكان لها في العقيدة الدفاعية للجمهورية الإسلامية».

المعرض الدائم للصواريخ الباليستية التابعة لـ«الحرس الثوري» في طهران (فارس)

وأشار إلى أن إيران «ستمضي قدماً في تعزيز قدراتها»، مبررة ذلك بـ«صيانة السيادة والاستقرار وسلامة أراضيها من أي اعتداء، ومواجهة التهديد الإرهابي في المنطقة».

بدورها، قالت وزارة الدفاع الإيرانية: «اليوم؛ بموجب القرار (2231) الصادر من مجلس الأمن، انتهت 8 سنوات من القيود على الأنشطة الصاروخية الباليستية الإيرانية؛ بما في ذلك بيع وشراء ونقل المواد والمعدات والتكنولوجيا وقطع الغيار والسلع المرتبطة بتوسع القدرات الصاروخية الإيرانية».

وادعت وزارة الدفاع الإيرانية في بيانها أن «القدرات الصاروخية الإيرانية هي في إطار رفع الحاجات الدفاعية والتمهيد (لسياسة) الدفاع عن النفس في سياق المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة».

وتطرق البيان إلى الأحداث التي يشهدها قطاع غزة. وقال: «التطورات الأخيرة تبطل مزاعم دعوة الدول الغربية إلى السلام». وبذلك، كرر معظم الأجزاء التي وردت في بيان وزارة الخارجية الإيرانية عن الأنشطة الصاروخية الإيرانية. ويتهم البيان الدول الأعضاء في حلف «الناتو» بـ«دعم الإرهاب والنزعات الانفصالية، والتطرف»، و«الفشل» في العراق وسوريا وأفغانستان.

ومن شأن الإبقاء على عقوبات الاتحاد الأوروبي أن يعكس رغبة الغرب في منع إيران من تطوير الأسلحة النووية وحرمانها من سبل تحقيق ذلك في ظل انهيار الاتفاق النووي.


مقالات ذات صلة

الجيش الإيراني ينفي إطلاق 600 صاروخ من إسرائيل

شؤون إقليمية تشييع مهدي نقوي الضابط في الدفاعات الجوية الإيرانية بمدينة بروجرد وسط البلاد (إرنا)

الجيش الإيراني ينفي إطلاق 600 صاروخ من إسرائيل

نفى الجيش الإيراني أن تكون إسرائيل أطلقت على إيران 600 صاروخ في الهجوم غير المسبوق الذي شنته مقاتلات إسرائيلية، فجر السبت.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية هرتسي هاليفي رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي (موقع الجيش الإسرائيلي)

هاليفي عن ضربة إيران: «لدينا القدرة على فعل ما هو أكبر بكثير»

قال هرتسي هاليفي رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي الأحد إن إسرائيل مارست ضبط النفس خلال هجومها على إيران السبت

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرها الجيش الإسرائيلي لمقاتلة شاركت في ضرب إيران قبل لحظات من إقلاعها (أ.ف.ب) play-circle 00:43

قائد «الحرس» الإيراني يتوعد بـ«عواقب مريرة» بعد الضربات الإسرائيلية

توعَّد قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي، إسرائيل، الاثنين، بـ«عواقب مريرة تتجاوز كل التصورات»، بعد استهدافها مواقع عسكرية إيرانية.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية المرشد الإيراني علي خامنئي (إ.ب.أ)

«إكس» توقف حساب المرشد الإيراني بالعبرية بعد يومين من إطلاقه

أوقفت منصة التواصل الاجتماعي «إكس» حساباً جديداً، نيابة عن المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي نشر رسائل بالعبرية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
شؤون إقليمية صورة التقطها أقمار شركة «بلانيت لابس» لمبانٍ متضررة في قاعدة «بارشين» العسكرية جنوب شرقي طهران اليوم (أ.ب)

صور أقمار اصطناعية تكشف دماراً في منشآت إيران العسكرية

أظهرت صور أقمار اصطناعية أن الهجوم الإسرائيلي على إيران، السبت، ألحق أضراراً جسيمة بقاعدة بارشين العسكرية، ما يمكن أن يعيق قدرتها على تعويض مخزونها من الصواريخ

«الشرق الأوسط» (لندن)

إسرائيل ترصد الخلافات الداخلية في إيران وتحذرها من الرد

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض بمقر وزارة الدفاع يتابعان الضربة الموجهة لإيران فجر السبت (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض بمقر وزارة الدفاع يتابعان الضربة الموجهة لإيران فجر السبت (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل ترصد الخلافات الداخلية في إيران وتحذرها من الرد

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض بمقر وزارة الدفاع يتابعان الضربة الموجهة لإيران فجر السبت (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض بمقر وزارة الدفاع يتابعان الضربة الموجهة لإيران فجر السبت (وزارة الدفاع الإسرائيلية)

في أعقاب الأبحاث التي أجرتها القيادات الأمنية والسياسية، والتي رصدت الخلافات الداخلية في إيران حول كيفية التعامل مع الهجوم الإسرائيلي، يوم السبت، وسبل الرد على هذا الهجوم أو تجاوز تداعياته، وجهت تل أبيب تهديداً جديداً بأنها سترد على أي رد بشكل أقسى.

كما أشارت إلى صور جديدة تم تسريبها تظهر أن حجم الإصابات كان أكبر بكثير مما تصوره طهران، وأن الهجوم قد أصاب عدة مواقع حساسة، بما في ذلك منشآت تتعلق بالمشروع النووي الإيراني.

وقالت مصادر في تل أبيب إنه «على الرغم من التفاهمات مع الولايات المتحدة بعدم قصف المواقع المتعلقة بالمنشآت النووية أو النفطية، قامت إسرائيل بقصف وتدمير ثلاثة مبانٍ في قاعدة بارشين، التي تقع على بعد 40 كيلومتراً جنوب شرق العاصمة طهران، والتي تُستخدم لإجراء تجارب في المجال النووي ولإنتاج الوقود الصلب للصواريخ الباليستية. وأكدت المصادر أن إيران استخدمت هذا الموقع لتطوير رؤوس نووية، وأنه تعرض في السابق (عام 2022) لضربات خفية عرقلت تطويره لمدة عام. كما أن القصف الإسرائيلي الجديد من المتوقع أن يؤخر ما تم التخطيط له لمدة سنة على الأقل. بالإضافة إلى ذلك، دُمرت عدد من المواقع التي كانت تُستخدم لتطوير صناعة الصواريخ الباليستية الجديدة القادرة على الوصول إلى إسرائيل. وقد أكدت هذه الرواية بإرفاقها بصور الأقمار الاصطناعية التي نشرتها شركة «Planet Labs»، إذ تمت المقارنة بين الصور قبل الهجوم وبعده، مما يظهر المباني المدمرة بوضوح.

وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، شاركت حوالي 100 طائرة في الهجوم الإسرائيلي على 20 موقعاً في إيران، معظمها من الطائرات المقاتلة، بالإضافة إلى بعض الطائرات المستخدمة للمراقبة والحماية، وكذلك لتشويش الرادارات وتزويد الوقود، بما في ذلك الطائرات المسيرة. وأوضحت الصحيفة أن أياً من الطائرات الإسرائيلية المقاتلة لم تخترق أجواء إيران، بل اعتمدت على القصف من مسافات بعيدة.

كما نقلت الصحيفة عن مصادر داخل إيران أن عدد القتلى في هذا الهجوم ليس أربعة أشخاص، كما تم الإبلاغ سابقاً، بل يتراوح بين 20 و27 شخصاً. ورصدت الصحيفة تصريحات خبراء أمنيين أفادوا بأن المهمة الأولى للهجوم كانت شل عمل الرادارات التي نصبتها إيران في البلاد، وكذلك في سوريا والعراق، بينما كانت المهمة الثانية هي قصف منظومات الصواريخ المضادة للطائرات. ونتيجة لذلك، لم تنجح هذه المنظومات في إسقاط أي طائرة إسرائيلية.

ولُوحظ أن استمرار نشر الرواية الإسرائيلية، الذي يتخذ في بعض الأحيان طابعاً استفزازياً تجاه القيادات الإيرانية، يعزز التوجه المطالب بالانتقام عبر رد إيراني. وفي أعقاب المواقف التي أظهرها المرشد الإيراني علي خامنئي، ورئيس البرلمان، الجنرال محمد باقر قاليباف، التي تعكس روح الانتقام وحتمية الرد على الهجوم الإسرائيلي، عقد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، اجتماعاً لقادة الأجهزة الأمنية، بحضور وزير الدفاع، يوآف غالانت، ومستشار الأمن القومي، تساحي هنغبي.

وتداول المجتمعون خلال هذا الاجتماع حول هذه المسألة والسيناريوهات المحتملة لرد الفعل الإيراني. وتوصلوا إلى استنتاج مفاده أن القيادة الإيرانية لم تتخذ بعد قراراً بشأن كيفية الرد، وأنها لا تزال تراقب ردود الفعل المحتملة، سواء في حال ردت أو لم ترد.

تقييم استخباراتي

وفقاً لتسريبات للإعلام، ترى شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي (أمان) أن «الضربة للأهداف العسكرية كانت قاسية للغاية في نتائجها، لكنها تركت لطهران مجالاً للإعلان عن فشل إسرائيل». وأشارت التقارير إلى «نشوب خلافات بين تيارين في إيران: التيار المتشدد الذي يطالب بالرد الفوري، والتيار البراغماتي الذي يدعو لامتصاص الضربة والمضي قدماً في تنفيذ المشاريع الأمنية الكبرى».

وأضافت التقارير أن «الناطقين باسم التيار المتشدد، بمن فيهم خامنئي وقاليباف، الذين تحدثوا عن حتمية الرد، قد لا يقصدون بالضرورة شن هجوم مباشر. وربما يشيرون إلى تنفيذ عمليات إرهابية، أو تفعيل الجماعات المسلحة في العراق واليمن، مثل الحوثيين، أو إطلاق صواريخ ثقيلة من قبل (حزب الله)، أو حتى تحقيق حلمهم بتنفيذ اغتيالات تستهدف شخصيات إسرائيلية».

وأكد ممثلو «أمان» أن «طهران تضم معسكرين مستعدين للصراع: معسكر المتشددين الذين يطالبون برد مباشر وفوري وتسريع العمل على البرنامج النووي، في مقابل الرئيس البراغماتي وحكومته الذين يقترحون اتباع أساليب أخرى». وأشاروا إلى أن «المرشد الإيراني علي خامنئي سيكون في موقف وسطي بين الطرفين. ومع استمرار انتظار رفع مستوى الدفاع الجوي الإيراني من قبل روسيا، تظل المخاطر التي تواجه إيران كبيرة. لذلك، قد يميل خامنئي إلى ضمان تعهد بالتحرك في المستقبل، بينما يسعى لاحتواء الموقف في الوقت الحالي. ولكن كل الاحتمالات لا تزال مفتوحة».

ورغم ذلك، تقرر في إسرائيل مواصلة الرصد والمتابعة حتى تتضح الصورة بشكل أكبر، مع التركيز على الأهداف التي قد تختار إيران ضربها في حال قررت الرد، وتحديد طبيعة هذا الرد «هل سيكون رداً رمزياً لإغلاق الملف أم رداً جدياً قد يؤدي إلى فتح جولة جديدة من الحرب». وفي الوقت نفسه، حرص رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت على إطلاق تحذير، مؤكدين أن إسرائيل سترد على أي هجوم إيراني بشكل أشد بكثير من الضربات السابقة.