الكونغرس يعمق التحقيقات بملف روبرت مالي ومراجعة السياسات مع إيران

نواب من الحزبين يدعون لمعاقبة طهران

أريان طباطبائي تجلس خلف روب مالي في أحد لقاءاته مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في صيف 2021 (الوكالة الدولية)
أريان طباطبائي تجلس خلف روب مالي في أحد لقاءاته مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في صيف 2021 (الوكالة الدولية)
TT

الكونغرس يعمق التحقيقات بملف روبرت مالي ومراجعة السياسات مع إيران

أريان طباطبائي تجلس خلف روب مالي في أحد لقاءاته مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في صيف 2021 (الوكالة الدولية)
أريان طباطبائي تجلس خلف روب مالي في أحد لقاءاته مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في صيف 2021 (الوكالة الدولية)

تستعد لجنة الرقابة بمجلس النواب الأميركي، التي يسيطر عليها الجمهوريون، لاستدعاء وثائق وزارة الخارجية، واستدعاء المبعوث الخاص لإدارة جو بايدن إلى إيران، روبرت مالي، الموقوف عن العمل شاهداً، بوصف ذلك جزءاً من مراجعة واسعة النطاق للسياسة الأميركية تجاه طهران، وذلك بالتزامن مع توجيه نواب من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، رسالة إلى إدارة بايدن، تدعو البيت الأبيض إلى «معاقبة» إيران بسبب الحرب في غزة.

لماذا سحب تصريح مالي؟

وتعتقد لجنة الرقابة أن إدارة بايدن عاقت الجهود المتكررة التي بذلها الكونغرس لمعرفة الأسباب التي تقف وراء إلغاء التصريح الأمني لمالي في أبريل (نيسان) الماضي، قبل شهرين من منحه إجازة غير مدفوعة الأجر.

ويقول المسؤولون الأميركيون إن مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) يحقق مع مالي بشأن سوء التعامل المزعوم مع معلومات سرية.

ونقل موقع «سيمافور» عن مسؤولين قولهم إن المخاوف بشأن سياسة إدارة بايدن تجاه إيران ازدادت في أعقاب الهجوم الأخير لحركة «حماس» التي تسلحها وتمولها إيران على إسرائيل.

وقال أحد كبار المساعدين عن رحيل مالي ودوره في تشكيل السياسة الشاملة تجاه إيران: «ما حقيقة الأمر؟ هذا ما نحاول فهمه. لدى اللجنة عدد قليل من الأدوات المختلفة التي يمكن من خلالها توفير نقاط الضغط هذه».

وتسعى اللجنة أيضاً للحصول على توضيح بشأن التصريح الأمني ​​المقدم في عام 2021 لأريان طباطبائي، المسؤولة في البنتاغون، التي عملت في البداية مع فريق مالي التفاوضي. وكان موقع «سيمافور» قد نشر تقريراً الشهر الماضي، وثّق فيه مشاركة طباطبائي في برنامج تدعمه الحكومة الإيرانية، يسمى «مبادرة خبراء إيران»، والذي استخدمته طهران لمحاولة الترويج لوجهات نظرها بشأن المفاوضات النووية في العواصم الغربية منذ عام 2014. وقال مساعدون في لجنة الرقابة إنه يمكنهم أيضاً استدعاء طباطبائي بوصفه جزءاً من تحقيقهم، وقد أُعْلِنَ عنه يوم الأربعاء الماضي في رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن.

وجهة نظر إدارة بايدن

ورفض متحدث باسم وزارة الخارجية «التعليق على مراسلات الكونغرس» في مسألة تتعلق بالسياسة. وقال المتحدث إن مالي لا يزال في إجازة، ولن تعلق إدارة بايدن أكثر من ذلك لاعتبارات الخصوصية.

ولا يزال وضع طباطبائي أيضاً غير مؤكد، حيث أبلغ البنتاغون أعضاء الكونغرس الأسبوع الماضي في رسالة أن توظيفها الأولي وحصولها على تصريح قد نُفِّذ وفقاً «لجميع القوانين والسياسات المناسبة»، لكن وزارة الدفاع أشارت إلى أن منصب طباطبائي وتصريحها الأمني ​​يخضعان لتدقيق جديد. وكتب البنتاغون أن عملية وكالة الأمن ومكافحة التجسس الدفاعية «تتضمن مراجعة منتظمة لخلفية الفرد، لضمان استمراره في تلبية متطلبات التصريح الأمني، ​​وقد يستمر في شغل مناصب الثقة».

ويظل وضع مالي واحداً من الألغاز في السياسات الدولية، كما أن تركيز الكونغرس على أنشطته وأنشطة طباطبائي، لم يزدد إلا عقب هجوم «حماس» على إسرائيل.

لكن يبدو أنه من غير المرجح أن يظهر أي وضوح قريباً. وتريد لجنة الرقابة بمجلس النواب أيضاً فهم دور مالي في التفاوض على اتفاق جرى التوصل إليه الشهر الماضي للإفراج عن 6 مليارات دولار من عائدات النفط الإيرانية المجمدة لطهران. وكانت الصفقة جزءاً من اتفاقية أوسع لتبادل الأسرى تضمنت مقايضة 5 سجناء أميركيين بـ 5 سجناء إيرانيين، لكن إدارة بايدن أشارت الأسبوع الماضي إلى أنها ستعيد تجميد الأموال بسبب دعم إيران «حماس».

ويسعى الكونغرس أيضاً للحصول على مزيد من المعلومات حول «مبادرة خبراء إيران»، والدور الذي لعبته طباطبائي وأعضاء آخرون في البرنامج في تشكيل السياسة الأميركية تجاه إيران. وقد أيد مالي وطباطبائي بقوة التعامل مع النظام الإيراني، وأعربا عن شكوكهما، في كتاباتهما وظهورهما العلني، في أن العقوبات المالية والضغوط العسكرية يمكن أن تغيرا حسابات طهران وأنشطتها.

ضغوط لمعاقبة إيران

ومن جهة أخرى، يواجه الرئيس بايدن ضغوطاً كبيرة من المشرعين في كلا الحزبين لمعاقبة إيران، على خلفية هجوم «حماس» على إسرائيل، حيث تحاول الإدارة دعم إسرائيل دون توسيع الصراع في الشرق الأوسط.

وأرسل النائبان جوش غوتهايمر الديمقراطي، ودون بيكون الجمهوري، رسالة إلى البيت الأبيض، وقّعها أكثر من 110 مشرعين، يطالبون فيها بفرض عقوبات مالية أكثر صرامة على إيران، مشيرين إلى علاقاتها مع «حماس». وبدعم من أكثر من 60 عضواً ديمقراطياً في مجلس النواب، قالت الرسالة إن الإدارة يجب أن تمنع مبيعات النفط الإيراني إلى دول أخرى مثل الصين، بهدف تجفيف أحد مصادر التمويل الرئيسية للنظام.

وحتى الآن، لم يتبنَّ البيت الأبيض هذا النهج، رغم أن موقفه قد يتغير بسرعة، غير أن أي تحرك دراماتيكي ضد إيران يخاطر بتكثيف الصراع الإقليمي الذي تريد إدارة بايدن تهدئته قدر الإمكان، وقد يؤدي تقييد مبيعات النفط الإيراني إلى ارتفاع الأسعار العالمية قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل.

ويتوقف الرد الأميركي على ما تستنتجه وكالات الاستخبارات الأميركية في نهاية المطاف حول دور إيران في هجوم «حماس».

وكان مسؤولون أميركيون قد أكدوا أن إيران تدعم «حماس» مالياً وبالسلاح والتدريب، لكنهم لم يقدموا أي دليل يربطها مباشرة بالهجوم. هذا ومن المتوقع أن يطلع مجلس الشيوخ، الأربعاء، على تقييم إدارة بايدن للحرب المندلعة في غزة، في جلسة يحضرها كبار المسؤولين في الإدارة.


مقالات ذات صلة

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

شؤون إقليمية صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

تعتزم إيران إجراء محادثات نووية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني) في جنيف.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

احتجت إيران، الحليف الوثيق لموسكو، لدى السلطات الروسية بعد عملية توقيف «عنيفة» لطالبَين إيرانيين في مدينة قازان الروسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

إيران ستستخدم أجهزة طرد مركزي متقدمة رداً على قرار «الطاقة الذرية» ضدها

قالت إيران إنها ستتخذ إجراءات عدة من بينها استخدام أجهزة طرد مركزي متقدمة، رداً على القرار الذي اتخذته «الوكالة الدولية للطاقة» الذرية مساء الخميس ضدها.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصدر قراراً ضد إيران

اعتمد مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس قراراً ينتقد رسمياً إيران بسبب عدم تعاونها بما يكفي فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

نتنياهو «ينتقم» من ماكرون في لبنان

صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو «ينتقم» من ماكرون في لبنان

صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن الموقف الإسرائيلي الرافض لمشاركة فرنسا في لجنة المراقبة على تنفيذ اتفاق الهدنة المتبلور مع لبنان، يعود إلى سلسلة ممارسات فرنسية أزعجت إسرائيل في الآونة الأخيرة، وفي مقدمتها انضمام القاضي الفرنسي في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي إلى بقية القضاة ليصدروا بالإجماع قرارهم إصدار مذكرة اعتقال ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

وقالت هذه المصادر إن الحكومة الإسرائيلية تتابع بقلق الدور الفرنسي في محكمة لاهاي. وتشير إلى قيام المحامي الفرنسي المخضرم جيل ديفرز بقيادة فريق من 300 محامٍ دولي من مختلف الجنسيات تطوعوا لتقديم التماس إلى المحكمة الجنائية الدولية يتهم إسرائيل بـ«ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية»، ثم جاء قرار المحكمة قبول طلب المدعي العام بإصدار مذكرة الاعتقال.

وبحسب صحيفة «معاريف»، فإنهم «في إسرائيل يقدرون أن القاضي الفرنسي في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي الذي وقّع على أمر الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت، ما كان ليتجرأ على فعل ذلك دون أن يكون تلقى ضوءاً أخضر وإسناداً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنفسه».

وتضيف المصادر الإسرائيلية أسباباً أخرى للغضب على فرنسا، مثل قرار الحكومة الفرنسية إقصاء الصناعات الأمنية الإسرائيلية عن المشاركة في معارض السلاح الفرنسية، في مطلع الشهر الجاري.

نتنياهو وماكرون (رويترز)

ومع أن فرنسا كانت قد وقفت إلى جانب إسرائيل في مواجهة هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وساندتها بقوة في الحرب الانتقامية على قطاع غزة، واستجابت لطلب إسرائيل وامتنعت حتى الآن عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية؛ فإن الحكومة الإسرائيلية لا تكتفي. وتريد لفرنسا أن تسلك طريق الولايات المتحدة وتقدم دعماً أعمى لها في حربها. وهي تشعر بثقة غير عادية بالنفس، أن «تعاقب» فرنسا، فتقرر ألا تسمح لها بالمشاركة في التسوية في لبنان، مع العلم أن الحكومة الإسرائيلية نفسها كانت قد توجهت عدة مرات إلى باريس تتوسل تدخلها، خصوصاً خلال الحرب على لبنان.

حوار هامس بين ماكرون وميقاتي اللذين تجمعهما علاقة قوية (إ.ب.أ)

يُذكر أن الإسرائيليين ما زالوا ينظرون بتفاؤل إلى جهود المبعوث الأميركي عاموس هوكستين، لوقف النار في لبنان. وينتظرون قراراً من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يحسم فيه موقفه النهائي. فهو ما زال يدير محادثات مع رفاقه وحلفائه في اليمين المتطرف الرافضين للاتفاق والذين يطالبون بألا يسمح بعودة المواطنين اللبنانيين إلى قراهم على الحدود مع إسرائيل، وتحويل الحزام الأمني إلى منطقة خالية من السكان إلى الأبد وزرعها بالألغام.

محادثات هوكستين

ومع ذلك، فإن مصادر سياسية ادعت أن ما يعوق الاتفاق حتى الآن هو لبنان. ووفقاً لما نقلته «القناة 12» الإسرائيلية، فإن هوكستين أبدى «موقفاً حازماً وغير متهاون» خلال محادثاته مع الجانب اللبناني؛ إذ قدّم شروطاً واضحة نُقلت إلى «حزب الله»، وهو ما قالت القناة إنه «أدى إلى إحراز تقدم ملحوظ» في المحادثات.

وتوقعت جهات إسرائيلية أن يتم التوصل إلى اتفاق خلال أيام. وأفادت القناة بأن هوكستين قال في محادثات مغلقة مع مسؤولين إسرائيليين، خلال زيارته الأخيرة إلى تل أبيب التي وصل إليها قادماً من بيروت بعد محادثات مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي: «وضعت أمامهم (في إشارة إلى المسؤولين اللبنانيين) إنذاراً نهائياً، ويبدو أنه كان فعّالاً».

عقبة إيران

لكن القناة أكدت أنه على الرغم من «الأجواء الإيجابية»، فإن مصادر دبلوماسية وصفتها بـ«المطلعة»، تشير إلى «عقبة رئيسة ما زالت قائمة»، وهي أن «لبنان لم يحصل بعدُ على الموافقة النهائية المطلوبة من إيران التي تملك نفوذاً كبيراً على (حزب الله)».

وضمن التطورات الأخيرة، زار قائد القيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم) الجنرال مايكل كوريلا، إسرائيل، الجمعة، وعقد اجتماعاً مع رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي. وناقش الطرفان تفاصيل آلية رقابة أميركية على أنشطة الجيش اللبناني.

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي من لقاء كوريلا وهليفي في تل أبيب

ووفقاً لمسودة الاتفاق الجاري إعدادها، سيتعين على الجيش اللبناني تنفيذ عملية شاملة لإزالة الأسلحة من قرى جنوب لبنان، على أن تتولى قوات تابعة للقيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم)، مهمة «الإشراف على تنفيذ العملية ومراقبتها». وفي الوقت الذي تسير فيه المحادثات الدبلوماسية، يستمر الجيش الإسرائيلي في ممارسة ضغوط عسكرية عبر تكثيف الغارات الجوية ومحاولة توسيع عملياته البرية في إطار توغل قواته جنوب لبنان، كما أصدر هليفي تعليماته بمواصلة إعداد خطط عملياتية شاملة.

سيناريوهات

وقالت «القناة 12» إن ذلك يأتي في ظل الاستعدادات الإسرائيلية لإمكانية «انهيار المفاوضات أو خرق الاتفاق من جانب (حزب الله)». وأفادت بأن الجانب الإسرائيلي يرى أن «هذه السيناريوهات قد تستدعي تنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي اللبنانية». وذكرت القناة أن «إحدى القضايا التي لا تزال بحاجة إلى حلّ، هي تشكيل اللجنة التي تشرف على تنفيذ الاتفاق بين إسرائيل ولبنان»، مشيرة إلى أن تل أبيب «تصرّ على ألّا تكون فرنسا جزءاً من الاتفاق، ولا جزءاً من اللجنة التي ستشرف على تنفيذه».