خامنئي يحمّل أميركا مسؤولية قصف غزة ويحذر إسرائيل

قال إن أحداً لن يوقف «قوى المقاومة» إذا واصلت تل أبيب هجومها

صورة للمرشد الإيراني علي خامنئي من كلمة أمام مجموعة من الطلاب في طهران الثلاثاء
صورة للمرشد الإيراني علي خامنئي من كلمة أمام مجموعة من الطلاب في طهران الثلاثاء
TT

خامنئي يحمّل أميركا مسؤولية قصف غزة ويحذر إسرائيل

صورة للمرشد الإيراني علي خامنئي من كلمة أمام مجموعة من الطلاب في طهران الثلاثاء
صورة للمرشد الإيراني علي خامنئي من كلمة أمام مجموعة من الطلاب في طهران الثلاثاء

حمّل المرشد الإيراني علي خامنئي الولايات المتحدة مسؤولية القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، وقال إن «الإبادة الجماعية» يجب أن تتوقف «فوراً»، وذلك بعدما لوّح وزير خارجية إيران بإجراءات استباقية في غضون ساعات، إذا ما استمرت الهجمات الإسرائيلية.

وقال خامنئي لمجموعة من الطلاب في طهران إنه «إذا ما استمرت جرائم الكيان الصهيوني، فإن المسلمين سيضيقون ذرعاً، ولن تطيق قوى المقاومة ذلك، ولن يتمكن أحد من أن يوقفهم» وأضاف: «فليعلم هذا أولئك الذين يريدون من إيران منع بعض قوى المقاومة، ويجب ألّا يتوقّعوا ذلك»، متابعاً: «لن يتمكن أحد من أن يوقفهم... هذه حقيقة قائمة»، وفق ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

وموقف خامنئي، صاحب الكلمة الفصل في المؤسسة الحاكمة بطهران، هو الأحدث في سلسلة تحذيرات أطلقتها إيران خلال الأيام الماضية، أشارت فيها إلى إمكان توسع النزاع في حال لم توقف إسرائيل هجماتها على قطاع غزة المحاصر.

ومنذ عملية «حماس»، توجهت الأنظار إلى طهران التي تربطها علاقة وثيقة بالحركة ضمن ما يعرف بـ«محور المقاومة» الذي تقوده إيران، ويضم الكثير من الفصائل والتنظيمات الإقليمية التي يرعاها «الحرس الثوري» الإيراني.

وألقى خامنئي باللوم على «الدور الأميركي الملموس في اتخاذ القرار للإجراءات الصهيونية هذه الأيام»، وقال: «وفقاً لمعلوماتنا المتعددة، من يتخذ القرار وينسق سياسة إسرائيل هذه الأيام، هي الولايات المتحدة، وأميركا مسؤولة في هذه القضية، ويجب أن تعرف مسؤوليتها».

وأضاف خامنئي وسط هتافات: «الموت لإسرائيل» أن «العالم يشهد إبادة جماعية من النظام الصهيوني للفلسطينيين في غزة»، وأشار إلى أن المسؤولين الإيرانيين تلقوا احتجاجات من بعض الدول في الاتصالات التي جرت مفادها: «لماذا قَتَلَ الفلسطينيون المدنيين (الإسرائيليين)؟». وأجاب خامنئي بأن ذلك «يخالف الواقع؛ لأن سكان المستوطنات ليسوا مدنيين ويحملون السلاح، وحتى لو افترضنا أنهم مدنيون، كم قتل منهم». وبذلك قارن بين القتلى المدنيين بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.

وقال خامنئي: «يجب أن نرد... على ما يحدث في غزة»، مضيفاً أنه تجب محاكمة المسؤولين الإسرائيليين على «جرائمهم بحق الفلسطينيين في غزة».

جاءت تصريحات خامنئي غداة تحذيرات شديدة اللهجة وجّهها وزير خارجية إيران، حسين أمير عبداللهيان إلى إسرائيل، ملوحاً بإجراءات «استباقية»، ومع ذلك، تحدث عن جهود إقليمية لمنع اتساع نطاق الحرب.

وقدم عبداللهيان رواية من التطورات في غزة، ومطالب إيران وحلفائها الذين تسميهم بـ«محور المقاومة» خلال مقابلة تلفزيونية مطولة مساء الاثنين، إذ كرر الإشادة بهجمات «حماس» على إسرائيل، لكنه نفى وقوف طهران خلف العمليات العسكرية، متحدثاً عن تلقيه رسالة غربية، نقلها نظيره الآيرلندي في اتصال هاتفي مساء الاثنين.

وقال: «تحدثت إلى وزير الخارجية الآيرلندي، وكان يحمل رسالة من الغرب، لقد قلت له على الغربيين أن يكونوا منصفين في التصرف، نحن لا نصدر الأوامر لقوى المقاومة، إنهم يتخذون قرارهم مباشرة». وأكد في المحادثة الهاتفية أن «فتح جبهات جديدة أمر لا مفر منه، إذا لم توقَف جرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الصهيوني»، وخاطب الأميركيين قائلاً: «لا يمكنكم أن تطلبوا ضبط النفس من (حزب الله) وقوى المقاومة، وبعد ذلك تسمحون لنتنياهو بارتكاب الجرائم».

عبداللهيان يتحدث أمام أعضاء كتلة «الثورة» في البرلمان الإيراني الثلاثاء (الخارجية الإيرانية)

وقال عبداللهيان: «كل الخيارات مفتوحة، ولا يمكننا أن نكون غير مبالين بجرائم الحرب ضد سكان غزة... محور المقاومة قادر على شن حرب طويلة الأمد مع العدو». وأضاف: «قادة المقاومة لن يسمحوا للنظام الصهيوني بالقيام بأي عمل في غزة... كل الخيارات مطروحة، ولا يمكن أن نكون غير مبالين بجرائم الحرب التي تُرتكب ضد شعب غزة».

في جزء من تصريحاته، أكد عبداللهيان أن «قادة المقاومة» أبلغوا بلاده استعدادهم للتفريق بين الأسرى العسكريين وغير العسكريين، إذا تغيرت الأوضاع الحالية.

ونبه عبداللهيان إلى أن «المقاومة ليس المقصود منها (حزب الله) فقط، إنما نشهد أنشطة مجاميع مختلفة في المنطقة، والطرف الآخر يعلم أن اتساع الحرب لا يأتي بمشهد جديد فحسب، بل سيؤدي إلى تغيير الخريطة الجغرافية للكيان الصهيوني. لن نسمح لهم بفعل ما يريدونه في غزة، والتفرغ لجبهات أخرى للمقاومة».

وفي معرض إشارته للقاء جمعه بالأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، تحدث عبداللهيان عن «سيناريوهات» و«خيارات» على طاولة «حزب الله»، وقال: «إن بعض وسائل الإعلام وشبكات التواصل تحاول الإيحاء بأن لبنان يواجه مشكلات مالية وأنه غير قادر على الدخول في حرب».

وأشار عبداللهيان إلى محادثات جرت بينه وبين قيادي خلال جولته الأخيرة، موضحاً أن الأخير كان يتلقى المعلومات عن التطورات الميدانية مكتوبة على أوراق، بينما كان حوارهم متواصلاً، وأضاف أن إحدى الأوراق كتب فيها أن «إسرائيل قصفت مستشفى خاصاً بالأطفال بقنابل فوسفورية، وقتلت جميع الأطفال».

وأكمل عبداللهيان أن «إيران إذا لم تدافع عن غزة اليوم، فعلينا أن نواجه قصف مستشفيات الأطفال بالقنابل الفسفورية في طهران»، مستشهداً بتعبير مماثل لأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، يقول فيه: «ولكن إذا لم نتخذ إجراءً وقائياً إذا لزم الأمر، فعلينا غداً أن نحارب الكيان الصهيوني في بيروت».

وتعيد هذه العبارات للأذهان العبارة التي استخدمها مسؤول العمليات الخارجية السابق في «الحرس الثوري» قاسم سليماني، خلال دفاعه بخصوص إرسال قوات إلى سوريا، وقال فيها: «إذا لم نحارب (داعش) في سوريا، فعلينا أن نحاربه في شوارع طهران».

وكان عبداللهيان يخاطب الشارع الإيراني عبر التلفزيون الرسمي، في محاولة لطمأنة المواطنين، وسط مخاوف من أن تشتعل حرب مباشرة بين إيران وإسرائيل بعد التصعيد الذي شهدته المنطقة خلال الأيام الأخيرة.

وسئل: هل يطمئن الإيرانيون؟ فأجاب مبتسماً: «كل جهودنا لضمان أمننا الوطني والإقليمي، وجميع الإجراءات تُتخذ في هذا الإطار».

وقبل المقابلة التلفزيونية بساعات، كان عبداللهيان قد حذّر من أنّ الوقت ينفد «لإيجاد حلول سياسية» قبل أن يصبح «اتّساع» نطاق الحرب بين إسرائيل و«حماس» «حتمياً».
كما حذّر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في اتصال مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، من أنّ «هجوماً برياً» للجيش الإسرائيلي على غزة «سيؤدّي إلى حرب طويلة ومتعدّدة الجبهات»، وفق رسالة نشرها مستشاره السياسي محمد جمشيدي.

طلب أوروبي

من جهته، حض مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل (الاثنين) إيران على استخدام نفوذها لتجنب «التصعيد الإقليمي».

وذكر بوريل عبر حسابه على منصة «إكس» (تويتر سابقاً) أنه تحدث إلى عبداللهيان بشأن الوضع في غزة، مؤكداً أن «موقف الاتحاد الأوروبي واضح بشأن إدانة الإرهاب وحماية المدنيين في جميع الأوقات». وتابع: «من مصلحة الجميع الحيلولة دون اتساع الصراع إقليمياً. حضضت إيران على استخدام نفوذها من أجل تجنب التصعيد الإقليمي» وفق ترجمة «وكالة أنباء العالم العربي».

وأكدت الخارجية الإيرانية أن عبداللهيان تواصل هاتفياً مع بوريل بشأن أوضاع غزة. ورأى المسؤول الإيراني أن «السياسات الأميركية غير البنّاءة، وتشجيع واشنطن الكيان الصهيوني على تنفيذ المزيد من الهجمات ضد المدنيين في غزة عامل مهم في استمرار الحرب وتوسيع نطاقها»، وفق ما أوردت وكالة «إرنا» الرسمية.

 

وفي وقت لاحق، الثلاثاء، شرح عبداللهيان نتائج جولته الإقليمية الأخيرة في جلسة مغلقة لكتلة «الثورة» البرلمانية التي تضم غالبية أعضاء البرلمان المحافظين.

وشملت جولة عبداللهيان العراق وسوريا وقطر، إضافة إلى لبنان؛ حيث التقى قادة فصائل حليفة أبرزهم الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله.

وقال المتحدث باسم الكتلة، أبو الفضل عمويي في تصريحات صحافية إن عبداللهيان قال للنواب إن «تيار المقاومة في كل المنطقة وضع كل السيناريوهات الممكنة على جدول أعماله».

وأضاف النائب نقلاً عن عبداللهيان أن «داعمي إسرائيل قلقون بشدة اليوم من احتمال اتساع الحرب». وبناءً على شهادة عبداللهيان، زاد النائب أن «عملية (طوفان الأقصى) نُفِّذت بتصميم وتخطيط دقيق ومحدد مسبقاً، وحققت جميع الأهداف».


مقالات ذات صلة

مقتل 9 أشخاص في إيران بحادث اصطدام حافلة بشاحنة وقود

شؤون إقليمية عمال إنقاذ ورجال شرطة في موقع حادث حافلة مميت في إيران 21 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

مقتل 9 أشخاص في إيران بحادث اصطدام حافلة بشاحنة وقود

قُتل تسعة أشخاص على الأقل، اليوم (الاثنين)، بحادث اصطدام حافلة بشاحنة وقود في جنوب شرقي إيران، وهو ثاني حادث يسفر عن قتلى وإصابات جماعية خلال أيام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية بزشكيان يجري مباحثات مع فيتالي سافيليف نائب رئيس الوزراء الروسي في طهران (الرئاسة الإيرانية)

طهران وموسكو توقعان اتفاقية شراكة شاملة الشهر المقبل

شدد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على ضرورة تسريع روسيا لاتفاق بين البلدين بشأن تنفيذ مشروع لسكك حديد يربط بين البلدين، ويمر عبر أراضي جمهورية أذربيجان.

«الشرق الأوسط» (طهران - موسكو)
المشرق العربي طفل سوري خلال احتفالات انتصار الثورة في إدلب أمس (إ.ب.أ)

إيران «ليس لديها اتصال مباشر» مع القيادة الجديدة في سوريا

أكدت إيران الاثنين أنه «ليس لديها اتصال مباشر» مع القيادة الجديدة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي من لقاء مع أنصاره اليوم

خامنئي: إيران لا تحتاج وكلاء في المنطقة

قال المرشد الإيراني علي خامنئي إنَّ إيران ليست بحاجة إلى قوات بالوكالة في المنطقة.

فاضل النشمي (غداد) «الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان يصل لحضور مؤتمر صحافي (أ.ب)

سوليفان: إيران قد تطور سلاحاً نووياً بعد انتكاسات إقليمية

تشعر إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالقلق من سعي إيران، التي اعتراها الضعف بعد انتكاسات إقليمية، إلى امتلاك سلاح نووي.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن)

خامنئي: إيران لا تحتاج وكلاء في المنطقة

صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي من لقاء مع أنصاره اليوم
صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي من لقاء مع أنصاره اليوم
TT

خامنئي: إيران لا تحتاج وكلاء في المنطقة

صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي من لقاء مع أنصاره اليوم
صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي من لقاء مع أنصاره اليوم

قال المرشد الإيراني علي خامنئي إنَّ إيران ليست بحاجة إلى قوات بالوكالة في المنطقة.

وأضاف أمام مجموعة من أنصاره أمس: «يتحدثون باستمرار عن أن الجمهورية الإسلامية فقدت قواتها الوكيلة في المنطقة، هذا ادعاء خاطئ آخر... إذا أردنا يوماً ما اتخاذ إجراء ضد العدو، فلن نحتاج وكلاء».

إلى ذلك، وفيما أعلنت كتائب «سيد الشهداء»، أحد الفصائل العراقية المنضوية في «محور المقاومة»، وقف عملياتها ضد إسرائيل في ظل تلويح الأخيرة بضربات في العراق، رفض تحالف «الفتح» الذي يقوده هادي العامري، وينضوي تحت مظلة قوى «الإطار التنسيقي»، حل «الحشد الشعبي».