تركيا ترفض قراراً للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا بالإفراج عن كافالا

الناشط التركي المسجون عثمان كافالا (أرشيفية - د.ب.أ)
الناشط التركي المسجون عثمان كافالا (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

تركيا ترفض قراراً للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا بالإفراج عن كافالا

الناشط التركي المسجون عثمان كافالا (أرشيفية - د.ب.أ)
الناشط التركي المسجون عثمان كافالا (أرشيفية - د.ب.أ)

رفضت تركيا قراراً صدّقت عليه الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، يطالبها بالإفراج الفوري عن الناشط المدني البارز رجل الأعمال عثمان كافالا المحكوم بالسجن مدى الحياة، لإدانته باتهامات تتعلق باحتجاجات «غيزي بارك» في إسطنبول عام 2013، التي عدّها رئيس الوزراء في ذلك الوقت الرئيس التركي الحالي رجب طيب إردوغان، محاولة للانقلاب عليه.

ووصفت وزارة الخارجية التركية قرار الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، الذي تم التصويت والمصادقة عليه، الخميس، بـ«الخطأ التاريخي». وقالت، في بيان، الجمعة: «الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا ارتكبت خطأ تاريخياً باعتماد التوصية والقرار بشأن تركيا في 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

وأضاف البيان: «من خلال هذه المبادرة، تقوم الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا باستغلال العمليات القضائية في السياسة وتحاول إغلاق قنوات الحوار. وهذا يتعارض مع القيم الديمقراطية التي تشكل سبب وجود الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا».

ولفت البيان إلى مكانة تركيا، بوصفها عضواً مؤسساً في مجلس أوروبا، وعبّر عن أسفها لأن الجمعية البرلمانية للمجلس «انحرفت بعيداً جداً عن أهدافها وقيمها»، مضيفاً أن «تهور الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا وعدم تحليها بالمسؤولية، سيجلبان العار على المجلس في المستقبل».

عقوبات منتظرة

وبعد قرار الجمعية البرلمانية بالإفراج الفوري عن كافالا، قد تواجه تركيا عقوبات، إذا لم تلتزم بالقرار حتى حلول الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل، في مقدمتها أن الوفد التركي لن يتمكن من التصويت في الجمعية.

كما سيتم تطبيق «قانون ماغنيتسكي» على الموظفين العموميين الذين تسببوا في إقامة كافالا بشكل غير قانوني في السجن منذ عام 2017 حتى الآن، بسبب مسؤوليتهم الشخصية عن ذلك.

ويعني هذا أن ضباط الشرطة والسجون ومدعي العموم والقضاة، الذين تسببوا في حرمان كافالا، بشكل غير قانوني وتعسفي، من حريته سيواجهون المحاكمة في الدول الأوروبية بسبب أفعالهم.

و«قانون ماغنيتسكي» هو تشريع أميركي يلزم رئيس الولايات المتحدة بفتح تحقيق، بعد تلقيه طلباً من أعضاء في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، إذا ما كان أجنبي مسؤولاً عن جريمة قتل أو تعذيب أو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان المعترف بها دولياً.

وأقر الكونغرس، في ديسمبر (كانون الأول) 2016، النسخة الدولية من القانون، لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان على النطاق العالمي.

الناشط التركي المسجون عثمان كافالا (أرشيفية - د.ب.أ)

واعتُقل كافالا عام 2017 بتهمة تمويله مظاهرات صغيرة في إسطنبول في مايو (أيار) 2013 للاعتراض على اقتطاع جزء من حديقة «غيزي» التاريخية في إسطنبول، سرعان ما تحوّلت إلى أعمال شغب على مستوى البلاد أسفرت عن مقتل 8 متظاهرين وضابط شرطة، وعدّها إردوغان، الذي كان رئيساً للوزراء في ذلك الوقت، محاولة للانقلاب على حكومته.

وتمت تبرئة كافالا (66 عاماً) من جميع التهم في فبراير (شباط) 2020، لكن أعيد القبض عليه بعد ساعات وتم تغيير التهمة إلى الضلوع في محاولة الانقلاب الفاشلة ضد الرئيس إردوغان في 15 يوليو (تموز) 2016، التي نُسبت إلى حليفه السابق الداعية فتح الله غولن، وحركة «الخدمة» التابعة له، التي صُنفت لاحقاً من جانب السلطات تنظيماً إرهابياً باسم «منظمة فتح الله غولن الإرهابية». وألغت محكمة الاستئناف حكم البراءة في يناير من عام 2021 وقررت إعادة النظر في القضية.

وأصدرت محكمة الاستئناف التركية قراراً بالسجن مدى الحياة بحق كافالا في أبريل (نيسان) 2022، وأيدت محكمة النقض الحكم، الشهر الماضي.

ومنحت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا كافالا، الاثنين الماضي، جائزة «فاتسلاف هافيل لحقوق الإنسان» لعام 2023، ما أثار غضب تركيا.

وأثارت قضية كافالا خلافات شديدة بين تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إذ ينظر الغرب إليها على أنها «مسيّسة»، كما عُدّ من جانب الغرب رمزاً للقمع الذي مارسته السلطات التركية ضد معارضي الرئيس إردوغان بعد محاولة الانقلاب الفاشلة.

وتسببت القضية في توتر العلاقات بين تركيا والغرب إلى حد نشر سفراء 10 دول غربية، بينها الولايات المتحدة، في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، بياناً مشتركاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، طالبوا فيه تركيا بالإفراج عن كافالا، وهدّد إردوغان بطردهم.


مقالات ذات صلة

السلطات الإيرانية تعدم سجيناً سياسياً كردياً بعد 15 عاماً على اعتقاله

شؤون إقليمية شعار «لا للإعدام في إيران» على برج إيفيل في باريس (أ.ف.ب)

السلطات الإيرانية تعدم سجيناً سياسياً كردياً بعد 15 عاماً على اعتقاله

قالت مجموعات حقوقية إن السلطات الإيرانية نفذت الخميس حكم الإعدام بحق السجين السياسي الكردي كامران شيخه، بتهمة «الحرابة»، و«الإفساد في الأرض».

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا جانب من جلسات «الحوار الوطني» المصري لمناقشة قضية «الحبس الاحتياطي»

معارضون مصريون يطالبون بـ«عفو رئاسي» واسع للنشطاء في السجون

استغل معارضون مصريون، مناقشة «الحوار الوطني» المصري مقترحات تتعلق بتقليص مدة «الحبس الاحتياطي» في السجون، بطلب توسيع نطاق «العفو الرئاسي» عن السجناء.

عصام فضل (القاهرة)
شمال افريقيا مخيم للسودانيين النازحين داخلياً من ولاية سنار في منطقة الهوري بمدينة القضارف شرق السودان في 14 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

تنديد أممي بـ«أنماط مقلقة» من الانتهاكات الجسيمة في السودان

قال محقّقون من الأمم المتحدة، الثلاثاء، إن أشخاصاً وقعوا ضحايا عنف الحرب الأهلية في السودان التقوهم في تشاد، وثّقوا «أنماطاً مقلقة» من الانتهاكات الجسيمة.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
العالم العربي مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لقضية الحبس الاحتياطي الثلاثاء (الحوار الوطني)

سياسيون مصريون يقدمون مقترحات لتقليص «الحبس الاحتياطي»

قدم سياسيون وحقوقيون مصريون مقترحات لتحديد سقف زمني لـ«الحبس الاحتياطي» للمتهمين، وإيجاد بدائل له، وذلك خلال جلسة متخصصة عقدها «الحوار الوطني»، الثلاثاء.

أحمد إمبابي (القاهرة)
العالم العربي جانب من اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني المصري

«الحوار الوطني» المصري يبحث مقترحات لتخفيف «الحبس الاحتياطي»

يعتزم «الحوار الوطني» المصري، الذي يُعقد بمبادرة رئاسية، مناقشة قضية «الحبس الاحتياطي» داخل السجون، وذلك عبر جلسات متخصّصة، تتضمّن بحث تعويض السجناء.

عصام فضل (القاهرة)

غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)
تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)
TT

غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)
تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)

نفذت القوات التركية غارات جوية استهدفت مواقع لحزب «العمال» الكردستاني في مناطق شمال العراق، أسفرت عن تدمير 25 موقعاً، بينها نقاط تضم شخصيات قيادية.

وبحسب بيان لوزارة الدفاع التركية، فإن الغارات، التي نفذت ليل الجمعة – السبت، استهدفت إحباط هجمات «إرهابية» ولضمان أمن الحدود.

وأضافت الوزارة: «تم خلال تلك الغارات تدمير 25 هدفاً في كاره وقنديل وأسوس، بما في ذلك كهوف وملاجئ ومخازن ومنشآت يستخدمها (قادة إرهابيون)، وأسفرت عن مقتل عدد كبير من مسلحي (العمال) الكردستاني».

وتابعت الوزارة: «الحرب ضد الإرهاب ستستمر من أجل الحفاظ على أمن بلدنا وأمتنا بكل عزيمة وإصرار حتى يتم تحييد آخر إرهابي».

ولفت بيان الدفاع التركية إلى «اتخاذ جميع التدابير اللازمة خلال هذه العملية لضمان عدم تضرر الأبرياء، والعناصر الصديقة، والأصول التاريخية والثقافية، والبيئة».

تصعيد... ونقاط أمنية

وشهدت التحركات العسكرية التركية ضمن عملية «المخلب - القفل» المستمرة لأكثر من عامين في شمال العراق، تصعيداً منذ يونيو (حزيران) الماضي، ولا سيما في دهوك، إذ قامت القوات التركية المشاركة في العملية بنصب نقاط أمنية في مناطق عدة لملاحقة عناصر حزب «العمال»، إلى جانب قيامها بقصف بعض البلدات.

وبعد أن صرح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأن القوات التركية ستكمل الحزام الأمني في شمال العراق، خلال الصيف، كما حدث في شمال سوريا، قال مسؤول بوزارة الدفاع، الأسبوع الماضي، إن «القفل يغلق»، في إشارة إلى قرب انتهاء عملية «المخلب - القفل» التي انطلقت في أبريل (نيسان) 2022.

وأضاف المسؤول العسكري، في إفادة صحافية، أن القوات التركية تواصل عملياتها الموجهة ضد حزب «العمال» الكردستاني في شمال العراق بنجاح، وأن هذه العمليات تجري بتنسيق مع الحكومة العراقية وإدارة إقليم كردستان العراق.

ولفت إلى أن «الأعمال الفنية الخاصة بإنشاء مركز للعمليات المشتركة مع العراق ضد (العمال) الكردستاني مستمرة دون أي مشكلات».

جنديان تركيان أثناء مسح كهوف تابعة للعمال الكردستاني شمال العراق (الدفاع التركية)

شكاوى من العراق

وتصاعدت الشكاوى، في الفترة الأخيرة، من جانب بغداد من عمليات توغل عسكري تركية واسعة. وكلف رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، بالتنسيق مع سلطات إقليم كردستان لبحث تداعيات التوغل التركي المتكرر في شمال العراق.

وأكد وزير الخارجية، فؤاد حسين، أن بلاده لم تمنح تركيا ضوءاً أخضر للقيام بعمليات في إقليم كردستان، وأن الحكومة بحاجة إلى مزيد من النقاشات الأمنية مع الأتراك مع الإقرار بأن» العمال الكردستاني» مشكلة عراقية أيضاً.

وندد مجلس الأمن الوطني بالتوغل التركي لأكثر من 40 كيلومتراً داخل الأراضي العراقية.

لكن الرئيس، رجب طيب إردوغان، قال، لاحقاً، إن أنقرة ترحب بالخطوات التي تتخذها بغداد وأربيل لمكافحة «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي»، وتعتبرها جيدة لكن «غير كافية».

وأضاف أن وزارتي الدفاع وأجهزة الاستخبارات في كل من تركيا والعراق تتمتع بـ«علاقات تعاون جيدة».

وبشأن عملية «المخلب - القفل»، قال إردوغان: «بعد زيارتنا للعراق في أبريل الماضي، رأينا للمرة الأولى اتخاذ خطوات ملموسة للغاية على أرض الواقع في القتال ضد حزب (العمال) الكردستاني من جانب الإدارة العراقية».

وأضاف أن مجلس الأمن الوطني العراقي أعلن حزب «العمال» الكردستاني منظمة محظورة، والآن نرى انعكاسات ذلك على أرض الواقع، وبعد الزيارة، كان تعاون قواتنا الأمنية وإدارة أربيل أمراً يبعث على الارتياح، كما أننا نتعاون مع كل من وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات في العراق، ولدينا علاقة جيدة.