إيران تدعم «حماس» وسط تباين داخلي... وتنفي ضلوعها في «عملية الطوفان»

طهران لوَّحت بالرد على أي هجوم بعد تهديد أميركي

جدارية دعائية ضخمة مناهضة لإسرائيل معلقة على جدار في ساحة ولي العصر بطهران اليوم (إ.ب.أ)
جدارية دعائية ضخمة مناهضة لإسرائيل معلقة على جدار في ساحة ولي العصر بطهران اليوم (إ.ب.أ)
TT

إيران تدعم «حماس» وسط تباين داخلي... وتنفي ضلوعها في «عملية الطوفان»

جدارية دعائية ضخمة مناهضة لإسرائيل معلقة على جدار في ساحة ولي العصر بطهران اليوم (إ.ب.أ)
جدارية دعائية ضخمة مناهضة لإسرائيل معلقة على جدار في ساحة ولي العصر بطهران اليوم (إ.ب.أ)

وسط نفي إيران اتهامات بضلوعها في عملية «الطوفان»، جدد مسؤولون إيرانيون كبار تأييدهم لهجوم «حماس» على إسرائيل، وقال قيادي رفيع في «الحرس الثوري» إن وحدة القوات الخاصة المكلفة حماية طهران، مستعدة للقيام بعمليات خارجية، لكنّ نائباً متشدداً قال إن بلاده لا يمكنها المشاركة مباشرة في الحرب، وإنما تستخدم «قوى المقاومة» ضد إسرائيل.

وجاء النفي الإيراني على لسان مندوب إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك، قبل أن يكرر النفي المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني.

وحذر كنعاني من أن بلاده ستوجه على أي هجوم يطال منشآتها رداً «مدمراً»، وذلك بعدما دعا سيناتور جمهوري إلى استهداف منشآت نفطية إيرانية رداً على أي هجوم قد تتعرض له إسرائيل من «حزب الله».

وقال كنعاني: «على كل من يهدد الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن يدرك أن أي عمل أحمق سيقابل برد مدمر»، حسبما أوردت وكالة «رويترز».

وتابع أن الاتهامات «تستند إلى دوافع سياسية»، مضيفاً أن طهران لا تتدخل «في قرارات الدول الأخرى، بما فيها فلسطين»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

بدورها، نقلت وكالة «مهر» الحكومية، عن كنعاني قوله إن «مزاعم مشاركة إيران وحزب الله لا تقلل أبداً من شأن مساعدات الولايات المتحدة للكيان الصهيوني، ودعمها المباشر له». ووصف الاتهامات بأنها «مزاعم لتشويش الرأي العام وصرف الأنظار عن الدعم الأميركي المباشر للكيان الصهيوني وتبرير جرائم إسرائيل».

وقال كنعاني إن إيران دعت إلى عقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي بشأن التطورات الإقليمية.

وكانت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة قد وزعت بياناً يتحدث عن «دعم إيران الحازم لفلسطين»، لكنه في الوقت نفسه، قال: «إننا لم نشارك في الرد الفلسطيني، وإن هذا العمل فلسطيني حصراً».

وقالت بعثة إيران: «ندعم فلسطين على نحو لا يتزعزع، لكننا لا نشارك في الرد الفلسطيني، لأن فلسطين فقط هي التي تتولى ذلك بنفسها». وأشارت إلى أن «نجاح» عملية «حماس» كان بسبب المباغتة، وهو ما يمثل «أكبر فشل» للأجهزة الأمنية الإسرائيلية. وقالت: «إنهم (الإسرائيليون) يحاولون تبرير فشلهم ونسبه إلى القوة الاستخباراتية الإيرانية والتخطيط العملياتي». وأوردت «رويترز» عن بيان البعثة: «إنهم (الإسرائيليون) يجدون صعوبة بالغة في قبول ما يتردد في أجهزة المخابرات عن هزيمتهم على يد مجموعة فلسطينية».

وتحدّث الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي عبر الهاتف مع قادة حركتي «حماس» إسماعيل هينة، و«الجهاد الإسلامي» زياد النخالة، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي في طهران، الأحد.

وأدى الهجوم المباغت الذي شنته «حماس» على إسرائيل يوم السبت، والرد الإسرائيلي إلى مقتل أكثر من 1100، كما سلط الضوء على الحركة المدعومة من إيران.

وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن ضباطاً كباراً في «الحرس الثوري» شاركوا في التخطيط لهجوم حركة «حماس» منذ أغسطس (آب) الماضي. ونقلت عن مصادر في «حماس» و«حزب الله» أن المسؤولين الإيرانيين أعطوا الضوء الأخضر للهجوم على إسرائيل في اجتماع عقد الأسبوع الماضي.

وقال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إنه يتفق مع الاتهامات الموجهة لإيران بالوقوف وراء هجوم «حماس»، لافتاً إلى أن «الداعم الأساسي لحزب الله». وأضاف في منشور على منصة «إكس»: «يجب على إيران أن تدفع ثمناً باهظاً مقابل أي تصعيد موجه لإسرائيل».

وحذر غراهام من أن «أي هجوم من قبل حزب الله وغيره من وكلاء إيران سيكون مدمراً لأنظمة الدفاع الإسرائيلية»، وقال: «إذا حدث مثل هذا الهجوم، فيجب على إسرائيل والولايات المتحدة أن تسعى وراء مصافي النفط الإيرانية والبنية التحتية النفطية - التي تمثل شريان الحياة للاقتصاد الإيراني».

وأضاف: «لقد مضى وقت طويل على أن تدفع الدولة الإرهابية الإيرانية ثمن كل الاضطرابات والدمار الذي زرعته في جميع أنحاء المنطقة والعالم».

وذكر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس، أنه لا يوجد دليل على أن إيران كانت وراء الهجمات الأخيرة على إسرائيل، لكنه قال إن هناك علاقات طويلة الأمد بين طهران و«حماس». وقال إن إيران «لم تتمكن حتى الآن من صرف دولار واحد من 6 مليارات دولار»، تم الإفراج عنها في إطار اتفاق تبادل سجناء بين الولايات المتحدة وإيران في سبتمبر (أيلول).

والسبت، قال مسؤول أميركي كبير إنه «من السابق لأوانه القول» ما إذا كانت إيران «منخرطة مباشرة» في الهجوم الذي شنته «حماس»، لكنه أضاف أنه «ليس هناك شك» في حقيقة أن «حماس»، «ممولة ومجهزة ومسلحة» من النظام في طهران.

وحاول معظم الجمهوريين، خصوصاً الذين يتنافسون على ترشيح الحزب في انتخابات الرئاسة عام 2024، ربط اتفاق بايدن مع إيران بالهجمات، وزعم البعض خطأ أن بايدن أو دافعي الضرائب الأميركيين مولوا الهجمات على إسرائيل.

وجاء إنكار الخارجية الإيرانية في وقت جدد فيه علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني في الشؤون الدولية، تأييده لهجوم «حماس» على إسرائيل. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن ولايتي قوله لوزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، إن «الدول التي تظن أن بإمكانها حل مشكلاتها بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، يجب أن تستخلص الدروس من هذه الأحداث».

وقبل ذلك، قال ولايتي إنه يتوقّع أن تعجل «هذه العملية المنتصرة (...) بسقوط النظام الصهيوني».

ماسك يرد على خامنئي

وضع الملياردير الأميركي إيلون ماسك، شارة تحذير على منشور حساب المرشد الإيراني علي خامنئي عبر منصة «إكس».

کان حساب خامنئي یستخدم فیديو يتحدث عن هروب إسرائيليين، معرباً عن أمله في «استئصال سرطان إسرائيل من المنطقة».

وكتب ماسك في منشور: «موقف خامنئي الرسمي واضح بأنه القضاء على إسرائيل وليس فقط دعم الفلسطينيين». وبدورها، نشرت منصة «إكس» ملاحظة على منشور خامنئي بأن «الفيديو يظهر هروب رواد مهرجان موسيقي من (حماس)». وقالت إسرائيل إن 250 من رواد المهرجان قتلوا في الهجوم.

طهران لن تشارك في الحرب مباشرة

وقال النائب المتشدد حسين جلالي إن بلاده لا يمكن أن تخوض مواجهة مباشرة مع إسرائيل، لكنها ستقدم دعماً لحركة «حماس». وأضاف: «نحارب إسرائيل باستخدام القوى المقاومة، هذه سياستنا الاستراتيجية منذ بداية الثورة».

وذكر موقع «ديدبان إيران» أن تصريحات النائب جاءت رداً على متحدث باسم حركة «حماس»، تحدث عن الدعم الإيراني للهجوم.

ومع ذلك، وصف النائب تدخل إيران بـ«الشائعات ونشر الاتهامات». وقال: «مثلما قال الأميركيون لا يوجد دليل على تدخل إيران في الهجوم. عندما يتدخل أحد يجب أن يكون لديه قوات على الأرض، لكن لا يوجد دليل، وترحيب إيران ليس دليلاً على تدخلها».

وحذر النائب من أن «إيران سترد على أي اعتداء»، وأضاف: «إيران لم ولن تكون البادئ بأي حرب، لكن إذا أراد أحدهم التدخل في قضايا إيران، أو تهديدنا، فسوف نرد».

وقال جلالي: «البعض يقول إن إيران تخوض حروباً بالوكلاء، وإن سوريا ولبنان و(حماس) في قبضتها»، مضيفاً أن بلاده «تفكر بالمقاومة وليس الحضور المباشر».

في هذا الصدد، قال المحلل السياسي الإيراني أحمد زيد آبادي، إن السلطات «تتوقّع أن تغيّر (حماس) بنفسها المُعطى» على الأرض، مضيفاً: «لا يبدو الإيرانيون مستعدين للدخول في حرب مماثلة لكنهم قد يكونون مهتمين، في لحظة معينة، بأن يعمد حلفاؤهم مثل (حزب الله) إلى تخفيف الضغط عن غزة عبر فتح جبهة جديدة» في الشمال. وفي رأي زيد آبادي أن «رهانات إيران كبيرة، فاستراتيجيتها ستتعزّز إذا تمكّنت (حماس) من ليّ ذراع إسرائيل». في المقابل «سيكون الأمر فشلاً للجمهورية الإسلامية إذا ضعفت (حماس)، وتمّ تدمير كل بناها التحتية السياسية والاقتصادية والعسكرية»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال أحمد زيد آبادي: «إذا هُزمت (حماس) تماماً، ستكون الطريق الى التطبيع سالكة، لأنه لا بديل آخر عملياً للدول العربية في مواجهة إسرائيل. أما إذا انتصرت، فسيكون أي اتفاق في دائرة الخطر لبعض الوقت. وعندها، ستتركز كل الضغوط على البرنامج النووي لإيران».

من جانبه، قال الرئيس السابق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، النائب السابق، حشمت الله فلاحت بيشه، لموقع «رويداد 24» المحلي، إنه «من المحتمل أن تقْدم إسرائيل على حماقات ضد إيران، إذا ما توسعت الحرب بين (حماس) وإسرائيل».

«الحرس الثوري» يستعرض عضلاته

ومع انطلاق الحرب بين «حماس» وإسرائيل، كشف «الحرس الثوري» الإيراني عن تفاصيل جديدة من أحدث وحداته الخاصة المكلفة حماية العاصمة طهران، التي بدأت تدريبات الأحد، على مدى يومين في ضواحي العاصمة طهران.

وأعلن الجنرال حسن حسن زاده قائد «الحرس الثوري» في طهران، جاهزية وحدة «فاتحين» لخوض معارك خارج الأراضي الإيرانية. وقال إن الوحدة «تتولى مهام على نطاق واسع، وإنها لا تتقيد بالزمان أو المكان».

وأفادت وكالة «إيسنا» الحكومية عن حسن زاده قوله إن أهداف الوحدة «بلا حدود»، لافتاً إلى أنها «مستعدة لتنفيذ مهام في أي نقطة من العالم إذا تطلب الأمر».

قناصة خلال تدريبات الوحدات الخاصة في «الحرس الثوري» بضواحي طهران (تسنيم)

وقال حسن زاده: «كلما تقدم الوقت يزداد دور وحدة فاتحين»، متحدثاً عن تنفيذها مهام متعددة في المجالات الدفاعية والأمنية والهجومية. وقال إنها «الوحيدة بالعالم التي لديها أكبر مرونة لتنفيذ المهام الخاصة في أقل فترة ممكنة».

وبحسب مقطع فيديو، نشرته المواقع الإيرانية، تفقد حسن زاده الوحدة صباح الاثنين، في إحدى قواعد «الحرس الثوري»، ويظهر بعض أفراد الوحدة بملابس مدنية، وآخرون يرتدون أزياء مشابهة للقوات البرية في «الحرس الثوري»، كما يظهر رجال بملابس سوداء. وفي جانب من الفيديو، يطلق قناصة النار خلال تدريب.

تباين داخلي

وعلى الرغم من تأييد حكومة إبراهيم رئيسي، ونواب البرلمان ذات الأغلبية المتشددة، فإن الدعم الإيراني أثار انقساماً في الشارع، وأعرب ناشطون سياسيون عن مخاوفهم من تداعيات الحرب على تأزم الداخل الإيراني.

وتساءلت رئيسة «جبهة الإصلاحات» آذر منصوري عن أسباب تراجع التأييد الشعبي لـ«المقاومة الفلسطينية». وكتبت منصوري في مقال رأي تحت عنوان «الازدواجية في الدفاع عن المظلوم»، نشرته صحيفة «اعتماد» الإصلاحية: «لماذا يقتصر التأييد للشعب الفلسطيني ومقاومته على وسائل الإعلام والأجهزة الرسمية والمجاميع المرتبطة بالدولة، ولم يعد يحظى هذا الموقف بالدعم اللازم في الشارع كما في السابق؟».

وشددت منصوري على أن «أي مراقب منصف لا يمكنه إنكار هذا الموضوع». وأشارت في السياق نفسه إلى الانقسام الذي أثاره تأييد السلطات لروسيا في الحرب مع أوكرانيا. وانتقدت منصوري «الازدواجية، التباين» في سلوك الحكام بإيران.

وأعربت منصوري عن اعتقادها بأن «عدم تضامن المجتمع الإيراني مع الشعب الفلسطيني، يعود إلى مجموعة من المعايير المزدوجة والتباينات»، إلى جانب «الانشقاق الناجم عن تراجع الثقة العامة بالحكام».

وظهر الانقسام في الشارع الإيراني، حول الحرب بفلسطين، عندما رفع مجموعة من المشجعين أعلام فلسطين، قبل أن يسمع شعارات منددة برفع الأعلام في الملعب.

وفي مقطع فيديو متداول على نطاق واسع في شبكات التواصل، يظهر مجموعة كبيرة من مشجعي فريق برسبوليس طهران يرددون شعارات منددة برفع العلم الفلسطيني في الملعب.


مقالات ذات صلة

خامنئي: خسارة السنوار مؤلمة لجبهة المقاومة

شؤون إقليمية المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي (رويترز)

خامنئي: خسارة السنوار مؤلمة لجبهة المقاومة

أكد المرشد الإيراني علي خامنئي اليوم (السبت) أنّ حركة «(حماس) حية وستبقى حية» رغم مقتل رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار في عملية عسكرية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي رئيس حكومة لبنان ونظيرته الإيطالية خلال المؤتمر الصحافي المشترك في بيروت (أ.ف.ب)

ميقاتي يجاهر برفض الوصاية الإيرانية

في خطوة هي الأولى من نوعها، جاهر رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، أمس (الجمعة)، برفضه موقف رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف، لجهة قوله إن طهران.

ثائر عباس (بيروت)
المشرق العربي يحيى السنوار (يمين) وإسماعيل هنية (يسار) بقطاع غزة في 26 يونيو (حزيران) 2019 (أ.ب)

«حماس» قد تختار زعيماً جديداً لها من خارج غزة بعد مقتل السنوار

يقول خبراء إن زعيم حركة «حماس» القادم الذي سيخلف يحيى السنوار في قيادة المكتب السياسي للحركة سيكون على الأرجح من المقيمين خارج غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية الرئيس إيمانويل ماكرون بمعية الرئيس الأميركي والمستشار الألماني ورئيس الوزراء البريطاني في برلين الجمعة (إ.ب.أ)

ماكرون يحمّل إيران مسؤولية ضرب الاستقرار في الشرق الأوسط

الرئيس الفرنسي يهاجم إيران ويحملها مسؤولية ضرب الاستقرار بالشرق الأوسط ويكشف دور باريس في مساعدة إسرائيل للتصدي للصواريخ أو للقيام بعمليات «مستهدفة» ضد «حماس».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية بوتين يحضر اجتماعاً مع رؤساء وسائل الإعلام الرائدة من دول مجموعة «بريكس» في موسكو (رويترز)

بوتين: الحلول الوسط بين إيران وإسرائيل ممكنة

قال الرئيس الروسي إن التوصل إلى حلول وسط بين إسرائيل وإيران أمر ممكن، لكن سيكون من الصعب تحقيقه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

تقرير: إسرائيل تخطط لشن هجمات على إيران تؤدي إلى «إسقاط النظام»

القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (إ.ب.أ)
القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (إ.ب.أ)
TT

تقرير: إسرائيل تخطط لشن هجمات على إيران تؤدي إلى «إسقاط النظام»

القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (إ.ب.أ)
القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية (إ.ب.أ)

قالت صحيفة «تايمز» البريطانية إن إسرائيل تتشاور مع الولايات المتحدة بشأن الرد على الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران هذا الشهر، وحددت إسرائيل أهدافاً تابعة لـ«لحرس الثوري» وقوات «الباسيج» وأيضاً هدفاً ثالثاً غير مباشر: ألا وهو التشجيع على تغيير النظام.

وذكرت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ألمح إلى ذلك في كلمة مصورة، تم تقديمها على أنه خطاب إلى الشعب الإيراني، قبل أيام عدة من الهجوم الصاروخي الإيراني.

وقال نتنياهو: «لا تسمحوا لمجموعة صغيرة من رجال الدين المتعصبين بسحق آمالكم وأحلامكم... يجب أن يعرف شعب إيران أن إسرائيل تقف معكم، عندما تصبح إيران حرة أخيراً، وستأتي تلك اللحظة أسرع بكثير مما يعتقد الناس، سيكون كل شيء مختلفاً».

وقال المنتقدون إن الخطاب باللغة الإنجليزية ربما كان موجهاً إلى الدول الغربية والمعارضة الإيرانية التي تتخذ من الخارج مقراً لها.

ويأمل نتنياهو أن تساعد الغارات الجوية الإسرائيلية المستقبلية في إضعاف «الحرس الثوري» وقوات «الباسيج»، وهما دعامتان للنظام كانتا فعالتين في إخماد الاحتجاجات ضده.

وقال مسؤول غربي، هذا الأسبوع، عن خطة إسرائيل: «إنهم يخططون لضربهم بقوة»، مضيفاً أن هذا من شأنه أن يشجع المعارضة الإيرانية.

ووفقاً للصحيفة، لن يصدق نتنياهو، وهو شخص واقعي، أن موجة واحدة من الغارات الجوية، أو حتى موجات عدة، من شأنها أن تطيح بالنظام من خلال تشجيع انتفاضة شعبية.

لكن البعض في قيادة إسرائيل، بمن في ذلك وزراء الائتلاف اليميني المتطرف الذين يؤيدون اتخاذ إجراءات قاسية ضد إيران، يعتقدون أن هذه لحظة حاسمة يمكن أن تغير توازن القوى في منطقة تشعر بأنها محاصرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وإيران و«محور المقاومة» من جهة أخرى.

وقد تعزز هذا الرأي بالإطاحة برأس «حزب الله» حسن نصر الله، أقوى وكلاء إيران الذين زرعتهم لعقود لمواجهة إسرائيل.

وقال فراس مقصد، زميل بارز في مركز أبحاث معهد الشرق الأوسط: «توصلت إدارة جو بايدن والإسرائيليون إلى تفاهم عام مفاده أن المرحلة الأولى من الرد الإسرائيلي ستقتصر على الجيش و(الحرس الثوري) و(الباسيج)، وسيبتعدون عن المنشآت النووية والنفطية، واستهداف (الباسيج) و(الحرس الثوري) الإيراني من شأنه، كما يأمل البعض، أن يزيد من الضغوط على العلاقة بينهما وبين الشعب».

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قد لا تعتقد أيضاً أن النظام في إيران قد يتعرض للتهديد الفوري من قبل ثورة شعبية، فإنها ربما تكون قد تغاضت عن الفكرة لإقناع إسرائيل بعدم ضرب المنشآت النووية والنفطية.

وتريد الولايات المتحدة تجنُّب الهجمات على هذه المنشآت خوفاً من التصعيد: إما أن تسرع طهران من تخصيب اليورانيوم لتصنيع قنبلة نووية، وإما أن تهاجم حقول النفط في المنطقة؛ ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار قبل الانتخابات الرئاسية، الشهر المقبل، وإعطاء دونالد ترمب، المرشح الجمهوري، مزيداً من الوقود لحملته.

ومن المرجح أيضاً أن يؤدي أي هجوم من قِبل إسرائيل إلى إثارة مزيد من ردود الفعل من جانب إيران.

وقال مقصد: «يجب أن نفكر في ذلك بوصفه الطلقة الأولى. سيكون هناك رد إيراني، وهذا سيجعلنا نتجاوز الانتخابات في الولايات المتحدة. عند هذه النقطة، سيكون لدى نتنياهو مزيد من المرونة للرد بطريقة أكثر اتساعاً».

إن النجاحات التي حققتها إسرائيل مؤخراً ضد «حزب الله» في لبنان، بما في ذلك الهجمات التي قللت من القوة القتالية له والضربات الجوية التي قتلت شخصيات رئيسية، مثل نصر الله قد تشجع المتشددين في الائتلاف الحاكم الذي يرأسه نتنياهو على توسيع الحرب ضد عدوهم اللدود.

وقد لا تكون أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية، التي درست إيران لعقود، مقتنعة أيضاً بأن الهجمات العسكرية أو السرية يمكن أن تطيح بالمرشد على خامنئي.

وقالت سنام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد تشاتام هاوس: «سأكون مندهشة إذا كانت الأجهزة الأمنية على استعداد لذلك، فمن المستحيل أن تحقق إسرائيل هذا المستوى من النجاح».

ويتفوق معارضو النظام القمعي في إيران على مؤيديه المحافظين؛ فقد سجلت نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية والانتخابات الرئاسية هذا العام أدنى مستوياتها على الإطلاق، ودعوات المقاطعة، بعد عامين من قمع الاحتجاجات ضد معاملة النساء.

وقد يشير هذا الاتجاه إلى اقتناع كبير بين الإيرانيين بأن تغيير النظام، وليس الإصلاح، هو المطلوب، لكن قِلة من الناس قد يرحبون بذلك بناءً على طلب قوة أجنبية، كما يقول المحللون.

وقد تتخذ إيران، التي تشعر بالتهديد، إجراءات صارمة استباقية ضد أي علامات على المعارضة.