سرقة دبابة من قاعدة حربية إسرائيلية

جنرال في الجيش: الدفاع عن مواقع الجيش ينهار والقيادة تتهرب من المسؤولية

الدبابة في موقع التجارة بالخردة (الشرطة الإسرائيلية)
الدبابة في موقع التجارة بالخردة (الشرطة الإسرائيلية)
TT

سرقة دبابة من قاعدة حربية إسرائيلية

الدبابة في موقع التجارة بالخردة (الشرطة الإسرائيلية)
الدبابة في موقع التجارة بالخردة (الشرطة الإسرائيلية)

بعد أن تحولت سرقة الأسلحة والذخيرة من قواعد ومعسكرات الجيش الإسرائيلي ظاهرة معروفة في العقدين الأخيرين، ووُضعت خطط كثيرة لمكافحتها، كشفت الشرطة الإسرائيلية الأربعاء، عن تمكن عصابات من سرقة دبابة قديمة من معسكر التدريبات في جبل الكرمل.

وقالت الشرطة: إن الدبابة من طراز «مركباه 2»، كانت تستخدم هدفاً للمعارك خلال التدريبات في قاعدة تدريب للجيش قرب محور طرق «إليكيم»، القائم بين بلدة دالية الكرمل العربية وبلدة «يوكنعام عيليت» اليهودية. وقد افتقدها الجيش قبل أيام. وعندما فشل في العثور عليها، توجه إلى وزارة الدفاع، وهذه بدورها توجهت إلى الشرطة، التي عدّت السرقة غاية في الخطورة، فأقامت فريق طوارئ كبيراً انتشر في المنطقة واستخدمت مختلف وسائل التحقيق التكنولوجية. وتمكنت من العثور على الدبابة بعد يومين، ليلة الثلاثاء – الأربعاء الماضية، في محل لشراء وبيع الخردة في منطقة خليج حيفا.

قاعدة التدريب في النقب (الجيش الإسرائيلي)

وقال قائد مركز شرطة نيشر، تساحي بن حايم: إن «التحقيق الأولي يشير إلى أن الدبابة لا تعمل، وليس فيها أسلحة وذخيرة، وقد جرت سرقتها من خلال استغلال قرار الجيش فتح معسكراته للجمهور الواسع بمناسبة الأعياد اليهودية. وقد دخل اللصوص إلى القاعدة المفتوحة بشاحنة لنقل الآليات الثقيلة، وحملوها ونقلوها إلى مخزن الخردة لغرض تفكيكها وبيعها كمادة حديد».

وأضاف بن حايم: «إن سرقة الدبابة، مهما كانت الأسباب، تعدّ سرقة أسلحة، وهذه تهمة خطيرة تدخل في باب مكافحة الإرهاب». وقال: «إذا كانت عصابات الإجرام تحسب أنها ارتقت درجة أعلى في نشاطاتها، فإننا سنعيدها درجات إلى الوراء». وأكد أن مشبوهَين اثنين اعتقلا للتحقيق.

وقد تسببت هذه السرقة بالحرج في صفوف الجيش الإسرائيلي، وعُدّت «فضيحة». فقد كان الجيش أعلن عن «خطة محبوكة» لمكافحة سرقة الأسلحة من معسكرات الجيش والقواعد العسكرية ومخازن الأسلحة والذخيرة، وإذا بالسرقات ترتقي إلى درجة سرقة دبابة.

وخرج الجنرال يتسحاق بريك، المعروف بانتقاداته قيادة الجيش، بتصريح قال فيه: إن «الدفاع عن القواعد العسكرية ينهار، والقيادة تتهرب من المسؤولية». وقال بريك، الذي شغل في الماضي منصب «مفوض شكاوى الجنود» في هيئة رئاسة أركان الجيش: إن ما يجري «ليس مجرد سرقة، إنما هو دليل على تفكك نظام الأمن والحراسة وانهيار قيم الانضباط وهبوط مستوى الاستعداد لتنفيذ الأوامر إلى الحد الأدنى، وغياب الرقابة والمحاسبة، وفق هذا كله يدل على تهرّب القيادة العليا من تحمّل مسؤولياتها».

دبابة إسرائيلية على الحدود مع لبنان (موقع الجيش الإسرائيلي)

وعاد بريك إلى اقتراح سابق له، طرحه قبل سنتين، وقال: «لم يعد هناك مفرّ من تشكيل لجنة تحقيق خارجية تحقق في ما يجري داخل القواعد العسكرية. فالجيش فقد من زمان القدرة على التحقيق مع نفسه». وأضاف: «ينبغي رؤية خطورة هذه السرقات في المفهوم الاستراتيجي. فالأسلحة والذخائر التي تسرق تجعل من الجيش الإسرائيلي أكبر مخزون من الأسلحة والذخائر والمعدات في الشرق الأوسط والعالم، الذي تستخدمه المنظمات الإرهابية والمافيا ضد مواطني إسرائيل وجنود الجيش. فإذا كانت هذه الأسلحة تستخدم اليوم بأيدي منظمات الجريمة في المجتمع العربي، فإنها بدأت تتجه نحو المجتمع اليهودي. وإذا كان بعض هذه الأسلحة يصل إلى الضفة الغربية، ويُستخدم ضد الجنود والمستوطنين في الضفة الغربية، فإنه سيُستخدم ضدنا جميعاً في الحرب المقبلة».

ويذكر، أن سرقات الأسلحة في الجيش الإسرائيلي بدأت منذ سنة 2005، حيث سُرقت 48 قطعة، بينها 8 قاذفات صواريخ مضادة للدبابات، و16 بندقية «إم-16» قصيرة، و18 «إم-16» طويلة من داخل قاعدة التدريب الكبرى «تسيئيليم» في النقب. وفي سنة 2008، ضبطت الشرطة قطع سلاح في مدينة الطيبة، من صنع شركات الأسلحة التابعة للجيش الإسرائيلي، وتبين أن مجموعة جنود سرقتها من قاعدة «هود هشرون» القريبة من مقرّ المخابرات وباعوها لمنظمات الجريمة.

صورة عمّمتها الشرطة الإسرائيلية لأسلحة ضبطتها سابقاً

ومنذ ذلك الوقت، تحولت السرقات ظاهرة، تحصد مئات قطع الأسلحة وعشرات ألوف الرصاصات، ومئات القنابل والعبوات وحتى صواريخ «لاو». ولم تعد الظاهرة تقتصر على القاعدة العسكرية في النقب، التي تُعدّ منطقة مفتوحة، بل تعدت ذلك إلى معسكرات مغلقة ومحمية في هضبة الجولان السورية، ثم قواعد أخرى في قلب الجليل ومنطقة الكرمل. ثم ارتقت درجة أخرى، عندما أصبح قادة منظمات الجريمة يحضرون إلى قواعد التدريب خلال المناورات التي تتم بالذخيرة الحية، فيراقبون نشاط الجيش، وينتظرون اللحظة المناسبة خلال الاستراحة لسرقة الذخيرة والأسلحة.

وبحسب الجنرال بريك، فإن «الجيش الذي يتصرف على هذا النحو، لا يستحق أن يطلق عليه اسم جيش؛ لأن السلاح هو أداة لحماية المواطنين والوطن. والجيش الذي يتخلى عن أسلحته غير قادر على الدفاع عن وطنه».


مقالات ذات صلة

مسيّرة إسرائيلية تقصف منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان

المشرق العربي مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

مسيّرة إسرائيلية تقصف منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان

ذكرت قناة «تلفزيون الجديد»، اليوم الجمعة، أن طائرة مسيّرة إسرائيلية أطلقت صاروخين على منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان. ولم يذكر التلفزيون تفاصيل أخرى عن القصف.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية (من اليمين) رونين بار مدير «الشاباك» ويسرائيل كاتس وزير الدفاع الإسرائيلية وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء وهرتسي هاليفي رئيس أركان الجيش (حساب كاتس عبر منصة «إكس»)

تقرير: نتنياهو يريد تغيير رئيس أركان الجيش خلال 60 يوماً

قالت هيئة البث الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس يريدان تقديم رئيس الأركان الإسرائيلي هيرتسي هاليفي استقالته.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون أواني معدنية انتظاراً لتلقي الطعام من خان يونس (إ.ب.أ) play-circle 01:35

«أطباء بلا حدود»: المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وصلت لأدنى مستوياتها منذ أشهر

حذرت منظمة «أطباء بلا حدود»، اليوم (الجمعة)، من تراجع وتيرة دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة إلى أدنى مستوياتها منذ أشهر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي عنصر من «حزب الله» يزيح الستار عن راجمة صواريخ «غراد» (لقطة من فيديو نشره «حزب الله»)

الجيش الإسرائيلي: قصفنا راجمة صواريخ لـ«حزب الله» في جنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، عن قصف راجمة صاروخية متحركة تابعة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون جثة رجل قتل في غارة إسرائيلية على بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

أكثر من 50 قتيلاً ومفقوداً في «مجزرة» للجيش الإسرائيلي في بيت لاهيا

أفادت إذاعة «الأقصى» الفلسطينية، اليوم الجمعة، بسقوط أكثر من 50 قتيلاً ومفقوداً في «مجزرة» جديدة للجيش الإسرائيلي في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«طاردات» إيران... الطريق الطويل نحو القنبلة النووية

TT

«طاردات» إيران... الطريق الطويل نحو القنبلة النووية

صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لشباب يقفون أمام نماذج لأجهزة الطرد المركزي في يونيو 2023
صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لشباب يقفون أمام نماذج لأجهزة الطرد المركزي في يونيو 2023

في خطوة لجأت إليها إيران في مناسبات مختلفة منذ سنوات، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران «تنوي بالفعل نصب أجهزة طرد مركزي جديدة».

وقالت «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، إنها اطلعت على تقرير «طي السرية» للوكالة الدولية يؤكد أن إيران تنوي نصب 6 آلاف جهاز طرد مركزي، لتخصيب اليورانيوم بمستويات مختلفة.

وجاء في التقرير أن «إيران أبلغت الوكالة» بنيتها وضع هذه الآلات في الخدمة في موقعَي «فوردو» و«نطنز» بمعدل تخصيب يصل إلى 5 في المائة؛ أي ما يزيد قليلاً على النسبة المسموح بها بموجب الاتفاق الدولي لعام 2015 والتي تبلغ 3.67 في المائة.

واتُّخذ هذا الإجراء رداً على اعتماد الوكالة في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) قراراً منتقداً لطهران بمبادرة من الغرب.

ويوم الخميس، هددت إيران بالمضي نحو امتلاك أسلحة نووية في حال استمرار الضغوط الغربية عليها.

وأفاد وزير الخارجية عباس عراقجي، في تصريح صحافي، بأن «استمرار التهديد الغربي بإعادة فرض العقوبات قد يدفع النقاش داخل إيران نحو امتلاك أسلحة نووية».

ما «الطرد المركزي»؟

هي أجهزة دقيقة تضم أسطوانات تدور بسرعة تفوق كثيراً سرعة الصوت، لجمع ذرات اليورانيوم المخصب بعد عمليات مكررة لمرات عدة.

ولشرح أسلوب عمل «الطرد المركزي»، فإن أسطوانات الدوران تشبه إلى حد كبير أجهزة المختبرات الطبية التي تُستخدم لفحص الدم؛ إذ ينتج عن دوران الأسطوانة فصل مكونات الدم عن بعضها.

وبالنسبة لليورانيوم، ينتج عن دوران أسطوانات جهاز الطرد المركزي فصل الذرات الخفيفة لليورانيوم عن الثقيلة، ليسهل استخدامها في إنتاج الطاقة المهمة لصناعة القنبلة النووية.

ويحتاج إنتاج 20 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء 90 في المائة لصنع رأس نووي واحد بقوة تفجيرية محدودة، إلى نحو 1500 جهاز طرد مركزي من الأجيال المتقدمة؛ الخامس والسادس، على أن تستمر العمليات الفنية فيها عدة أشهر دون توقف.

وتمتلك إيران 1044 جهاز طرد مركزي في مفاعل «فوردو» وحده، طبقاً لتصريحات الرئيس مسعود بزشكيان الذي طلب في وقت سابق هذا الشهر من منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن تبدأ ضخ الغاز في هذه الأجهزة.

وتؤكد الخارجية الأميركية أن أنشطة تخصيب اليورانيوم في إيران «خطوة كبيرة في الاتجاه الخطأ»، وأنها «يمكن في نهاية المطاف أن تساعدها على امتلاك سلاح نووي في حال قررت ذلك».

وبحسب تقارير لـ«رويترز» و«وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن عمليات التخصيب تسبق مرحلة دوران اليورانيوم في جهاز الطرد المركزي.

ويحول التخصيب الخام الطبيعي إلى عناصر قابلة للاستخدام في إنتاج الطاقة، سواء للأغراض السلمية أو لصناعة رأس نووي لسلاح فتاك.

مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة في منشأة «نطنز» في 8 أغسطس (أ.ب)

الخلاف

تلزم معاهدة حظر الانتشار النووي، الموقعة عام 2015 بين طهران ودول غربية، بتشغيل أجهزة الطرد المركزي المتطورة لتجميع اليورانيوم حتى يناير (كانون الثاني) 2027.

والفرق بين الجيل الأول لأجهزة الطرد المركزي والأجيال الأخرى، وصولاً إلى السادس، هو سرعة الأخيرة الفائقة، والتي تساعد حتماً على إنتاج الطاقة اللازمة، فرضياً، لصناعة قنبلة نووية.

وقبل إبرام الاتفاق، وفي ذروة برنامجها النووي، كانت إيران تشغل 10204 أجهزة طرد مركزي من الجيل الأول (بسرعة محدودة) في «نطنز» و«فوردو»، وقد سمحت لها المعاهدة بتشغيل نحو نصف هذا العدد.

محطات بارزة في طريق «النووي»

لكن تشغيل الأجهزة مر بمحطات متباينة ما بين التصعيد والتهدئة، وفقاً لطبيعة المفاوضات أو الخلافات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ورغم أن ما نصبته إيران من «الطاردات المركزية» قبل اتفاق حظر الانتشار النووي عام 2015 كان من الجيل الأول، فإن ما تلاها بلغ مراحل مقلقة للغرب بسبب استخدام طاردات من أجيال حديثة. وهذه أبرز محطات هذه الأجهزة في إيران:

* مايو (أيار) 2008: ركبت إيران عدة أجهزة طرد مركزي متضمنة نماذج أكثر حداثة.

* مارس (آذار) 2012: وسائل إعلام إيرانية تعلن عن 3 آلاف جهاز طرد مركزي في منشأة «نطنز» النووية لتخصيب اليورانيوم.

* أغسطس (آب) 2012: الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت أن إيران ثبتت أجزاء كبيرة من أجهزة الطرد المركزي في منشأة «فوردو»، تحت الأرض.

* نوفمبر 2012: تقرير للوكالة الدولية أكد أن جميع أجهزة الطرد المركزي المتقدمة قد تم تركيبها في موقع «فوردو»، على الرغم من وجود 4 أجهزة طرد مركزي عاملة فقط، و4 أخرى مجهزة تجهيزاً كاملاً، وقد أُجري عليها اختبار الفراغ، وهي جاهزة لبدء التشغيل.

* فبراير (شباط) 2013: الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقول إن إيران شغّلت 12.699 جهاز طرد مركزي من نوع «آي آر-1» في موقع «نطنز».

* يونيو (حزيران) 2018: أمر المرشد الإيراني علي خامنئي منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بالوصول إلى 190 ألف «وحدة فصل» التي تطلق على حركة أجهزة الطرد المركزي. وكان الرقم الذي دعا إليه خامنئي يعادل 30 ضعفاً من القدرات التي ينص عليها الاتفاق النووي.

* سبتمبر (أيلول) 2019: ركبت إيران 22 جهازاً من نوع «آي آر-4»، وجهازاً واحداً من نوع «آي آر-5»، و30 جهازاً «آي آر-6»، وثلاثة أجهزة «آي آر-6» للاختبار، خارج نطاق حدود المعاهدة.

* سبتمبر 2019: أعلنت إيران أنها بدأت في تشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة وسريعة لتخصيب اليورانيوم.

* نوفمبر 2024: وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يعلن أن بلاده ستقوم بتشغيل عدة آلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.

* نوفمبر 2024: نقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن محمد إسلامي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، إعلانه بدء ضخ الغاز لـ«الآلاف» من أجهزة الطرد المركزي.