تركيا تحقق في بيان «عنصري» يستهدف الأجانب  

حركة قومية متطرفة هددت بالتحرك ضد المهاجرين

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ف.ب)
TT

تركيا تحقق في بيان «عنصري» يستهدف الأجانب  

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أ.ف.ب)

فتح الادعاء العام في تركيا تحقيقاً حول بيان نشرته إحدى الحركات القومية المتطرفة المناهضة للأجانب، زعمت فيه أن «استقلال الشعب ووحدة الوطن في خطر». ونشر حساب «حركة الدفاع»، بياناً، (الأربعاء)، قال فيه إن «تركيا تحت الاحتلال بسبب الأجانب». وتوعد البيان بالتحرك ضد الأجانب، اعتباراً من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، «إذا ظلت الإدارة الحالية للبلاد غير مبالية بهذا الاحتلال».

عداء للمهاجرين

وذكر مكتب المدعي العام للعاصمة أنقرة، في بيان، أنه تم فتح تحقيق في البيان المنشور على حساب «حركة الدفاع» عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بتهمة «التحريض على عصيان القانون». وأضاف البيان أنه تم إصدار التعليمات اللازمة لوحدات إنفاذ القانون المعنية؛ لتحديد المستخدمين والمنظمين وجميع القائمين على الحساب بمواقع التواصل الاجتماعي.

توقيف مهاجرين في منطقة حدودية بين اليونان وتركيا الشهر الماضي (أ.ف.ب)

ودعا بيان «حركة الدفاع» عبر حسابها الذي يديره أردال جان، المرشح السابق للبرلمان عن حزب «النصر» اليميني المتطرف بقيادة أوميت أوزداغ المعروف بعدائه للمهاجرين والأجانب، خصوصاً السوريين، للتجمع بحديقة «ساراتش هانه» في وسط إسطنبول (السبت)، في مواجهة تجمع ضد العنصرية تنظمه جمعية «أوزجور-دار» (الحرية)، تحت عنوان: «لنتمسك بالأخوة ضد العنصرية».

ودعا حساب «حركة الدفاع» ذاته، عبر منصة «إكس»، من سمّاهم «الوطنيين والقوميين» في مدينة إسطنبول «للكفاح بحديقة ساراتش هانه للرد على العمل الخسيس»، الذي سيقوم به أشخاص عديمو الجنسية ممن لا دماء لهم، والذين «يدعمون الاحتلال الديموغرافي والغزو الثقافي لبلدنا» على حد قوله.

مواجهة العنصرية

ومع تزايد النزعة العنصرية تجاه الأجانب في تركيا، أكد الرئيس رجب طيب إردوغان أن حكومته لن تسمح بانتشار العنصرية وكراهية الأجانب في البلاد، لافتاً في الوقت ذاته إلى تشديد إجراءات مكافحة تهريب البشر، ومنع تسلل مئات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين.

مهاجرون على سواحل جزيرة ليسبوس بعد مغادرتهم تركيا (د.ب.أ)

وقال إردوغان، الشهر الماضي: «كثفنا الإجراءات المتخذة ضد مهربي البشر داخل البلاد وعلى الحدود... منعنا دخول 143 ألف مهاجر غير شرعي إلى تركيا منذ بداية العام». وأضاف: «لا يمكننا أن نسمح للعنصرية وكراهية الأجانب، التي ليس لها مكان في تاريخنا وثقافتنا ومعتقداتنا، بالانتشار في مجتمعنا، ولن نسمح لعدد قليل من الجهلاء بتلطيخ السجل النظيف لتركيا التي كانت ملجأ المضطهدين والمظلومين لقرون».

وتصاعدت الشكاوى أخيراً من الاعتداءات العنصرية التي تستهدف الأجانب والسياح العرب، في إسطنبول على وجه الخصوص، بالتزامن مع إجراءات بدأت الحكومة التركية تطبيقها عقب الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مايو (أيار) الماضي تسبق أيضاً الانتخابات المحلية المقررة في نهاية مارس (آذار) المقبل، أسفرت عن توقيف وترحيل آلاف الأجانب المخالفين لشروط الإقامة، بعدما تم التساهل مع الأمر من قبل.

تشديد القيود

وفرضت الحكومة التركية قيوداً مشددة على منح الإقامة، وأوقفت منح الإقامة السياحية التي كانت تمنح لعام أو عامين مع إمكان تجديدها تلقائياً، وذلك بعدما أثارت المعارضة الملف خلال الانتخابات الأخيرة، فضلاً عن حالة التذمر في المجتمع التركي في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة.

وقال وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، (الأربعاء)، إن السلطات التركية رحّلت نحو 33 ألفاً من المهاجرين غير الشرعيين والمخالفين لشروط الإقامة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، من بين أكثر من 75 ألفاً تم احتجازهم لمخالفة شروط الإقامة.

ورأى الكاتب التركي، محمد ألغان، أن الأفكار العنصرية بدأت تنتشر وتجد مساحة أكبر لها مع تصاعد المشكلات الاقتصادية إلى مستويات لا يمكن تحملها بالنسبة للمواطنين الأتراك، وتعقد الأوضاع في سوريا ما أدى إلى تفاقم الأزمة، وأصبح واضحاً أن اللاجئين السوريين لا يملكون وطناً آمناً يمكنهم العودة إليه. وبناءً على ذلك، ازداد احتمال أن يبقى اللاجئون السوريون سكاناً دائمين في تركيا رغم الحديث عن خطط العودة الآمنة والطوعية لهم. ولفت إلى التأثير السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي، التي قال إنها «تعكس التطورات الجارية في تركيا بشكل مبالغ فيه».


مقالات ذات صلة

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ تعيينات دونالد ترمب في إدارته الجديدة تثير قلق تركيا (رويترز)

ترمب يؤكد عزمه على استخدام الجيش لتطبيق خطة ترحيل جماعي للمهاجرين

أكد الرئيس المنتخب دونالد ترمب أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية أحد اليهود الأرثوذكس في القدس القديمة يوم 5 نوفمبر الحالي (إ.ب.أ)

الهجرة إلى إسرائيل ترتفع في عام الحرب

أظهرت أرقام جديدة أن 11700 يهودي أميركي قدموا طلبات من أجل الهجرة إلى إسرائيل بعد بداية الحرب في قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر العام الماضي.

كفاح زبون (رام الله)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)
TT

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أوضح وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أن الرئيس السوري، بشار الأسد، لا يريد السلام في سوريا، وحذّر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب في الشرق الأوسط بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة»، والتي أوقفت إراقة الدماء في سوريا، وجعلتها مفتوحة لكل أنواع انعدام اليقين.

وأكد فيدان أن جهود روسيا وإيران، في إطار «مسار أستانة» للحل السياسي، مهمة للحفاظ على الهدوء الميداني، لافتاً إلى استمرار المشاورات التي بدأت مع أميركا بشأن الأزمة السورية.

وذكر فيدان، في كلمة خلال مناقشة موازنة وزارة الخارجية لعام 2025 في لجنة التخطيط والموازنة بالبرلمان التركي، والتي استمرت حتى ساعة مبكرة من صباح الجمعة، أنّ توقع تركيا الأساسي أن يتم تقييم الحوار الذي اقترحه الرئيس رجب طيب إردوغان بنهج استراتيجي من قبل الحكومة السورية بنهج يعطي الأولوية لمصلحة الشعب السوري.

فيدان متحدثاً أمام لجنة التخطيط والموازنة بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

وعن دعوة إردوغان الرئيس السوري بشار الأسد للقاء ومناقشة تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، أوضح فيدان أن المسألة تتعلق بالإرادة السياسية، وأن إردوغان أعلن إرادته على أعلى مستوى.

الأسد لا يريد السلام

وأضاف أنه «أمر ذو قيمة أن يدلي زعيم دولة ديمقراطية (إردوغان) بمثل هذه التصريحات». وأوضح أن هذه الخطوة غيّرت قواعد اللعبة.

لقاء بين الأسد وإردوغان في دمشق قبل 2011 (أرشيفية)

وكان إردوغان قد أكّد الأسبوع الماضي أنه لا يزال يرى أن هناك إمكانية لعقد اللقاء مع الأسد، لكن روسيا التي تتوسط في محادثات التطبيع بين أنقرة ودمشق، استبعدت عقد مثل هذا اللقاء أو عقد لقاءات على مستوى رفيع في المدى القريب.

وأرجع المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، إلى رفض تركيا مطالب دمشق بالانسحاب من شمال البلاد، موضحاً أن تركيا تتصرف كـ«دولة احتلال»، وأن الأمر يتعلق بدعمها للمعارضة السورية، وأن القضية الرئيسة هي انسحاب قواتها من سوريا.

مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف (إعلام تركي)

وعلى الرغم من عدم صدور أي رد رسمي مباشر على تصريحات لافرنتييف، التي تشكل تحولاً في الموقف الروسي، قال فيدان، في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي، إن روسيا «تقف على الحياد» نوعاً ما فيما يتعلق بتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، داعياً الحكومة السورية إلى تهيئة الظروف لإعادة 10 ملايين لاجئ سوري.

وقال إردوغان، الأسبوع الماضي، إن «تركيا لا تهدد سلامة الأراضي السورية ولا السوريين المنتشرين في مختلف الدول، وعلى الأسد أن يدرك ذلك ويتخذ خطوات لتهيئة مناخ جديد في بلاده، فالتهديد الإسرائيلي المجاور ليس «قصة خيالية»، والنار المحيطة ستنتشر بسرعة في الأراضي غير المستقرة».

وتؤكد أنقرة ضرورة أن توفر الحكومة السورية بيئة آمنة ومستقرة للشعب السوري، إلى جانب المعارضة، وترى أن حوار دمشق الحقيقي يجب أن يكون مع المعارضة بغية التوصل لاتفاق، والانتهاء من وضع الدستور والانتخابات من أجل تحقيق الاستقرار.

الوجود العسكري التركي

وقال فيدان، خلال كلمته بالبرلمان، إن تركيا لا يمكنها مناقشة الانسحاب من سوريا إلا بعد قبول دستور جديد وإجراء انتخابات وتأمين الحدود، مضيفاً أن موقف إدارة الأسد يجعلنا نتصور الأمر على أنه «لا أريد العودة إلى السلام».

جانب من اجتماعات «مسار أستانة» في 11 و12 نوفمبر الحالي (إعلام تركي)

وأضاف موجهاً حديثه للأسد: «لتجر انتخابات حرة، ومن يصل إلى السلطة نتيجة لذلك، فنحن مستعدون للعمل معه».

وترى تركيا أن وجودها العسكري في شمال سوريا بهذه المرحلة يحول دون تقسيمها ويمنع إقامة «ممر إرهابي» على حدودها الجنوبية، وحدوث موجات لجوء جديدة إلى أراضيها.

وقال فيدان إن العناصر الأساسية لسياسة تركيا تجاه سوريا تتمثل في تطهير البلاد من العناصر الإرهابية (حزب العمال الكردستاني - وحدات حماية الشعب الكردية)، والحفاظ على وحدة البلاد وسلامة أراضيها، وإحراز تقدم في العملية السياسية، بالإضافة إلى ضمان عودة السوريين إلى بلادهم بطريقة آمنة وطوعية.

قوات تركية في شمال سوريا (وزارة الدفاع التركية)

وشدَّد على موقف بلاده في محاربة «حزب العمال الكردستاني»، قائلاً إن تركيا أحبطت الجهود الرامية إلى تنظيم «الإدارة الذاتية» (الكردية) انتخابات محلية في شمال شرقي سوريا. وأكد أنه لن يتم السماح بمثل هذه المحاولات في الفترة المقبلة، وستواصل تركيا الحرب ضد «المنظمة الإرهابية الانفصالية» («العمال الكردستاني» وذراعه في سوريا «وحدات حماية الشعب الكردية») دون تنازلات.

تصعيد مستمر

ولفت فيدان إلى أن العمليات الجوية ضد أهداف إرهابية بشمال سوريا في أعقاب الهجوم الإرهابي على شركة صناعات الطيران والفضاء التركية «توساش» بأنقرة في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هي مؤشر على هذا التصميم.

بالتوازي، قصفت مدفعية القوات التركية قرى ومواقع خاضعة لسيطرة مجلس منبج العسكري التابع لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية غالبية قوامها.

قصف مدفعي تركي على ريف منبج (المرصد السوري)

ووقعت اشتباكات عنيفة، الجمعة، بين فصائل الجيش الوطني السوري، الموالي لتركيا، و«قسد» في ريف تل أبيض الغربي شمال محافظة الرقة، تزامناً مع قصف مدفعي تركي أسفر عن مقتل عنصرين من «قسد» وإصابة آخرين، وسط معلومات عن وجود أسرى ومفقودين.

كما استهدفت «قسد» بالمدفعية القواعد التركية في ريف عين عيسى، ودفعت القوات التركية بتعزيزات عسكرية، وسط استنفار للقواعد التركية في ريف الرقة، حسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».