وزير خارجية بريطانيا الأسبق: حذرت من أن حكم الملالي سيكون أسوأ من حكم الشاه

ديفيد أوين: علينا الإقرار بدور لندن في انقلاب 1953 بإيران

اللورد ديفيد أوين (غيتي)
اللورد ديفيد أوين (غيتي)
TT
20

وزير خارجية بريطانيا الأسبق: حذرت من أن حكم الملالي سيكون أسوأ من حكم الشاه

اللورد ديفيد أوين (غيتي)
اللورد ديفيد أوين (غيتي)

قال وزير الخارجية البريطاني الأسبق اللورد ديفيد أوين، خلال ثورة 1979 في إيران، إنه حذر من أن «حكم الملالي سيكون أسوأ من حكم الشاه من حيث حقوق الإنسان»، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة اعتراف بلاده بدورها القيادي في انقلاب عام 1953 الذي أطاح رئيس الوزراء المنتخب محمد مصدق، وذلك من أجل تعزيز مصداقية بريطانيا ودعم الحركة الإصلاحية في إيران، حسبما أوردت صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وتتزامن هذه الأيام مع الذكرى الـ70 لإسقاط محمد مصدق، وكانت الولايات المتحدة قد رفعت السرية عن وثائق استخباراتية قبل 10 سنوات تشير إلى دور المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بالتعاون مع الاستخبارات البريطانية (إم آي 6).

وقال ديفيد أوين، الذي تولى منصب وزير الخارجية من 1977 إلى 1979، لصحيفة «الغارديان»: «هناك أسباب وجيهة للاعتراف بدور المملكة المتحدة مع الولايات المتحدة عام 1953 في الإطاحة بالتطورات الديمقراطية. من خلال الاعتراف بأننا كنا مخطئين في القيام بذلك، وألحقنا الضرر بالخطوات التي كانت تدفع باتجاه إيران ديمقراطية، فإننا نزيد احتمالية نجاح الإصلاحات اليوم».

رئيس الوزراء الإيراني الأسبق محمد مصدق يتكلم خلال محاكمته في طهران بتهمة تحدي الشاه ومحاكمة الإطاحة بالنظام الملكي وحل البرلمان بشكل غير قانوني أكتوبر 1953 (غيتي)
رئيس الوزراء الإيراني الأسبق محمد مصدق يتكلم خلال محاكمته في طهران بتهمة تحدي الشاه ومحاكمة الإطاحة بالنظام الملكي وحل البرلمان بشكل غير قانوني أكتوبر 1953 (غيتي)

وخلال فترة عمل أوين، سقط نظام الشاه الذي كان مدعوماً من أميركا وبريطانيا. وقال أوين للصحيفة في هذا الصدد: «لقد حذرت بشكل علني للغاية على شاشات التلفزيون في خريف عام 1978 من أن حكم الملالي القادم سيكون أسوأ بكثير من حكم الشاه من حيث حقوق الإنسان والسعادة الشخصية». وأضاف: «للأسف، ثبتت صحة ذلك».

وكشف أوين عن تحذيرات وتوصيات وجهها لشاه إيران السابق، وقال في هذا الصدد: «أوضحت للشاه أن أسلوب حكمه يجب أن يفسح المجال لإصلاحات ديمقراطية، لكنني كنت أتمنى لو أنني علمت بمرضه الخطير، فكان بإمكاني الضغط عليه قبل ذلك بكثير عام 1978 للبقاء في سويسرا لتلقي العلاج الطبي، والسماح بصعود حكومة أكثر ديمقراطية في إيران».

ويلقي كثيرون باللوم على ثورة 1953 التي أطاحت حكومة مصدق في تعثر مسار الديمقراطية بإيران، سواء في آخر سنوات حكم الشاه، أو في ظل المؤسسة الحاكمة التي تتحكم بمفاصل الحكم على مدى 43 عاماً.

وكانت وكالة «إم آي 6» هي من تولى وضع المخطط الأصلي، الذي حمل اسم «عملية التمهيد»، بعد تولي مصدق رئاسة الوزراء وإصداره قراراً بتأميم شركة النفط البريطانية المهيمنة على البلاد.

ونجح رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، وينستون تشرشل، في إقناع الرئيس الأميركي حينذاك دوايت أيزنهاور، إطاحة مصدق. وجاءت موافقة أيزنهاور بعد رفض سلفه الرئيس الأميركي هاري ترومان، الذي كان يرى في مصدق حصناً ضد الشيوعية.

وفي ربيع 1953، شرعت «سي آي إيه» في التخطيط المشترك مع «إم آي 6»، وجرت إعادة تسمية العملية لتصبح «أياكس».

وعن تأثير تلك الأيام على الأوضاع الحالية في إيران، قال أوين: «اليوم، يجري الإنصات إلى واحترام حجج النساء القوية للإصلاح في إيران، لأنها وفية لروح سياسية لها تاريخ طويل داخل إيران». وأضاف: «بمقدور الحكومة البريطانية اليوم دعم قضيتهم، وتعزيز احتمالات نجاحها وعدم إهمالها، إذا اعترفنا بأخطاء سابقة وقعت عام 1953، والأخطاء التي ارتكبتها في الفترة من 1977 إلى 1979».

وقال ريتشارد نورتون تيلور، مؤلف كتاب «دولة السرية»، الذي يتناول الاستخبارات البريطانية ووسائل الإعلام، إنه «من المحزن والسخيف والسلبي حقاً أن تستمر الحكومة البريطانية في الاختباء خلف شعارها العتيق: (لا تؤكد ولا تنفي)»، ولا تزال ترفض الاعتراف بالدور الرائد لـ(إم آي 6) في إسقاط مصدق، في وقت جرى كشف الكثير للغاية من الوثائق خلال العديد من السنوات بخصوص الأمر، بما في ذلك وثائق تخص (سي آي إيه)»، حسبما أوردت «الغارديان».  

وليست هذه المرة الأولى التي يطرح فيها دور بريطانيا في أهم حدث سياسي شهدته إيران قبل ثورة 1979، في النصف الثاني من القرن العشرين، ففي صيف 2020،  بثت القناة الرابعة في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) فيلماً وثائقياً تحت عنوان «الملكة والانقلاب»، حسبما أوردت قناة «بي بي سي» الفارسية حينها.

وحسب «الوثائقي» الذي استند على الوثائق الأميركية التي رفعت عنها درجة السرية في عام 2017،  فإن «خطأ في نقل رسالة دبلوماسية تسبب في نقل السفير الأميركي لوي هندرسون رسالة خاطئة من الملكة إليزابيث إلى محمد رضا شاه بهلوي».

وتقول الوثائق إن المسؤولين الأميركيين تلقوا رسالة من وزير الخارجية البريطاني إلى نظيره الأميركي، وفسروها عن طريق الخطأ بأنها من الملكة إليزابيث. وكتب في الرسالة: «أعلنت وزارة الخارجية البريطانية، عصر اليوم، تلقي وزير الخارجية البريطاني رسالة من الملكة، تعرب فيها عن قلقها إزاء آخر التطورات المتعلقة بالشاه، وتعرب عن أملها في إقناعه بعدم مغادرة البلاد».

ونقل السفير الأميركي لوي هندرسون الرسالة التي اعتقد المسؤولون الأميركيون أنها من الملكة البريطانية، وتم نقلها إلى الشاه الذي كان ينوي توديع رئيس الوزراء ومغادرة البلاد، لكن الرسالة دفعته للتراجع. وبعد ذلك بيوم اكتشفت السفارة الأميركية الخطأ في رسالة وزير الخارجية البريطاني لكنها لم ترسل تعديلاً إلى طهران، حسب الرواية التي قدمها الوثائقي.


مقالات ذات صلة

إيران: إحباط هجوم إلكتروني «كبير ومعقّد» استهدف البنية التحتية

شؤون إقليمية العلم الإيراني (رويترز) play-circle

إيران: إحباط هجوم إلكتروني «كبير ومعقّد» استهدف البنية التحتية

قال بهزاد أكبري رئيس شركة البنية التحتية للاتصالات إن إيران أحبطت هجوما إلكترونيا كبيرا على بنيتها التحتية.

«الشرق الأوسط» (طهرن)
شؤون إقليمية الرئيس الإيراني يزور مصابين في أحد مستشفيات بندر عباس أمس (رويترز)

إيران تكافح نيران الميناء... وتنفي تخزين مواد عسكرية

شدد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أمس، على أولوية إطفاء الحريق الذي اندلع، السبت، في أكبر ميناء تجاري في البلاد، مع تسارع عمليات فرق الإطفاء.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية تخت روانجي يطلِع لجنة الأمن القومي على نتائج الجولة الثانية من الحوار مع الأوروبيين مطلع ديسمبر الماضي (موقع البرلمان)

إيران: لم نتفاوض ولن نتفاوض حول الصواريخ أو وقف التخصيب

أبلغ نائب وزير الخارجية الإيراني، مجيد تخت روانجي، لجنة الأمن القومي البرلمانية بأن إيران «لم ولن نتفاوض حول خطوطها الحمراء»، بما في ذلك وقف تخصيب اليورانيوم.

شؤون إقليمية صورة فضائية من قمر «ماكسار» تُظهر تصاعد الدخان من الانفجار في رصيف «رجائي» بمنياء «بندر عباس» جنوب إيران (رويترز)

خامنئي يأمر بـ«تحقيق شامل» في انفجار «ميناء رجائي»

أمر المرشد الإيراني علي خامنئي، الأجهزة الأمنية والسلطة القضائية بإجراء تحقيق شامل بشأن «أي إهمال أو تعمد» في الانفجار الهائل الذي شلَّ أكبر مواني البلاد.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية طائرة إطفاء تابعة لـ«الحرس الثوري» ترش الماء على حريق ميناء رجائي في بندر عباس جنوب إيران (أ.ب)

الرئيس الإيراني ينتقد من بندر عباس إدارة ميناء رجائي

تفقد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الأحد، ميناء رجائي في بندر عباس حيث تتواصل جهود الإطفاء لإخماد الحريق الهائل الذي اندلع بعد انفجار قوي في أكبر مواني البلاد.

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)

«العدل الدولية» تفتتح جلسات استماع بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية

امرأة تبكي بعد غارة إسرائيلية أدت إلى مقتل العديد من الفلسطينيين بغزة (رويترز)
امرأة تبكي بعد غارة إسرائيلية أدت إلى مقتل العديد من الفلسطينيين بغزة (رويترز)
TT
20

«العدل الدولية» تفتتح جلسات استماع بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية

امرأة تبكي بعد غارة إسرائيلية أدت إلى مقتل العديد من الفلسطينيين بغزة (رويترز)
امرأة تبكي بعد غارة إسرائيلية أدت إلى مقتل العديد من الفلسطينيين بغزة (رويترز)

تفتتح محكمة العدل الدولية، اليوم (الاثنين)، أسبوعاً من جلسات الاستماع المخصصة لالتزامات إسرائيل الإنسانية تجاه الفلسطينيين، بعد أكثر من 50 يوماً على فرضها حصاراً شاملاً على دخول المساعدات إلى قطاع غزة الذي مزقته الحرب.

وسيبدأ ممثلو الأمم المتحدة ماراثوناً يستمر خمسة أيام في محكمة العدل الدولية، أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة في لاهاي (هولندا)، في الساعة العاشرة صباحاً (08:00 بتوقيت غرينتش) أمام هيئة مؤلفة من 15 قاضياً. وستكون دولة فلسطين أول من سيدلي بمرافعته خلال معظم اليوم.

وهذا الأسبوع، ستقدم 38 دولة أخرى مرافعاتها، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين وفرنسا وروسيا والمملكة العربية السعودية، إضافة إلى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية كبيرة قراراً قدمته النرويج يطلب من محكمة العدل الدولية إصدار رأي استشاري.

ويدعو القرار محكمة العدل الدولية إلى توضيح ما يتعين على إسرائيل أن تفعله فيما يتصل بوجود الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية أو الدول الثالثة «لضمان وتسهيل تسليم الإمدادات العاجلة الضرورية لبقاء السكان المدنيين الفلسطينيين، بلا عوائق».

وتتحكم إسرائيل بكل تدفقات المساعدات الدولية التي تعتبر حيوية بالنسبة لـ2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة الذي يعاني أزمة إنسانية غير مسبوقة، وقد قطعت إسرائيل هذه المساعدات في 2 مارس (آذار) قبل أيام فقط من انهيار وقف إطلاق نار هش بعد 15 شهراً من القتال المتواصل.

نازحون فلسطينيون في طابور للحصول على حصة من الطعام من مطبخ خيري بجباليا في شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)
نازحون فلسطينيون في طابور للحصول على حصة من الطعام من مطبخ خيري بجباليا في شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)

وندد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الجمعة بـ«مجاعة من صنع الإنسان وذات دوافع سياسية».

ووفقاً للأمم المتحدة، نزح نحو 500 ألف فلسطيني منذ نهاية وقف إطلاق النار الذي دام شهرين.

واستأنفت إسرائيل هجماتها الجوية والبرية في 18 مارس، مما أدى إلى ما وصفته الأمم المتحدة بأنه «ربما يكون أسوأ» أزمة إنسانية في القطاع منذ بداية الحرب التي اندلعت بسبب هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

إحباط

وقد تسبب ذلك الهجوم في مقتل 1218 شخصاً في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، وفق إحصاء لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

ومنذ ذلك الحين، أسفرت العمليات الانتقامية العسكرية الإسرائيلية عن مقتل ما لا يقل عن 52243 شخصاً في غزة، معظمهم مدنيون، وفقاً لأرقام وزارة الصحة في القطاع والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقاً بها. وقُتل ما لا يقل عن 2111 فلسطينياً منذ 18 مارس.

ويكرر المسؤولون الإسرائيليون أن الضغط العسكري هو السبيل الوحيد لإجبار «حماس» على إطلاق سراح الرهائن الـ58 الذين ما زالوا محتجزين في غزة، بمن فيهم الـ34 الذين أعلن الجيش مقتلهم.

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

والآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية ليست ملزمة قانوناً، لكن هذا الرأي الاستشاري من شأنه أن يزيد الضغط الدبلوماسي على إسرائيل.

في يناير (كانون الثاني) 2024، دعت محكمة العدل الدولية إسرائيل إلى منع أي عمل محتمل من أعمال الإبادة الجماعية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. وفي مارس 2024، وبناءً على طلب جنوب أفريقيا التي تتهم الدولة العبرية بالإبادة الجماعية، دعت المحكمة إلى اتخاذ تدابير إسرائيلية جديدة للتعامل مع «المجاعة» المنتشرة في القطاع الفلسطيني.

وقال هاريس هوريماجيتش، طالب الدكتوراه في معهد الدراسات العليا في جنيف (سويسرا) إن «الأطراف المنخرطين في النزاع لم يُظهروا التزاماً كبيراً باحترام القانون الدولي».

وأضاف أن «طلب الرأي الاستشاري يعكس الإحباط الواسع النطاق من عدم وجود حوار هادف لمعالجة الوضع الكارثي في غزة».

وكانت محكمة العدل الدولية قد أصدرت في يوليو (تموز) الماضي رأياً استشارياً اعتبرت فيه الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية «غير قانوني» وطالبت بإنهائه في أقرب وقت ممكن.