أثار قائد كبير سابق في الجيش الإسرائيلي عاصفة سياسية، عندما حذر (الأحد)، من أن سياسة الحكومة تدفع بضباط وجنود الجيش إلى أن ينفذوا جرائم حرب في الضفة الغربية مثلما جرى في ألمانيا النازية، وأن «إسرائيل تمارس نظام أبارتهايد» فيها.
وكانت الإذاعة الرسمية الإسرائيلية، قد أجرت مقابلة مع اللواء في جيش الاحتياط الذي شغل منصب نائب رئيس الموساد الأسبق، عميرام ليفين، الأحد، لسماع رأيه في الهزة التي تجتاح الجيش الإسرائيلي، بسبب رفض التطوع للخدمة الاحتياطية على خلفية الاحتجاج الواسع في المجتمع الإسرائيلي على خطة الحكومة للانقلاب على منظومة الحكم وجهاز القضاء. وسئل إن كان قلقاً من هذه الظاهرة، وإلى أي مدى يمكن أن تؤثر على الروح القتالية للجيش، وإن كانت تضعف من جهوزيته الحربية. فقال إنه «قلق جداً»، فالجنود لا يتدربون والطيارون لا يتدربون. وهناك شعور بالاغتراب عن الدولة، وخيرة المقاتلين يشعرون بأن هذه ليست دولتهم. هناك من يسرقها منهم. وإنهم ليسوا مستعدين لخدمة دولة ديكتاتورية فاسدة.
ولكنه قال إنه قلق أكثر على ما يصيب الجيش في المناطق الفلسطينية، فالحكومة ترسله إلى هناك ليفرض النظام والسيادة رغم أنفه. فهو يعرف أن العمل الذي يقوم به لا يلائم جيشاً قوياً عصرياً، ولكنه يضطر إلى ذلك. ولأنها تفرض «حكم أبارتهايد»؛ معاملة للمستوطنين اليهود المتطرفين ومعاملة أخرى للفلسطينيين؛ يصبح، أراد أو لم يرد، «شريكاً في جرائم حرب».
تحولات نازية
وهنا أضاف ليفين جملة أخرى أشعلت نار النقد والهجوم عليه، بقوله: «لدينا على الأرض تحولات عميقة تذكّر بالتحولات التي حدثت في ألمانيا بقيادة النازية». وتابع: «اذهب للتجول في الخليل وسترى شوارع لا يمكن للعرب أن يتجولوا فيها. وهذا مؤلم، لكن هذا هو الواقع. والأفضل مواجهة ذلك بأشد ما يمكن لا تجاهله».
وكان ليفين قد ألقى خطاباً أمام مظاهرة تل أبيب (مساء السبت)، فهاجم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وحمله مسؤولية شخصية عن كل ما يحدث لإسرائيل من تدهور في هذه الأيام؛ لذا سأله المذيع عن رأيه بنتنياهو من معرفته الطويلة به. فعندما انضم نتنياهو الشاب إلى وحدة «الكوماندوس» المختارة التابعة لرئاسة أركان الجيش، كان ليفين قائداً لها. أجاب: «نتنياهو رجل قوي وحاد الذكاء ويعرف بالضبط ما الذي يفعله وما الذي يريده، لكنه اليوم بات شخصاً آخر. فهو أولاً يوجد في الحكم مدة أطول مما ينبغي. وقد نما لديه سلوك الفساد والجشع الذي يشجع على مزيد من الفساد، حتى أصبح متهماً رسمياً بثلاث تهم فساد خطيرة. وأصبح همه الأساسي أن ينجو من حكم بالسجن؛ لذا يسخر كل شيء لديه من صلاحيات وقدرات ونفوذ، ويسخر الدولة برمتها لخدمة قضيته الشخصية. وقد أحاط نفسه بمجموعة من المنافقين الذين يقولون له ما يحب أن يسمع، ولا يجرؤون على قول الحقيقة الموضوعية».
وأضاف: «استغلت ضعف نتنياهو مجموعة مسيانية (يهودية متطرفة)، غالبية قادتها مجرمون مدانون، قدموا من تجمعات استيطان عشوائية يسمون شبيبة التلال، الذين لا يعرفون ما هي الديمقراطية وما هي حقوق الإنسان وينفذون اعتداءات إجرامية على الفلسطينيين والجيش يتفرج عليهم؛ لأن لهم ممثلين في الحكومة يشجعونهم حتى على التطاول على الجيش».
وعدّ أن الوزير إيتمار بن غفير، الذي يقف على رأس مشجعيهم، «يجب أن يجلس خلف قضبان وقفل»، وأن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، شريك بن غفير، وبقية الوزراء من حزبيهما، مجرمون يشجعون على ارتكاب مجازر ضد الفلسطينيين الذين يخضعون لحكمهم، وهو وزير عنصري نهب ميزانية الدولة ويمنع الميزانية عن العرب، «فقط لأنهم عرب».
وتوجه ليفين إلى قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وخاطبهم قائلاً: «كونوا شجعاناً وحازمين ضد مدمري إسرائيل. لن نسمح لنتنياهو ومجموعة وزرائه بتحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية. لن نسمح ولن نسكت حتى ننتصر».
اهتمام إعلامي وهجوم شرس
واحتلت هذه التصريحات عناوين جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية، وهاجمها ممثلو الحكومة بشراسة. وقال داني دانون عضو الكنيست من «الليكود»، عضو لجنة الشؤون الخارجية والأمن، إنه «لأمر محزن أن ينتهي الأمر بمن قدموا خدمات جليلة للدولة بالوقوف بمثل هذا الموقف. أي شخص يقارننا بألمانيا أو النظام النازي، يحتاج إلى الخضوع للفحص الطبي».
وعقّب مكتب الوزير بن غفير فقال: «ليفين يعرف جيداً أنه لم يتم قبول بن غفير في الجيش بضغط سياسي من جماعة اليسار. فليدعُ صديقه إيهود أولمرت (مخالفاً للقانون) وقد أمضى عقوبة في السجن. لقد ألصقوا تهماً بالوزير بن غفير حين كان مراهقاً لقيامه بتوزيع ملصقات ومشاركته بالمظاهرات، (وهو أمر بأجواء اليوم يجعل منه بطلاً)».
يشار إلى أن عميرام ليفين أعرب في عام 2015 عن دعمه لمنظمة «كسر الصمت»، التي تكشف عن مخالفات الجنود الإسرائيليين للقانون الدولي في الضفة الغربية. وأشاد بمهمتها في «تعزيز أخلاقيات الدولة».