إسطنبول تشعل جدلاً داخل أكبر أحزاب المعارضة التركية

وسط توتر غير معلن بين كليتشدار أوغلو وإمام أوغلو

مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو يخطب في الحشود بإزمير في 30 أبريل الماضي (رويترز)
مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو يخطب في الحشود بإزمير في 30 أبريل الماضي (رويترز)
TT

إسطنبول تشعل جدلاً داخل أكبر أحزاب المعارضة التركية

مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو يخطب في الحشود بإزمير في 30 أبريل الماضي (رويترز)
مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو يخطب في الحشود بإزمير في 30 أبريل الماضي (رويترز)

أشعلت بلدية إسطنبول جدلاً جديداً داخل حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، بينما لا يزال التوتر مستمراً بين رئيس بلديتها وزعيم الحزب. ويعقد رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو اجتماعات مع قياديين في الحزب من أجل «التغيير»، فيما اعتبره البعض «محاولة لإزاحة رئيس الحزب»، كمال كليتشدار أوغلو، أو الضغط عليه للاستقالة بعد إخفاقه في الانتخابات الرئاسية في مايو (أيار) الماضي. ويقاوم كليتشدار أوغلو دعوات التنحي، مؤكداً أنه «لن يتخلى عن نضاله حتى لو كان يتعرض للقصف من 10 جبهات».

«الانقلاب» على كليتشدار أوغلو

ترأّس كليتشدار أوغلو، (الأحد)، اجتماعاً لمجلس القرار التنفيذي بالحزب عقب اجتماع عُقد بمقر الحزب (السبت)، ضمّ رؤساء البلديات التابعين له في أنحاء البلاد، بمَن فيهم إمام أوغلو. وأجرى المجلس تقييماً للانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة، التي خسرها كليتشدار أوغلو بوصفه مرشحاً مشتركاً للمعارضة أمام الرئيس رجب طيب إردوغان بفارق ضئيل في جولة الإعادة التي أُجريت في 28 من الشهر ذاته.

وخصّص المجلس الجانب الأكبر من مناقشاته، إلى جانب بحث إقالة عدد من رؤساء فروعه في الولايات، لحديث «التغيير» والاجتماع المسرب لإمام أوغلو وعدد من قيادات الحزب على الإنترنت، الذي ناقشوا فيه مسألة «التغيير» في الحزب.

رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يتحدث أمام مركز اقتراع بإسطنبول في 28 مايو الماضي (أ.ب)

وأثار تسريب ما وُصف بـ«اجتماع الانقلاب على كليتشدار أوغلو»، جدلاً واسعاً في أروقة حزب «الشعب الجمهوري»، لا سيما أنه عُقد دون علم زعيم الحزب. وشارك في الاجتماع «السري» عبر «زووم» رئيس الكتلة البرلمانية للحزب أوزغور أوزيل، ونائب رئيس الكتلة البرلمانية جوكهان جونايدن، وشخصيات بارزة من طاقم كليتشدار أوغلو، مثل إنجين ألطاي وأونورسال أديجوزال وبولنت تزجان ومحرم أركيك؛ لبحث خطوات التغيير. وأظهر تسريب الاجتماع أن المشاركين ناقشوا عقد «مؤتمر استثنائي» لاختيار بديل لكليتشدار أوغلو.

خلاف بين القيادات

خلال كلمته في الاجتماع، أبدى كليتشدار أوغلو انفتاحاً على التغيير؛ رداً على مطالبته بالاستقالة من جانب أحد رؤساء البلديات، قائلاً: «لم أقم في حياتي بترشيح نفسي لأي شيء، وليست لدي رغبة بالبقاء طوال حياتي على الكرسي، ولكن إذا ظهر شخص لديه ماضٍ نظيف وملتزم بمبادئ وقيم الحزب، وسيقود الحزب إلى الأمام، فسوف أتنحى فوراً».

من جانبه، قال إمام أوغلو موجهاً حديثه إلى كليتشدار أوغلو: «كما أكدت سابقاً، أنا مستعد لتولي دور الوسيط في التغيير، لا أجد من الصواب القول إن على رؤساء البلديات عدم الانخراط في السياسة».

وسبق أن أعلن كليتشدار أوغلو خلال فترة الانتخابات أنه لا يرغب في ترشيح رئيسَي بلديتَي أنقرة وإسطنبول لانتخابات رئاسة الجمهورية؛ خوفاً من خسارة البلديتين لصالح حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، وأن رؤساء البلديات يجب أن يواصلوا خدمة الناخبين الذين اختاروهم. وأضاف محذراً: «تنتظرنا أيام عصيبة إذا توجهنا للانتخابات المحلية (في مارس المقبل) من دون مناقشة أخطاء حزبنا، حيث إن المسألة لا تتعلق برئاسة الحزب».

وعن وصف اجتماع «زووم» بأنه «خارج الأعراف» لعقده دون إذن من الحزب ودون العرض على مجلسه أو رئيسه، قال إمام أوغلو: «ليس لدي ما أعتذر عنه، ولا أجد أنه خارج الأعراف».

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» كليتشدار أوغلو يدلي بصوته في الانتخابات الرئاسية بأنقرة في 28 مايو الماضي (أ.ب)

وتحدّثت وسائل إعلام قريبة من حزب «الشعب الجمهوري» عن أن اجتماع رؤساء البلديات شهد توتراً حاداً، وأن إمام أوغلو قال لكليتشدار أوغلو إنه «إذا واصلت تولي رئاسة الحزب دون تغيير، فلن أخوض الانتخابات المحلية المقبلة».

انفتاح على التغيير

وعلى الرغم من أن إمام أوغلو ومعه جبهة من قيادات الحزب يؤكدون الحاجة إلى تغيير شامل في هياكل الحزب وطريقة التفكير من أجل الوصول إلى السلطة، فإن الجدل ينحصر في النهاية في الحاجة إلى استبدال كليتشدار أوغلو (74 عاماً)، الذي انتُخب لقيادته عام 2010.

وكشفت تقارير عن أن كليتشدار أوغلو أبلغهم، خلال الاجتماع، بأن المؤتمر العام للحزب سيُعقد في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وأن الباب مفتوح لمَن يرغب في ترشيح نفسه لرئاسة الحزب، وأنه ليس غاضباً من الانتقادات أو الدعوات إلى التغيير.

وعشية الاجتماع، أعطى كليتشدار أوغلو رسالة على رفضه الاستقالة من رئاسة الحزب؛ لأنه لا يعتقد بأن مهمته تنحصر في ذلك، بل في النضال من أجل التغيير الذي عبّر عنه 25 مليون ناخب في الانتخابات الأخيرة، قائلاً: «حتى لو كنت أتعرض للقصف من 10 جبهات فلن أتخلى عن النضال الذي أخوضه».

وقال كليتشدار أوغلو، في لقاء مع عدد من كتاب صحيفة «حرييت»، القريبة من الحكومة، إن نسبة الـ48 في المائة، التي حققتها أحزاب المعارضة الستة التي شكلت «تحالف الأمة» في انتخابات الرئاسة، لم يسبق أن تحققت للمعارضة مجتمعة في أي انتخابات سابقة. وأضاف: «لقد شكلنا طاولة من 25 مليون مواطن تضم ألواناً مختلفة، وتقول دعونا نتحد ضد الاستبداد وضد الديكتاتورية، ولنجعل تركيا تقف على قدميها مرة أخرى، ولا ينبغي أن ننسى أن تصويت (حزب العدالة والتنمية) انخفض من 49 في المائة إلى 35 في المائة، رغم استخدام السلطة الموارد العامة بـ(قسوة ووقاحة) في جميع الانتخابات تقريباً من 2015 وحتى الانتخابات الأخيرة».


مقالات ذات صلة

تركيا تحقق بمقتل فلسطيني في إطلاق نار في إسطنبول

شؤون إقليمية عناصر من الشرطة ونيابة إسطنبول أثناء جمع الأدلة بمنطقة إطلاق النار على فلسطينيين (متداولة)

تركيا تحقق بمقتل فلسطيني في إطلاق نار في إسطنبول

تحقق السلطات التركية في مقتل رجل أعمال فلسطيني يقال إنه على علاقة بـ«حماس» في حادث إطلاق نار في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية أشخاص ينتظرون حافلة في كهرمان مرعش المتضررة بالزلزال في 28 مايو 2023 (أ.ف.ب)

بعد 25 عاماً على «كارثة مرمرة»... إسطنبول تعيش مخاوف زلزال كبير

600 ألف مبنى سكني يقطنها نحو 2.5 مليون نسمة معرضة للانهيار في الدقائق الأولى من زلزال محتمل يهدد إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
يوميات الشرق مختلف موديلات الحقائب موجودة هنا (أ.ف.ب)

بازار إسطنبول الكبير... التقليد يطيح بالتقاليد والمزوَّر ينهش الأصلي

هذه التجارة تُسهَّل من خلال التسامح الثقافي الكبير، الذي يمتدّ في بعض الحالات إلى مَن يُفترض بهم تنفيذ القوانين وعناصر الشرطة والقضاة.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
شؤون إقليمية رجب طيب وأمينة إردوغان لدى إدلائهما بصوتهما في إسطنبول الأحد (أ.ف.ب)

تركيا تحسم «معركة إسطنبول» اليوم وسط استقطاب حاد

صوّت الناخبون الأتراك، الأحد، في واحدة من أكثر الانتخابات المحلية حساسية في تاريخ الجمهورية التركية، اتفق الشارع على تسميتها بـ« معركة إسطنبول»

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في 15 أغسطس 2023 (رويترز)

سباق الانتخابات المحلية التركية يحتدم... وضغوط على إمام أوغلو

تصاعدت حدّة السباق استعداداً للانتخابات المحلية التي تشهدها تركيا في 31 مارس المقبل والتي يمكن اختزال أصدائها في انتخابات إسطنبول

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

توقيف شابة لإلقائها رمالاً على بن غفير خلال جولته في أحد شواطئ تل أبيب

وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يتحدث إلى عناصر الطوارئ مطلع الشهر الحالي (رويترز)
وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يتحدث إلى عناصر الطوارئ مطلع الشهر الحالي (رويترز)
TT

توقيف شابة لإلقائها رمالاً على بن غفير خلال جولته في أحد شواطئ تل أبيب

وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يتحدث إلى عناصر الطوارئ مطلع الشهر الحالي (رويترز)
وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يتحدث إلى عناصر الطوارئ مطلع الشهر الحالي (رويترز)

ألقت السلطات الإسرائيلية القبض على شابة تبلغ من العمر 27 عاماً، الجمعة، بتهمة رمي رمال مبللة على وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير خلال جولته بشاطئ في تل أبيب، وتم احتجازها طوال الليل في السجن.

وقالت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» إن مجموعة تمثل المتظاهرين المحتجزين المعارضين للحكومة ذكروا أن اسم المتظاهرة نواه غولدنبرغ، وهي محتجزة حتى ليلة السبت على الأقل، لحين تنظر المحكمة إلى قضيتها، فيما تنفي غولدنبرغ هذه التهمة.

وكانت المجموعة قد تقدمت بطلب إلى المحكمة للإفراج عن غولدنبرغ لأسباب طبية، لكن الطلب رُفض «خوفاً من التلاعب» بالتحقيق، فيما غضب النشطاء من فشل الشرطة لساعات طويلة في كشف مكان وجود غولدنبرغ.

وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (د.ب.أ)

ونشرت شارون غولدنبرغ، والدة المتظاهرة، على منصة «إكس»، صورة لابنتها في زنزانة بمركز شرطة في تل أبيب وهي مقيدة اليدين والقدمين، وكتبت: «قررت الشرطة الدكتاتورية، دون مبرر، المخاطرة بحياة ابنتي التي تعاني من مرض مزمن، وتتركها في الاحتجاز، وهو ما يهدد حياتها»، مضيفة أن ابنتها ليست لديها جرائم سابقة.

وقالت الشرطة إنها «تأخذ جريمة الاعتداء على موظف عام على محمل الجد للغاية».

وتم القبض على غولدنبرغ، الجمعة، عندما كانت على شاطئ في تل أبيب مع أصدقائها عندما مر بن غفير، وأثار ظهور الوزير رد فعل غاضب من بعض رواد الشاطئ، الذين يمكن سماعهم وهم يصرخون «قاتل» عليه في لقطات نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويتهم المنتقدون بن غفير بإحباط اتفاق وقف إطلاق النار لتأمين إطلاق سراح 101 رهينة متبقين من غزة.

وأظهرت لقطات على وسائل التواصل الاجتماعي شرطيين يسيرون لإلقاء القبض عليها بعد إلقاء بعض الرمال في اتجاه الوزير.

واتهم بن غفير، الذي تولى منصبه في أواخر عام 2022، بتسييس الشرطة، إذ أمر بالامتناع عن توقيف المتطرفين اليمينيين الذين هاجموا الشاحنات التي تحمل مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، كما فشلت الشرطة في متابعة العديد من القضايا الأخيرة من عنف المستوطنين في الضفة الغربية، واقتحامهم قاعدتين للجيش بعد توقيف 10 جنود للاشتباه في تعذيبهم سجيناً فلسطينياً.