تركيا ترفض الرضوخ لـ«ضغط الوقت» بشأن عضوية السويد في «الناتو»

رحبت بتمديد ولاية ستولتنبرغ أميناً عاماً للحلف

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مستقبلاً الأمين العام لـ«الناتو» ينس ستولتنبرغ في أنقرة 4 يونيو (د.ب.أ)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مستقبلاً الأمين العام لـ«الناتو» ينس ستولتنبرغ في أنقرة 4 يونيو (د.ب.أ)
TT

تركيا ترفض الرضوخ لـ«ضغط الوقت» بشأن عضوية السويد في «الناتو»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مستقبلاً الأمين العام لـ«الناتو» ينس ستولتنبرغ في أنقرة 4 يونيو (د.ب.أ)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مستقبلاً الأمين العام لـ«الناتو» ينس ستولتنبرغ في أنقرة 4 يونيو (د.ب.أ)

استبقت تركيا الاجتماع رفيع المستوى لوزراء خارجيتها وفنلندا والسويد، الذي يعقد في بروكسل الخميس، بمشاركة رؤساء أجهزة المخابرات ومستشاري الأمن القومي في الدول الثلاث لبحث ملف انضمام ستوكهولم إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، بالتأكيد على أنها لن تخضع لضغط الوقت بالنظر إلى قمة الحلف التي تعقد في ليتوانيا يومي 11 و12 يوليو (تموز) الحالي.

واستمرت الاتصالات بشأن طلب السويد وموقف تركيا منه. وذكرت وزارة الخارجية التركية أن وزير الخارجية، هاكان فيدان، بحث مع نظيره الأميركي، أنتوني بلينكن، الأربعاء، مسألة توسع حلف «الناتو» وتمديد اتفاقية الممر الآمن للحبوب في البحر الأسود التي تسمح بخروج الحبوب من موانئ أوكرانيا إلى أسواق العالم قبل انتهاء العمل بها في 18 يوليو الحالي. وجاء الاتصال بين فيدان وبلينكن، وهو الثالث منذ تولي فيدان منصبه في الحكومة التركية الجديدة في يونيو (حزيران) الماضي، قبل ساعات من لقاء الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون لمناقشة ملف الانضمام إلى «الناتو» والحرب في أوكرانيا.

وخلال مشاركته في الاجتماع الوزاري للمكتب التنسيقي لحركة عدم الانحياز في العاصمة الأذربيجانية باكو، الأربعاء، جدد فيدان انتقاداته لسماح سلطات السويد لمتطرف من أصل عراقي بحرق نسخة من القرآن الكريم أمام المسجد المركزي في ستوكهولم في أول أيام عيد الأضحى، قائلاً إن «السماح بالقيام بذلك بذريعة حرية التعبير إهانة صارخة لمليارات البشر. وإن الاعتداءات على المسلمين، لا سيما في أوروبا، كادت تتحول إلى وباء».

وجدد فيدان، في مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في أنقرة الثلاثاء، موقف أنقرة من انضمام السويد إلى «الناتو»، مشدداً على أن بلاده لن تخضع للضغوطات لدعم انضمام الدولة الاسكندنافية، وأنها تقيّم فائدة انضمامها إلى الحلف. وقال: «إننا لا نوافق أبداً على استخدام ضغط الوقت كوسيلة، ولا نخضع لهذا الضغط».

تزايد الضغوط

وتواجه تركيا ضغوطاً شديدة من «الناتو» والدول الأعضاء، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، للمصادقة على طلب السويد قبل أو أثناء قمة «الناتو» في العاصمة الليتوانية فيلينوس، لكنها لا ترغب في أن تعطي موافقتها على طلب السويد من دون تحقيق شروطها، سواء من السويد نفسها أو من الولايات المتحدة.

وتطالب تركيا السويد بموقف صارم من عناصر «حزب العمال الكردستاني» على أراضيها وتسليم العشرات منهم، إلى جانب العشرات من عناصر «تنظيم فتح الله غولن»، في إشارة إلى عناصر حركة «الخدمة» التابعة لغولن والمتهمة من قبل أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016.

وأكد الرئيس رجب طيب إردوغان، الاثنين، أن تركيا لن توافق على انضمام السويد إلى «الناتو»، إلا إذا امتنعت عن إيواء «التنظيمات الإرهابية». وأضاف: «على الجميع الإقرار بأنهم لا يمكنهم تكوين صداقة مع تركيا بينما يسمحون للإرهابيين بالتظاهر في أكبر الميادين المركزية في مدنهم».

دور المجر

في الوقت ذاته، أعلنت المجر دعمها لأي قرار ستتخذه تركيا بشأن طلب السويد الانضمام إلى «الناتو». وقال وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو، عبر «فيسبوك»، إنه يجري اتصالات بشكل منتظم مع نظيره التركي هاكان فيدان بشأن السويد، مضيفاً أن «فيدان سيبحث مع مسؤولين سويديين في بروكسل مسألة عضوية (الناتو)، وإذا تغير موقف تركيا فإن المجر لن تقف حائلاً أمام انضمام أي دولة للناتو».

وقرر برلمان المجر تأجيل جلسة النظر في المصادقة على طلب السويد إلى الخريف المقبل، رافضاً مناقشته قبل التوجه إلى عطلته الصيفية، التي تبدأ الجمعة.

ترحيب تركي

في غضون ذلك، رحبت تركيا بقرار «الناتو» تمديد ولاية أمينه العام، ينس ستولتنبرغ، عاماً آخر للمرة الرابعة. وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان الأربعاء: «نُرحّب بقرار مجلس (الناتو) تمديد ولاية الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ حتى 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2024». وأضافت: «نهنئ الأمين العام للناتو ستولتنبرغ الذي أظهر تعاوناً وثيقاً وتضامناً مع بلدنا، وبذل جهوداً منذ توليه مهامه عام 2014 للحفاظ على وحدة وتضامن الحلف في مواجهة التهديدات والتحديات المتزايدة، بما في ذلك الإرهاب». وأعربت عن ثقتها بأنه سيواصل إظهار القيادة المطلوبة.

وأعلن «الناتو»، في بيان الثلاثاء، أن دوله الأعضاء اتفقت على تمديد ولاية ستولتنبرغ، التي تنتهي في 30 سبتمبر (أيلول) المقبل، عاماً آخر للمرة الرابعة.

وهنأ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ستولتنبرغ، بتمديد ولايته. وعبر في تغريدة على «تويتر» عن ثقته بأنه سيساهم بشكل كبير في الحلف والسلام العالمي، خاصة في ظل التحديات الصعبة، والحاجة الماسة إلى الأمن.


مقالات ذات صلة

تقرير: مرشح ترمب لمنصب وزير الدفاع يهاجم الأمم المتحدة و«الناتو» ويحث على تجاهل اتفاقيات جنيف

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يدلي بتصريح قبل الانتخابات مع مقدم البرامج في «فوكس نيوز» بيت هيغسيث الذي رشحه لمنصب وزير الدفاع (رويترز)

تقرير: مرشح ترمب لمنصب وزير الدفاع يهاجم الأمم المتحدة و«الناتو» ويحث على تجاهل اتفاقيات جنيف

استعرضت «الغارديان» البريطانية وجهات نظر بيت هيغسيث، مرشح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لمنصب وزير الدفاع، تجاه كثير من التحالفات الأميركية الرئيسة

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا المرشح المؤيّد لروسيا كالين جورجيسكو يتحدث للإعلام بعدما ترشح بوصفه مستقلاً للانتخابات الرئاسية في بوخارست 21 أكتوبر 2024 (أ.ب)

رومانيا: مفاجأة روسية في الانتخابات الرئاسية

تُعد نتيجة الانتخابات بمثابة زلزال سياسي في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 19 مليون نسمة، وبقي إلى الآن في منأى عن المواقف القومية على عكس المجر أو سلوفاكيا.

«الشرق الأوسط» (بوخارست)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال لقاء تلفزيوني (رويترز)

لمن سينصت ترمب... روبيو أم ماسك؟

قال موقع «بولتيكو» إن كبار المسؤولين الأوروبيين المجتمعين في هاليفاكس للأمن الدولي قلقون بشأن الأشخاص في الدائرة المقربة من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جانب من التجارب الروسية على إطلاق صواريخ لمحاكاة رد نووي (أرشيفية - أ.ف.ب)

ما مدى احتمال استخدام روسيا أسلحتها النووية؟

تتبادل الولايات المتحدة وروسيا معلومات بشأن صواريخهما النووية طويلة المدى الاستراتيجية بموجب معاهدة «ستارت» الجديدة التي سينتهي العمل بها عام 2026

«الشرق الأوسط» (لندن)

7 أسباب رئيسية تدفع إيران لتغليب الحوار مع «الترويكا» الأوروبية على المواجهة

رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
TT

7 أسباب رئيسية تدفع إيران لتغليب الحوار مع «الترويكا» الأوروبية على المواجهة

رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)
رافاييل غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة يوم 20 نوفمبر بمناسبة اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي ندد بفقدان التعاون من قبل إيران (أ.ف.ب)

من الصعب التكهن، منذ اليوم، بما ستسفر عنه المحادثات حول مصير البرنامج النووي الإيراني التي ستجرى، يوم الجمعة المقبل، على الأرجح في جنيف، بين إيران و«الترويكا» الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) التي كانت الدافع لمجلس محافظي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، بدعم من الولايات المتحدة، لتبني قرار يندد بعدم تعاون طهران بشأن الملفات الخلافية بينها وبين الوكالة.

ويبدو أن طهران تحاول المزاوجة بين الرد «القوي» من خلال نشر طاردات مركزية لتسريع، ورفع تخصيب اليورانيوم وبين الرد «السلس» عبر إبداء رغبتها في الحوار مع «الترويكا»، بل الانفتاح على البحث عن اتفاق نووي جديد يكون بديلاً عن اتفاق عام 2015 الذي لم يبق منه الكثير.

ولكن بالمستطاع حل إشكالية التناقض بين الموقفين لجهة تغليب الرغبة في التفاوض على السعي للتصعيد، وذلك لمجموعة عوامل متشابكة داخلياً وإقليمياً ودولياً، مع الإشارة إلى أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي كان المحاور الرئيسي للأوروبيين بين عامين 2021 و2022، التقى هؤلاء في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة.

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

ترمب... أول التهديدات

تقول مصادر دبلوماسية في باريس، في توصيفها لتعيينات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في المناصب ذات الصلة بالشرق الأوسط، إن الخيط الجامع بينها أنها مؤيدة من غير تحفظ لإسرائيل، وأنها معادية لأقصى الحدود لإيران. وبدأت التهديدات لطهران تلوح في الأفق قبل شهرين من عودة ترمب إلى البيت الأبيض، إذ أكدت أوساطه أن «أوامر تنفيذية عدة خاصة بإيران سيتم الإعلان عنها في اليوم الأول من تسلمه الرئاسة، وأنها ستكون نافذة لأنها لا حاجة لمصادقة الكونغرس.

ولكن بالنظر لطباع ترمب وتقلباته، لا يمكن استبعاد قيام صفقة مفاجئة بينه وبين إيران تتناول النووي، غير أن مسائل أخرى تتعلق بأداء طهران في الشرق الأوسط والكيانات والتنظيمات التي تدعمها، قد تعني أنه سيكون على إيران أن تقدم تنازلات رئيسية، وأن تتخلى عن خطها الثوري وأن «تتطبع».

وهذا الاحتمال يبقى بعيداً، والأرجح أن تعود واشنطن إلى ممارسة «الضغوط القصوى» السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، وربما أكثر من ذلك لإرغام طهران على المجيء صاغرة إلى طاولة المفاوضات من أجل اتفاق يزيل نهائياً إمكانية حصولها على سلاح نووي.

من هنا، فإن الطرف الإيراني يريد، من خلال التفاوض مع «الترويكا»، الاستفادة من مهلة الشهرين لتحقيق هدفين متلازمين، وهما: اختراق نووي إبان ما تبقى من ولاية الرئيس جو بادين من جهة، ومن جهة أخرى، محاولة دق إسفين بين الأوروبيين وإدارة ترمب القادمة عن طريق «إغراء» الترويكا ومنعها من «الالتحام» مع واشنطن لاحقاً.

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وصل إلى الرئاسة بوعود تحسين المعيشة اليومية للإيرانيين (د.ب.أ)

مغامرة عسكرية إسرائيلية - أميركية

والحقيقة أن إيران تبحر في محيط مجهول، ويكفي لذلك الإشارة إلى أن ترمب رأى أنه كان على إسرائيل أن تضرب المواقع النووية الإيرانية في حملتها الجوية يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول) على إيران، رداً على هجمات طهران الصاروخية بداية الشهر المذكور.

وسبق لترمب أن أمر بالقضاء على قاسم سليماني بداية عام 2020 لدى خروجه من مطار بغداد. ومن هذا المنطلق، فإن طهران تقوم بمحاولة «استباقية» ويزداد خوفها من ضربة عسكرية مشتركة أميركية - إسرائيلية يحلم بها رئس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منذ سنوات، لسببين: الأول، أن الضربة الإسرائيلية الأخيرة أضعفت الدفاعات الجوية الإيرانية بعد استهداف بطاريات «إس 300» الأربعة، روسية الصنع، ما دفع نتنياهو إلى القول إن الطائرات الإسرائيلية يمكنها، راهناً، أن تسرح وتمرح في الأجواء الإيرانية من غير أن تقلق. والثاني أن إيران كانت تراهن على التنظيمات الموالية لها لتهديد إسرائيل بحرب شاملة وعلى جبهات متعددة في حال هاجمتها واستهدفت برنامجها النووي.

والحال، أن حركة «حماس» لم تعد في وضع تهدد فيه إسرائيل، وكذلك فإن «حزب الله» الذي كان يعد أقوى تنظيم غير حكومي في المنطقة أصبح مقيد اليدين، ولن يغامر بحرب «إسناد» جديدة مع إسرائيل في حال تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بينه وبين تل أبيب؛ لذا فإن طهران أخذت تجد نفسها «مكشوفة» ومن غير ظهير فاعل، ما يدفعها لتغليب الحوار من البوابة الأوروبية.

عباس عراقي وزير الخارجية الإيراني أول من أشار في أغسطس الماضي إلى احتمال تفاوض إيران على اتفاق نووي جديد (رويترز)

بعبع «سناب باك»

لم ينص قرار مجلس المحافظين الأخير على تفعيل آلية «سناب باك» التي يعود بموجبها الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن ومعه العودة لفرض عقوبات أممية على طهران، لكن ظله كان يخيم على المحافظين. وقال مصدر دبلوماسي أوروبي في باريس إن فشل جولة المفاوضات المرتقبة، وتمنع طهران عن الاستجابة لما طلبه منها محافظو الوكالة في قرارهم الأخير «سيعني الذهاب في شهر مارس (آذار) 2025، موعد الاجتماع القادم للمجلس، الذهاب إلى مجلس الأمن، وأن الأوروبيين لن يعارضوا هذه المرة، مثلما فعلوا في عام 2018، الرغبة الأميركية في فرض تنفيذ آلية «سناب باك» بحجة أن واشنطن خرجت من الاتفاق النووي لعام 2015، ومن ثم فقدت حقها في طلب تفعيل الآلية المذكورة.

ويذكر أن العمل بموجبها سيعني معاودة فرض 6 مجموعات من العقوبات الاقتصادية والمالية الدولية - وليس الأميركية وحدها - على طهران، ما سيؤثر بقوة على اقتصادها، بينما وصل مسعود بزشكيان إلى مقعد الرئاسة وهو يجر وراءه لائحة طويلة من الوعود التي أغدقها على الإيرانيين، وأولها تحسين أوضاعهم المعيشية التي ينهشها الغلاء والتضخم وغياب الاستثمارات الخارجية وخسارة العملة الإيرانية للكثير من قيمتها إزاء العملات الأجنبية. ومنذ اليوم، يمكن الرهان على أن إدارة ترمب ستسعى لخنق إيران من خلال التضييق على صادراتها من النفط موردها الأول من العملة الأجنبية، كما يمكن الرهان أيضاً على أن الأوروبيين سيستخدمون الورقة الإيرانية للتقارب مع سيد البيت الأبيض القديم ــ الجديد من أجل أغراض أكثر استراتيجية بالنسبة إليهم كمصير الحلف الأطلسي وما يعنيه من توافر مظلة نووية أميركية، بينما الطرف الروسي يواظب على التلويح باللجوء إلى السلاح النووي الذي لم يعد من المحرمات.

ولم تتردد الخارجية البريطانية في تأكيد الالتزام بفرض إجراءات عقابية إضافية على إيران «في حال لزم الأمر» في إشارة واضحة إلى «سناب باك». فالأشهر الـ13 الأخيرة غيرت كثيراً من المعادلات في منطقة الشرق الأوسط، وطالت إيران التي يبدو أن عليها التأقلم مع المعطيات المستجدة ما يفسر تأرجحها بين التصعيد والانفتاح، لكن هدفها الحقيقي والفعلي هو الخيار الأخير الأقل تكلفة.