تركيا: إقبال كثيف وتدفق سلس إلى مكاتب الاقتراع

«الشرق الأوسط» ترصد أجواء العملية الانتخابية قبل ساعات من الحسم

ناخبة تدلي بصوتها في مدرسة بإسطنبول (د.ب.أ)
ناخبة تدلي بصوتها في مدرسة بإسطنبول (د.ب.أ)
TT

تركيا: إقبال كثيف وتدفق سلس إلى مكاتب الاقتراع

ناخبة تدلي بصوتها في مدرسة بإسطنبول (د.ب.أ)
ناخبة تدلي بصوتها في مدرسة بإسطنبول (د.ب.أ)

اصطحب أحمد جوموش والدته وزوجته وطفليه الاثنين إلى إحدى المدارس في العاصمة التركية للتصويت في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية، التي ستحسم هوية الرئيس الثالث عشر لتركيا من بين مرشحين اثنين؛ هما الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان ومرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو.

وقال جوموش لـ«الشرق الأوسط»، خلال جولته في مراكز الاقتراع: «لقد صوّتّ أنا ووالدتي وزوجتي في الجولة الأولى، وها نحن أولاء نصوت في جولة الإعادة. نتمنى أن يكتب الله الخير لبلادنا... اصطحبت طفليَّ معي ليشاهدا أجواء الانتخابات، ويتعودا عليها من أجل التصويت في المستقبل».

ناخبون ينتظرون دورهم للتصويت في جولة الإعادة في إسطنبول (رويترز)

مثل عائلة جوموش، توجّهت آلاف العائلات إلى مكاتب الاقتراع للتصويت، حرصاً على حسم انتخابات يعدها الأتراك مصيرية. كما صاحب إحساس كبير بالمسؤولية عملية التصويت، إذ إن هذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها تركيا انتخابات إعادة على منصب الرئيس، كما قال شنول يلديز الذي جاء للإدلاء بصوته برفقة زوجته وابنته البالغة من العمر 19 عاماً.

سادت أجواء من الهدوء والسلاسة في مكاتب الاقتراع التي رصدتها «الشرق الأوسط». وعلى الرغم من وجود صفوف انتظار خارج المكاتب، فإن عملية التصويت بدت أسرع من الجولة الأولى التي كان على الناخب أن يصوت فيها في بطاقتين، إحداهما مخصصة للانتخابات البرلمانية والأخرى للانتخابات الرئاسية.

ناخب يحمل بطاقة اقتراع في ملاطيا (أ.ب)

يتوافد ناخبون من مختلف الأعمار على مراكز الاقتراع، وكان لافتاً حرص المسنين وناخبين من ذوي الاحتياجات الخاصة على الحضور إلى المراكز القريبة من منازلهم، فيما وفرت السلطات وسائل نقل لمن يرغب في الإدلاء بصوته، فضلاً على وجود صناديق متنقلة للناخبين الذين تعوقهم ظروفهم الصحية أو كبر سنهم عن الخروج للتصويت.

ناخبة تتلقى مساعدة للإدلاء بصوتها في ديار بكر (أ.ف.ب)

وشهدت الشوارع المحيطة بمراكز الاقتراع حركة وازدحاماً غير مألوفين في عطلة نهاية الأسبوع في تركيا. وتكرر مشهد الجولة الانتخابية الأولى في 14 مايو (أيار)، من حيث كثافة الإقبال على التصويت. ولعب الطقس المعتدل دوراً كبيراً في ذلك، فقد قررت أغلبية الأسر الخروج للتصويت، ومن بعدها التوجه إلى المتنزهات والمطاعم والمقاهي، قبل موعد صدور نتائج الانتخابات في بث مباشر لعمليات الفرز عبر شاشات التلفزيون.

أنصار كليتشدار أوغلو يلتفون حوله خارج مركز اقتراع بأنقرة (أ.ف.ب)

وسألت «الشرق الأوسط» بعض الناخبين عن المرشح الذي صوتوا له. وفيما رفض البعض الإفصاح، فإن الشابة بتول كايا (22 عاماً) أكّدت التصويت لصالح كليتشدار أوغلو، لأنها ترغب في أن ترى «نوعاً من التغيير»، وتريد «أملاً في المستقبل». وفي مقهى قريب من أحد مراكز الاقتراع، قالت عائشة (40 عاماً)، التي تعمل في المقهى إنها منحت صوتها أيضاً لمرشح المعارضة؛ لأنها ترغب في أن «تعود تركيا التي عرفتها قبل 20 عاماً».

إردوغان يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في إسطنبول (أ.ب)

أما محرم صاري كايا (62 عاماً)، فقال إنه هو وزوجته وأبناءه الثلاثة صوتوا لصالح إردوغان؛ لأنهم يرون أنه «الشخص القادر على قيادة البلد، والحفاظ على الاستقرار، ولم يتخلف عن وعوده في كل الانتخابات التي خاضها من قبل، ويحارب الإرهابيين الذين يريدون تقسيم البلد». وبدورها، قالت زينب غل إنها صوتت لإردوغان، لأنها تعرفه جيداً، وتعرف ما قدّم لتركيا، ولأنها لا ترى أحداً في المعارضة يمكنه أن يحقق ما حققه.


مقالات ذات صلة

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

شؤون إقليمية كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان وبهشلي خلال الاحتفال بذكرى تأسيس الجمهورية التركية في 29 أكتوبر الماضي (الرئاسة التركية)

تركيا: انقسام حول المشكلة الكردية... وإردوغان قد يختار الانتخابات المبكرة

تعمق الجدل والانقسام حول احتمالات انطلاق عملية جديدة لحل المشكلة الكردية في تركيا... وذهبت المعارضة إلى وجود أزمة داخل «تحالف الشعب» الحاكم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية يسود جدل واسع في تركيا حول خلافات غير معلنة بين إردوغان وحليفه دولت بهشلي (الرئاسة التركية)

بهشلي جدد دعوة أوجلان للبرلمان وأكد عدم وجود خلاف مع إردوغان

جدد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي تمسكه بدعوته لحضور زعيم حزب العمال الكردستاني السجين للحديث أمام البرلمان مشدداً على عدم وجود خلاف مع إردوغان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الشرطة تمنع أعضاء مجلس بلدية أسنيورت في إسطنبول من حزب «الشعب الجمهوري» من دخول مبناها بعد عزل رئيسها أحمد أوزرا (موقع الحزب)

خلاف مبطن بين إردوغان وبهشلي قد يقود لانتخابات مبكرة في تركيا

تصاعدت حدة الجدل في تركيا حول تصريحات رئيس حزب «الحركة القومية» بأن هدف الدستور الجديد الذي يجري إعداده هو ترشيح الرئيس رجب طيب إردوغان للرئاسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان وبهشلي خلال احتفال تركيا بذكرى تأسيس الجمهورية في 29 أكتوبر الماضي (الرئاسة التركية)

بهشلي يشعل جدلاً جديداً: دستور تركيا الجديد هدفه إبقاء إردوغان رئيساً

فجر رئيس حزب "الحركة القومية" جدلا جديدا في تركيا بإعلانه أن هدف الدستور الجديد للبلاد سيكون تمكين الرئيس رجب طيب إردوغان من الترشح للرئاسة مجددا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)
محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)
TT

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)
محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

اندلعت أعمال عنف وصدامات بين الشرطة ومحتجين، على خلفية عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيَّيْن بدلاً منهما.

وقالت وزارة الداخلية التركية إنه تم وقف رئيسَيْ بلدية تونجلي، جودت كوناك، المنتمي إلى حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد، وبلدية أوفاجيك، التابعة لها، مصطفى صاريغول، المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، بعدما حُكم عليهما بالحبس بسبب عضويتهما في منظمة إرهابية (حزب العمال الكردستاني).

وأصدر والي تونجلي قراراً بحظر التجمعات في المناطق المفتوحة والمسيرات وإلقاء البيانات الصحافية في المدينة لمدة 10 أيام اعتباراً من الجمعة، وصدر قرار مماثل من والي إلازيع المجاورة بالحظر لمدة 7 أيام اعتباراً من السبت.

إدانة بالإرهاب وعزل

وحكم على رئيسي البلديتين، الخميس، بالحبس لمدة 6 سنوات و3 أشهر لكل منهما بتهمة الإرهاب والانتماء إلى حزب العمال الكردستاني. وتم فرض حظر السفر الدولي عليهما؛ حيث طلب اعتقالهما في القضية المنظورة بالمحكمة الجنائية في تونجلي منذ عام 2022.

رئيس بلدية تونجلي المعزول جودت كوناك (إكس)

وأفادت وزارة الداخلية التركية، في بيان، ليل الجمعة - السبت، بأنه تم تعيين والي تونجلي، بولنت تكبيك أوغلو، ليحل محل كوناك، وحاكم منطقة أوفاجيك، حسين شامل سوزين، ليحل محل صاريغول، الذي انتُخِب لرئاسة البلدية للمرة الثانية على التوالي في الانتخابات المحلية التي أُجريت في 31 مارس (آذار) الماضي.

رئيس بلدية أوفاجيك التابعة لتونجلي المعزول مصطفى صاريغول (إكس)

وكانت ممارسة عزل رؤساء البلديات المنتخبين وتعيين أوصياء بدلاً منهم تقتصر، في العقد الماضي، على الأحزاب المؤيدة للأكراد، التي تتهمها السلطات بالارتباط بـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف لدى تركيا وحلفائها الغربيين منظمة إرهابية، الذي يخوض تمرداً مسلحاً ضد الدولة التركية منذ عام 1948.

والجديد أن ممارسة العزل وتعيين الأوصياء امتدت إلى رؤساء البلديات المنتخبين من حزب الشعب الجمهوري، بعد اتهامات من الرئيس رجب طيب إردوغان للحزب بـ«السير مع الإرهابيين».

ومع عزل كوناك وصاريغول، يرتفع عدد البلديات التي تم تعيين أوصياء عليها، منذ الانتخابات المحلية في مارس، إلى 7 بلديات. وكان أول من تم عزلهم رئيس بلدية هكاري محمد صديق كوشو، من الحزب الكردي، في 3 يونيو (حزيران)، قبل أن يتم اعتقال رئيس بلدية إسنيورت، وإقالة رؤساء بلديات ماردين، أحمد تورك، وبطمان، غولستان شونوك، وهالفيتي، محمد كارايلان.

ممارسة متكررة

وتسبب اعتقال وعزل رؤساء 4 بلديات، خلال الشهرين الحالي والماضي، في احتجاجات واسعة بتركيا وإدانات من مجلس أوروبا ومنظمات مدافعة عن حقوق الإنسان والديمقراطية.

احتجاجات على عزل رؤساء البلديات المنتخبين وتعيين أوصياء بدلاً منهم (موقع حزب الشعب الجمهوري المعارض)

وعقب إعلان عزل كوناك وصاريغول، تجمع المواطنون حول مقر بلدية تونجلي احتجاجاً على تعيين وصيّ عليها، وتدخلت قوات الأمن، وفرضت طوقاً حولها لمنعهم من اقتحامها، ووقعت صدامات بين الجانبين، واستخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.

وأضرم محتجون غاضبون النار في الشوارع، وتحولت المنطقة المحيطة بالبلدية إلى ما يشبه ساحة معركة.

المعارضة تتحدى الحظر

وقررت أحزاب المعارضة تحدي قرار الحظر، وتوافد رؤساء حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب وفروعه، ونوابه في البرلمان، على تونجلي، لتنظيم مسيرة إلى البلدية، وشكل حزب الشعب الجمهوري وفداً من نوابه للبرلمان للمشاركة في المسيرة.

ووصف رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزال، عبر حسابه في «إكس»، قرار عزل رئيسَي البلديتين بأنه «سرقة للإرادة الوطنية بشكل فاضح»، لافتاً إلى أن جنازة حضرها رئيس بلدية أوفاجيك، مصطفى صاريغول، عام 2012، أصبحت موضوعاً لدعوى قضائية في عام 2022، واعتُبِرت جريمة في عام 2024.

وأعلن أوزال في تغريدة لاحقة أنه ستتم دعوة 414 رئيس بلدية للاجتماع في مقر حزب الشعب الجمهوري الرئيسي بأنقرة، في 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، لإعلان مواجهة الوصاية وهجمات الحكومة على بلديات المعارضة الواحدة تلو الأخرى.

متظاهرون يحاولون اقتحام حاجز للشرطة حول بلدية تونجلي (إكس)

وقال حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، في بيان، إن «الحكومة تقضي على إرادة الشعب خطوة بخطوة، وإن الانقلاب الذي تنفذه، عبر سياسة الوصي، لن يخيف حزبنا أو يثني الناس عن خياراتهم السياسية».

شجار مع وزير الداخلية

كان وزير الداخلية التركي، علي يرليكايا، كشف، خلال مناقشة موازنة وزارته في البرلمان الخميس، أنه تم منح 176 إذناً بالتحقيق، من أصل 1701 شكوى مقدمة بشأن البلديات، منها 59 من حزب العدالة والتنمية (الحاكم)، و58 من حزب الشعب الجمهوري، و21 من حزب الحركة القومية، و7 من حزب الجيد، و10 من حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب. وأكد أنه «لن يتم السماح بأن تتحول البلديات إلى خدمة الإرهاب بدلاً من خدمة الشعب».

نواب من حزب الشعب الجمهوري المعارض أثناء منعه من دخول قاعة اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان التركي (إعلام تركي)

واندلع شجار بين نواب حزب الشعب الجمهوري، الذين أرادوا الاحتجاج على تعيين أوصياء على 4 بلديات، خصوصاً بلدية إسنيورت، ونواب حزب العدالة والتنمية، أثناء دخول الوزير يرلي كايا إلى غرفة اجتماع اللجنة.

وقال نواب حزب الشعب الجمهوري إنهم لم يكونوا بصدد منعه نهائياً من دخول قاعة الاجتماع، وإنما أرادوا أن يجرِّب الوزير شعور عدم القدرة على دخول مؤسسة عامة، ولو لفترة قصيرة، في إشارة إلى منع الوصي على بلدية إسنيورت نواب الحزب وأعضاء مجلسها من دخول مبناها.