لم يتخيل الفلسطيني أحمد إلياس أبدا أن يستغرق وصوله إلى مقر عمله انطلاقا من مدينة جنين خمس ساعات متواصلة، وقال الموظف في مدينة نابلس بالضفة الغربية: «وصلت بعد أن قارب الدوام على الانتهاء».
تحولت رحلة أحمد اليومية لمقر عمله إلى معاناة بفعل الحواجز الإسرائيلية التي تفصل جنين عن نابلس، والتي زادت في الآونة الأخيرة بعد قرار وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يوم الخميس الماضي بالسماح لمستوطنين بالوصول إلى مستوطنة «حومش»، وذلك بعد أسابيع من مصادقة الكنيست على إلغاء قانون الانسحاب من أربع مستوطنات في الضفة.
حول تفاصيل رحلته اليومية الصعبة، روى إلياس أن «كل شيء يزداد صعوبة. إذا قرر مستوطن واحد على الطريق النزول إلى الشارع، يغلق الجيش (الإسرائيلي) الطريق بأكمله، ويمنع أي فلسطيني من العبور، حتى لو استمر الأمر لساعات».
وفي هذا الإطار، أوضح غسان دغلس، مسؤول ملف مكافحة الاستيطان في شمال الضفة الغربية، أن عودة المستوطنين إلى «حومش» «تعيق حياة أكثر من 34 ألف فلسطيني يعيشون في القرى القريبة من الأراضي المقامة عليها المستوطنة».
وأبلغ دغلس «وكالة أنباء العالم العربي» أنه أطلع، اليوم (الأربعاء)، ممثلين عن الاتحاد الأوروبي وحركة «السلام الآن» الإسرائيلية على «خطورة قرار السماح للمستوطنين بالعودة إلى حومش».
وحذّر دغلس من أن الخطوة «لا ترمي فقط إلى عودة عشرات المستوطنين، إنما ما يجري هو نواة لمستوطنة كبرى تسيطر على الأراضي بين نابلس وجنين، وتم تسريب خريطة بالغة الخطورة توضح نيات المستوطنين».
وأشار إلى أنه منذ إقرار قانون إلغاء الانسحاب من أربع مستوطنات في الضفة الغربية قبل أسابيع، تشهد المنطقة المقامة فيها المستوطنة يوميا مواجهات بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي.
وقال المسؤول الفلسطيني إن المستوطنين في «حومش» نفذوا 34 اعتداء على الفلسطينيين خلال نحو شهر، مضيفا: «لا يُعقل أن يعيش 34 ألف فلسطيني تحت رحمة 30 مستوطنا».
وبحسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، فإن الجيش الإسرائيلي خصص 80 جنديا لحراسة نحو 30 مستوطنا موجودين في «حومش» التي تم إقامة مدرسة دينية فيها وتم تجديدها مؤخرا.
وكانت الإدارة الأميركية أبدت تذمرها من قرار الحكومة الإسرائيلية السماح للمستوطنين بالعودة إلى «حومش»، وفي محاولة منها لتهدئة الأمور، نقلت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رسالة لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تفيد بعدم نية إسرائيل إقامة مستوطنة جديدة.
وكشف موقع «والا» العبري مساء أمس الثلاثاء عن مضمون تلك الرسالة، التي جاء فيها أن القرار الجديد، الذي يسمح للمستوطنين بالبقاء في مستوطنة حومش، يعني «السماح بنقل البؤرة الاستيطانية من أراض خاصة إلى أراض تابعة للدولة نفسها».
وأكدت الرسالة أن خطة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش لمضاعفة عدد المستوطنين في الضفة الغربية لن تتحقق.
في المقابل، أكد الموقع أن الإدارة الأميركية تشعر بالقلق من أن إعادة المستوطنين إلى بؤرة حومش ستُعقّد بشكل كبير فرص إقامة دولة فلسطينية في المستقبل.
يُذكر أن أحزابا يمينية كانت قد اشترطت الموافقة على إلغاء قانون «فك الارتباط» والعودة إلى المستوطنات التي جرى الانسحاب منها في الضفة الغربية، قبل دخولها الائتلاف الحكومي ودعم نتنياهو، وربط وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير انضمامه بهذا الشرط.