تصدع في ائتلاف نتنياهو

عودة قوية للاحتجاج على خطة الانقلاب القضائي

  نتنياهو يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء في مكتبه منتصف  مايو 
(رويترز)
نتنياهو يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء في مكتبه منتصف مايو (رويترز)
TT

تصدع في ائتلاف نتنياهو

  نتنياهو يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء في مكتبه منتصف  مايو 
(رويترز)
نتنياهو يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء في مكتبه منتصف مايو (رويترز)

يشهد الائتلاف الحكومي الذي يقوده رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تصدعا جديا، على خلفية مطالب الأحزاب الدينية والصهيونية الدينية زيادة الميزانيات الخاصة بها، لدرجة تمرد حزب «عوتسماه يهوديت»، برئاسة وزير الأمن القومي، ايتمار بن غفير، وغيابه عن التصويت في الكنيست، مما أدى إلى تمرير عدة قرارات للمعارضة. وهددت الأحزاب الدينية بالامتناع عن التصويت على الموازنة العامة، الأمر الذي يهدد بسقوط الحكومة.

ومع أن مصادر مقربة من نتنياهو حاولت التخفيف من حدة الأزمة، وقالت إن رئيس الوزراء يعالجها وسيتغلب عليها، إلا أن الأزمة تحدث تصدعا لن يكون سهلا إنهاؤها بسلام.

وحسب متابعين، فإن نتنياهو، الذي خصص حتى الآن، مبلغ 13.7 مليار شيقل (3.45 مليار دولار) لهذه الأحزاب في الموازنة العامة، فإن الأحزاب تطالبه بالمزيد، وتهدده بالامتناع عن التصويت، علما بأنه حسب القانون ستسقط الحكومة في حال عدم تمرير الموازنة في الكنيست (البرلمان)، حتى الموعد النهائي المقرر للمصادقة عليها، وهو 29 مايو (أيار) الجاري.

وكانت هذه الأزمة عنواناً مهماً لحركة الاحتجاج على خطة الحكومة للانقلاب على منظومة الحكم وإضعاف الجهاز القضائي، فبعد أن اضطرت إلى إلغاء مظاهرتها الأسبوعية السبت الماضي، بسبب العملية الحربية على قطاع غزة، خرجت إلى الشارع من جديد تحت عنوان «نتنياهو يرشو أحزاب الائتلاف بالمليارات»، بمشاركة الألوف، في مدينة بني براك ذات الأغلبية الدينية.

وقرر المحتجون العودة إلى الشارع، السبت القادم، بمئات الألوف، مطالبين باستقالة الحكومة.

وقال أحد قادة الاحتجاج إن الهدف من المظاهرة، نشر الوعي بشأن العلاقة غير المنصفة بين المجتمعات المختلفة في إسرائيل. وأضاف: «التظاهرة ليست ضد الجمهور الحريدي، بل ضد قيادته التي تكرس الظلم الذي لا يصلح للبلد على المدى الطويل».

وجاء في بيان صادر عن المنظمين للمظاهرة: «نحن نسير إلى بني براك لنوضح للحكومة أنها تدمر البيت، سوية مع القادة الأرثوذكس المتشددين، الذين يتعاونون بيد مع الديكتاتورية وبالأخرى ينهبون الخزائن». وأكد البيان، أن «الحمير التي تحمل أعباء الخدمة والاقتصاد، انتهى بها الأمر إلى أن تكون الحمام الذي يملأ الخزائن العامة التي أصبحت صندوقًا للفساد السياسي».

مظاهرة في تل أبيب ضد نتنياهو والإصلاح القضائي لحكومته الائتلافية 29 أبريل (رويترز)

وكانت الصراعات قد انفجرت ليس فقط بين نتنياهو وحلفائه، بل أيضا داخل كتلة الصهيونية الدينية، بين رئيسها، وزير المالية بتسليل سموتريتش، وبين بن غفير. وقالت مصادر في محيط بن غفير، إن مقاطعة أعضائها للتصويت في الكنيست، ليست حالة خاصة، وإنما يدور الحديث عن أزمة عميقة بين الاثنين.

وعقد نتنياهو، اجتماعا طارئا مع أعضاء «عوتسما يهوديت»، وقال إنه سيجد حلا لمطالبهم المالية. وهاجم أعضاء كنيست من الائتلاف، بن غفير، وقالوا إنه «يهتم بالتغطية الإعلامية أكثر من الحفاظ على حكومة اليمين». وقال بن غفير خلال اجتماع لكتلة حزبه، (مساء الأربعاء)، إن «سموتريتش يصر على أن يكون وزير مالية فئويا ومسؤولا عن مناطق معينة فقط». وفسرت مصادر في حزبه أقواله، بأن سكان النقب الذين صوتت نسبة مرتفعة منهم لبن غفير لم يحصلوا على ميزانيات.

يشار إلى أن العلاقات بين بن غفير وسموتريتش كانت متوترة أثناء الحملة الانتخابية أيضا، لكن مصادر أفادت بأن هذا التوتر تصاعد مؤخرا، خاصة خلال وقبل العملية الحربية على غزة. وحسب هذه المصادر، فإنه «عندما طالب بن غفير برد فعل شديد للجيش الإسرائيلي، ظهر سموتريتش في الاستوديوهات ووعظ بتصرف لائق وعاقل ومسؤول». وهذا أثار غضب بن غفير الذي شعر بأن سموتريتش، يساعد نتنياهو على تقليص حجمه ونفوذه في الحكومة.

ومن الجهة الثانية، تدخل «يهدوت هتوراة» لليهود الغربيين المتدينين، في صراع مع نتنياهو ومع سموتريتش، لأنها تطالب بإضافة 600 مليون شيكل (حوالي 1.7 مليون دولار)، إضافة لما حصلت عليه من ميزانيات خاصة، وذلك لتمويل المؤسسات التعليمية التابعة لها.

ومع أن غالبية الخبراء والسياسيين يؤكدون أن هذه الصراعات في الائتلاف الحكومي، لن تؤدي إلى سقوط حكومة نتنياهو في الوقت الحاضر، حيث إن جميع أحزاب الائتلاف تعرف أنها ستخسر الحكم في حال التوجه إلى انتخابات، إلا أنها أحدثت صدعا كبيرا يزعزع الثقة بين أطراف الائتلاف وسيكون له أثره في المستقبل.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.