طهران تطرد 4 دبلوماسيين أذربيجانيين في إجراء انتقامي

ردّاً على طرد باكو دبلوماسيين إيرانيين

العلم الأذربيجاني في واجهة مبنى وزارة الخارجية في باكو (تويتر)
العلم الأذربيجاني في واجهة مبنى وزارة الخارجية في باكو (تويتر)
TT

طهران تطرد 4 دبلوماسيين أذربيجانيين في إجراء انتقامي

العلم الأذربيجاني في واجهة مبنى وزارة الخارجية في باكو (تويتر)
العلم الأذربيجاني في واجهة مبنى وزارة الخارجية في باكو (تويتر)

أفادت وسائل إعلام إيرانية، أمس، بأنّ طهران طردت الشهر الماضي 4 دبلوماسيين أذربيجانيين، ردّاً على إجراء مماثل اتّخذته باكو في الشهر نفسه وطردت بموجبه 4 من موظفي السفارة الإيرانية.ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الإعلام الرسمي الإيراني أنّ «4 دبلوماسيين من وزارة الخارجية في جمهورية أذربيجان طُردوا من إيران الشهر الماضي بعدما تمّ إعلانهم أشخاصاً غير مرغوب فيهم». وأوضحت الوكالة أنّ قرار طرد هؤلاء اتّخذته وزارة الخارجية الإيرانية «ردّاً على طرد باكو دبلوماسيين إيرانيين» في مطلع أبريل (نيسان).

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، نقلت وكالة «أرنا» الرسمية اعتقال قادة أو أي من أعضاء ميليشيا «حسينيون» التي أنشأها «فيلق القدس» الإيراني، وتضم مقاتلين موالين لطهران من بين الآذريين. ولم تتضح أسباب تأخير طهران في إعلان الرد المماثل على طرد دبلوماسييها من باكو. ويومها اتّهمت أذربيجان أربعة من أعضاء السفارة الإيرانية في باكو بالقيام بأنشطة «لا تتوافق مع وضعهم الدبلوماسي»، وأمهلتهم 48 ساعة لمغادرة البلاد.

وجاء طرد الدبلوماسيين الإيرانيين، بعد أشهر من التصعيد بين أذربيجان وإيران، القوتين المتنافستين الغنيتين بالنفط والغاز، وتتبادلان الاتهامات بالتدخل. قبل ساعات أعلنت السلطات الأذربيجانية اعتقال ستة أشخاص متهمين بالتخطيط لانقلاب بأمر من أجهزة الاستخبارات الإيرانية.

وتدهورت العلاقات بين أذربيجان وإيران في يناير (كانون الثاني) عندما اقتحم مسلّح سفارة باكو في طهران وأطلق النار داخلها، ما أسفر عن مقتل دبلوماسي وإصابة عنصرين من أمن السفارة. وتوترت العلاقات بين البلدين بشكل متزايد في الأشهر الأخيرة، مع وصول الخلاف إلى ذروته عندما فتحت باكو الشهر الماضي سفارة في إسرائيل. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن طهران تخشى أن تُستخدم الأراضي الأذربيجانية من قبل الدولة العبرية، أحد أبرز مورّدي الأسلحة لباكو، لشنّ هجوم عسكري على الجمهورية الإسلامية. كما أشارت أذربيجان إلى أن إيران ربما تكون على صلة بمحاولة اغتيال نائب أذري مناهض لطهران قبل أسبوع.

وأعلنت باكو في يناير وقفاً «موقتاً» لأنشطة سفارتها في إيران بعد استهدافها بهجوم بأسلحة رشاشة أدى إلى سقوط قتيل وجريحين. ويومها، حمّلت وزارة الخارجية الأذربيجانية إيران مسؤولية الهجوم، معتبرة أنّ الحملة المناهضة لأذربيجان في الصحافة الإيرانية «شجّعت» عليه. لكنّ وزارة الخارجية الإيرانية ردّت بالقول إنّ طهران تدين الهجوم بشدّة، مؤكّدة أنّ دوافع المهاجم «شخصية». والعلاقات بين البلدين متوترة تاريخياً، إذ تُعتبر أذربيجان، الجمهورية السوفياتية السابقة، حليفاً وثيقاً لتركيا، منافس إيران التقليدي. لطالما اتهمت إيران، حيث يقيم ملايين الأذريين، وهم مجموعة عرقية تعيش بشكل أساسي في أذربيجان وإيران وروسيا، جارتها بتأجيج مشاعر انفصالية على أراضيها.

من جهتها، تتهم أذربيجان من جهة أخرى، إيران، بدعم أرمينيا في النزاع على الأراضي الجاري بين باكو ويريفان منذ ثلاثة عقود. وتريد إيران الحفاظ على تأمين حدودها مع أرمينيا، التي يبلغ طولها 44 كيلومتراً (27 ميلاً)، وهي معرضة للتهديد إذا استولت أذربيجان على أراضٍ جديدة من خلال الحرب.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».