المتظاهرون الإسرائيليون يشكون من بطش الشرطة المتنامي

استقالة الناطق باسمهم بسبب التحريض... ونتنياهو ينتقد الصحافيين لعدم دفاعهم عنه

قوات الأمن الإسرائيلية تسحب شخصاً خلال مظاهرة مناهضة للحكومة في تل أبيب السبت (أ.ف.ب)
قوات الأمن الإسرائيلية تسحب شخصاً خلال مظاهرة مناهضة للحكومة في تل أبيب السبت (أ.ف.ب)
TT

المتظاهرون الإسرائيليون يشكون من بطش الشرطة المتنامي

قوات الأمن الإسرائيلية تسحب شخصاً خلال مظاهرة مناهضة للحكومة في تل أبيب السبت (أ.ف.ب)
قوات الأمن الإسرائيلية تسحب شخصاً خلال مظاهرة مناهضة للحكومة في تل أبيب السبت (أ.ف.ب)

شكا عدد من عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى «حماس» ممن شاركوا في المظاهرات الاحتجاجية ضد حكومة بنيامين نتنياهو، من تصعيد في اعتداءات الشرطة عليهم خلال مظاهرات السبت الأسبوعية، مشيرين بأصابع الاتهام إلى نتنياهو شخصياً، بوصفه مسؤولاً عن هذا التصعيد جراء التحريض المباشر عليهم وعلى مظاهراتهم، إضافة إلى السياسة الجديدة التي تتبعها الشرطة بتوجيه من وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير.

وأوضح رونين تسور، من «منتدى عائلات المخطوفين» والناطق الرسمي، في تصريحات صحافية، الأحد، أن هناك أجواء عداء رهيبة لنضال العائلات الشرعي لأجل حث الحكومة على القيام بواجبها، وعدم التهرب من مسؤوليتها عن إعادتهم من أَسْرِ «حماس» وهم أحياء. وقال إنه بات عنواناً أساسياً للتحريض، لذلك قرر الاستقالة، ودعم كفاحهم الشرعي من بعيد، كما يفعل غالبية الإسرائيليين.

وكانت المظاهرات ضد الحكومة قد شهدت قفزة ليلة السبت – الأحد، في عدد الحضور وفي المضمون، حيث بات الاتهام صريحاً لنتنياهو بأنه يستغل منصبه لمكاسب سياسية، ويفرط في قضية الأسرى. وطالبه المتظاهرون بعدم مقاطعة المفاوضات مع «حماس» بأي شكل من الأشكال، وهاجموه بشكل مباشر، لأنه اختار الدعوة إلى مؤتمر صحافي في نفس وقت بدء مهرجان تقيمه هذه العائلات في تل أبيب. وبدا أنه عاد لتكرار تصريحاته السابقة، ولم يجدد شيئاً يستدعي عقد مؤتمر صحافي. والأمر الوحيد الجديد هو انتقاده للصحافيين، لأنهم لا يقومون بواجبهم المهني، ويجرون تحقيقاً في مصادر تمويل المظاهرات والحملات الإعلامية ضده.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث أثناء وجوده في الكنيست للصحافيين مايو الماضي (رويترز)

وعاد نتنياهو إلى التأكيد على أن مطالب «حماس» في مفاوضات صفقة الرهائن «تقارب الهذيان»، وإذا وافقت عليها إسرائيل فستكون مهزومة. وقال إنه عندما تتخلى «حماس» عن تلك المطالب، يمكن للجانب الإسرائيلي المضي قدماً في المفاوضات. ورفض نتنياهو الانتقادات الموجهة للعملية المزمع تنفيذها في رفح، مؤكداً أن إسرائيل ستستمر في القتال حتى تحقيق النصر الكامل، بما في ذلك في رفح، وأن «عملية رفح سيجري تنفيذها حتى لو جرى التوصل إلى اتفاق مع (حماس) للإفراج عن الرهائن الذين لا يزالون في قطاع غزة».

شعارات ضد نتنياهو وحكومته خلال مظاهرة أخيرة في تل أبيب (أ.ف.ب)

ورد دانئيل ليفشتس الذي يقبع جده في أسر حماس، باسم المتظاهرين، في خيمة الاحتجاج أمام مقر وزارة الدفاع، حيث مجلس إدارة الحرب، فقال: «رئيس حكومتنا سمح لنفسه بعقد مؤتمر صحافي في نفس وقت مظاهرتنا لأنه لا يسمعنا. لا يريد أن يسمعنا. طلبنا مقابلته منذ 8 أيام ورفض. لسنا في حساباته. لا يفكر بنا وبمعاناتنا. نحن نتلظى حرقة على أبنائنا المخطوفين وهو يتحدث عن انتصار من دونهم وينشغل بمصادر تمويل المتظاهرين.

متظاهرون إسرائيليون يرفعون لافتات ويهتفون خلال مظاهرة مناهضة للحكومة في مدينة تل أبيب (أ.ف.ب)

اتساع المظاهرات

على الرغم من قرار قيادة الاحتجاج استئناف المظاهرات ولكن بشكل منفصل عن مظاهرات عائلات الأسرى، وجعلها أيام الخميس، فإن متظاهرين خرجوا إلى الشوارع في 51 موقعاً في مختلف أنحاء البلاد، ليلة السبت، أبرزها مظاهرتان في تل أبيب بلغ الحضور فيها 20 ألفاً، رغم الأمطار، وثالثة في قيسارية قبالة بيت نتنياهو، وأخرى في القدس وكذلك في حيفا وبئر السبع [حيث شارك 400 شخص بينهم 50 بدوياً من عشيرة الزيادنة التي خطف منها 4.

وانضمت الهستدروت (النقابات) إلى المظاهرة في تل أبيب، لأول مرة منذ انطلاق المظاهرات ضد الحكومة. وقال رئيسها، أرنون بار دافيد، إن «الأوضاع الخطيرة التي تعيشها البلاد في أعقاب إخفاقات الحكومة واستمرارها، لا تبقي أي وطني حقيقي في بيته. يجب أن نصرخ صرخة الشعب».

وعلى مقربة من خيمة الاحتجاج، قمعت الشرطة الإسرائيلية المظاهرة التي قادها نشطاء في شارع كبلان، رغم أنها أصدرت تصريحاً يجيزها، ثم عادت وتراجعت بضغوط من الوزير بن غفير، لكن المتظاهرين لم يرضخوا وساروا فيها واخترقوا الحاجز البوليسي. في البداية سجلت مخالفات سير بتهمة إغلاق الشارع بغرامة 300 دولار، ثم اعتقلت 4 من النشطاء فتدفق المئات منهم إلى شارع إيلون وأغلقوه، وفرَّقتهم الشرطة بالقوة، لكنهم عادوا وتجمعوا وأقاموا مهرجان خطابة.

عائلات الرهائن الإسرائيليين في غزة يضيئون مشاعل ويغلقون طريقاً خلال مظاهرة تطالب بإطلاق سراحهم في تل أبيب الخميس (أ.ف.ب)

وتكلمت كرميت كتسير، شقيقة إلعاد كتسير الأسير لدى «حماس»، فاتهمت نتنياهو بإدارة معركة حزبية وشخصية على حساب أرواح الأسرى. وقالت: «نتنياهو يزعم أنه يدير مفاوضات لإطلاق سراح المخطوفين لكنه من جهة أخرى يجهض المفاوضات. وأعضاء مجلس قيادة الحرب مشلولون. لا يؤثرون». وتوجهت إلى غانتس وآيزنكوت قائلة: «لا تقبلا أن تكونا ورقة توت تستر عورة نتنياهو. صوتكما غير مسموع. لقد منحكما الشعب غطاءً لتدخلا الحكومة وتؤثرا وتضعا قضية المخطوفين على رأس الاهتمام. فلا تجعلونا نرى فيكما أيضاً (سياسيين صغيرين) تفضلان الشؤون الحزبية على المصالح العليا للشعب».

كما تعرضت المظاهرة في قيسارية حيث منزل نتنياهو، لاعتداء من الشرطة، وأغلق نحو 1000 شخص مدخل البلدة قبل وصول الشرطة التي فرقت المتظاهرين واعتقلت عدداً منهم. وقد حضرت مجموعة من 30 مسناً، من المحاربين القدامى «أصغرهم في السبعين من العمر»، إلى فيلا مجاورة للفيلا التي يسكنها نتنياهو، ومن نقطة تطل على غرفة نوم نتنياهو راحوا يهتفون ضده: «أنت تدمر إسرائيل»، «أنت لا تفهم قيم الحفاظ على المحاربين في الأسر، ولا تكترث لهم ولا لأهاليهم». ثم راحوا يضيئون الكشافات نحو بيته.

عائلات الرهائن لدي «حماس» يتظاهرون في تل أبيب يناير الماضي للضغط على حكومة نتنياهو لإبرام صفقة للإفراج عنهم (أ.ف.ب)

أما مظاهرة عائلات المخطوفين فقد اختار قادتها تخصيصها لإطلاق صرخات المخطوفين. وقد صعد إلى المنصة نحو 50 ممثلاً عن العائلات، الواحد تلو الآخر، وأطلقوا صرخة باسم أقاربهم الأسرى.

وقال حايم روبنشتاين، أحد الناطقين باسم العائلات: «الحكومة تدير حرباً ضدنا لأننا نطلق صرختنا. فما الذي يتوقعونه منا؟ أن نعتذر باسم المخطوفين لأنهم خطفوا من فراشهم وهم بالبيجاما؟ لماذا يتجاهلنا رئيس الحكومة بهذا الشكل الفظ؟ لماذا يرفض إرسال وفد إلى المفاوضات؟ نحن نفهم قرار الحكومة بعدم التوقيع على صفقة بأي ثمن».

وقال نمرود كوهن، والد أحد الشبان الأسرى: «إن القادة الحاليين للجيش الإسرائيلي يتأثرون بقائدهم نتنياهو، ويتخلون هم أيضاً عن جنودهم الأسرى. يكذبون مثله عندما يقولون إنهم سيحررونهم بعمليات حربية».

وأصدر منتدى العائلات بياناً جاء فيه: «يبدو أن بعض أعضاء (الكابينت) قرروا التضحية بحياة المختطفين، وأن هذا القرار الفاضح يعني حكم الإعدام والتضحية بـ 134 مختطفاً يقبعون في أنفاق (حماس)». وأضاف: «طلبنا عقد اجتماع فوري مع رئيس الحكومة وأعضاء (كابينت) الحرب لنفهم ما إذا كانوا لا يزالون ملتزمين بعودة المختطفين. لقد فهمنا اليوم سبب عدم الاستجابة لطلبنا، ولماذا يخشى رئيس الحكومة وأعضاء (الكابينت) النظر في أعيننا. إنهم لا يريدون الاعتراف بأنهم قرروا التضحية بحياة المخطوفين».


مقالات ذات صلة

«حماس» تكثف «حرب العبوات» وتخوض معارك «كرّ وفرّ» شمال غزة

المشرق العربي جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)

«حماس» تكثف «حرب العبوات» وتخوض معارك «كرّ وفرّ» شمال غزة

في غضون 3 أيام، قُتل ضابطان و3 جنود؛ جميعهم من لواء «ناحال» الإسرائيلي، الذي انتقل من مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، إلى بلدة بيت حانون أقصى شمال القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي العميد أنور رجب المتحدث باسم قوات الأمن الفلسطينية يتحدث عن عمل الأجهزة الأمنية في مخيم جنين خلال مؤتمر صحافي بالضفة الغربية المحتلة يوم الخميس (رويترز)

السلطة الفلسطينية تتهم جهات إقليمية بالوقوف خلف المسلحين بالضفة

تشن السلطة الفلسطينية عملية ضد مسلحين في مخيم جنين، منذ نحو 4 أسابيع، في تحرك هو الأوسع منذ سنوات طويلة، في محاولة لاستعادة المبادرة على الأرض.

كفاح زبون (رام الله)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في باريس في 8 يناير 2025 (إ.ب.أ)

بلينكن: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» بات «قريباً جداً»

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مجدداً إن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن بين إسرائيل و«حماس» بات «قريباً جداً».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي العملية نفذها فلسطينيان بالقرب من مستوطنة كدوميم شرق قلقيلية أول من أمس (أرشيفية-رويترز)

«القسام» تعلن مسؤوليتها عن عملية إطلاق النار في الضفة

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم (الأربعاء)، مسؤوليتها عن عملية إطلاق نار في الضفة الغربية أدت إلى مقتل 3 إسرائيليين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية تصاعد الدخان جراء غارات إسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 3 جنود في شمال غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأربعاء)، مقتل 3 جنود في معارك في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الجيش الإسرائيلي يشدد ضوابط التغطية الإعلامية وسط مخاوف من مقاضاة عسكريين

جنود إسرائيليون يحملون أغراضهم عائدين إلى إسرائيل  (أرشيفية - إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يحملون أغراضهم عائدين إلى إسرائيل (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يشدد ضوابط التغطية الإعلامية وسط مخاوف من مقاضاة عسكريين

جنود إسرائيليون يحملون أغراضهم عائدين إلى إسرائيل  (أرشيفية - إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يحملون أغراضهم عائدين إلى إسرائيل (أرشيفية - إ.ب.أ)

فرض الجيش الإسرائيلي قيودا جديدة على التغطية الإعلامية التي تشمل عسكريين أثناء مشاركتهم في مهام قتالية فعلية وسط مخاوف متزايدة من احتمال تعرض أفراد من قوات الاحتياط لإجراءات قانونية خلال سفرهم إلى الخارج بسبب اتهامات تتعلق بتورطهم في جرائم حرب في غزة.

جاءت هذه الخطوة بعد أن اضطر جندي احتياط إسرائيلي كان يقضي عطلة في البرازيل إلى مغادرة البلاد بشكل مفاجئ عندما أمر قاض برازيلي الشرطة الاتحادية بفتح تحقيق في أعقاب اتهامات من مجموعة مناصرة للفلسطينيين بأنه ارتكب جرائم حرب أثناء خدمته في غزة.

وبحسب ما قاله المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي لفتنانت كولونيل ناداف شوشاني للصحفيين فإنه بموجب القواعد الجديدة، لن يتمكن الإعلاميون الذين يجرون مقابلات مع عسكريين برتبة كولونيل فما أقل من إظهار وجوههم أو نشر أسمائهم بشكل كامل، على غرار القواعد القائمة بالفعل بالنسبة للطيارين وعناصر وحدات القوات الخاصة. كما يتعين عدم الربط بين العسكريين الذين تجري مقابلات معهم وبين نشاط قتالي محدد شاركوا فيه.

وقال شوشاني «هذه هي القواعد التوجيهية الجديدة لحماية جنودنا وضمان عدم تعرضهم لمثل هذه الأمور التي يقوم بها ناشطون مناهضون لإسرائيل حول العالم». وأوضح أنه بموجب القواعد العسكرية المعمول بها حاليا، ليس من المفترض أن ينشر العسكريون مقاطع فيديو وصورا من مناطق الحرب على وسائل التواصل الاجتماعي «رغم أن هذا ليس الحال دائما، فلدينا جيش كبير». وأضاف أن هناك أيضا قواعد وإرشادات راسخة للعسكريين المسافرين إلى الخارج.

وذكر أن جماعات، مثل مؤسسة هند رجب التي تتخذ من بلجيكا مقرا والتي دفعت لاتخاذ الإجراء الذي شهدته البرازيل، «تربط النقاط ببعضها» فيما يتعلق بالعسكريين الذين ينشرون مواد من غزة ثم ينشرون صورا ومقاطع فيديو أخرى لأنفسهم أثناء قضاء عطلاتهم في الخارج.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية العام الماضي مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بالإضافة إلى القيادي بحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إبراهيم المصري المعروف باسم محمد الضيف، بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة ما أثار غضبا في إسرائيل.

وقال شوشاني إن هناك «بضعة» حالات جرى فيها استهداف جنود احتياط خلال السفر للخارج، بالإضافة إلى قضية البرازيل، كلها بدأت بمطالبات من جماعات للسلطات بإجراء تحقيق.