هل يجب على الغرب القلق من قدرة إيران الصاروخية؟

«وول ستريت جورنال» تقول إن طهران باتت مورداً عالمياً للأسلحة

إطلاق صاروخ خلال مناورة عسكرية جنوب غربي إيران (أرشيفية - رويترز)
إطلاق صاروخ خلال مناورة عسكرية جنوب غربي إيران (أرشيفية - رويترز)
TT

هل يجب على الغرب القلق من قدرة إيران الصاروخية؟

إطلاق صاروخ خلال مناورة عسكرية جنوب غربي إيران (أرشيفية - رويترز)
إطلاق صاروخ خلال مناورة عسكرية جنوب غربي إيران (أرشيفية - رويترز)

بالتزامن مع إعلان إيران عن أنظمة جديدة للدفاع الجوي، حذّر خبراء أميركيون من صعود هذا البلد الذي يثير قلق واشنطن، بوصفه مورداً عالمياً للأسلحة.

وذكرت وكالة «إرنا» الحكومية، أن إيران كشفت النقاب، السبت، عن منظومة «آرمان» محلية الصنع المضادة للصواريخ الباليستية، ومنظومة «آذرخش» للدفاع الجوي منخفض الارتفاع.

وجاء الإعلان وسط تصاعد التوترات في المنطقة؛ إذ نفذت جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران سلسلة من الهجمات على سفن مرتبطة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل في البحر الأحمر.

وأزيح الستار عن المنظومتين بحضور وزير الدفاع الإيراني محمد رضا آشتياني. وقالت الوكالة إنه مع إدخالهما إلى شبكة الدفاع الإيرانية «ستزداد قدرة الدفاع الجوي بشكل كبير».

ويمكن لمنظومة «آرمان»، مواجهة 6 أهداف في وقت واحد على مسافة من 120 إلى 180 كيلومتراً، في حين أن منظومة «آذرخش» يمكنها «تحديد الأهداف وتدميرها بمدى يصل إلى 50 كيلومتراً مع أربعة صواريخ جاهزة للإطلاق»، على ما تقول الوكالة الإيرانية.

وفي يونيو (حزيران)، عرضت إيران ما وصفه المسؤولون بأنه أول صاروخ باليستي فرط صوتي محلي الصنع، الذي يحمل اسم «فتّاح»، ويبلغ مداه 1400 كيلومتر.

طائرات دون طيار إيرانية الصنع معروضة في طهران في يناير الماضي (إعلام إيراني)

«إيران تبالغ»؟

ويعتقد خبراء غربيون أن إيران تبالغ عادة في قدرات أسلحتها وإنْ كانت هناك مخاوف إزاء برنامجها الصاروخي، خصوصاً الصواريخ الباليستية طويلة المدى.

مع ذلك، ذهب تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن «صناعة الأسلحة الإيرانية تنمو بسرعة، الأمر الذي يحول البلاد إلى مصدر واسع النطاق للأسلحة منخفضة التكلفة وعالية التقنية، التي يثير عملاؤها حفيظة الولايات المتحدة وشركائها في الشرق الأوسط وأوكرانيا وخارجها».

ووفقاً للصحيفة الأميركية، فإن التحول في هذه الصناعة تسارع من خلال شراء روسيا آلاف الطائرات من دون طيار في عام 2022 التي غيّرت ساحة المعركة في أوكرانيا، ما ساعد طهران على زيادة دعمها لحلفائها من الميليشيات في صراعات الشرق الأوسط التي اشتدت بالتزامن مع حرب إسرائيل مع «حماس» في غزة.

ونقلت الصحيفة عن آدم روسيل، وهو باحث في شبكة Militant Wire، إنه «من خلال تصدير هذه التقنيات وإثبات فاعليتها في المعركة، من المرجح أن تكون إيران قد غيّرت طبيعة الحرب غير المتكافئة إلى الأبد، ما قد يعطي نفوذاً كبيراً للميليشيات المتحالفة مع إيران في العراق ولبنان واليمن».

وقال مسؤولون أميركيون إن من أهم صادرات الأسلحة الإيرانية، طائرة من دون طيار من طراز «شاهد»، مصممة لحمل متفجرات والاصطدام بهدفها، استخدمت لقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن في هجوم شنته «كتائب حزب الله» العراقية في 28 يناير (كانون الثاني) الماضي.

في اليوم نفسه، صادر خفر السواحل الأميركي أكثر من 200 حزمة من الأسلحة قادمة من إيران ومتجهة إلى اليمن، حسبما ذكرت واشنطن الخميس.

وكانت الشحنة متجهة إلى الأراضي التي يسيطر عليها حلفاء إيران الحوثيون، وهم الجماعة التي أدت هجماتها على ممرات الشحن في البحر الأحمر إلى تعطيل التجارة العالمية وتسببت في ضربات جوية من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وفقاً لبيان القيادة المركزية الأميركية.

شحنة تتضمن مكونات أسلحة إيرانية متقدمة كانت في طريقها للحوثيين (الجيش الأميركي)

هل يقلق الغرب؟

ومع ذلك، ليس من الواضح حتى الآن، فيما إذا كان على الغرب القلق بالفعل من قدرات إيران الصاروخية في ظل تصريحات متواترة عن عمليات تطوير زادت وتيرتها منذ اندلاع الأزمة في غزة، ما يمنح الانطباع بأنها جزء من سياسة دعائية.

وأعلن «الحرس الثوري»، في 12 فبراير (شباط) الحالي، تجريب صاروخ باليستي بعيد المدى من سفينة حربية للمرة الأولى. وقال قائد «الحرس»: «يمكن لسفننا أن تكون في أي مكان في المحيطات. لا مكان آمناً للقوى التي تريد تهديد أمننا».

وكرر حاجي زاده، القائد في «الحرس الثوري»، الأقوال نفسها، في 15 فبراير، قائلاً: «يمكننا ضرب أهداف متحركة في المياه». وادّعى أن بلاده «بين القوى الكبرى في مجالات الدفاع والصواريخ والطائرات المُسيّرة».

وأوضح التلفزيون الإيراني أن الصاروخين اللذين أُطلقا من سفينة حربية تابعة لـ«الحرس» يصل «مداهما إلى 1700 كيلومتر على الأقل» وسقطا في موقع صحراوي وسط إيران.


مقالات ذات صلة

طهران: ادعاء تدخلنا في الشؤون الداخلية لسوريا مردود

شؤون إقليمية صورة منشورة على موقع الخارجية الإيرانية من المتحدث باسمها اسماعيل بقائي

طهران: ادعاء تدخلنا في الشؤون الداخلية لسوريا مردود

قال القيادي في «الحرس الثوري» محسن رضائي، إن «الشباب والشعب السوري سيحيون المقاومة في هذا البلد بشكل آخر في أقل من عام»

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية ملصقات ممزقة لحسن نصر الله وقاسم سليماني على جدار السفارة الإيرانية في سوريا (رويترز) play-circle 02:17

طهران: إعادة فتح سفارتنا تعتمد على «سلوك» حكام سوريا

قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، إن طهران «ستتخذ قرارها بشأن إعادة فتح سفارتها لدى دمشق بناء على سلوك وأداء حكام سوريا».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران : )
شؤون إقليمية تجربة صاروخ «قدر» الباليستي في فبراير 2016 (أرشيفية - مهر)

إيران تستعد لمناورات «ضخمة» وسط التوتر مع إسرائيل

أعلنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية عن تنظيم مناورات عسكرية شاملة «هجومية - دفاعية»، بهدف التصدي لـ«التهديدات» المحتملة بما في ذلك إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
خاص امرأة إيرانية تمشي أمام لوحة جدارية على حائط السفارة الأميركية السابقة في طهران (أ.ف.ب)

خاص إيران في ربع قرن... صراع «الثورة» والدولة

مع انقضاء ربع قرن من الألفية الثالثة، تبلغ «الثورة الإسلامية» في إيران منتصف عقدها الرابع بأسئلة عن الصراع بين الآيديولوجية والمصالح في عالم متغير.

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية ظريف على هامش اجتماع حكومي (الرئاسة الإيرانية)

ظريف يحذر من «حرب شاملة» في سوريا

حذر محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني ووزير الخارجية الأسبق، من اندلاع حرب أهلية شاملة في سوريا، وذلك خلال مبادرة طرحها تدعو لحوار بين دول المنطقة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

«الكعكة السورية» تعزز «العداء» الإسرائيلي - التركي

سوري يشاهد شاحنة تنقل دبابة إسرائيلية إلى الأراضي السورية في الجولان (إ.ب.أ)
سوري يشاهد شاحنة تنقل دبابة إسرائيلية إلى الأراضي السورية في الجولان (إ.ب.أ)
TT

«الكعكة السورية» تعزز «العداء» الإسرائيلي - التركي

سوري يشاهد شاحنة تنقل دبابة إسرائيلية إلى الأراضي السورية في الجولان (إ.ب.أ)
سوري يشاهد شاحنة تنقل دبابة إسرائيلية إلى الأراضي السورية في الجولان (إ.ب.أ)

على الرغم من التنافس الخفي بين إسرائيل وتركيا على «الكعكة السورية»، والعداء السافر في الخطابات السياسية لقادتهما، تحرص تل أبيب وأنقرة على إبقاء قنوات حوار مفتوحة بينهما، من خلال رغبة مشتركة في ألا يسمحا بالتدهور إلى صدام حربي بينهما على الأراضي السورية.

ووفق مصادر سياسية مطلعة، يدرك كل منهما أن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا يحدث تغييراً جوهرياً في خريطة موازين القوى في الشرق الأوسط. وترى إسرائيل أن دخولاً متجدداً لتركيا بصفتها قوة عظمى إقليمية، من شأنه أن يؤدي إلى مواجهة مباشرة معها.

نشوة المكاسب

وترى تركيا بالمقابل، أن إسرائيل تعيش في نشوة المكاسب التي حققتها في الحرب مع «حماس» و«حزب الله» ومع إيران وفي سوريا. وكل منهما تتابع نشاط الأخرى على الأرض السورية منذ فترة طويلة.

فقد عملت تركيا، وتعمل من خلف الكواليس في الثورة في سوريا، منذ عام 2011، وتستثمر مقدرات اقتصادية وعسكرية بداية كي تضرب الإقليم الكردي، وتمنع ارتباطاً بينه وبين الإقليم الكردي في تركيا.

المدفعية التركية في حالة تأهب على الحدود مع تركيا قبالة عين العرب (إعلام تركي)

فتركيا لديها تطلعات إمبريالية في المنطقة، بما في ذلك العودة لأن تكون نوعاً من الإمبراطورية العثمانية، في سوريا في المرحلة الأولى، حسب د. جاي إيتان كوهن ينروجيك، خبير في الشؤون التركية في مركز «موشيه دايان» في جامعة تل أبيب.

ويقول: «نجحت تركيا بخطوة سريعة في دحر إيران وروسيا من سوريا، وتسعى لملء الفراغ الناشئ بسقوط الأسد، الذي يعد نجاحاً فاق التصورات».

ويضيف: «في الأيام الأخيرة تصدر بيانات عن الحكم التركي، بما فيها على لسان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، عن نياتهم بالنسبة للإقليم الكردي في سوريا، ولكن أيضاً بالنسبة لأجزاء أخرى من سوريا، بما فيها المحافظات الجنوبية».

وضمن أمور أخرى، أعلن الأتراك عن نيتهم إعادة شق سكة القطار الحجازي؛ إسطنبول دمشق، بالتوازي مع شق طريق سريع بين تركيا وسوريا، وإقامة مطارات وموانئ تركية في سوريا، وذلك إلى جانب ضم أجزاء من سوريا، ما ينزع المياه الاقتصادية من قبرص، ويمنع تمديد أنابيب الغاز التي تربط بين إسرائيل وقبرص واليونان.

تحالفان مركزيان

ويضيف: «هذه الخطوة ستؤدي إلى تحالفين مركزيين في المنطقة؛ التحالف الإسرائيلي، الذي سيتشكل من قبرص واليونان، وإلى جانبهما دول إقليمية أخرى، وبالمقابل تحالف تركيا، مع سوريا ولبنان وليبيا». ويتابع جهاز الأمن الإسرائيلي بقلق الخطوات التركية؛ لكنه لا يكتفي بالقلق، ولا يقف متفرجاً، بل قام بتدمير الجيش السوري واحتلال مقاطع واسعة من الجنوب الغربي لسوريا.

ويقول الإسرائيليون إن القيادة الجديدة في سوريا، ومن خلفها تركيا، لم تتوقع التدهور الذي حصل لنظام الأسد بهذه السرعة والسهولة، وهم قصدوا السيطرة على حلب، وليس الاحتلال السريع لكل سوريا.

القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في دمشق قبل أيام (رويترز)

جاء ذلك ليفتح شهية أنقرة، ويغذي تطلعاتها الإمبريالية. وهم ينظرون إلى تركيا بصفتها «دولة عظمى إقليمياً، مع سكان يبلغ عددهم 84 مليون نسمة، واقتصاد يحتل المرتبة الـ17 في العالم، وقوة إنتاج ناجعة على نحو خاص، وقوة بحرية عسكرية كبيرة ومهمة، وسلاح جوها مثل سلاحنا في العدد، وإن لم يكن في النوعية، ولديهم أيضاً قوة برية مهمة وقوية».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أنه، وعلى الرغم من العداء السياسي، لا تزال هناك علاقات أمنية، وأنه يُجرى حوار بين الدولتين، بما في ذلك على مستويات العمل الأمني. وكلا الطرفين ينتظر دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني)، والذي يعد المجهول الأكبر.

سيناريوهان

وفي تل أبيب يستعدون لسيناريوهين مركزيين في هذا الشأن؛ الأول أن يسعى ترمب للعمل بقوة حيال إيران، ويسعى لترتيب المنطقة، وخلق تحالف من الاتفاقات بين إسرائيل والدول السنية المعتدلة في المنطقة. وهكذا يبث للروس وللصينيين أيضاً القوة، وبعد أشهر من القتال ينشأ واقع هدوء إقليمي وقوة أميركية، ما يتيح له استمرار فترة ولاية هادئة، في ظل التركيز على الشؤون الداخلية والاقتصاد الأميركي.

ولكنّ هناك سيناريو ثانياً، ومعاكساً، وهو أن تهمل الولايات المتحدة النشاط العسكري في المنطقة، بل إنها يمكنها أن تسمح لتركيا بأن تستنفد تطلعاتها في سوريا، مقابل أن تسمح للأميركيين بحرية العمل التي يريدونها في المنطقة. الثمن الفوري سيدفعه الأكراد، الذين يريد الأتراك رأسهم الآن.

وبناءً على التطورات الجديدة، تحاول إسرائيل تثبيت وجودها في المشهد السوري، وربما أيضاً في لبنان. فهناك، ينوي الجيش الإسرائيلي التراجع عن ترتيباته لوقف النار في لبنان، وربما يعود إلى استئناف القتال بالكامل، في انتهاء فترة وقف النار بعد 60 يوماً. وقد أبدت إسرائيل أكثر من تلميح على هذا التصميم، حين هاجم سلاح الجو في البقاع عمق لبنان، ودمر مخازن سلاح كبيرة لـ«حزب الله»، بحجة أنها نقلت فقط في الأيام الأخيرة من سوريا إلى لبنان، وأكد أن قواته لن تنسحب من الجنوب اللبناني كما ينص الاتفاق.