النساء العربيات ومعركة التحرر من قمع الخوارزميات

«تجمّع الباحثات اللبنانيات» يطرح أسئلة عن المرأة والرقمنة

النساء العربيات ومعركة التحرر من قمع الخوارزميات
TT

النساء العربيات ومعركة التحرر من قمع الخوارزميات

النساء العربيات ومعركة التحرر من قمع الخوارزميات

أسئلة طازجة يطرحها الكتاب الجديد الذي صدر عن «تجمع الباحثات اللبنانيات» حول أحوال النساء بعد الانقلابات الاقتصادية والسياسية التي يعيشها العالم، والأهم في ظل التحولات التكنولوجية الهائلة والسريعة. ويسأل الكتاب الذي يحمل عنوان «النساء العربيات والمرجعيات في ظل الرقمنة وفوضى المعلومات»، إن كانت هذه التطورات قد فتحت الباب للمرأة للخروج إلى آفاق أرحب، بالفعل، أم أن الفضاء الافتراضي الذي تديره مجموعات من المحتكرين، وتحركه المصالح، وضع النساء تحت وطأة قيود من نوع آخر، وأعاد تأطير نظرتهن إلى الحياة؟ كما يحاول الكتاب أن يكشف عن مدى استفادة النساء واقعياً من المستجدات التكنولوجية، وكيف أثّرت في حياتهن؟ وكيف تتموضع النساء في الفضاء الافتراضي؟

موضوع واسع وطموح، لكنَّ الباحثات واجهن التحدي وأقبلن على دراسات أنارت زوايا كانت لا تزال مظلمة، خصوصاً أن المساهَمات في الكتاب تأتي من جيلين مختلفين؛ جيل تعامل مع التكنولوجيا باكراً، وآخر انكبّ عليها متأخراً، مما يجعل الرؤية أكثر بانورامية.

في المحور الأول من الكتاب الذي قُسم إلى أربعة محاور، ست دراسات تحت عنوان «مساءلة النساء للمرجعيات وإغراءات الفضاء الرقمي». تستهلها نهوند القادري عيسى، بالتركيز على فهم مدى تعلق النساء بالمرجعيات التقليدية وانفتاحهن في الوقت عينه على الخبرات وشبكات علائقية جديدة، والموازنة الصعبة بين الاثنين، في مرحلة انتقالية، بحيث يصعب التنبؤ بما ستكون عليه حال الجيل الجديد، الذي بدأ يرتبط بشكل أوثق بالشاشة.

اعتمد بحث نهوند القادري عيسى على الاستماع إلى آراء وتجارب عينة من النساء لمعرفة كيف يستخدمن الفضاء الرقمي، ويتعاطين مع واقعهن وقيودهن الاجتماعية، وإلى أي درجة حقق لهن ذلك استقلالية حقيقية.

صحيح أن الفضاء الرقمي سهَّل على النساء الوصول إلى المعلومات، واكتساب خبرات جديدة، وتكوين شبكة علاقات تتخطى الحدود الجغرافية، لكن في الوقت نفسه، ولّد لديهن نوعاً من فقدان الثقة بالمعلومات، وتسبب بشيء من الإرباك. فالمعلومات المتدفقة والمتناقضة، جعلت النساء يتعاملن بحذر أحياناً، وحيرة في أحيان أخرى. ومنهن من تقع ضحية لوصفات جاهزة، أو أفكار متطرفة.

وبالتالي فنحن أمام أشكال جديدة للهيمنة الناعمة، وتشّكل مرجعيات جديدة كالمؤثرين والخبراء، ومدعي المعارف، ممن يمارسون سلطة بديلة عن السلطات التقليدية التي هي في طور التفكك.

وتُرينا الدراسات تفاعلاً تبادلياً بين العالمين الرقمي والواقعي. فسلوكيات النساء وخياراتهن في الفضاء الرقمي تتأثر بواقعهن الاجتماعي، والعكس بالعكس.

باختصار، يخلص هذا المحور إلى أن الفضاء الرقمي ليس أداة للتحرر، بل ساحة معقدة تمنح فرصاً، ولكنها تطرح في الوقت نفسه إشكاليات جديدة حول السلطة والثقة والهوية، مما يستدعي تعاملاً نقدياً وحذراً من النساء.

المنصات عزّزت حضور المرأة في الفضاء العموميّ، ومنحتها الأدوات الفعّالة للمطالبة بحقوقها، لكنها أسهمت أيضاً في إضعافها في الوقت ذاته. فهذه التكنولوجيا لم تغيِّر في طرق الحصول على الأخبار والمعلومات وطبيعتها فقط، بل غيّرت نمط المعيشة والعلاقة بين الأفراد، بالنسبة إلى نصر الدين لعياضي. بينما رأت رفيف صيداوي أن وصول النساء العربيات إلى المعلومات لم يؤدِّ بالضرورة إلى المعرفة المتمنَّاة، بسبب تنشئة ترسخت فيها قيم الجمال الأنثوي والشعور الزائف بالتمكين المتأتي من منطق الاستهلاك.

هكذا فإن آليات تشغيل الخوارزميات فرضت على النساء، اللواتي طمحن إلى الاستفادة من المعرفة الرقمية، والفرص التكنولوجية، نوعاً آخر من السيطرة، تمارسه عليهن الشركات الكبرى، التي حصرت المستخدمين في حلقات محددة، بحيث يبقى المستهلك يدور في فلك من يشاركه الأفكار، مما يعزز الانعزالية الفكرية، ويبعث على خفض مستوى التسامح وتقبُّل الآخر، ويعزز الانقسامات الاجتماعية والشعور بالكراهية، حسبما توصلت إليه بيسان طي.

على الضدّ من ذلك تجد تغريد السميري أن ثمة نماذج إيجابية، وأن المنصات الرقمية تسمح بالتفاعل بين الأجيال، مستدلَّةً بتجربة دلال أبو آمنة في برنامجها «مشوار ستّي»، الذي أعاد التواصل مع ذاكرة الجدات، وضخها بالحياة، عبر الفضاء الرقمي. ونرى بصحبة السميري كيف تتجوَّل النساء بين المدن والأحياء الفلسطينيّة، وتقام اللقاءات والحفلات بين الأهالي وهم يحتفلون بإحياء التقاليد الفنّية والاجتماعيّة، ويستمعون إلى قصص إنسانيّة، في محاولة لاستعادة ما مزَّقه الاحتلال، وربط المناطق بعضها ببعض. تكتب السميري: «هؤلاء الحفيدات استطعن عبر الفضاء الرقمي أن يُعِدن الاعتبار لمرجعيّة الجدّات وأن يُصَدّرن ذاكرتهن عن وطنهن المسلوب إلى العالم».

في المحور الثاني الذي يُعنى بـ«سلوك النساء المعلوماتي وأصواتهنّ في العالم الرقمي»، تعقد مود اسطفان مقارنةً بين الدراسات النسائيّة الأجنبيّة المعنيّة بالسلوك المعلوماتي، والدراسات العربية. وتبيَّن لها أن مقاربات الباحثات الأجنبيات جاءت تجديديّة خارج التقاليد الذكورية السائدة، ولها اهتمامات إنسانية وبالفئات الاجتماعية المهمشة، وهو ما تفتقر إليه دراسات الباحثات العربيّات حول السلوك المعلوماتي في البيئة الرقميّة. إذ ترينا اسطفان أن إسهامات النساء العربيات بقيت محدودة، وأغلبيّتها تبحث في مناطق تقليدية، وتتمحور حول استخدام مصادر المعلومات، لا سيَّما الشبكات الاجتماعيّة، والفوارق الجندريّة.

وتتساءل هاجر خنفير عن تمثلات الأنوثة التي تصنعها المؤثّرات العربيات في الفضاء الرقمي، وتَبيَّن لها أنّه على الرغم ممّا أتاحته لهن التكنولوجيا من تحرر من القيود بقي التغيير محدوداً والسمات التقليديّة للأنوثة ثابتة، تدور في دائرة الاستهلاك، الخاضع لمنطق الربح الذي فرضته الوصاية الرأسماليّة على تلك التقنيات. وإن كانت بعض التصورات النمطية عن الأنوثة انتقلت من كونها الموضوع لأن تصبح هي المنتج نفسه.

ومن خلال دراسة حالة 25 امرأة لبنانية على شبكات التواصل وبمعاينة المحتوى الذي يقدمنه، الذي قُسِّم إلى ثلاث فئات: محتوى المعلومة، ومحتوى الاستعراض الذاتي، ومحتوى الترويج للعلامات التجاريّة. وجدت لمى كحّال أن المعلومات المُستقاة من العلم والخبرة العملية التي تقدمها النساء على الشبكة هي الأمتن رغم اعتماد صانعاتها على صورتهن الشخصيّة. في حين أن المحتوى القائم على الاستعراض الذاتي يكرِّس النموذج النمطي حول جمال المرأة. أما ما يتحكم في محتوى الترويج، فهي الماركات التجاريّة. وتلحظ كحّال أنه رغم صعوبة الواقع اللبناني، ثمة غياب مدوٍّ للقضايا الكبرى عن المحتوى النسائي. وتخلص إلى أن صانعات المحتوى لا يلتفتن إلى الواقع وما يشوبه من حروب ولا حتّى إلى قضايا النساء ومشكلاتهنّ في لبنان. مما يعني أن هاجس الربح المادّي السريع هو أحد العوامل الرئيسية المُؤَثّرة بعملهن.

في حين تدرس دينا الخواجة حالة عشرين امرأة مصرية، وتتبع تفاعلهن مع حرب غزة، لتخلص إلى أن النساء ابتعدن عن التسييس، وتمكنَّ من تفادي الخسارة المادية ورقابة الخوارزميات، وتعاطين مع هذه الكارثة من منطلقات إنسانيّة ودينية، ووجدن أنفسهنّ أمام ضرورة تطوير أدوات تضامنهنّ، في ظل حرب الإبادة، لتجييش المشاعر، وجمع التبرعات، وحشد التأييد، من منطلقات دينية وإنسانية، بعيداً عن التسييس، متهرباتٍ من التضييق السياسي.

أما رانية جواد ومادلين الحلبي فتركَّز اهتمامهما على شهادات الفلسطينيات الحية، التي روينها من خلال شبكات التواصل. قصص روت عمق المعاناة اليوميّة. النساء الغزَّيات في رواياتهن تحايلن على سياسات المنع، وفي المساحة الممكنة من استخدام شبكة الإنترنت، سردن يومياتهن، مستغلات كلّ دقيقة إنترنت قبل أن يقرر الاحتلال عزلهن عن العالم. هكذا أصبحت شبكة الإنترنت مكاناً للحصول على الدعم النفسي ومصدراً لتبادل المعلومات والاطمئنان على الأقارب، وكذلك توثيق الارتكابات والمجازر التي تغيب عن وسائل الإعلام. خلصت الباحثتان إلى أن المنصّات صارت أداةً للتوثيق والمقاومة في وجه الإبادة والعنف الاستعماري، وفعل مواجهة.

«تحدِّيات تفلُّت النساء من المرجعيَّات في البيئة الرقميَّة» هو عنوان المحور الثالث، حيث ضاعفت التكنولوجيا مشكلةَ البطالة، وأحدثت شرخاً بين شرائح المجتمع، وباعدت بين المستجد والثقافة التقليديّة، وأعلت من شأن الفردانية، وطغت ثقافة الاستهلاك. عزّة سليمان تجد أن النساء ُفعّلنَ وجودهنّ من خلال أدوات الثورة الرقميّة، من جهة، لكنهن وجدن أنفسهنّ ضحايا لأدوات السوق، من جهة أخرى، مما حولهن إلى أدوات، أكثر من كونهن عنصراً فاعلاً.

وحول الاقتصاد الرقمي ودوره في التنمية، تطرح زهور كرّام، من المغرب، أسئلة حول إذا ما أمكن تحقيق التوازن بين استثمار التكنولوجيا والمحافظة على خصوصيات النسق المجتمعي المغربي، وتخلص كزميلاتها الباحثات في الكتاب إلى أن الرقميّة قد تسهم في دمقرطة فرص العمل للنساء، لكنها في الوقت عينه تطرح تحدّيات جديدة عليهن.

إصلاح جاد تحاول أن تفهم أسباب نجاح جهات دينية في تأليب الرأي العام على منظمات حقوق المرأة، وتحديداً تلك التي حاولت التسويق لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو). تعتمد الدراسة على مراجعة رسائل وسائل التواصل الاجتماعيّ للمشاركات في الترويج للاتفاقيّة وكذلك الرسائل المضادة لها التي شهَّرت بالاتفاقية، وحصدت التعاطف والتأييد.

ويخلص البحث إلى أن نجاح هؤلاء في التأثير في الرأي العام، يعود إلى تجاهل الوضع الخاص في فلسطين. إذ ركزت الاتفاقية بشدّة على حقوق المرأة والطفل، فيما تم تجاهل حقوق الشعب بأكمله، مما جعل الطرح غير مقنع.

ويُختم الكتاب بفصل رابع فيه شهادات حية لنساء تروين تجاربهن حول اهتزاز المرجعيات وانعدام اليقين عند النساء. النساء الغزَّيات تحايلن على سياسات المنع فسردن يومياتهن على الإنترنت قبل أن يعزلهن الاحتلال عن العالم


مقالات ذات صلة

«وجوه لا تغيب»... بورتريهات ترسم ملامح رموز ثقافية وفنية

كتب «وجوه لا تغيب»... بورتريهات ترسم ملامح رموز ثقافية وفنية

«وجوه لا تغيب»... بورتريهات ترسم ملامح رموز ثقافية وفنية

يقدم كتاب «وجوه لا تغيب: بورتريهات في محبة مبدعين» للناقد المصري الدكتور علاء الجابري حالة من القراءة التحليلية الممزوجة بالمعلومات وبالتأمل.

عمر شهريار
كتب صراع الإمبراطوريات والأفكار في القرن التاسع عشر

صراع الإمبراطوريات والأفكار في القرن التاسع عشر

عن دار «صفصافة» للنشر في القاهرة، صدرت حديثاً رواية «الروزنامجي» للروائي المصري هشام البواردي، وتطرح تساؤلات جذرية عن الأرض والمرض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
ثقافة وفنون صور الجمال وتجلياته في أدب الغرب

صور الجمال وتجلياته في أدب الغرب

لم يكن الجمال بوجوهه المتغايرة مثار اهتمام الفلاسفة والعلماء وحدهم، بل بدت أطيافه الملغزة رفيقة الشعراء إلى قصائدهم، والفنانين إلى لوحاتهم.

شوقي بزيع
ثقافة وفنون فخار مليحة

فخار مليحة

تقع منطقة مليحة في إمارة الشارقة، على بعد 50 كيلومتراً شرق العاصمة، وتُعدّ من أهم المواقع الأثرية في جنوب شرق الجزيرة العربيَّة.

محمود الزيباوي
ثقافة وفنون الفكر الفلسفي المسيحي في متناول القارئ العربي

الفكر الفلسفي المسيحي في متناول القارئ العربي

في سياق الاهتمام المتنامي في العالم العربي عموماً، وفي البلدان الخليجيّة خصوصاً، تبرز «موسوعة الفلسفة الفرنسيّة المعاصرة».

مالك القعقور

إسرائيل ستشارك في «يوروفيجن 2026»

المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)
المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)
TT

إسرائيل ستشارك في «يوروفيجن 2026»

المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)
المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)

قال مصدران في دولتين من أعضاء اتحاد البث الأوروبي، لوكالة «رويترز»، إن إسرائيل ستتمكن من المشاركة في مسابقة «يوروفيجن» 2026، بعد أن قرر أعضاء الاتحاد، اليوم (الخميس)، عدم الدعوة إلى التصويت بشأن مشاركتها، رغم تهديدات بمقاطعة المسابقة من بعض الدول.

وذكر المصدران أن الأعضاء صوتوا بأغلبية ساحقة لدعم القواعد الجديدة التي تهدف إلى ثني الحكومات والجهات الخارجية عن الترويج بشكل غير متكافئ للأغاني للتأثير على الأصوات، بعد اتهامات بأن إسرائيل عززت مشاركتها هذا العام بشكل غير عادل.

انسحاب 4 دول

وأفادت هيئة البث الهولندية (أفروتروس)، اليوم (الخميس)، بأن هولندا ستقاطع مسابقة «يوروفيجن» 2026؛ احتجاجاً على مشاركة إسرائيل.

وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن إسبانيا انسحبت من مسابقة «يوروفيجن» للأغنية لعام 2026، بعدما أدت مشاركة إسرائيل إلى حدوث اضطراب في المسابقة.

كما ذكرت شبكة «آر تي إي» الآيرلندية أن آيرلندا لن تشارك في المسابقة العام المقبل أو تبثها، بعد أن قرر أعضاء اتحاد البث الأوروبي عدم الدعوة إلى تصويت على مشاركة إسرائيل.

وقال تلفزيون سلوفينيا الرسمي «آر تي في» إن البلاد لن تشارك في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2026، بعد أن رفض أعضاء اتحاد البث الأوروبي اليوم (الخميس) دعوة للتصويت على مشاركة إسرائيل.

وكانت سلوفينيا من بين الدول التي حذرت من أنها لن تشارك في المسابقة إذا شاركت إسرائيل، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقالت رئيسة تلفزيون سلوفينيا الرسمي ناتاليا غورشاك: «رسالتنا هي: لن نشارك في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) إذا شاركت إسرائيل. نيابة عن 20 ألف طفل سقطوا ضحايا في غزة».

وكانت هولندا وسلوفينيا وآيسلندا وآيرلندا وإسبانيا طالبت باستبعاد إسرائيل من المسابقة؛ بسبب الهجوم الذي تشنّه على المدنيين الفلسطينيين في غزة.

وتنفي إسرائيل استهداف المدنيين خلال هجومها، وتقول إنها تتعرض لتشويه صورتها في الخارج على نحو تعسفي.


صور الجمال وتجلياته في أدب الغرب

صور الجمال وتجلياته في أدب الغرب
TT

صور الجمال وتجلياته في أدب الغرب

صور الجمال وتجلياته في أدب الغرب

لم يكن الجمال بوجوهه المتغايرة مثار اهتمام الفلاسفة والعلماء وحدهم، بل بدت أطيافه الملغزة رفيقة الشعراء إلى قصائدهم، والفنانين إلى لوحاتهم والموسيقيين إلى معزوفاتهم، والعشاق إلى براري صباباتهم النائية. والأدل على تعلق البشرفي عصورهم القديمة بالجمال، هو أنهم جعلوا له آلهة خاصة به، ربطوها بالشهوة تارة وبالخصب تارة أخرى، وأقاموا لها النصُب والمعابد والتماثيل، وتوزعت أسماؤها بين أفروديت وفينوس وعشتروت وعشتار وغير ذلك.

وحيث كان الجمال ولا يزال، محلّ شغف الشعراء والمبدعين واهتمامهم الدائم، فقد انشغل به الأدب والفن الغربيان على نحو واسع، وكتبت عنه وفيه القصائد والمقطوعات والأغاني. كما تلمّسته النظرات الذاهلة للواقعين في أشراكه، بأسئلة ومقاربات ظلت معلقة أبداً على حبال الحيرة والقلق وانعدام اليقين. وقد بدا ذلك القلق واضحاً لدى الشاعر الروماني أوفيد الذي لم يكد يُظهر شيئاً من الحكمة والنضج، حين دعا في ديوانه «الغزليات» الشبان الوسيمين إلى أن «يبدعوا لأنفسهم روحاً مشرقة صيانةً لجمالهم»، حتى أوقعه الجمال المغوي بنماذجه المتعددة في بلبلة لم يعرف الخروج منها، فكتب يقول: «لا يوجد جمال محدد يثير عاطفتي، هنالك آلاف الأسباب تجعلني أعيش دائماً في الحب، سواء كنت أذوب حباً في تلك الفتاة الجميلة ذات العينين الخجولتين، أو تلك الفتاة اللعوب الأنيقة التي أولعتُ بها لأنها ليست ساذجة. إحداهن تخطو بخفة وأنا أقع في الحب مع خطوتها، والأخرى قاسية ولكنها تغدو رقيقة بلمسة حب».

على أن الجمال الذي يكون صاعقاً وبالغ السطوة على نفوس العاجزين عن امتلاكه، يفقد الكثيرمن تأثيراته ومفاعيله في حالة الامتلاك. ذلك أن امتناع المتخيل عن تأليف صورة الآخر المعشوق، تحرم هذا الأخير من بريقه الخلاب المتحالف مع «العمى»، وتتركه مساوياً لصورته المرئية على أرض الواقع. وفضلاً عن أن للجمال طابعه النسبي الذي يعتمد على طبيعة الرائي وثقافته وذائقته، فإن البعض يعملون على مراوغة مفاعيله المدمرة عن طريق ما يعرف بالهجوم الوقائي، كما هو شأن الشعراء الإباحيين، وصيادي العبث والمتع العابرة، فيما يدرب آخرون أنفسهم على الإشاحة بوجوههم عنه، تجنباً لمزالقه وأهواله. وهو ما عبر عنه الشاعر الإنجليزي جورج ويذر المعاصر لشكسبير، بقوله:

«هل عليّ أن أغرق في اليأس

أو أموت بسبب جمال امرأة

لتكن أجمل من النهار ومن براعم أيار المزهرة

فما عساني أبالي بجمالها إن لم تبدُ كذلك بالنسبة لي».

وإذ يعلن روجر سكروتون في كتابه «الجمال» أن على كل جمال طبيعي أن يحمل البصمة البصرية لجماعة من الجماعات، فإن الشاعر الإنجليزي الرومانسي وردسوورث يعلن من جهته أن علينا «التطلع إلى الطبيعة ليس كما في ساعة الشباب الطائشة، بل كي نستمع ملياً للصوت الساكن الحزين للإنسانية».

والأرجح أن هذا الصوت الساكن والحزين للجمال يعثر على ضالته في الملامح «الخريفية» الصامتة للأنوثة المهددة بالتلاشي، حيث النساء المعشوقات أقرب إلى النحول المرضي منهن إلى العافية والامتلاء. وقد بدوْن في الصور النمطية التي عكستها القصائد واللوحات الرومانسية، مشيحات بوجوههن الشاحبة عن ضجيج العصر الصناعي ودخانه السام، فيما نظراتهن الزائغة تحدق باتجاه المجهول. وإذا كان بعض الشعراء والفنانين قد رأوا في الجمال الساهم والشريد ما يتصادى مع تبرمه الشديد بالقيم المادية للعصر، وأشاد بعضهم الآخر بالجمال الغافي، الذي يشبه «سكون الحسن» عند المتنبي، فقد ذهب آخرون إلى التغني بالجمال الغارب للحبيبة المحتضرة أو الميتة، بوصفه رمزاً للسعادة الآفلة ولألق الحياة المتواري. وهو ما جسده إدغار آلان بو في وصفه لحبيبته المسجاة بالقول: «لا الملائكة في الجنة ولا الشياطين أسفل البحر، بمقدورهم أن يفرقوا بين روحي وروح الجميلة أنابيل لي، والقمر لا يشع أبداً دون أن يهيئ لي أحلاماً مناسبة عن الجميلة أنابيل لي، والنجوم لا ترتفع أبداً، دون أن أشعر بالعيون المتلألئة للجميلة أنابيل لي».

لكن المفهوم الرومانسي للجمال سرعان ما أخلى مكانه لمفاهيم أكثر تعقيداً، تمكنت من إزالة الحدود الفاصلة بينه وبين القبح، ورأت في هذا الأخير نوعاً من الجمال الذي يشع من وراء السطوح الظاهرة للأشياء والكائنات. إنه القبح الذي وصفه الفيلسوف الألماني فريدريك شليغل بقوله «القبح هو الغلبة التامة لما هو مميز ومتفرد ومثير للاهتمام. إنه غلبة البحث الذي لا يكتفي، ولا يرتوي من الجديد والمثير والمدهش». وقد انعكس هذا المفهوم على نحو واضح في أعمال بودلير وكتاباته، وبخاصة مجموعته «أزهار الشر» التي رأى فيها الكثيرون المنعطف الأهم باتجاه الحداثة. فالشاعر الذي صرح في تقديمه لديوانه بأن لديه أعصابه وأبخرته، وأنه ليس ظامئاً إلا إلى «مشروب مجهول لا يحتوي على الحيوية أو الإثارة أو الموت أو العدم»، لم يكن معنياً بالجمال الذي يؤلفه الوجود بمعزل عنه، بل بالجمال الذي يتشكل في عتمة نفسه، والمتأرجح أبداً بين حدي النشوة والسأم، كما بين التوله بالعالم والزهد به.

وليس من المستغرب تبعاً لذلك أن تتساوى في عالم الشاعر الليلي أشد وجوه الحياة فتنة وأكثرها قبحاً، أو أن يعبر عن ازدرائه لمعايير الجمال الأنثوي الشائع، من خلال علاقته بجان دوفال، الغانية السوداء ذات الدمامة الفاقعة، حيث لم يكن ينتظره بصحبتها سوى الشقاء المتواصل والنزق المرَضي وآلام الروح والجسد. وليس أدل على تصور بودلير للجمال من قوله في قصيدة تحمل الاسم نفسه:

«أنا جميلة، أيها الفانون، مثل حلمٍ من الحجر

وصدري الذي أصاب الجميع بجراح عميقة

مصنوعٌ لكي يوحي للشاعر بحب أبدي وصامت كالمادة

أنا لا أبكي أبداً وأبداً لا أضحك».

وكما فعل آلان بو في رثائه لجمال أنابيل لي المسجى في عتمة القبر، استعار رامبو من شكسبير في مسرحيته «هاملت» صورة أوفيليا الميتة والطافية بجمالها البريء فوق مياه المأساة، فكتب قائلاً: «على الموج الأسود الهادئ، حيث ترقد النجوم، تعوم أوفيليا البيضاء كمثل زنبقة كبيرة. بطيئاً تعوم فوق برقعها الطويل، الصفصاف الراجف يبكي على كتفيها، وعلى جبينها الحالم الكبير ينحني القصب». وإذا كان موقف رامبو من الجمال قد بدا في بعض نصوصه حذراً وسلبياً، كما في قوله «لقد أجلست الجمال على ركبتيّ ذات مساء، فوجدت طعمه مراً» فهو يعود ليكتب في وقت لاحق «لقد انقضى هذا، وأنا أعرف اليوم كيف أحيّي الجمال».

ورغم أن فروقاً عدة تفصل بين تجربتي بودلير ورامبو من جهة، وتجربة الشاعر الألماني ريلكه من جهة أخرى، فإن صاحب «مراثي دوينو» يذهب بدوره إلى عدّ الجمال نوعاً من السلطة التي يصعب الإفلات من قبضتها القاهرة، بما دفعه إلى استهلال مراثيه بالقول:

«حتى لو ضمني أحدهم فجأة إلى قلبه

فإني أموت من وجوده الأقوى

لأن الجمال بمثابة لا شيء سوى بداية الرعب

وكلُّ ملاكٍ مرعب».

انشغل به الأدب والفن الغربيان على نحو واسع وكتبت عنه وفيه القصائد والمقطوعات والأغانيrnولا يزال الشغف به مشتعلاً

وفي قصيدته «كلمات تصلح شاهدة قبر للسيدة الجميلة ب»، يربط ريلكه بين الجمال والموت، مؤثراً التماهي من خلال ضمير المتكلم، مع المرأة الراحلة التي لم يحل جمالها الباهر دون وقوعها في براثن العدم، فيكتب على لسانها قائلاً: «كم كنتُ جميلة، وما أراه سيدي يجعلني أفكر بجمالي. هذه السماء وملائكتك، كانتا أنا نفسي».

أما لويس أراغون، أخيراً، فيذهب بعيداً في التأويل، حيث في اللحظة الأكثر مأساوية من التاريخ يتحول الجمال مقروناً بالحب، إلى خشبة أخيرة للنجاة من هلاك البشر الحتمي. وإذا كان صاحب «مجنون إلسا» قد جعل من سقوط غرناطة في قبضة الإسبان، اللحظة النموذجية للتماهي مع المجنون، والتبشير بفتاته التي سيتأخر ظهورها المحسوس أربعة عقود كاملة، فلأنه رأى في جمال امرأته المعشوقة، مستقبل الكوكب برمته، والمكافأة المناسبة التي يستحقها العالم، الغارق في يأسه وعنفه الجحيمي. ولذلك فهو يهتف بإلسا من أعماق تلهفه الحائر:

« يا من لا شبيه لها ويا دائمة التحول

كلُّ تشبيه موسوم بالفقر إذا رغب أن يصف قرارك

وإذا كان حراماً وصفُ الجمال الحي

فأين نجد مرآة مناسبة لجمال النسيان».


فخار مليحة

فخار مليحة
TT

فخار مليحة

فخار مليحة

تقع منطقة مليحة في إمارة الشارقة، على بعد 50 كيلومتراً شرق العاصمة، وتُعدّ من أهم المواقع الأثرية في جنوب شرق الجزيرة العربيَّة. بدأ استكشاف هذا الموقع في أوائل السبعينات من القرن الماضي، في إشراف بعثة عراقية، وتوسّع في السنوات اللاحقة، حيث تولت إدارة الآثار في الشارقة بمشاركة بعثة أثرية فرنسية مهمة إجراء أعمال المسح والتنقيب في هذا الحقل الواسع، وكشفت هذه الحملات عن مدينة تضم أبنية إدارية وحارات سكنية ومدافن تذكارية. دخلت بعثة بلجيكية تابعة لمؤسسة «المتاحف الملكية للفن والتاريخ» هذا الميدان في عام 2009، وسعت إلى تحديد أدوار الاستيطان المبكرة في هذه المدينة التي ازدهرت خلال فترة طويلة تمتدّ من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الرابع للميلاد، وشكّلت مركزاً تجارياً وسيطاً ربط بين أقطار البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي ووادي الرافدين.

خرجت من هذا الموقع مجموعات متعدّدة من اللقى تشهد لهذه التعدّدية الثقافية المثيرة، منها مجموعة من القطع الفخارية صيغت بأساليب مختلفة، فمنها أوانٍ دخلت من العالم اليوناني، ومنها أوانٍ من جنوب بلاد ما بين النهرين، ومنها أوانٍ من حواضر تنتمي إلى العالم الإيراني القديم، غير أن العدد الأكبر من هذه القطع يبدو من النتاج المحلّي، ويتبنّى طرازاً أطلق أهل الاختصاص عليه اسم «فخار مليحة». يتمثّل هذا الفخار المحلّي بقطع متعدّدة الأشكال، منها جرار متوسطة الحجم، وجرار صغيرة، وصحون وأكواب متعدّدة الأشكال، وصل جزء كبير منها على شكل قطع مكسورة، أُعيد جمع بعض منها بشكل علمي رصين. تعود هذه الأواني المتعدّدة الوظائف إلى الطور الأخير من تاريخ مليحة، الذي امتدّ من مطلع القرن الثاني إلى منتصف القرن الثالث للميلاد، وتتميّز بزينة بسيطة ومتقشّفة، قوامها بضعة حزوز ناتئة، وشبكات من الزخارف المطلية بلون أحمر قانٍ يميل إلى السواد. تبدو هذه الزينة مألوفة، وتشكّل من حيث الصناعة والأسلوب المتبع امتداداً لتقليد عابر للأقاليم والحواضر، ازدهر في نواحٍ عدة من الجزيرة العربية منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد.

تختزل هذا الطراز جرة جنائزية مخروطية ذات عنق مدبب، يبلغ طولها 30.8 سنتيمتر، وقطرها 22 سنتيمتراً. عنق هذه الجرة مزين بأربع دوائر ناتئة تنعقد حول فوهتها، تقابلها شبكة من الخطوط الأفقية الغائرة تلتف حول وسطها، وبين هذه الدوائر الناتئة وهذه الخطوط الغائرة، تحلّ الزينة المطلية باللون الأحمر القاتم، وقوامها شبكة من المثلثات المعكوسة، تزين كلاً منها سلسلة من الخطوط الأفقية المتوازية. تشهد هذه الجرة لأسلوب متبع في التزيين يتباين في الدقّة والإتقان، تتغيّر زخارفه وتتحوّل بشكل مستمرّ.

تظهر هذه التحوّلات الزخرفية في قطعتين تتشابهان من حيث التكوين، وهما جرتان مخروطيتان من الحجم الصغير، طول أكبرهما حجماً 9.8 سنتيمتر، وقطرها 8.5 سنتيمتر. تتمثّل زينة هذه الشبكة بثلاث شبكات مطليّة، أولاها شبكة من الخطوط الدائرية الأفقية تلتف حول القسم الأسفل من عنقها، وتشكّل قاعدة له، ثمّ شبكة من المثلثات المعكوسة تنعقد حول الجزء الأعلى من حوض هذا الإناء، وتتميّز بالدقة في الصوغ والتخطيط. تنعقد الشبكة الثالثة حول وسط الجرّة، وهي أكبر هذه الشبكات من حيث الحجم، وتتكوّن من كتل هرمية تعلو كلاً منها أربعة خطوط أفقية متوازية. في المقابل، يبلغ طول الجرة المشابهة 9 سنتيمترات، وقطرها 7.5 سنتيمتر، وتُزيّن وسطها شبكة عريضة تتكون من أنجم متوازية ومتداخلة، تعلو أطراف كلّ منها سلسلة من الخطوط الأفقية، صيغت بشكل هرمي. تكتمل هذه الزينة مع شبكة أخرى تلتفّ حول القسم الأعلى من الجرة، وتشكّل عقداً يتدلى من حول عنقها. ويتكوّن هذا العقد من سلسلة من الخطوط العمودية المتجانسة، مرصوفة على شكل أسنان المشط.

تأخذ هذه الزينة المطلية طابعاً متطوّراً في بعض القطع، أبرزها جرة من مكتشفات البعثة البلجيكية في عام 2009، وهي من الحجم المتوسط، وتعلوها عروتان عريضتان تحيطان بعنقها. تزين هذا العنق شبكة عريضة من الزخارف، تتشكل من مثلثات متراصة، تكسوها خطوط أفقية متوازية. يحد أعلى هذه الشبكة شريط يتكوّن من سلسلة من المثلثات المجردة، ويحدّ أسفلها شريط يتكوّن من سلسلة من الدوائر اللولبية. تمتد هذه الزينة إلى العروتين، وقوامها شبكة من الخطوط الأفقية المتوازية.

من جانب آخر، تبدو بعض قطع «فخار مليحة» متقشّفة للغاية، ويغلب عليها طابع يفتقر إلى الدقّة والرهافة في التزيين. ومن هذه القطع على سبيل المثال، قارورة كبيرة الحجم، صيغت على شكل مطرة عدسية الشكل، تعلوها عروتان دائريتان واسعتان. يبلغ طول هذه المطرة 33.5 سنتيمتر، وعرضها 28 سنتيمتراً، وتزيّن القسم الأعلى منها شبكة من الخطوط المتقاطعة في الوسط على شكل حرف «إكس»، تقابلها دائرة تستقر في وسط الجزء الأسفل، تحوي كذلك خطين متقاطعين على شكل صليب.

يُمثل «فخار مليحة» طرازاً من أطرزة متعددة تتجلّى أساليبها المختلفة في مجموعات متنوّعة من اللقى، عمد أهل الاختصاص إلى تصنيفها وتحليلها خلال السنوات الأخيرة. تتشابه هذه اللقى من حيث التكوين في الظاهر، وتختلف اختلافاً كبيراً من حيث الصوغ. يشهد هذا الاختلاف لحضور أطرزة مختلفة حضرت في حقب زمنية واحدة، ويحتاج كل طراز من هذه الأطرزة إلى وقفة مستقلّة، تكشف عن خصائصه الأسلوبية ومصادر تكوينها.