«شبح عبد الله بن المبارك»... رواية تستلهم التراث بروح معاصرة

«شبح عبد الله بن المبارك»... رواية تستلهم التراث بروح معاصرة
TT
20

«شبح عبد الله بن المبارك»... رواية تستلهم التراث بروح معاصرة

«شبح عبد الله بن المبارك»... رواية تستلهم التراث بروح معاصرة

عن دار «الشروق» بالقاهرة صدرتْ حديثاً رواية «شبح عبد الله بن المبارك» للكاتب المصري ماجد طه شيحة، الذي يستلهم فيها حكاية تراثية شهيرة لشخص يُدعى «عبد الله بن المبارك» يقال إنه شُوهد بمكانين مختلفين في وقت واحد. يستعيد المؤلف تلك الحكاية من خلال بناء درامي معاصر يقوم على ثنائية الأستاذ الجامعي والطالب، التي تبدو بدورها استلهاماً لثنائية الشيخ والمريد، إذ يروى الأستاذ تلك القصة على تلميذه من أجل سماع رأيه فيها.

يبحث الطرفان معاً حقيقة الرجل الصالح الذي شُوهد في مكانين خلال وقت واحد، في البيت الحرام وهو يحج، يحدث هذا وهو وفي دكانه بمدينته، وهل يمكن أن يقبلا بالتفسير الشعبي الذي طرحه الناس على ذلك بأن الله أرسل ملاكاً يحج نيابة عنه لأنه ساعد بأموال حجه امرأة مسكينة.

تجعل تلك المناقشة الأستاذ المتخصص في فيزياء الكم أكثر قرباً من تلميذه، فيهديه هاتفاً مغلقاً كأمانة، ويطلب منه ألا يسلمه لأحد إلا بعد سماع خبر موته. يتضح أن الهاتف يخص زوجة الأستاذ الذي اكتشف عبره رسائل غرامية بينها وبين حبيب مجهول. يختفي الأستاذ في ظروف غامضة ليجد الطالب نفسه في مأزق وحيرة كبيرين. تتصاعد الأحداث ويتعمق المأزق بظهور الزوجة ومطالبتها باسترداد الهاتف، مدعمة مطلبها برواية أخرى مختلفة عن رواية الزوج المختفي.

يتخذ المؤلف من تلك القصة منطلقاً لطرح تساؤلات ذات طابع فلسفي عن علاقات الأجيال، ومعنى الأمانة، وحدود المسؤولية الأخلاقية في إطار من التشويق والغموض.

وماجد طه شيحة، روائي مصري، مواليد 1978 بمحافظة كفر الشيخ، صدرت له مجموعتان قصصيتان «كل الحبال الرديئة» و«متاهة الغول»، وأربع روايات هي: «سلفي يكتب الخطابات سراً» و«درب الأربعين» و«إيلات» و«المعبر»، حاصل على جائزة «محمود أمين العالم في القصة القصيرة» في دورتها الأولى عن قصة «أشياء البحر».

ومن أجواء الرواية نقرأ:

«الباب المقفول يرد القضاء المستعجل.

تقول أمي، تصوب النظر إلى وجهي وتبتسم كأنها تعتذر، وتتوه في الاحتمالات.

مجرد افتراض، فالافتراض هنا هو متن الحكاية وهامشها المسند، والحكاية تُروى عبر افتراضات تطرحها الحقيقة. والمتن أن أمي أيقظها دق على باب بيتنا المغلق، والافتراض ماذا لو ظلت نائمة بدورها أو استيقظت ولم تفتح الباب؟ فمن يدري من يدق الباب قبل منتصف الليل بقليل؟ أو فتحت الباب واعتذرت للطارق: إنني نائم وأن نومي ثقيل وإيقاظي متعذر؟ ماذا لو لم تدعه للدخول وانصرف خائباً؟ هل كان سيذهب إلى حال سبيله وما كنت أنا راوياً لهذه الحكاية؟

قالت أمي وهي توقظني: الأستاذ يريدك ثم انصرفت.

عندما رأيت وجهه لم يبد لي أن خلفه حكاية طويلة، لا شيء يدل على أنه تقصّد المجيء إليّ أنا بالذات ولولا توقيته لقلت إنه يمر فتذكر أمراً، فهذه أول زيارة له بالرغم من صلتنا التي ظلت تتوثق عبر الأشهر الأخيرة، والتي كانت محل غبطة أمي وأبي، ابننا يمشي مع الأستاذ، عند الأستاذ سهران، مع الأستاذ، ولكن دوام الحال من المحال، سرعان ما ستنقلب هذه العلاقة إلى مثار سخط لا ينقطع.



كتاب يوثّق العلاقة بين اللغة والمدينة في الرياض

يشكّل كتاب «اللغة والمدينة» مرجعاً بصرياً للمهتمين بالهوية العمرانية والخط العربي واللغة وتأثيرها في تشكيل ذاكرة المكان (الشرق الأوسط)
يشكّل كتاب «اللغة والمدينة» مرجعاً بصرياً للمهتمين بالهوية العمرانية والخط العربي واللغة وتأثيرها في تشكيل ذاكرة المكان (الشرق الأوسط)
TT
20

كتاب يوثّق العلاقة بين اللغة والمدينة في الرياض

يشكّل كتاب «اللغة والمدينة» مرجعاً بصرياً للمهتمين بالهوية العمرانية والخط العربي واللغة وتأثيرها في تشكيل ذاكرة المكان (الشرق الأوسط)
يشكّل كتاب «اللغة والمدينة» مرجعاً بصرياً للمهتمين بالهوية العمرانية والخط العربي واللغة وتأثيرها في تشكيل ذاكرة المكان (الشرق الأوسط)

يمثّل كتاب «اللغة والمدينة»، الذي ألّفه مؤخراً الفنان السعودي عبد الله العثمان، بحثاً بصرياً يوثّق التحولات اللغوية والمعمارية التي شهدتها مدينة الرياض عبر العقود الماضية، وعبر تجربة تجمع بين البحث الأكاديمي والتوثيق الفوتوغرافي، يشكّل الكتاب مرجعاً بصرياً للمهتمين بالهوية العمرانية، والخط العربي واللغة وتأثيرها في تشكيل ذاكرة المكان.

يعتمد الكتاب، الصادر بالتعاون بين «إثراء» و«صندوق التنمية الثقافي»، على أرشيف غني بالصور التاريخية النادرة التي تعكس روح الرياض في مراحلها المختلفة من الناحية المعمارية والبصرية، بدءاً من اللافتات اليدوية الكلاسيكية التي خطّها أمهر الخطاطين السعوديين في منتصف القرن العشرين، وصولاً إلى التطورات الرقمية المعاصرة في تصميم اللوحات الإعلانية والواجهات البصرية للمدينة.

ويضم الكتاب مجموعة من الصور الحديثة التي التقطها مؤلف الكتاب ومصورون ومبدعون سعوديون وأجانب؛ حيث يسير عبر أزقة الرياض متتبعاً أثر التحولات المعمارية والخطوط العربية التي كانت جزءاً من المشهد البصري للمدينة.

«اللغة والمدينة»

يأخذ «اللغة والمدينة» القارئ في رحلة عبر الأزمنة، ليكشف عن العلاقة الوثيقة بين اللغة والعمارة، وكيف تعكس الخطوط العربية وتفاصيل المباني التطور الثقافي والاجتماعي للمدينة. كما يقدّم الكتاب توثيقاً نادراً لأساليب الخطاطين الذين تركوا بصمتهم على معالم الرياض، مثل ناصر الميمون، وعبد الرحمن الشويعر، وحسن عبيد، وصالح الصميت، الذين أبدعوا في رسم الهوية البصرية للمدينة عبر عقود.

لم يكتفِ العثمان بجمع الصور والوثائق، بل حرص على تصميم الكتاب بصرياً، ليكون مرجعاً إبداعياً وثقافياً فيما يخص اللغة وارتباطها بالعمارة، مع استلهام تنسيق النصوص البصرية والسردية في الكتاب بما يتماشى مع الارتباطات بين اللغة والعمارة في الرياض.

وفي فصوله المختلفة، يناقش العثمان كيف تؤثر التغيرات اللغوية في تشكيل المدينة، مستعرضاً مفاهيم مثل العمارة التفكيكية وعلاقتها باللغة، إلى جانب استكشافه لكيفية تطور الخط العربي في الفضاءات الحضرية، وتأثير التكنولوجيا الحديثة على شكل وهوية اللافتات والكتابة في المدينة.

كما يستضيف الكتاب نخبة من الكتّاب والمفكرين والخطاطين، الذين يشاركون رؤاهم حول العلاقة بين اللغة، والمدينة، والفن، ومن بينهم الناقد سعود السويداء، الذي يتناول كيف يستكشف الفن فيزياء المدينة، والكاتب يوسف الديني الذي يتحدث عن صوت الهوية في عمارة المدن، والخطاط ناصر الميمون الذي يوثق رحلته مع الخطوط العربية في مدينة الرياض.

يُعتبر عبد الله العثمان من الأسماء البارزة في المشهد الفني السعودي؛ حيث عُرف بأسلوبه في البحث عن الأماكن المعمارية والصحراء وإعادة تقديمها برؤية معاصرة. ويعمل العثمان في مجالات متعددة تشمل الفن التركيبي، والفن الأدائي، والبحث والاستكشاف، والتجريب في الفراغات الطبيعية، وشارك بأعماله في معارض عالمية مثل بينالي ليون في فرنسا (2022)، وبينالي الدرعية في الرياض (2021)، ومتحف الشارقة للفن الإسلامي (2021).