قراءات في قصص وروايات لكتاب عرب

قراءات في قصص وروايات لكتاب عرب
TT

قراءات في قصص وروايات لكتاب عرب

قراءات في قصص وروايات لكتاب عرب

عن دار «طيوف» بالقاهرة صدر كتاب «مرايا الفضاء السردي» للناقدة المصرية دكتورة ناهد الطحان، ويتضمن دراسات ومقالات نقدية تبحث في تجليات السرد العربي المعاصر عبر أجيال متباينة، من خلال عدد من النصوص القصصية من السعودية وسوريا والعراق ومصر.

ومن الدراسات والمقالات، كتبت الناقدة عن الكاتب السعودي حسين سنوسة الذي استطاع عبر أسلوب انتقادي تهكمي، ونظرة تحليلية، ملامسة زوايا إنسانية لافتة، وأن ينسج خيوطاً متينة لنصوصه في مجموعته القصصية «أقنعة من لحم» التي تبدأ بقصة بنفس العنوان حول شخص يستيقظ ذات يوم وقد تحول وجهه الوسيم إلى وجه كلب. ورغم هذا فإن أسرته وزملاءه في العمل لا يرون هذا الوجه، وإنما يرونه رجلاً وسيماً كعادته. وعندما ينعته أحد المتعاملين معه في العمل بأنه وفيّ مثل الكلب، يستيقظ في اليوم التالي وقد عاد وجهه وسيماً كما كان يراه دائماً، في الوقت الذي تُصدم فيه زوجته لأنها تراه بوجه هذا الحيوان الأليف.

وفي المجموعة القصصية «الرقص» للكاتبة السورية عبير عزاوي، تتضح دائرية الزمن، كما تقول، من خلال العنوان الذي يتماس مع الفضاء السردي في انفتاحه على معانٍ إنسانية عميقة تتآلف مع غربته وافتقاده الأحبة والمشاعر الدافئة ورغبته في التحليق بعيداً عن عالمه الأرضي الضيق والخانق، عبر نصوص مثل «الرقص»، «فالس في القمرية»، «راقصة الباليه»، «ارقص أزرق». ويشكل الرقص هنا بحركاته التعبيرية والدائرية إشارة سيميائية زمنية تسعى لتجاوز اللحظة الراهنة وتفتيتها بكل قسوتها، وربما نفيها من وعينا، لتكشف لنا تشكيلاً فنياً وإبداعياً يتناص مع انكساراتنا وأزماتنا المحفورة بداخلنا.

وفي قصة «الخروج عن السطر»، من مجموعة «مثل رتينة كلوب قديمة» للكاتب حاتم رضوان، تقول ناهد الطحان إن الشخصية الرئيسية تسعى إلى الخروج من عالمها المثقل بالروتين بغية التصالح مع الذات من خلال التسكع في شوارع وسط القاهرة، أكل ساندويتشات الفول في مطاعم شعبية، مشاهدة فيلم سينمائي قديم، النوم في أحد الفنادق. لكن تفشل الشخصية في تحقيق تلك الأشياء البسيطة على النحو الذي يرضيها؛ حيث يصطدم البطل بحالته الصحية من جهة وبفيلم غير جدير بالمشاهدة لأن الأفلام القديمة لم تعد تعرض، وبحريق في مكان ما، فيهرع لركوب التاكسي مختاراً العودة لعالمه الأول الروتيني الآمن، مستسلماً للراحة والطمأنينة اللتين لم يكن يدركهما من قبل.

وفي قصة «متحف الذكريات»، من المجموعة ذاتها، تشعر الشخصية الرئيسية - الجد بالاغتراب من جهة، واختيار العودة لعالمه الماضوي المألوف من جهة أخرى، المتمثل في الراديو القديم، التلفزيون الأبيض والأسود، ألبوم الذكريات، السرير الذي يرتاح في النوم عليه وغير ذلك. يجد الجد الملجأ الآمن في غرفته فوق السطح، التي كان استأجرها وهو طالب في الجامعة بإحدى البنايات القديمة والمجاورة لمدفن أحد الأولياء في حي قديم بما تحتويه من كنوز، فيعدها راحة لذاته من أزمته، وهو فعل يكرره كثيراً دون علم عائلته. وفي النهاية ينسحب للمرة الأخيرة من عالمه من أجل حضور خاص وأبدي في عالمه الماضوي، فيتوحد مع تلك الحالة ويموت على سريره القديم.

وفي قصة «الغرفة»، من مجموعة «بريد الآلهة» للكاتب العراقي ميثم الخزرجي، يتحول الراوي - البطل إلى معادل لكل المؤرقين الذين يهربون من واقعهم المرير وقسوة مصائرهم إلى أي واقع موازٍ أو عالم بديل. ويحاول الرسام هنا الهروب من المخاوف والأسئلة الوجودية، فيعود محاصَراً داخل لوحاته التي تنضح بعدمية مسجونة داخل حدودها، إزاء عالم واسع كبير ومنغِّص يصيب العصافير بالقلق، والناس بالهلع وكأنه يوم القيامة.

وفي قصة «صراخ متئد» من نفس المجموعة، يتحول الماضي إلى أسطورة، لأنه لن يعود مرة ثانية، وتصبح الأماكن أزمنة تحاصر حاضرنا أو واقعنا المفجع، أو كما قال الراوي على لسان أحد شخصيات النص: «الحياة سجن كبير، نحن نشيخ وأوجاعنا فتية».


مقالات ذات صلة

أربعة أيام في محبة الشعر

ثقافة وفنون أربعة أيام في محبة الشعر

أربعة أيام في محبة الشعر

نجح المؤتمر في أن يصنع فضاء شعرياً متنوعاً وحميمياً

«الشرق الأوسط» (الأقصر (مصر))
ثقافة وفنون أليخاندرا بيثارنيك

أليخاندرا بيثارنيك... محو الحدود بين الحياة والقصيدة

يُقال إن أكتافيو باث طلب ذات مرة من أليخاندرا بيثارنيك أن تنشر بين مواطنيها الأرجنتينيين قصيدة له، كان قد كتبها بدافع من المجزرة التي ارتكبتها السلطات المكسيكية

ماغنوس وليام أولسون باسم المرعبي (ترجمة)
ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
ثقافة وفنون مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

في عددها الجديد، نشرت مجلة «القافلة» الثقافية، التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، مجموعة من الموضوعات الثقافية والعلمية

«الشرق الأوسط» (الظهران)
ثقافة وفنون أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

خرجت من موقع الدُّور في إمارة أم القيوين مجموعة كبيرة من اللقى الأثرية المتنوّعة، تعود إلى حقبة تمتد من القرن الأول ما قبل الميلاد إلى القرن الثاني للميلاد.

محمود الزيباوي

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)

أكد البيان الختامي لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي اختُتم مساء السبت، إقامة مشروع بحثي فلسفي يدرس نتاج الفلاسفة العرب وأفكارهم وحواراتهم.

وبعد اختتام مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي أُقيم بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر «بيت الفلسفة» بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة؛ اجتمع أعضاء «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» في مقرّها بـ«بيت الفلسفة»، وأصدروا بياناً دعوا إلى تأسيس نواة «اتحاد الجمعيات الفلسفية العربية»، ومقرّه الفجيرة، وتشجيع الجمعيات على الانضمام إلى «الفيدرالية الدولية للفلسفة».

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وأكد البيان أهمية مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج العربي، مثل مشكلة الهوية وتعزيز الدراسات حولها.

ودعا للسعي إلى «الإضاءة على الفلسفة في العالم العربي وتمييزها من الفلسفة الغربية؛ لأنّ هدف بيت الفلسفة المركزي تعزيز الاعتراف بالآخر وقبوله».

كما دعا البيان إلى تعزيز دائرة عمل «حلقة الفجيرة الفلسفيّة»، بما يضمن تنوّع نشاطها وتوسّع تأثيرها؛ بدءاً بعقد جلسات وندوات شهريّة ودوريّة من بُعد وحضورياً، ومروراً بتعزيز المنشورات من موسوعات ومجلّات وكتب وغيرها، وانتهاء باختيار عاصمة عربيّة في كلّ سنة تكون مركزاً لعقد اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» بإشراف «بيت الفلسفة».

وأكد توسيع دائرة المشاركين خصوصاً من العالم الغربي؛ بحيث يُفعّل «بيت الفلسفة» دوره بوصفه جسراً للتواصل الحضاري بين العالمين العربي والغربي.

كما بيّن أهمية إصدار كتاب يجمع أعمال المؤتمرات السابقة. وبدءاً من العام المقبل سيعمد «بيت الفلسفة» إلى تعزيز الأبحاث المطوّلة في المؤتمر ونشرها في كتاب خاصّ.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة هو الأول من نوعه في العالم العربي، وتشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان: «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام التي بدأت يوم الخميس الماضي واختُتمت السبت، إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً بتعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة؛ مثل: الفلسفة، والأدب، والعلوم.

وتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطوّر الفكر المعاصر.

وخلال مؤتمر هذا العام سعى المتحدثون إلى تقديم رؤى نقدية بنّاءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث، ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي، ومفاهيم مثل «نقد النقد»، وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وعملت دورة المؤتمر لهذا العام على أن تصبح منصة غنيّة للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

وشملت دورة هذا العام من مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتُتح اليوم الأول بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد «بيت الفلسفة»، وكلمة للأمين العام للاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتضمّنت أجندة اليوم الأول أربع جلسات: ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أما الجلسة الثالثة فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما ضمت الجلسة الرابعة محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، وترأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما ضمّت أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش، وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

جانب من الحضور (الشرق الأوسط)

وتكوّن برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024) من ثلاث جلسات، ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، وترأست الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وضمت الجلسة الثالثة محاضرة للدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم أي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

وتكوّن برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تناولت الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي في طلاب الصف الخامس»، شارك فيها الدكتور عماد الزهراني، وشيخة الشرقي، وداليا التونسي.

وشهدت الجلسة الثانية اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفية» ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.