«أماني بوك»... مكتبة لبيع الكتب الورقية إلكترونياً في سوريا

الفكرة مُستلهمة من نجاح مكتبة «جرير» بالسعودية و«أمازون» العالمية

خير جليس (الشرق الأوسط)
خير جليس (الشرق الأوسط)
TT

«أماني بوك»... مكتبة لبيع الكتب الورقية إلكترونياً في سوريا

خير جليس (الشرق الأوسط)
خير جليس (الشرق الأوسط)

تُقدّم الشابة الكردية شيرين عبد الرحيم تجربة مميّزة في بيع الكتب الورقية من خلال مكتبتها «أماني بوك» المتخصّصة في البيع عبر التسويق الإلكتروني، عبر منصات التواصل الاجتماعي، مُستلهمةً فكرتها من قصة نجاح مكتبة «جرير» الإلكترونية في السعودية، ومتجر «أمازون» العالمي.

وتشارك «أماني بوك» هذا العام بنحو 300 عنوان وكتاب ورقي، إلى جانب 54 دار نشر ومكتبة بنحو 15 ألف عنوان تتضمّن 143 ألف كتاب، في فعاليات الدورة الثامنة لمعرض «هركول للكتاب» التي تحتضنها مدينة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة الواقعة في أقصى شمال شرقي سوريا؛ وتتصدّرها دور نشر سورية، ومن دول عربية مثل الكويت والإمارات، ودور نشر عالمية، إضافةً إلى دور نشر كردية محلّية ومن دول الجوار، مثل تركيا وإقليم كردستان العراق.

شيرين عبد الرحيم من القامشلي أسَّست مكتبة تعتمد على التسويق الإلكتروني (الشرق الأوسط)

وعن تجربتها في بيع الكتب والتسويق الإلكتروني، قالت طالبة الإعلام شيرين عبد الرحيم (20 عاماً) لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «المكتبة هي الأولى من نوعها على مستوى إقليم شمال شرقي سوريا، إذ تعتمد على بيع الكتب إلكترونياً»، وتابعت: «من خلال مستودع الكتب في منزلي بالقامشلي، وحسابات على منصات التواصل الاجتماعي، أنشر المحتوى مع نبذة مختصرة، ليعرف القارئ مضمون الكتاب ويشتريه».

وذكرت أنّ لديها أكثر من 3 آلاف متابع عبر «إنستغرام»، وأكثر من 100 ألف متابعة وزيارة عبر «فيسبوك»، كما حازت الفكرة إقبالاً عبر «تلغرام»، وتطمح للوصول إلى أكبر عدد من المتابعين لتحقيق نسب أعلى في المبيعات.

جانب من المعرض حيث القراءة علاج (الشرق الأوسط)

وتتميّز صفحة «أماني بوك» في «إنستغرام» بعرض كتب من مختلف الثقافات والترجمات العالمية إلى اللغة العربية، إذ تطرح نفسها بأنها «متجر إلكتروني لبيع الكتب واستعارتها وتوصيلها عبر خدمتَي التوصيل والشحن إلى محافظات الحسكة والرقة ودير الزور».

ووفق صاحبة المكتبة، حقّقت أكثر الكتب مبيعاً خلال العامين الماضيين، الروايات الأدبية العالمية، على رأسها «مائة عام من العزلة» للكاتب الكولومبي غابرييل غارثيا ماركيز، وكتاب «40» للكاتب والإعلامي السعودي أحمد الشقيري، و«الخيميائي» للكاتب البرازيلي باولو كويلو.

علّقت: «حقّقت اليوم نسبة جيدة من المبيعات، وباتت تشكّل مورد عيشي الرئيسي. كما أنفق على دراستي الجامعية منها، ولديّ خدمات شحن إلى معظم المدن والبلدات الرئيسية في المحافظات الشرقية الشمالية»، وتفضّل هذه الفتاة الكردية الاستفادة من انتشار وسائل التواصل، التي ترى أنها قد تكون «مُسلّية للبعض ومضيعة للوقت عند آخرين، لكنها مفيدة لكثيرين، فبيع الكتب عبرها إلى الجيل الجديد يحقّق نسب مبيعات عالية فاقت توقّعاتي».

الكتب ملاذ من تضيق به الدنيا (الشرق الأوسط)

القامشلي تحتضن معرضاً للكتاب بنسخته الثامنة

وتصدّرت دور النشر الكردية المحلّية العاملة في المنطقة، ومن باقي المدن السورية، قائمة المشاركين في معرض «هركول للكتاب»، الذي انطلقت أعماله منتصف الشهر الحالي، وتستمر حتى 24 منه.

وتشارك دور نشر لبنانية وكويتية، ومن تونس والإمارات العربية، و«دار المتوسط» الإيطالية للناشر خالد الناصري، كما شملت برامج المعرض الثقافية ندوات فكرية، وأمسيات شعرية، وورشات عمل أدبية، وعروضاً لأفلام قصيرة.

في هذا السياق، أوضح عضو اللجنة التحضيرية للمعرض، عبد المجيد خلف لـ«الشرق الأوسط»، أنّ النشاط أسهم بشكل كبير في نشر المعرفة والترويج للكتب، رغم الحروب والمآسي في المنطقة، مؤكداً أنّ المعرض «فرصة محفّزة لاقتناء الكتب وشرائها والتعرّف إلى النتاج الأدبي العربي والكردي للدور النشر المحلّية والخارجية»، إذ شاركت أكثر من 10 دور نشر كردية من تركيا والعراق.

ومن بين أبرز التحدّيات التي واجهت تنظيم المعرض هذا العام، إغلاق المعابر الحدودية جراء تدهور الوضع الأمني، وسيطرة القوات النظامية السورية عليها، ومحدودية مشاركة دور النشر من بلدان عربية وغربية. وأضاف خلف: «دور نشر عدّة بعثت بطلبات للمشاركة، وجراء إغلاق المعابر وقيود السفر والتنقّل، تراجعت في اللحظات الأخيرة».

خير جليس (الشرق الأوسط)

بدوره، أشار الباحث والشاعر الكردي صالح حيدو، المُشارك في المعرض بـ12 عنواناً عن التاريخ الكردي وعادته وتقاليده وفولكلوره، إلى أنّ تخصيص معرض سنوي لبيع الكتب وتسويقها بترجمات من باقي اللغات إلى اللغتين العربية والكردية؛ «حدث تاريخي ومحطَّ اعتزاز أبناء المنطقة»، مؤكداً، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأنه «خطوة إيجابية لنشر المعرفة لعموم سكان المنطقة، ووسيلة لتطوير اللغة الكردية وجعلها ثقافة راسخة بين مجتمعاتنا وشعوب الشرق الأوسط».

وشدّد حيدو على أنّ الحدث فرصة لعرض المخطوطات الكردية النادرة وآخر الإصدارات والطبعات الجديدة للكتب الحديثة للاطّلاع عليها، منوّهاً بأنّ «لغتنا الكردية هويتنا وتاريخنا، ويجب تطويرها عبر الترجمة وحمايتها من سياسيات الأنظمة الحاكمة العنصرية».

يُذكر أنّ معرض «هركول للكتاب» يُنظَّم سنوياً في مدينة القامشلي السورية برعاية هيئة الثقافة بالإدارة الذاتية لإقليم شمال سوريا وشرقها، وبالتعاون مع هيئة الثقافة في مقاطعة الجزيرة.


مقالات ذات صلة

اكتشاف مقطوعة «فالس» غير منشورة لشوبان بعد 175 عاماً على وفاته

يوميات الشرق شوبان المُخلَّد بنغماته (ويكيبيديا)

اكتشاف مقطوعة «فالس» غير منشورة لشوبان بعد 175 عاماً على وفاته

اكتُشِفَت مقطوعة «فالس» غير منشورة سابقاً للملحّن البولندي فريدريك شوبان الذي لا يزال يجعل الناس يرقصون بعد أكثر من 175 عاماً على وفاته.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق مجموعة من الكتب القديمة (أرشيفية - رويترز)

خبراء الكيمياء يحذّرون: الكتب العتيقة تحتوي على صبغات سامة

أطلقت الجمعية الكيميائية الأميركية تحذيراً بشأن المخاطر الصحية المحتملة التي قد تنطوي عليها الكتب القديمة، خصوصاً تلك التي تعود إلى العصر الفيكتوري.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تتوافر لدى المكتبة صور لم تنشر من قبل للحرمين الشريفين (مكتبة الملك عبد العزيز)

كنوز من التراث العربي والإسلامي تتألق في مكتبة الملك عبد العزيز العامة

تضم مكتبة الملك عبد العزيز العامة آلاف المقتنيات من الكتب النادرة والمخطوطات والوثائق والصور والمسكوكات والمنمنمات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق وزير الثقافة المصري يلتقي أسرة رئيس الوزراء الأسبق (وزارة الثقافة المصرية)

مجلدات ومخطوطات نادرة تدخل خزائن «الثقافة» المصرية

أهدت حفيدة رئيس وزراء مصر الأسبق يحيى إبراهيم باشا وزارةَ الثقافة المصرية مكتبتها التي تضمنت عدداً من المجموعات النادرة والمخطوطات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق أكثر من مجرّد كتب (أ.ف.ب)

مكتبة الكونغرس الأكبر في العالم تكشف بعض كنوزها (صور)

تحتوي مكتبة الكونغرس الأميركية، وهي الأكبر في العالم، على ما هو أكثر من مجرّد كتب، إذ تضمّ ملايين القطع المتنوّعة البالغة الأهمية برمزيّتها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
TT

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان

خرجت من موقع الدُّور في إمارة أم القيوين مجموعة كبيرة من اللقى الأثرية المتنوّعة، تعود إلى حقبة تمتد من القرن الأول ما قبل الميلاد إلى القرن الثاني للميلاد. كشفت أعمال التصنيف العلمي الخاصة بهذه اللقى عن مجموعة من القطع العاجية المزينة بنقوش تصويرية، منها عدد كبير على شكل أسود تحضر في قالب واحد جامع. كذلك، كشفت هذه الأعمال عن مجموعة من القطع المعدنية النحاسية المتعدّدة الأحجام والأنساق، منها 4 قطع على شكل أسود منمنمة، تحضر كذلك في قالب ثابت.

تمثّل القطع العاجية تقليداً فنياً شاع كما يبدو في شمال شرقي شبه الجزيرة العربية، وتنقسم حسب نقوشها التصويرية إلى 3 مجموعات، فمنها ما يمثّل قامات أنثوية، ومنها ما يمثّل قامات آدمية مجرّدة يصعب تحديد هويتها الجندرية، ومنها ما يمثّل بهائم من الفصيلة السنورية. تزين هذه البهائم قطع يتراوح حجمها بين 3 و4.5 سنتيمترات عرضاً، حيث تحضر في تأليف تشكيلي ثابت، مع اختلاف بسيط في التفاصيل الجزئية الثانوية، ويوحي هذا التأليف بشكل لا لبس فيه بأنه يمثّل أسداً يحضر في وضعية جانبية، طوراً في اتجاه اليمين، وطوراً في اتجاه اليسار. يغلب على هذا الأسد الطابع التحويري الهندسي في تصوير سائر خصائصه الجسدية، من الجسم العضلي، إلى الرأس الكبير، إلى الأرجل الصغيرة. نراه فاتحاً شدقيه، رافعاً قائمتيه الأماميتين، وكأنه يستعدّ للقفز، ويظهر ذيله من خلفه وهو يلتف ويمتد إلى أعلى ظهره.

ملامح الوجه ثابتة لا تتغيّر. العين دائرة كبيرة محدّدة بنقش غائر، يتوسّطها ثقب يمثّل البؤبؤ. الأذنان كتلتان مرتفعتان عموديتان، والأنف كتلة دائرية موازية. فكّا الفم مفتوحان، ويكشفان في بعض القطع عن أسنان حادة مرصوفة بشكل هندسي. تحدّ الرأس سلسلة من النقوش العمودية المتوازية تمثل اللبدة، وهي كتلة الشعر الكثيف الذي يغطي الرقبة. يتكون الصدر من كتلة واحدة مجرّدة، تعلوها سلسلة من النقوش الغائرة تمثل الفراء. يتبنى تصوير القائمتين الخلفيتين نسقين متباينين؛ حيث يظهر الأسد جاثياً على هاتين القائمتين في بعض القطع، ومنتصباً عليها في البعض الآخر. في المقابل، تظهر القائمتان الأماميتان ممدّدتين أفقياً بشكل ثابت. أرجل هذه القوائم محدّدة، وهي على شكل كف مبسوطة تعلوها سلسلة من الأصابع المرصوفة. الذيل عريض للغاية، وتعلو طرفه خصلة شعر كثيفة تماثل في تكوينها تكوين أرجله.

عُثر على سائر هذه القطع العاجية في قبور حوت مجموعة كبيرة من اللقى شكّلت في الأصل أثاثها الجنائزي. للأسف، تبعثر هذا الأثاث، وبات من الصعب تحديد موقعه الأصلي. كانت القطع العاجية مثبّتة في أركان محدّدة، كما تؤكد الثقوب التي تخترقها، غير أن تحديد وظيفتها يبدو مستحيلاً في غياب السند الأدبي الذي من شأنه أن يكشف عن هذه الوظيفة الغامضة. تحضر الأسود إلى جانب القامات الآدمية، والأرجح أنها تشكّل معاً علامات طوطمية خاصة بهذه المدافن المحلية.

تمثّل القطع العاجية تقليداً فنياً شاع كما يبدو في شمال شرقي شبه الجزيرة العربية

إلى جانب هذه القطع العاجية، يحضر الأسد في 4 قطع معدنية عُثر عليها كذلك ضمن أثاث جنائزي مبعثر. تعتمد هذه القطع بشكل أساسي على النحاس، وهي قطع منمنمة، تبدو أشبه بالقطع الخاصة بالحلى، واللافت أنها متشابهة بشكل كبير، ويمكن القول إنها متماثلة. حافظت قطعتان منها على ملامحها بشكل جلي، وتظهر دراسة هذه الملامح أنها تعتمد نسقاً مميزاً يختلف عن النسق المعتمد في القطع العاجية، بالرغم من التشابه الظاهر في التكوين الخارجي العام. يحضر هذا الأسد في كتلة ناتئة تبدو أشبه بالقطع المنحوتة، لا المنقوشة، ويظهر في وضعية جانبية، جاثياً على قوائمه الـ4، رافعاً رأسه إلى الأمام، ويبدو ذيله العريض في أعلى طرف مؤخرته، ملتفاً نحو الأعلى بشكل حلزوني. العين كتلة دائرية ناتئة، والأذن كتلة بيضاوية مشابهة. الفكان مفتوحان، ممّا يوحي بأن صاحبهما يزأر في سكون موقعه. اللبدة كثيفة، وتتكون من 3 عقود متلاصقة، تحوي كل منها سلسلة من الكتل الدائرية المرصوفة. مثل الأسود العاجية، تتبنى هذه الأسود المعدنية طابعاً تحويرياً يعتمد التجريد والاختزال، غير أنها تبدو أقرب من المثال الواقعي في تفاصيلها.

يظهر هذا المثال الواقعي في قطعة معدنية من البرونز، مصدرها موقع سمهرم، التابع لمحافظة ظفار، جنوب سلطنة عُمان. عُثر على هذه القطعة في ضريح صغير يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، واللافت أنها وصلت بشكلها الكامل، وتتميز بأسلوب يوناني كلاسيكي يتجلّى في تجسيم كتلة الجسم وسائر أعضائها. يظهر الأسد واقفاً على قوائمه الـ4، مع حركة بسيطة تتمثل في تقدم قائمة من القائمتين الأماميتين، وقائمة من القائمتين الخلفيتين، وفقاً للتقليد الكلاسيكي المكرّس. يحاكي النحات في منحوتته المثال الواقعي، وتتجلّى هذه المحاكاة في تجسيم مفاصل البدن، كما في تجسيم ملامح الرأس، وتبرز بشكل خاص في تصوير خصلات اللبدة الكثيفة التي تعلو كتفيه.

يبدو هذا الأسد تقليدياً في تكوينه الكلاسيكي، غير أنه يمثّل حالة استثنائية في محيطه، تعكس وصول هذا التقليد في حالات نادرة إلى عمق شمال شرقي شبه الجزيرة العربية.