روايات رومانسية سريعة الاحتراق

القرارات السيئة لا تقود إلى نهايات سعيدة

روايات رومانسية سريعة الاحتراق
TT

روايات رومانسية سريعة الاحتراق

روايات رومانسية سريعة الاحتراق

تميل الرومانسية إلى بناء نتائج إيجابية من قرارات فظيعة. وتدور رواية «الحقيقة وفقاً لأمبر» (384 صفحة، دار بيركلي) التي كتبتها دانيكا نافا حول بطلة تتخذ المزيد من القرارات السيئة أكثر من أغلب الناس.

يبدو طريق إمبر لي كاردينال للخروج من وظيفة بلا مستقبل في صالة البولينغ وكأنه تسلق مستحيل. بعد مئات من طلبات العمل وعدم إجراء أي مقابلة واحدة، تضع من دون سابق تفكير علامة على مربع «أبيض» بدلاً من «أميركي أصلي».

فجأة، تلتحق إمبر بوظيفة مساعدة محاسبة، حيث تلتقي شاباً وسيماً للغاية يعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات يدعى «دانووا»، الذي تفوح منه رائحة اللافندر ويترك شعره الداكن منسدلاً. لكن الأكاذيب لديها لها دورها في التأثير على عملها. فهي الآن تعمل وقتاً إضافياً للرئيس التنفيذي متقلب المزاج، وتكافح لإخفاء علاقتها بـ«دانووا» عن قسم الموارد البشرية، وتتعرض للابتزاز من قبل زميل رآهما سوياً. كانت إمبر دائماً تفخر بأن تكون الشخص الثابت المستقل في عائلتها، ولكن الآن قد تضطر إلى القيام بشيء غير مسبوق وطلب المساعدة التي تحتاجها.

إن التفاصيل هي التي تنقل هذا الكتاب إلى الواقع الحقيقي: الكيس البلاستيكي الذي تضعه إمبر على علبة البازلاء في الثلاجة، والصدمة التي تنتابها عند الانتقال من تنظيف المراحيض المسدودة إلى العمل في مكاتب الشركات النظيفة، والطريقة المذهلة التي يمارس بها إمبر ودانووا العلاقة الحميمة، ثم يغفوان سوياً وأصابعهما متشابكة. إنه أمر مضحك وفوضوي على أفضل طريقة ممكنة.

رومانسية متألقة

وفي رواية «تجربة منطقة الأصدقاء» (352 صفحة، «دار تور تريد»)، تقدم لنا زن تشو قصة رومانسية في تجربة ثانية جميلة تدور أحداثها في لندن الحديثة. إذ يعيش عازف البيانو السابق «كيت سيونغ» حياة عائلية متماسكة، وهو يعمل في التدريس الذي يشعر بأنه انتكاسة؛ أما الوريثة «رينيه غوه»، فلديها عائلة مريعة لكنها حققت ذاتها مهنياً في مجال تعشقه. كان الثنائي أفضل صديقين في الجامعة حتى كسر كل منهما قلب الآخر في مغامرة عاطفية كادت أن تفشل؛ والآن، يُعيد لقاء وحيد بالصدفة إحياء كل تلك الرغبة التي دامت طويلاً.

هناك الكثير من الأحداث الجارية هنا - الطعن بالظهر، والناشط المفقود - لكن الرومانسية تتألق وتنبض بالحياة. تمنح الرعاية الهادئة التي يقدمها «كيت سيونغ» ثقلاً دافعاً لرينيه، وتخفف من أعبائها النفسية.

ندم ويأس

تبدو البطلتان في رواية «اللقاء الليلي الثاني» (352 صفحة، دار فوريفير) للكاتبتين كاريليا وفاي ستيتز - واترز محملتين بالندم. فرئيسة فرقة الترفيه «بلو لينوكس» (واسمها الحقيقي إيزي ويلز) تملك مسرحاً قديماً رهين الديون، بينما لم تخبر الراقصة السوداء الموهوبة ليليان جاكسون شركة الرقص المرموقة الخاصة بها أن مموليها قد انسحبوا. كلتاهما يائسة بما فيه الكفاية للتقدم للاختبار في برنامج الرقص الواقعي الذي قد يأتي بجائزة نقدية ضخمة - وكلتاهما بحاجة إلى التخلص من بعض الضغط والتوتر عبر علاقة غرامية غامضة.

بطل التشتت

بالحديث عن صرف الانتباه... فإن أندرو أوشيدا، بطل رواية «الإيرل الذي ليس كذلك» (كتاب إلكتروني، منشور ذاتياً) لكورتني ميلان، هو بطل في تغيير الموضوع - وهي مهارة مفيدة لابن الإيرل أرسيل الأكبر غير المعترف به. كان الحفاظ على سر أبيه أولوية لدى أندرو منذ هرب هو ووالدته من أقاربه البيض الأرستقراطيين العنيفين إلى السلامة عبر إخفاء الهوية في ويدغفورد، وهي بلدة صغيرة خيالية ذات أغلبية آسيوية في إنجلترا الفيكتورية.

لذا، عندما تعود صديقته المقربة منذ الطفولة وعشيقته السابقة ليلي من سنوات قضتها في هونغ كونغ، متحمسة لشرح أنها وجدت دليلاً على نسبه، يقوم أندرو بالشيء الوحيد الذي يستطيع فعله: يسرق الدليل. رغم أن ذلك خيانة للمرأة التي لا يزال يحبها، لكنه يعتز بفعلته باعتبارها «أفضل خطأ ارتكبه على الإطلاق».

ليلي باي - صريحة للغاية، وراديكالية للغاية، وانفعالية للغاية - تعرف على الفور أن أندرو هو اللص. لكنها تريد منه أن يثق بها بما يكفي ليخبرها لماذا، حتى مع قلقها من أنها صعبة المراس للغاية وغير أنثوية للحد الذي يحول بينها وبين كسب محبة أي شخص. تُنفق مهر زواجها على آلة طباعة حتى تتمكن من نشر الشعر الصيني النسوي مترجماً، رغم أن محاولاتها الأولى في النشاط السياسي أدت إلى قطيعة مع جدها.

وكأن هذا لم يكن مُعقداً بما فيه الكفاية، يصل الأخ غير الشقيق الأصغر لأندرو، آلان، إلى ويدغفورد ويصر على أن يكون أندرو، وليس آلان، هو الإيرل.

كما فعلت في أول كتابين من سلسلة «ويدغفورد»، تبعثر ميلان التفاصيل الكوميدية في كل جزء - آلان المرح ولكن المزعج، والبازلاء الطويلة العملاقة التي يزرعها أندرو في حديقته - ثم تجلب كل شيء معاً في لحظة مذهلة ومبهرة من التنفيس عن الذات. «الإيرل الذي ليس كذلك» يزن الفرق بين الخبث والأخطاء، بين الأشرار الذين يسمحون للوسائل السهلة بأن تقود إلى الشر، وبين الأبطال الذين يختارون الشيء الصحيح حتى عندما يكون صعباً، لأن القرارات السيئة لا يمكن أن تؤدي إلا إلى بداية رواية رومانسية، وهي لا يمكن أن تأخذك إلى النهاية السعيدة.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

سيرة أول امرأة سعودية تتخصص في عِلم الأنثروبولوجيا

ثقافة وفنون سيرة أول امرأة سعودية تتخصص في عِلم الأنثروبولوجيا

سيرة أول امرأة سعودية تتخصص في عِلم الأنثروبولوجيا

في كتابها «حياتي كما عشتها: ذكريات امرأة سعودية من عنيزة إلى كاليفورنيا»، تطرح الدكتورة ثريا التركي سؤال الهُوية والثقافة

منى أبو النصر (القاهرة)
ثقافة وفنون «حكايا لبنانية في الأزمة»... وباء وأوجاع وفواجع لكن أيضاً قوارب نجاة

«حكايا لبنانية في الأزمة»... وباء وأوجاع وفواجع لكن أيضاً قوارب نجاة

بدأت الحكاية في أبريل (نيسان) 2020. كان زمن الحَجْر وغلبة العزلة، حين لمحت الصحافية اللبنانية جودي الأسمر تجّاراً في منطقتها يدّعون الالتزام بالإغلاق العام

فاطمة عبد الله (بيروت)
كتب مايا ويند

كيف تنخرط الجامعات الإسرائيلية في حرب إلغاء الفلسطينيين؟

ساهمت التظاهرات الطلابيّة التي شهدتها جامعات ومؤسسات تعليمية في دول الغرب احتجاجاً على العدوان المستمر على قطاع غزّة في إلقاء الضوء على نكبة الفلسطينيين

ندى حطيط
كتب «الشارقة الثقافية»: أفريقيا في المدونة الشعرية العربية

«الشارقة الثقافية»: أفريقيا في المدونة الشعرية العربية

صدر أخيراً العدد 95، لشهر سبتمبر (أيلول) 2024م، من مجلة «الشارقة الثقافية»، وقد تضمن مجموعة من الموضوعات والمقالات والحوارات، في الأدب والفن والفكر والسينما.

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
ثقافة وفنون جورج أورويل

غضب وطني في بريطانيا بعد بيع أرشيف جورج أورويل بالقطعة

بـ10 آلاف جنيه إسترليني يمكن شراء رسالة كتبها بخط اليد، مؤلف رواية «1984» إريك بلير (1903 – 1950)، الشهير بالاسم الأدبي جورج أورويل.

ندى حطيط (لندن)

قصيدتان

قصيدتان
TT

قصيدتان

قصيدتان

متحف العائلة

رغم رحيلها

لم تخسر الفتاة غرفتها

في بيت العائلة المزدحم

لم تسمح الأم

أن يتوارث الباقون مكانها،

حولت غرفتها إلى متحف:

احتفظت بالبوسترات الرديئة

لمغنين لم تعد الفتاة تسمع لهم،

بالشهادات والجوائز

التي مثلت محطات أمومتها،

وبالكتب التي حرضت فتاتها

على الرحيل

في البداية

كانت تتسلل إلى الغرفة

تفتح خزانة الثياب

تشتمّ الفراغ

تدخل رأسها في الظلمة

عميقاً

علَّه يخرج إليها

من الجانب الآخر

البناطيل بحجمها الصغير

التيشيرتات المتوسطة

الأحذية بمقاس 37

مرت عليها صرعات الموضة

دون أن ترى النور:

لم تخرج إلى حصة الرسم

في جسد الأخت الثانية

ولا إلى تمشية في المول

مع الأخت الثالثة

أنهت الأم برنامج الإعارة

الذي شكَلَ بناتها

في صورة واحدة

ذات أربعة رؤوس

بهتت رائحتها من الغرفة

استلقت الأم على الفراش الزهري

- الذي اختارته

لتبقى فتاتها أسيرة لطفولتها -

وتقرفصت على جانبه كجنين

أرعبها السكون المدوي في الغرفة

فردت ساقيها

مددت جسدها

وتدحرجت به على السرير

سجادة تم بيعها.

عثرة

أنام على رصيف

شرخته نباتات صغيرة

أنام بين كرسيين على الشاطئ

أنام على ساحل

لبحر ملفوظ

أنام على الدرج

أخ السلم

أنام في حلم

قبل أن يكبر ويصبح كابوساً

أنام في حياة أحدهم

أنام على بُعد ست خطوات

أنام بعد يوم من العمل

أنام في الصحبة الدافئة

لأشجار الخريف

أنام في مطبخ أمك

أنام عموديّاً وأفقيّاً

وإلى اليسار

أنام صغيرة

أنام قريبة

أنام بعد السقوط

من أرجوحة

أريد أرجوحة في الصالة

أنام بين السرير والتلفاز والنافذة

أنام عند النافذة الوحيدة

أنام في مدرج إغريقي

أنام بجانب ظلي

أنام كعثرة في طريق الناس

والشوارع والجسور والأسواق

وحمامات السباحة والخطى

والرمل والأسفلت والغابات

أنام كمن يستسلم للغرق.

----------------------------

* شاعرة وأكاديمية - من مواليد الكويت.